الفائز في الانتخابات سيحدد السياسة الخارجية للولايات المتحدة للسنوات الأربعة المقبلة. أرشيفية
الفائز في الانتخابات سيحدد السياسة الخارجية للولايات المتحدة للسنوات الأربعة المقبلة. أرشيفية

تعكس أجواء التصويت في يوم الاستحقاق الرئاسي تباينا مع المناخ الذي ساد الحملة الانتخابية المشحونة للغاية في الملفات الداخلية والخارجية. ويتتبع الناخبون تصريحات المرشحين بشكل دقيق، في ظل الحروب الجارية في الشرق الأوسط وأوكرانيا.

ويردد المرشح الجمهوري، دونالد ترامب الذي يعتبر أن درجة الاحترام لأميركا لم تكن يوما متدنية كما هي اليوم، أنه سيحلّ النزاعات الجارية بدون إبطاء، من غير أن يوضح كيف سيقوم بذلك.

ويندد بالمبالغ الطائلة التي تنفقها واشنطن لمساعدة كييف منذ بدء الغزو الروسي في 2022.

في المقابل، وعدت المرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس بأنها ستقف "بحزم إلى جانب أوكرانيا" ولن "تصادق الطغاة"، خلافا لمنافسها.

وكلاهما يدعمان إسرائيل في "حقها في الدفاع عن نفسها"، فيما حاولت نائبة الرئيس اعتماد خطاب أكثر توازنا مشيرة كذلك إلى معاناة الفلسطينيين.

وينقل تقرير من صحيفة "لوس أنجليس تايمز" أن هاريس تلتزم إلى حد كبير بقيم الحزب الديمقراطي التقليدية ولكن بلمسة عصرية، فهي تفضل التعددية وتتبنى تحالفات أميركية قوية بينما تسلط ضوءا جديدا على القضايا العالمية مثل تغير المناخ وحقوق المرأة وانعدام الأمن الغذائي. 

وعلى الجانب الآخر، يروج ترامب، الذي يتجنب الكثير من عقيدة الحزب الجمهوري، لنهج "أميركا أولا" الذي غالبا ما يترجم إلى "أميركا وحدها". 

إسرائيل وغزة

وتتفق هاريس وترامب على أن الحرب بين إسرائيل وحماس يجب أن تنتهي، وتدعم هاريس محادثات وقف إطلاق النار الجارية للرئيس جو بايدن، والتي تتصور انسحاب إسرائيل من القطاع  و"مسارا واضحا" لتشكيل دولة فلسطينية مستقلة، فيما قال ترامب إنه لن يعارض انتصارا عسكريا إسرائيليا في غزة ولم يستبعد شكلا من أشكال الحكم الإسرائيلي أو الاحتلال للقطاع. 

تقول هاريس إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، وتنتقد حماس مرارًا وتكرارًا باعتبارها منظمة إرهابية، ومع ذلك تتحدث عن الحاجة إلى حماية أفضل للمدنيين أثناء القتال في غزة.

الهجرة وغزة وقضايا أخرى.. ما الاختلاف بين هاريس وترامب بشأن الملفات الشائكة؟
تتركز حملة المرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس، على إكمال ما بدأه الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي حلت محله في السباق الانتخابي، إذ وعدت بمواصلة الكثير مما كان يفعله بايدن خلال السنوات الأربع الماضية، حال جرى انتخابها في انتخابات نوفمبر.

ومثل بايدن، تدعم هاريس وقف إطلاق النار الذي يهدف إلى إعادة جميع الرهائن والقتلى الإسرائيليين إلى ديارهم. كما تؤيد حل الدولتين، الذي من شأنه أن يجعل إسرائيل تعيش إلى جانب دولة فلسطينية مستقلة.

بدروه، يعرب ترامب عن دعمه لجهود إسرائيل "لتدمير" حماس، لكنه ينتقد أيضًا بعض التكتيكات الإسرائيلية، ويقول إن إسرائيل يجب أن تنهي المهمة بسرعة وتعود إلى السلام.

ودعا ترامب إلى تعامل أكثر عدوانية على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الحرم الجامعي، وأشاد بجهود الشرطة لإخلاء المخيمات. كما يقترح أيضا إلغاء تأشيرات الطلاب لأولئك الذين يتبنون آراء معادية للسامية أو معادية لأميركا.

إيران

فيما يخص إيران، كرئيس ، تخلى ترامب عن الاتفاق النووي الإيراني التاريخي، الذي وقعه الرئيس باراك أوباما وخمس قوى عالمية أخرى في عام 2015.

ومن غير المرجح أن يقوم أي من المرشحين بإجراء تغييرات جوهرية في السياسة تجاه إيران في المستقبل المنظور، ما لم يتحول قتال إسرائيل مع حزب الله في لبنان إلى حرب أوسع.

أوكرانيا وروسيا

وبعد ما يقرب من ثلاث سنوات من غزو روسيا لأوكرانيا، أصبحت الحرب نقطة خلاف حادة بين هاريس وترامب.بينما تعهدت هاريس مرارا وتكرارا بدعم حكومة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، رفض ترامب خلال المناظرة الرئاسية في 10 سبتمبر أن يقول ما إذا كان يريد حتى أن تفوز أوكرانيا.

وقال ترامب، دون تقديم تفاصيل، إنه سينهي الصراع بسرعة. وتفسر أوكرانيا ذلك على أنه يعني أنه قد يحاول استخدام قطع محتمل للمساعدات العسكرية الأميركية كوسيلة لإجبار أوكرانيا على اتخاذ قرار بشروط مواتية للغاية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

أميركا اللاتينية

وفي أميركا اللاتينية، يصطف ترامب وهاريس في معارضتهما للحكومات الاستبدادية في فنزويلا ونيكاراغوا، و يختلفان عندما يتعلق الأمر بالتجارة مع المنطقة.

كرئيس، أعاد ترامب التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية، والتي ساعدت في رفع المكسيك لتصبح أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة. وقد انتقد العجز التجاري الأميركي مع المكسيك وكندا ، وأظهر حرصا على سن تعريفات لمحاولة الاستفادة من أهداف السياسة الخارجية. 

Republican presidential nominee former U.S. President Donald Trump campaigns in Michigan
هاريس أم ترامب.. من الأفضل لمواجهة الصين وإيران وروسيا؟
تفضِّلُ روسيا فوز دونالد ترامب، على عكس إيران التي ترى فرصةً ذهبية في فوز كامالا هاريس. ويتطلع الناتو للعمل مع هاريس لا مع ترامب. والصين الصامتة تنتظر رئيساً متساهلاً في منافستها لأميركا. فمن منَ المرشحَيَّن سيجدد القيادة الأميركية في عالم غارق بالأزمات، فيما تنتظر دوله من سيّد البيت الأبيض أن يحقق مصالحها لا مصلحة الولايات المتحدة.

وفي عام 2018، فرض ضرائب على واردات الصلب والألمنيوم من المكسيك وكندا ، وهدد لفترة وجيزة بفرض رسوم جمركية على جميع الواردات المكسيكية لمعاقبة البلاد على ما قال إنه تقاعسها عن الهجرة. يقول ترامب إنه إذا تم انتخابه لولاية ثانية ، فسوف يفرض تعريفة شاملة تصل إلى 20٪ على جميع الواردات العالمية.

تحذر هاريس من أن التعريفة الشاملة ستؤدي إلى ارتفاع أسعار المستهلك وتضر بالاقتصاد الأميركي. لكن هذا لا يعني أنها تدعم التجارة الحرة الجامحة.  

وتعهد المرشحان باتخاذ موقف صارم من الجماعات الإجرامية من أميركا اللاتينية، على الرغم من أن نهجيهما قد يختلفان. بصفتها المدعية العامة لولاية كاليفورنيا، قامت هاريس بمقاضاة أعضاء الكارتل وتوسيع فرقة عمل تركز على الجرائم العابرة للحدود. وقال ترامب إنه سيدعم الضربات الجوية ضد العصابات في المكسيك واقترح إرسال فرق عمليات خاصة إلى البلاد لقتل أباطرة المخدرات.

أوروبا والناتو

أما في أوروبا، لايزال الحلفاء وحلف شمال الأطلسي يعتبرون كامالا هاريس ذات صفة غير معروفة إلى حد ما، لقد كانت شخصية مألوفة كنائبة للرئيس، ولكن هناك اعتراف واسع بأن دورها كان تقديم المشورة للرئيس ، وليس اتخاذ القرارات. لكن هاريس تحدثت مرارا عن أهمية رعاية التحالفات.

من ناحية أخرى، هاجم ترامب مرارا وتكرارا منظمة حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي. ويخشى حلفاء الناتو علنا من أن تؤدي ولاية ترامب الثانية إلى انسحاب الولايات المتحدة من الحلف تماما.  

الصين

أما فيما يتعلق بالصين، اتخذ ترامب وهاريس مواقف صارمة تجاه بكين، أحد أكبر منافسي أميركا في التجارة والدفاع والتحالفات الجيوسياسية. وانتقد المرشحان الصين لسرقة الملكية الفكرية والدعم غير العادل في التكنولوجيا والتصنيع الذي وضع الشركات الأميركية في وضع غير مؤات. 

وفي عام 2018، شن الرئيس ترامب آنذاك حربا تجارية على الصين من خلال فرض رسوم جمركية على واردات صينية بقيمة مئات المليارات من الدولارات، وتعهد بزيادة هذه الرسوم بشكل كبير إذا تم انتخابه.  

من المتوقع إلى حد كبير أن تحافظ هاريس على نهج بايدن بشأن القيود التجارية، أبقى بايدن على تعريفات ترامب ورفع بعضها هذا العام، بما في ذلك 100في المئة على السيارات الكهربائية و 50في المئة على الخلايا الشمسية و 25في المئة على بطاريات ومواد المركبات الكهربائية. 

ووصفت هاريس خطط ترامب لتوسيع التعريفات بشكل كبير بأنها ضريبة على المستهلكين الذين يقول الاقتصاديون إنهم يتحملون تكلفة مثل هذه السياسات.

 ومن المتوقع أيضا أن تعزز هاريس العلاقات الدبلوماسية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لمكافحة النفوذ الصيني المتزايد هناك، وأعربت عن دعمها للحفاظ على الوضع الراهن في تايوان، وهي إحدى نقاط الاشتعال في العلاقات الأميركية الصينية.

إن نهج ترامب الأقل قابلية للتنبؤ به في السياسة الخارجية قد ينفر حلفاء الولايات المتحدة في آسيا. كما أن كيفية تعامله مع العلاقات مع تايوان غير واضحة أيضا. ففي عهد رئاسته، زادت الولايات المتحدة مبيعات الأسلحة والتعاون الأمني مع الجزيرة الديمقراطية التي تدعي الصين أنها أراضيها. ومع ذلك ، قال ترامب إن تايوان يجب أن تدفع للولايات المتحدة مقابل الحماية العسكرية.

كوريا الشمالية

وفي ملف كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، من المرجح أن تشهد رئاسة هاريس امتدادا لنهج إدارة بايدن: العقوبات وزيادة الردع العسكري.

وعلى عكس هاريس، التي أعادت التأكيد على "التزام واشنطن بالردع الموسع" لسيول بعد زيارة المنطقة المنزوعة السلاح الكورية في عام 2022، دعا ترامب إلى إنهاء التدريبات العسكرية المشتركة مع كوريا الجنوبية،  وألمح إلى أنه قد يسحب القوات الأميركية من شبه الجزيرة إذا لم تدفع سيول المزيد مقابل صيانتها. 

وبعد قمة ترامب الأولى مع زعيم كوريا الشمالية كيم جون أون، في عام 2018، صدم الحلفاء بإعلانه أن الولايات المتحدة ستوقف التدريبات العسكرية المشتركة واسعة النطاق مع كوريا الجنوبية ، واصفا إياها بأنها "استفزازية" ، مرددا لغة كوريا الشمالية. واستؤنفت التدريبات الضخمة في عام 2022.

ديفيد ساكس هو الرئيس التنفيذي السابق لشركة Zenefits" للبرمجيات، ومؤسس شبكة Yammer، والرئيس التنفيذي السابق لشركة Pay Pal
ديفيد ساكس هو الرئيس التنفيذي السابق لشركة Zenefits" للبرمجيات، ومؤسس شبكة Yammer، والرئيس التنفيذي السابق لشركة Pay Pal

قال الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، إنه سيعين، ديفيد ساكس، الرئيس التنفيذي السابق لشركة باي بال، ليكون "مستشار البيت الأبيض للتكنولوجيا والذكاء الصناعي والعملات الرقمية".

وفي منشور على موقعه على وسائل التواصل الاجتماعي "تروث سوشيال" قال ترامب: "يسعدني أن أعلن أن ديفيد أو. ساكس سيكون "قيصر الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة في البيت الأبيض". 

وأضاف أنه "وفي هذا الدور المهم، سيوجه ديفيد سياسة الإدارة في مجال الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة، وهما مجالان حاسمان لمستقبل القدرة التنافسية الأميركية".

ووفق ترامب،  "سيركز ديفيد على جعل أميركا القائد العالمي الواضح في كلا المجالين. وسيحمي حرية التعبير عبر الإنترنت".

وقال ترامب إن ساكس سيعمل على وضع إطار قانوني "حتى تتمتع صناعة العملات المشفرة بالوضوح الذي كانت تطلبه، ويمكنها الازدهار في الولايات المتحدة. وسيقود ديفيد أيضا المجلس الرئاسي للمستشارين للعلوم والتكنولوجيا".

وكان ترامب، الذي وصف العملات الرقمية في وقت سابق بأنها "احتيال"، قد تبنى الأصول الرقمية خلال حملته الانتخابية، واعدًا بجعل الولايات المتحدة "عاصمة العملات الرقمية في العالم"، وجمع مخزون وطني من البيتكوين.

وتجاوزت عملة البيتكوين حاجز الـ100,000 دولار لأول مرة مساء الأربعاء، وسط توقعات بأن إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، ستوفر بيئة تنظيمية مواتية لسوق العملات المشفرة.

ساكس هو أيضًا الرئيس التنفيذي السابق لشركة "زينفيتس Zenefits" للبرمجيات، ومؤسس "يامر Yammer"، وهو شبكة اجتماعية موجهة للمستخدمين في الشركات.

وزادت قيمة بتكوين بأكثر من الضعف هذا العام وارتفعت بنحو 45 بالمئة منذ فوز ترامب في الانتخابات، الذي صاحبه أيضا انتخاب عدد كبير من المشرعين المؤيدين للعملات المشفرة في الكونغرس.

وتسعى العديد من شركات العملات المشفرة، بما في ذلك "ريبل" و"كراكن" و"سيركل"، للحصول على مقعد في المجلس الاستشاري للعملات المشفرة الذي وعد به ترامب، بهدف التأثير على خططه لإصلاح سياسات الولايات المتحدة المتعلقة بالقطاع.

وقد يكون لترامب نفسه مصلحة في هذا القطاع. ففي سبتمبر، أعلن عن إطلاق عمل تجاري جديد في مجال العملات المشفرة يحمل اسم "World Liberty Financial".

وعلى الرغم من قلة التفاصيل حول المشروع، إلا أن المستثمرين اعتبروا اهتمام ترامب الشخصي بالقطاع مؤشرا إيجابيا.

وحتى الملياردير إيلون ماسك، الحليف الرئيسي لترامب، يُعد من الداعمين للعملات المشفرة.

وشهدت عملة "البيتكوين" انتعاشا سريعا بعد تراجعها إلى أقل من 16 ألف دولار في أواخر عام 2022، مدعومة بالموافقة على صناديق الاستثمار المتداولة الخاصة بعملة البتكوين المدرجة في الولايات المتحدة في يناير من هذا العام.