الهجرة والاقتصاد أبرز الملفات التي تشغل بال "الأميركيين الجدد" - صورة لوكالة أسوسييتد برس
الهجرة من أبرز الملفات التي تشغل بال الناخب الأميركي. أرشيفية

يركز الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، خلال تجمعاته الانتخابية على ملف المهاجرين ممن يصفهم بـ"المجرمين" الذين يصلون إلى الولايات المتحدة، وخاصة عبر الحدود الأميركية المكسيكية.

 ويتوعد ترامب أمام مناصريه باتخاذ إجراءات صارمة في ملف الهجرة فور وصوله للبيت الأبيض.

وتشكل مدينة إيغل باس في ولاية تكساس، رمزا للتحديات المستمرة في ملف الهجرة وأمن الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، وهي إحدى الملفات المهمة التي تستحوذ على برامج المرشحين واهتمامات الناخبين لا سيما في المناطق الحدودية في انتخابات هذا العام.

وتبدو ضفاف نهر ريو غراندي الذي يفصل بين المكسيك والولايات المتحدة شبه مهجورة وغدت ملاجئ مخصصة للمهاجرين شبه خاوية، بعد أن كانت مكتظة سابقا، نتيجة سياسات أميركية للهجرة باتت أكثر صرامة في عام الانتخابات.

سهيل خان، مستشار سياسي جمهوري، قال لقناة "الحرة" إن موضوع الهجرة غير الشرعية يعتبر ثاني أو ثالث أولوية بعد الاقتصاد للناخب الأميركي، خاصة مع تنامي أعداد المهاجرين في العديد من الولايات.

وأضاف أن "المهاجرين يتسببون في ضغط غير مبرر على البنية التحتية في هذه الولايات، خاصة على برامج الرعاية الصحية والمدارس، وبعضهم يرتكب الجرائم، وبعضهم إرهابيون".

وخلال اللقاءات الانتخابية يرسم ترامب صورة قاتمة عن الوضع في الولايات المتحدة التي يقول إنها "محتلة" من جانب ملايين المهاجرين بطريقة غير نظامية الذين يعتبرهم "مجرمين" ويعد بطردهم.

كالفين دارك، عضو في الحزب الديمقراطي أشار في حديثه لقناة "الحرة" إلى ما اعتبره "فشل" إدارة بايدن-هاريس في ملف الهجرة، مشيرا إلى أنها "نقطة ضعف لكاملا هاريس كمرشحة عن الحزب الديمقراطي".

وقال إن هذا الملف يشكل معضلة للحزب الديمقراطي، لعدة أسباب أحد أسبابها سياسات إدارة الرئيس السابق، ترامب وحتى قدرته على التأثير على المشرعين الأميركيين الجمهوريين بتعطيل جهود مشروع القانون الذي اقترحته إدارة بايدن-هاريس لمشكلة الهجرة.

وأضاف دارك أن السياسات التي يتحدث عنها ترامب لحل المشكلة، من استكمال بناء الجدار أو ترحيل المهاجرين، هذه ليست خطة فاعلة لحل المشكلة، وانتقد تصريحات ترامب المتكررة التي يهاجم فيها المهاجرين، منوها إلى أنهم أصبحوا جزءا من المجتمعات الأميركية.

من جانبه قال المستشار الجمهوري، خان إن ترامب عندما أصبح رئيسا "ورث وضعا سيئا جدا" فيما يتعلق بملف الهجرة من الإدارة الديمقراطية التي سبقته، ولهذا اعتمد ترامب سياسات ساهمت في الحد من عدد المهاجرين غير الشرعيين.

وتابع أن إدارة ترامب التي بدأت في بناء الجدار على الحدود الجنوبية للحد من الدخول غير الشرعي للولايات المتحدة، بينما قررت إدارة بايدن فتح الحدود.

واتهم ترامب، الذي تعهد عام 2016 ببناء جدار على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، المهاجرين بـ "تسميم دماء بلادنا".

ورد الديمقراطي، دارك أن هاريس تخطط لإدارة ملف الهجرة بشكل إنساني، مرجحا أنها قد تفعل المزيد كرئيسة للبلاد، أفضل من خلال دورها وهي نائبة للرئيس.

ورجح أنه في حال فوز هاريس ستتعاون مع الكونغرس لوضع خطة لإدارة ملف الهجرة.

من جانبها، تعهدت هاريس باتخاذ موقف صارم وحذرت الأشخاص الذين يدخلون البلاد بشكل غير قانوني من مواجهة "عواقب".

وانخفض عدد المواجهات التي خاضتها دوريات الحدود الأميركية مع مهاجرين حاولوا عبور الحدود من المكسيك بشكل غير قانوني إلى حوالي 54 ألف شخص في سبتمبر الماضي، مقارنة مع ذروة بلغت نحو 250 ألف شخص في ديسمبر، وفقا للحكومة الأميركية.

وأصدر الرئيس الأميركي، جو بايدن في يونيو أمرا بإغلاق الحدود أمام طالبي اللجوء بعد وضع سقف لأعداد يومية.

أم في تكساس، قالت إنها دخلت البلاد بطريقة غير شرعية، تعرض آثار أقدام المولودة بالولايات المتحدة، لكن السلطات رفضت منحها شهادة ميلاد.
أم في تكساس، قالت إنها دخلت البلاد بطريقة غير شرعية، تعرض آثار أقدام المولودة بالولايات المتحدة، لكن السلطات رفضت منحها شهادة ميلاد.

جدد الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، تعهده بإلغاء حق المواطنة بالولادة، أو ما يعرف بـ "حق الأرض"، الذي بموجبه يحصل أي شخص ولد على الأرض الأميركية على الجنسية تلقائيا.

وتهدد خطوة ترامب، إن أقدم عليها، الآلاف ممن ولدوا لأبوين لا يحملان وثائق تدعم إقامتهما في البلاد.

ووعد الرئيس المنتخب باتخاذ أمر تنفيذي بإلغاء الحق الذي يكفله الدستور الأميركي في تعديله رقم 14. 

وأردف في مقابلة مع قناة إن بي سي الأميركية، الأحد، "علينا أن ننهي هذا الأمر" واصفا حق المواطنة بالولادة بأنه "مدعاة للسخرية."

وهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها ترامب عن نيته إلغاء حق المواطنة بالولادة.

ففي مايو العام الماضي، نشر مقطع فيديو جدد فيه دعوته لإنهاء الحق الدستوري في الحصول على الجنسية بالولادة على الأراضي الأميركية.

وقال ترامب في المقطع المصور، الذي نشره على منصة إكس، إن "الولايات المتحدة من بين البلدان الوحيدة في العالم التي تقول إنه حتى لو لم يكن أي من الوالدين مواطنًا أو حتى موجودًا بشكل قانوني في البلاد، فإن أطفالهما في المستقبل هم مواطنون تلقائيًّا."

وبحسب الموقع الرسمي لمكتبة الكونغرس، توفر أكثر من 30 دولة الجنسية المكتسبة بالولادة، بما في ذلك كندا والبرازيل. 

والصورة أدناه، من مكتبة الكونغرس، توضح موقف الدول حول العالم من "حق الأرض"، ووفق تلك الخريطة تمنح البلدان المظللة  باللون الوردي الجنسية بالولادة دون شروط. 

ولا توجد إحصائيات رسمية، ترصد على وجه التحديد، عدد الأطفال الذين يولدون سنويًا بالولايات المتحدة لأبوين يتواجدان على الأراضي الأميركية بشكل غير قانوني، أو عدد الأطفال الذين ولدوا عن طريق ما يعرف بـ "سياحة الولادة."

وفي سياحة الولادة، تسافر المرأة الحامل بتأشيرة سياحة مؤقتة؛ لتلد في بلد يمنح المواطنة بالولادة، فيحصل مولودها على جنسية هذه الدولة تلقائيا.

وتشير تقديرات مركز دراسات الهجرة، وهو مركز بحثي مستقل، إلى ما يصل إلى 400 ألف طفل يولدون سنويا لآباء دخلوا الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، وإلى آلاف الأطفال الذي يولدون نتيجة سياحة الولادة سنويا.

تجربة 2020

وخلال رئاسة دونالد ترامب الأولى، وتحديدا في يناير عام 2020، فرضت وزارة الخارجية الأميركية قواعد جديدة استهدفت النساء الحوامل اللواتي يأتين للولايات المتحدة لغرض الولادة.

وألزمت تلك القواعد النساء الحوامل اللاتي يتقدمن بطلب للحصول على تأشيرات زيارة للولايات المتحدة، بإثبات أن لديهن سببا محددا للسفر، بخلاف الولادة.

وسمحت هذه الخطوة برفض منح التأشيرة لكل من يثبت أن غرضه الأساسي من الحصول عليها هو الإنجاب على الأرض الأميركية.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، وقتها في بيان، إن تلك الإجراءات ضرورية لتعزيز السلامة العامة والأمن القومي".

وأضاف البيان أن "سياحة الولادة مليئة بالأنشطة الإجرامية".

عناصر في السلطات الفدرالية خلال مداهمة شققا راقية في كاليفورنيا حيث أقامت نساء أجنبيات حوامل، في إطار حملة ضد سياحة الولادة
القضاء الأميركي يحكم بالسجن على صينية جنت الملايين عبر "سياحة الولادة"
أصدرت محكمة في كاليفورنيا، الاثنين، حكما بالسجن 10 أشهر في سجن فيدرالي بحق امرأة ساعدت عملاء صينيين، بينهم أطباء ومحامون ومسؤولون حكوميون، على السفر إلى الولايات المتحدة بغرض الإنجاب حتى يحصل أبناؤهم أوتوماتيكيا على الجنسية الأميركية.

التعديل 14 من الدستور الأميركي

ويضمن التعديل رقم 14 للدستور الأميركي الجنسية لجميع الأفراد الذين يولودون في الولايات المتحدة؛ استنادا إلى حق الأرض.

وينص التعديل 14 من الدستور على أن "جميع الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة أو المتجنسين بجنسيتها والخاضعين لسلطانها يعتبرون من مواطني الولايات المتحدة ومواطني الولاية التي يقيمون فيها." 

"ولا يجوز لأي ولاية أن تضع أو تطبق أي قانون ينتقص من امتيازات أو حصانات مواطني الولايات المتحدة."

" كما لا يجوز لأي ولاية أن تحرم أي شخص من الحياة أو الحرية أو الممتلكات دون مراعاة الإجراءات القانونية الأصولية. ولا أن تحرم أي شخص خاضع لسلطانها من المساواة في حماية القوانين."

ولطالما كان من المتعارف عليه أن هذا النص يشمل الأطفال المولودين داخل الولايات المتحدة لآباء غير أميركيين، كما يقول ديفيد غولوف أستاذ القانون الدستوري في جامعة نيويورك.

لكن غولوف في تصريح سابق لموقع الحرة لفت إلى أن المحكمة العليا لم تقرر بشكل قاطع ما إن كان النص نفسه ينطبق سواء كان الوالد (غير المواطن) موجودا على الأرض الأميركية -عند ولادة الطفل- بشكل قانوني أو غير قانوني.

وهو ما يفتح المجال أمام تأويل مختلف لنص التعديل 14 من الدستور الأميركي، كما تحدثت وسائل إعلام أميركية عدة.

ويقول أستاذ الإدارة والسياسة في جامعة بوسطن، ديفيد روزنبلوم، إن التعديل الـ14 واضح في أن "جميع الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة هم مواطنون أميركيون. اللغة واضحة، وقد صُممت للتأكد من أنه عندما تنتهي العبودية، فإن كل الأشخاص الذين كانوا عبيدا سابقا سيكونون مواطنين أميركيين".

ويشرح روزنبلوم لموقع "الحرة" أن بإمكان ترامب تحدي هذا النص بإيجاد تفسير آخر له من خلال المحكمة العليا، وغالبيتها من المحافظين (6 مقابل 3).

وبإمكانه أيضا، وفق الخبير، إصدار أمر تنفيذي، لكن سيتم الطعن فيه على الفور أمام أعلى محكمة في البلاد.

ويعتقد أن المحاكم الأميركية لو نظرت في الأمر التنفيذي، ستقرر على الفور بأنه غير دستوري، ومع ذلك لا يستبعد أنه مع وجود قضاة محافظين، عين ترامب 3 منهم، فقد يفسرون، أو يحاولون تفسير لغة النص بشكل مختلف.

ويشير روزنبلوم إلى أن بإمكان ترامب محاولة تغيير الدستور، لكنها ستكون عملية صعبة وتتطلب موافقة ثلثي أعضاء الكونغرس وغالبية الهيئات التشريعية في الولايات.