أنصار هاريس يستمعون لخطابها في جامعة هوارد
أنصار هاريس يستمعون لخطابها في جامعة هوارد

ألقت، كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأميركي، الأربعاء، خطاب الإقرار بالهزيمة في انتخابات الرئاسة التي فاز فيها، دونالد ترامب، وسط أجواء خيم عليها الحزن، فالنتيجة "لم تأت كما كنا نتمناها، لكن علينا قبولها"، كما قالت لمناصريها.

وحضرت شخصيات بارزة في الحزب الديمقراطي، مثل رئيسة مجلس النواب السابقة، نانسي بيلوسي، وآخرون. 

وقالت هاريس: "يجب علينا أن نتقبل نتائج هذه الانتخابات. وفي وقت سابق (الأربعاء)، تحدثت إلى الرئيس المنتخب ترامب وهنأته بفوزه".

نانسي بيلوسي كانت حاضرة خلال إلقاء هاريس خطابها

وأضافت في الخطاب الذي ألقته أمام حشد من أنصارها في جامعة هوارد التي تخرجت منها بواشنطن "لقد أبلغته أيضا أننا سنساعده وفريقه في المرحلة الانتقالية، وأننا سنشارك في انتقال سلمي للسلطة".

مشاعر الحزن ظاهرة على أنصار هاريس

وترتدي عودة الملياردير الجمهوري البالغ 78 عاما إلى السلطة طابعا استثنائيا لأن حملته الانتخابية الثالثة تخللتها محاولتا اغتيال وأربع لوائح اتهام وإدانة جنائية.

هاريس اعترفت بالهزيمة أمام ترامب

وحقق ترامب انتصارا واضحا وكاسحا، إذ فاز في الولايات المتأرجحة من جورجيا إلى بنسلفانيا مرورا بويسكونسن ليقضي بذلك على آمال هاريس، قبل أن تعطيه ميشيغان، معقل الديمقراطيين السابق، الدفع النهائي.

ترامب تقدم على هاريس بملايين الأصوات

وفي انتظار نتائج ولايات، باتت في حوزة الجمهوري أصوات 295 من كبار الناخبين مقابل 223 لمنافسته، متجاوزا بذلك وبفارق كبير عتبة الـ 270 صوتا المطلوبة للفوز في الانتخابات التي تجري بنظام الاقتراع غير المباشر.

هاريس أكدت على الانتقال السلمي للسلطة

وتقدم ترامب على هاريس بنحو خمسة ملايين صوت بحلول الأربعاء، مما يضعه على المسار الصحيح ليصبح أول مرشح رئاسي جمهوري يفوز بالتصويت الشعبي منذ جورج بوش الابن قبل عقدين.

بايدن يشيد بهاريس ويقول إنها ستظل بطلة الأميركيين

وفي خطاب الفوز، دعا ترامب الذي سيؤدي اليمين الدستورية ويتولى منصبه رسميا في 20 يناير، إلى "الوحدة"، وحض الأميركيين على وضع "الانقسامات التي حدثت في السنوات الأربع الماضية وراءنا".

تنصيب ترامب في يناير من 2025

وأتت دعوته هذه بعد أن هاجم خلال حملته الانتخابية منافسته وكال لها الشتائم واتهم المهاجرين "بتسميم دماء البلاد".

واتفق ترامب وهاريس على "أهمية توحيد" الولايات المتحدة وذلك في اتصال هاتفي بينهما الأربعاء، أقرت فيه نائبة الرئيس بهزيمتها.

ترامب يقبل دعوة بايدن للقاء في البيت الأبيض

وأوضح الانتصار الساحق لترامب مدى خيبة أمل الأميركيين في الاقتصاد وأمن الحدود والمسار الذي تسلكه البلاد وثقافتها. وطالب الناخبون بتغيير، حتى ولو كان القائم عليه مدانا خضع للمساءلة مرتين أثناء الرئاسية ولم يعد الشخص الذي جاء من خارج المؤسسة في واشنطن مثلما كان في حملته الانتخابية عام 2016.

أنصار ترامب يحتفلون بفوزه

وقال إنه يريد أن تكون في يده سلطة إقالة الموظفين الحكوميين الذين يعتبرهم غير مخلصين. ويخشى معارضوه من أن يحول وزارة العدل وغيرها من وكالات إنفاذ القانون الفيدرالية إلى أسلحة سياسية للتحقيق مع من يتصور أنهم أعداؤه.

أسواق المال تتفاعل بإيجابية مع فوز ترامب

وقال المتحدث باسم حملة ترامب ستيفن شونغ في بيان إن "الرئيس ترامب شكر نائبة الرئيس هاريس على تصميمها واحترافيتها ومثابرتها طوال فترة الحملة الانتخابية، واتفقا على أهمية توحيد البلاد".

ترامب حصل على أصوات غالبية الولايات المترددة

كذلك هنأ الرئيس الأميركي جو بايدن ترامب على فوزه في الانتخابات ودعاه لزيارة البيت الأبيض، وفق ما أعلنت الرئاسة الأميركية الأربعاء.

ترامب سيحصل على أصوات 295 من كبار الناخبين في المجمع الانتخابي

وقال المتحدث باسم حملة ترامب، شونغ، إن الرئيس المنتخب قبل دعوة وجهها له الرئيس، جو بايدن، للقائه في البيت الأبيض في موعد يحدد قريبا.

الجمهوريون يسيطرون على مجلس الشيوخ

وأفاد البيت الأبيض في بيان أن الديمقراطي جو بايدن (81 عاما) الذي انسحب من السباق الانتخابي لصالح هاريس، "سيدلي بخطاب الى الأمة" الخميس للحديث عن نتائج انتخابات الثلاثاء والمرحلة الانتقالية.

وأشاد بايدن بـ "نزاهة" هاريس وقال في بيان إن "ما شاهدته أميركا كان كامالا هاريس التي أعرفها واحترمها بعمق. لقد كانت شريكة رائعة وعاملة في الشأن العام نزيهة وشجاعة وذات شخصية".

ترامب يشكر عائلته على دعمها له

كما تلقى ترامب التهاني من الرئيس الأسبق باراك أوباما.

وتلقى الرئيس المنتخب سيلا من التهاني من قادة ومسؤولين من حول العالم.

وترامب هو ثاني رئيس أميركي يفوز بولايتين غير متتاليتين، بعد غروفر كليفلاند الذي قاد البلاد بين عامي 1885 و1889، ثم بين عامي 1893 و1897.

وأشادت وسائل إعلام مختلفة في الولايات المتحدة بـ "ملك العودة" و"العملاق" ترامب بعد فوزه بفارق كبير على هاريس، في شكل خالف غالبية توقعات المحللين والصحف.

خبر فوز ترامب يتصدر وسائل الإعلام حول العالم

ورحبت الأسواق بفوزه وسجل الدولار مكاسب واضحة وكذلك بورصة وول ستريت.

ومع ذلك، فإن رئاسته الثانية التي لا يمكن التنبؤ بما ستحمله، يمكن أن تنذر باضطرابات كبيرة بعد أن توعد الملياردير "بأكبر عملية" ترحيل على الإطلاق للمهاجرين منذ اليوم الأول لتسلمه السلطات.

سيل من التهنئة لترامب من قادة حول العالم

وسيتمكن الرئيس المنتخب الاعتماد على مجلس الشيوخ الذي استعاده الجمهوريون من الديمقراطيين. وسيكون انتصاره كاملا إذا احتفظ حزبه بمجلس النواب.

ترامب قد يصبح أول مرشح رئاسي جمهوري يفوز بالتصويت الشعبي منذ عقدين

ويشعر الديمقراطيون بالقلق إزاء تهديداته المتزايدة ضد "العدو الداخلي" وتعطشه للانتقام.

ولم ترشح تفاصيل كثيرة حول خيارات إدارة ترامب المستقبلية، مع استثناء واحد لافت هو أنه أعلن أنه سيوكل مسؤولية كبرى للملياردير إيلون ماسك الذي أنفق أكثر من 110 ملايين دولار من ثروته على حملة الحزب الجمهوري.

أنصار هاريس يبكون بسبب خسارة الانتخابات

وبانتخابهم ترامب، قرر الأميركيون وضع رجل يبلغ 78 عاما على رأس أكبر قوة في العالم وسيصبح في يناير أكبر رئيس للولايات المتحدة يؤدي اليمين الدستورية.

وقال ميتش مكونيل الذي يتزعم الجمهوريين في مجلس الشيوخ منذ فترة طويلة "كان يوما رائعا جدا".

أنصار ترامب يحتفلون بالفوز

ومن شأن سيطرة الجمهوريين على مجلسي الكونغرس أن تفسح المجال أمام تبني جانب كبير من تشريعات ترامب، مثلما حدث في العامين الأولين من رئاسته السابقة بين 2017 و2021 حين نجح الجمهوريون في إقرار مشروع قانون رئيسي لخفض الضرائب في الكونغرس مما أفاد الأثرياء أساسا.

وقال ترامب في وقت سابق الأربعاء لأنصاره في مركز مؤتمرات مقاطعة بالم بيتش في فلوريدا "منحتنا أميركا تفويضا قويا وغير مسبوق".

رسائل سياسية من تصريحات الليبراليين والمحافظين . أرشيفية - تعبيرية
استقالة الموظف فتحت باب الجدل على قضية متجذرة في المجتمع الأميركي

أعاد إيلون ماسك توظيف ماركو إليز (25 عاما) في إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية، بعدما أثارت استقالته جدلا الخميس.

وأجرى ماسك استطلاعا للرأي بشأن إعادة إليز، وقال في منشور عبر منصة إكس "سيعود. كل ابن آدم خطاء، والعفو رباني"، وذلك بعد مطالبات من نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، والتي دعمها الرئيس دونالد ترامب.

فما الخطأ الذي ارتكبه إليز ودفعه للاستقالة من إدارة الكفاءة الحكومية بعد أسابيع قليلة على تعيينه؟

استقالة إليز كانت بعد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، كشفت فيه تغريدات سابقة له على حساب غير فعال، دعا فيها إلى "كراهية الهنود".

وبعد إثارة استقالته للجدل، دعا نائب الرئيس دي فانس وهو متزوج من ابنة لمهاجرين من الهند إلى إعادة الموظف لمنصبه.

وقال في منشور عبر إكس "هذه وجهة نظري: بالطبع لا أؤيد بعض منشورات إيلز، لكن لا أؤيد أن يدمر سلوك غبي عبر منصات التواصل الاجتماعي حياة فتى. لا ينبغي لنا أن نكافئ الصحفيين الذين يحاولون تدمير الناس. أبدا".

وأضاف "لذا أقول أعيدوه (لمنصبه). إذا كان شخصا سيئا أو عضو فريق فظيعا فافصلوه عن العمل لهذا السبب".

جذور الجدل

قد ينظر البعض إلى هذه الحادثة على أنها قضية تتعلق باستقالة موظف وإعادته لعمله، ولكنها تعبر قضية أعمق في المجتمع الأميركي، والتي ترتبط بمدرستين: الأولى، "الصواب السياسي"/ (Political correctness) أو (Politically correct)، والثانية "قول الحقيقة كما هي" / (Tell It Like It Is).

والصواب السياسي هو اسم "يعبر عن الأفعال التي تتجنب الإساءة للآخرين، خاصة تلك المتعلقة بالجنس، أو العرق، أو الدين أو غيرها"، بحسب معجم كامبريدج.

أما قاموس ميريام ويبستار، فيعرفه على أن أي توافق مع "الاعتقاد بأن اللغة أو الممارسات التي قد تسبب حساسيات سياسية في مسائل الجنس أو العرق يجب القضاء عليها".

وبعيدا عن تعريف المصطلح في القواميس يعبر مصطلح الصواب السياسي أو حتى يذكره البعض باسم الصوابية السياسية عن "انتقاد محاولات التيار اليساري للسيطرة على استخدام اللغة وحتى السلوك" بحسب ما يذكر كتاب "موسوعة الأخلاق التطبيقية".

ويهدف هذا المصطلح للكشف عن "الافتراضات الخفية بطريقة محايدة عند الحديث أو السلوك" في مراعاة الحساسيات عند الآخرين، وهو ما تسبب في إثارتها للجدل بسبب رفضها للمعايير المألوفة، فيما يعتبر البعض أنها مثالا للمعايير المزدوجة.

وتبسط موسوعة "بريتانيكا" شرح المصطلح بأنه أي لغة أو سلوك "يهدف إلى تقديم أقل قدر من الإساءة، وخاصة عند وصف المجموعات التي يتم تحديدها من خلال العرق أو الجنس أو الثقافة أو الميل الجنسي".

ورغم استخدامه بكثرة في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، إلا أنه ظهر لأول مرة في المفردات الماركسية اللينينية في أعقاب الثورة الروسية في 1917، إذ كان يستخدم في إطار وصل الالتزام بسياسات ومبادئ الحزب الشيوعي.

وفي أواخر السبعينيات بدأ السياسيون الليبراليون في استخدامه في إشارة إلى التطرف في بعض القضايا اليسارية، وفي أوائل التسعينيات استخدمه المحافظون في التعبير عن رفضهم لما اعتبروه تزايدا في المبادئ الليبرالية اليسارية في الجامعات والكليات في الولايات المتحدة.

أما مصطلح "قول الحقيقة كما هي" يعرفه قاموس كامبردج على أنه "وصف موقف بصراحة من دون تجنب أي تفاصيل غير سارة". 

وفي تعريف مشابه يقول قاموس ميريام ويبستار إنه يعبر عن "الحديث عن الأشياء غير المفرحة بطريقة صادقة" من دون وضع أي اعتبارات لأي أمور أخرى.

ويستخدم هذا المصطلح في وصف السياسيين أو الخبراء "الذين ينظر إليهم على أنهم صريحون وصادقون" في التواصل، وحتى إن كانت الحقائق غير مريحة، بحسب القاموس السياسي.

اكتسبت عبارة "قول الحقيقة كما هي" شعبيتها من أغنية روي ميلتون عام 1945، واشتهرت بعد استخدامها من قبل أيقونة النضال في الولايات المتحدة مالكوم إكس، في خطاب في 1964.

وبعد بضع سنوات أصبحت هذه العبارة شعارا يتداوله الكثير من السياسيين الأميركيين المحافظين، الداعمين لقول الأمور كما هي من دون أي اعتبار لحساسيات أو اعتبارات أخرى.

الليبراليون يدافعون عن "الصواب السياسي" للحماية من الإساءة لمجموعات معينة، وهو ما يسخر منه المحافظون الداعمون لمبدأ "قول الحقيقة كما هي" معتبرين أن قول الحقيقة كما هي لا ينقص منها شيئا.

ويرى الداعمون لقول الحقيقة كما هي أن ما يدفع به الليبراليون يضع قيودا على حرية التعبير، ويجعل من أي نقاش غير صادق، بما يعيد تشكيل الواقع بطريقة غير حقيقية، وهو ما ينظر إليه الليبراليون على أنه فتح باب للعنصرية والتعصب تحت شعار "الحرية".

وما بين "الصواب السياسي" وقول "الحقيقة كما هي" خيط رفيع جدا، بين ما هو الحقيقة المحايدة أو الرأي الذي يعبر عما يجول في عقل صاحبه. 

فهل إرجاع ماركو إليز يؤسس لخطاب يتيح الكراهية والعنصرية؟، أو أنه يمثل صفحة جديدة لحديث أكثر تسامحا؟.