لا تزال الحرب في قطاع غزة "مستمرة بلا هوادة"
لا تزال منطقة الشرق الأوسط تشهد صراعات مستمرة

مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، تترقب دول الشرق الأوسط ما قد يحمله القادم الجديد للبيت الأبيض، من تغييرات في سياسة بلاده تجاه منطقتها. تُعتبر واشنطن لاعباً رئيسياً في المنطقة، وتتداخل مصالحها الاستراتيجية مع قضايا سياسية وأمنية واقتصادية هناك. ويرى الكثيرون أن تغير الإدارة في أميركا، قد ينعكس على الأوضاع هناك، خاصة ما يتعلق بالحرب بين إسرائيل وحماس وحزب الله.

أولى المرشحان الديموقراطي والجمهوري كاملا هاريس، ودونالد ترامب، أولوية لقضايا الشرق الأوسط في حملتيهما الانتخابيتين، وتحدثا عن ضرورة إيقاف الصراعات هناك، لكن إلى أي مدى يُمكن أن يكون للرئيس الجديد تأثير في المنطقة التي تشهد حرباً دخلت عامها الثاني.

عندما تحدثت لموقع "الحرة"، رأت باربارا سالافين وهي مُحاضرة في جامعة جورج واشنطن، أن من المفترض أن يسعى الفائز يوم الثلاثاء إلى إنهاء القتال، في إشارة إلى حرب إسرائيل مع حماس وحزب الله.

لكنها في ذات الوقت، لا تعرف وفقاً لقولها، ما إذا كانت هاريس أو ترامب سيهددان إسرائيل بخفض الأسلحة إذا لم تتوقف عن قتل الفلسطينيين واللبنانيين.

فالباحثة الأميركية، تعتقد أن الإسرائيليين قد يكونوا مرهقين بالنظر إلى عدد سكانهم المحدود، لذلك، تأمل أن يسعى نتنياهو إلى إيجاد مخرج من هذا الكابوس، وفقاً لتعبيرها.

وبالنسبة لشخص يُراقب السياسة الأميركية بشكل يومي، ويعيش الحرب بشكل يومي أيضاً، فإنه يرى أن الأولوية للقادم الجديد للبيت الأبيض، هي استقرار منطقة الشرق الأوسط، حيث يرتبط ذلك بحل الدولتين، وفقاً للكاتب السياسي اللبناني مصطفى فحص.

فحص الذي تحدث لموقع "الحرة" بينما تُسمع أصوات الغارات الإسرائيلية عبر الهاتف، حيث يسكن على حدود الضاحية الجنوبية لبيروت، أشار إلى أن أي رئيس أميركي جديد مهما كانت هويته، معني باحتواء صراعات الشرق الأوسط، خاصة ما يحدث على الجبهتين الفلسطينية واللبنانية.

في 30 أكتوبر الماضي، تعهد ترامب بـ"إحلال" السلام في الشرق الأوسط، وكتب على حسابه في منصة (أكس): " أريد أن أرى الشرق الأوسط يعود إلى السلام الحقيقي، السلام الدائم، وسننجز ذلك بشكل صحيح حتى لا يتكرر كل 5 أو 10 سنوات! سأحافظ على الشراكة المتساوية بين جميع المجتمعات اللبنانية. يستحق أصدقاؤك وعائلتك في لبنان العيش في سلام ورخاء ووئام مع جيرانهم، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا بالسلام والاستقرار في الشرق الأوسط".

أشار راي لوكر وهو صحفي ومؤلف كتابي "مقامرة نيكسون" و"انقلاب هيج"  إلى ما أسماها "صعوبة" تصور كيف يمكن لأي إدارة أن تخلق استقراراً طويل الأمد في منطقة يرفض فيها اللاعبون الرئيسيون الاستقرار. في إشارة إلى الشرق الأوسط.

وقال خلال مقابلة مع موقع "الحرة"، إن "هاريس ستحاول على الأقل (إنهاء النزاعات)، في حين يميل ترامب إلى السماح لإسرائيل بفعل أي شيء تريده".

تلعب الحرب في الشرق الأوسط دوراً مهماً في الانتخابات الأميركية الحالية، حيث اشترطت مجموعات عربية وإسلامية إيقاف الحرب في غزة ولبنان مقابل دعم أي مرشح.

قالت سلافين عن فرص السلام وإنهاء النزاعات في الشرق الأوسط: "أتمنى أن أكون متفائلة. من الواضح أن الرئيس الأميركي القادم سيكون له تأثير، لكنني أعتقد أن التغيير الحقيقي يجب أن يأتي من داخل المجتمعين الإسرائيلي والفلسطيني".

وبحسب الكاتب فحص، فإن هناك قراراً أميركياً بإجراء بعض التحولات على ما كان يُعتقد في أن الثابت بجغرافية الشرق الأوسط، يصبح متحولاً.

وخلال تجمع لها في ولاية ميشيغان، الأحد، قالت هارس: "سأفعل كل ما في وسعي لإنهاء الحرب في غزة، وإعادة الرهائن إلى الوطن، وإنهاء المعاناة في غزة".

وبحسب لوكر، فإن هاريس ستحاول البناء على أي بنية متبقية للسلام المستدام، وسيقتصر ترامب على قدرته المتضائلة ونقص العديد من الأشخاص المهرة لمساعدته، على حد قوله.

لكن لسالافين وهي زميلة في معهد ستيمسون أيضاً، رأي يتعلق بإسرائيل، وترى أن عليهم أن يتصالحوا مع "فشل" نموذجيهم الأمني ​​والسياسي في توفير الأمان لهم وتحقيق قبول إقليمي ودولي أكبر. وترى أيضاً، أن الفلسطينيين يحتاجون إلى إيجاد قادة جدد قادرين على معالجة الأزمة الإنسانية العاجلة في غزة وطرح أفكار بناءة للحكم الذاتي والتعايش السلمي مع إسرائيل، وفقاً لقولها.

ومن المتوقع أن يكون لأحداث منطقة الشرق الأوسط، تأثيرات كبيرة على خيارات الناخبين في أميركا، حتى وإن كانت أصوات القنابل والصواريخ، بعيدة عنهم بآلاف الأميال.

رسائل سياسية من تصريحات الليبراليين والمحافظين . أرشيفية - تعبيرية
استقالة الموظف فتحت باب الجدل على قضية متجذرة في المجتمع الأميركي

أعاد إيلون ماسك توظيف ماركو إليز (25 عاما) في إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية، بعدما أثارت استقالته جدلا الخميس.

وأجرى ماسك استطلاعا للرأي بشأن إعادة إليز، وقال في منشور عبر منصة إكس "سيعود. كل ابن آدم خطاء، والعفو رباني"، وذلك بعد مطالبات من نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، والتي دعمها الرئيس دونالد ترامب.

فما الخطأ الذي ارتكبه إليز ودفعه للاستقالة من إدارة الكفاءة الحكومية بعد أسابيع قليلة على تعيينه؟

استقالة إليز كانت بعد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، كشفت فيه تغريدات سابقة له على حساب غير فعال، دعا فيها إلى "كراهية الهنود".

وبعد إثارة استقالته للجدل، دعا نائب الرئيس دي فانس وهو متزوج من ابنة لمهاجرين من الهند إلى إعادة الموظف لمنصبه.

وقال في منشور عبر إكس "هذه وجهة نظري: بالطبع لا أؤيد بعض منشورات إيلز، لكن لا أؤيد أن يدمر سلوك غبي عبر منصات التواصل الاجتماعي حياة فتى. لا ينبغي لنا أن نكافئ الصحفيين الذين يحاولون تدمير الناس. أبدا".

وأضاف "لذا أقول أعيدوه (لمنصبه). إذا كان شخصا سيئا أو عضو فريق فظيعا فافصلوه عن العمل لهذا السبب".

جذور الجدل

قد ينظر البعض إلى هذه الحادثة على أنها قضية تتعلق باستقالة موظف وإعادته لعمله، ولكنها تعبر قضية أعمق في المجتمع الأميركي، والتي ترتبط بمدرستين: الأولى، "الصواب السياسي"/ (Political correctness) أو (Politically correct)، والثانية "قول الحقيقة كما هي" / (Tell It Like It Is).

والصواب السياسي هو اسم "يعبر عن الأفعال التي تتجنب الإساءة للآخرين، خاصة تلك المتعلقة بالجنس، أو العرق، أو الدين أو غيرها"، بحسب معجم كامبريدج.

أما قاموس ميريام ويبستار، فيعرفه على أن أي توافق مع "الاعتقاد بأن اللغة أو الممارسات التي قد تسبب حساسيات سياسية في مسائل الجنس أو العرق يجب القضاء عليها".

وبعيدا عن تعريف المصطلح في القواميس يعبر مصطلح الصواب السياسي أو حتى يذكره البعض باسم الصوابية السياسية عن "انتقاد محاولات التيار اليساري للسيطرة على استخدام اللغة وحتى السلوك" بحسب ما يذكر كتاب "موسوعة الأخلاق التطبيقية".

ويهدف هذا المصطلح للكشف عن "الافتراضات الخفية بطريقة محايدة عند الحديث أو السلوك" في مراعاة الحساسيات عند الآخرين، وهو ما تسبب في إثارتها للجدل بسبب رفضها للمعايير المألوفة، فيما يعتبر البعض أنها مثالا للمعايير المزدوجة.

وتبسط موسوعة "بريتانيكا" شرح المصطلح بأنه أي لغة أو سلوك "يهدف إلى تقديم أقل قدر من الإساءة، وخاصة عند وصف المجموعات التي يتم تحديدها من خلال العرق أو الجنس أو الثقافة أو الميل الجنسي".

ورغم استخدامه بكثرة في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، إلا أنه ظهر لأول مرة في المفردات الماركسية اللينينية في أعقاب الثورة الروسية في 1917، إذ كان يستخدم في إطار وصل الالتزام بسياسات ومبادئ الحزب الشيوعي.

وفي أواخر السبعينيات بدأ السياسيون الليبراليون في استخدامه في إشارة إلى التطرف في بعض القضايا اليسارية، وفي أوائل التسعينيات استخدمه المحافظون في التعبير عن رفضهم لما اعتبروه تزايدا في المبادئ الليبرالية اليسارية في الجامعات والكليات في الولايات المتحدة.

أما مصطلح "قول الحقيقة كما هي" يعرفه قاموس كامبردج على أنه "وصف موقف بصراحة من دون تجنب أي تفاصيل غير سارة". 

وفي تعريف مشابه يقول قاموس ميريام ويبستار إنه يعبر عن "الحديث عن الأشياء غير المفرحة بطريقة صادقة" من دون وضع أي اعتبارات لأي أمور أخرى.

ويستخدم هذا المصطلح في وصف السياسيين أو الخبراء "الذين ينظر إليهم على أنهم صريحون وصادقون" في التواصل، وحتى إن كانت الحقائق غير مريحة، بحسب القاموس السياسي.

اكتسبت عبارة "قول الحقيقة كما هي" شعبيتها من أغنية روي ميلتون عام 1945، واشتهرت بعد استخدامها من قبل أيقونة النضال في الولايات المتحدة مالكوم إكس، في خطاب في 1964.

وبعد بضع سنوات أصبحت هذه العبارة شعارا يتداوله الكثير من السياسيين الأميركيين المحافظين، الداعمين لقول الأمور كما هي من دون أي اعتبار لحساسيات أو اعتبارات أخرى.

الليبراليون يدافعون عن "الصواب السياسي" للحماية من الإساءة لمجموعات معينة، وهو ما يسخر منه المحافظون الداعمون لمبدأ "قول الحقيقة كما هي" معتبرين أن قول الحقيقة كما هي لا ينقص منها شيئا.

ويرى الداعمون لقول الحقيقة كما هي أن ما يدفع به الليبراليون يضع قيودا على حرية التعبير، ويجعل من أي نقاش غير صادق، بما يعيد تشكيل الواقع بطريقة غير حقيقية، وهو ما ينظر إليه الليبراليون على أنه فتح باب للعنصرية والتعصب تحت شعار "الحرية".

وما بين "الصواب السياسي" وقول "الحقيقة كما هي" خيط رفيع جدا، بين ما هو الحقيقة المحايدة أو الرأي الذي يعبر عما يجول في عقل صاحبه. 

فهل إرجاع ماركو إليز يؤسس لخطاب يتيح الكراهية والعنصرية؟، أو أنه يمثل صفحة جديدة لحديث أكثر تسامحا؟.