الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب - فرانس برس
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب - فرانس برس

هنّأ حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، الرئيس المنتخب دونالد ترامب، عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية ضد منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، وذلك رغم "مخاوف عميقة" لدى القارة العجوز من الولاية الثانية لترامب، وتأثيرها على العلاقات عبر الأطلسي.

ورغم كلمات التهنئة الدافئة، يستعد الحلفاء الأوروبيون لرحلة عاصفة، وفق وصف غاريت مارتن، المدير المشارك لمركز السياسة عبر الأطلسي في الجامعة الأميركية بواشنطن.

وقال في تصريحات لراديو صوت أميركا (فويس أوف أميركا): "السنوات الأربع التي قضاها ترامب في منصبه كانت مضطربة إلى حد ما، وكانت هناك لحظات من المشاحنات المستمرة والانقسامات والافتقار إلى التماسك".

وتابع: "أعتقد أن ذلك حدث في وقت كانت الأوضاع فيه أقل خطورة مما هي عليه الآن".

وأضاف مارتن: "نحن الآن في خضم حرب كبيرة في أوكرانيا منذ عامين ونصف العام، وعلى أقل تقدير يمكننا افتراض أنه من المحتمل أن نرى تكرارا للتوتر الذي شهدناه سابقًا".

وكان المستشار الألماني، أولاف شولتس، قد هنأ ترامب على فوزه بالانتخابات الأميركية، مؤكدا أنه يريد العمل مع الولايات المتحدة "من أجل تشجيع الازدهار والحرية".

واستطرد المستشار الألماني عبر منصة "إكس": "تتعاون ألمانيا والولايات المتحدة معا منذ فترة طويلة بنجاح من أجل تشجيع الازدهار والحرية على جانبي الأطلسي. سنواصل القيام بذلك من أجل مصلحة مواطنينا".

كذلك، دعا شولتس ترامب إلى مواصلة التعاون، قائلا إن البلدين "أقوى معا"، مضيفا: "معا يمكننا أن نفعل أكثر بكثير مما نفعله واحدنا ضد الآخر".

وتدهورت العلاقات بين البلدين في عهد ترامب (2017-2021) الذي أطلق إجراءات وقائية استهدفت خصوصا واردات أوروبية وصينية.

وحذّر ترامب من أنه سيزيد الرسوم الجمركية بنسبة 20 بالمئة على كل المنتجات المستوردة من الخارج، وهو تهديد يقلق الشركات الألمانية التي تعتمد بشكل كبير على التصدير.

كما اعتبر محافظ البنك المركزي الفرنسي، أن فوز  ترامب "يزيد من المخاطر التي تهدد الاقتصاد العالمي".

ورجح فرنسوا فيليروي دي غالهو، خلال مؤتمر في مدينة ليون، نقلت تفاصيله وكالة فرانس برس، أن تجلب الولاية الثانية لترامب "مزيدا من الحمائية التجارية" والمزيد من "العجز" في الموازنة الأميركية.

وقال فيليروي إن "الانتخابات الأميركية يجب أن تدق ناقوس الخطر لأوروبا" بعد "فترة تكاسل طويلة".

لكنه حذر أيضا من أن "أوروبا تلج هذا السياق الجديد وهي تعاني من نقاط ضعف جلية"، تشمل "التراجع التكنولوجي والانقسامات السياسية".

من جانبه، سارع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لتهنئة ترامب على "انتصاره المذهل"، مشيرا إلى أنه يأمل بأن تجعل رئاسته "أوكرانيا أقرب إلى السلام العادل".

وكتب زيلينسكي على حساباته بمنصات التواصل الاجتماعي، الأربعاء: "أُقدّر التزام الرئيس ترامب بمقاربة (السلام من خلال القوة) في الشؤون العالمية"، مضيفا: "هذا تماما هو المبدأ القادر على جعل السلام العادل أقرب في أوكرانيا".

كما وجهت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، تهانيها "الحارة" إلى  ترامب، مجددة تأكيد أهمية "الشراكة بين الشعبين" الأوروبي والأميركي.

وحذا حذوها رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، قائلا إن "الاتحاد الأوروبي يتطلّع إلى مواصلة تعاونه البناء" مع الولايات المتحدة، مذكّرا بالعلاقة "التاريخية" بين واشنطن وبروكسل.

 الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، هنأ أيضًا، ترامب في رسالة عبر منصة "إكس"، قال فيها إنه "مستعد للعمل معا كما تمكّنا من ذلك لمدة 4 سنوات" خلال الولاية الأولى للجمهوري.

وتابع: "سنعمل من أجل أوروبا أكثر اتحادا وقوة وسيادة في هذا السياق الجديد. من خلال التعاون مع الولايات المتحدة والدفاع عن مصالحنا وقيمنا".

أم في تكساس، قالت إنها دخلت البلاد بطريقة غير شرعية، تعرض آثار أقدام المولودة بالولايات المتحدة، لكن السلطات رفضت منحها شهادة ميلاد.
أم في تكساس، قالت إنها دخلت البلاد بطريقة غير شرعية، تعرض آثار أقدام المولودة بالولايات المتحدة، لكن السلطات رفضت منحها شهادة ميلاد.

جدد الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، تعهده بإلغاء حق المواطنة بالولادة، أو ما يعرف بـ "حق الأرض"، الذي بموجبه يحصل أي شخص ولد على الأرض الأميركية على الجنسية تلقائيا.

وتهدد خطوة ترامب، إن أقدم عليها، الآلاف ممن ولدوا لأبوين لا يحملان وثائق تدعم إقامتهما في البلاد.

ووعد الرئيس المنتخب باتخاذ أمر تنفيذي بإلغاء الحق الذي يكفله الدستور الأميركي في تعديله رقم 14. 

وأردف في مقابلة مع قناة إن بي سي الأميركية، الأحد، "علينا أن ننهي هذا الأمر" واصفا حق المواطنة بالولادة بأنه "مدعاة للسخرية."

وهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها ترامب عن نيته إلغاء حق المواطنة بالولادة.

ففي مايو العام الماضي، نشر مقطع فيديو جدد فيه دعوته لإنهاء الحق الدستوري في الحصول على الجنسية بالولادة على الأراضي الأميركية.

وقال ترامب في المقطع المصور، الذي نشره على منصة إكس، إن "الولايات المتحدة من بين البلدان الوحيدة في العالم التي تقول إنه حتى لو لم يكن أي من الوالدين مواطنًا أو حتى موجودًا بشكل قانوني في البلاد، فإن أطفالهما في المستقبل هم مواطنون تلقائيًّا."

وبحسب الموقع الرسمي لمكتبة الكونغرس، توفر أكثر من 30 دولة الجنسية المكتسبة بالولادة، بما في ذلك كندا والبرازيل. 

والصورة أدناه، من مكتبة الكونغرس، توضح موقف الدول حول العالم من "حق الأرض"، ووفق تلك الخريطة تمنح البلدان المظللة  باللون الوردي الجنسية بالولادة دون شروط. 

ولا توجد إحصائيات رسمية، ترصد على وجه التحديد، عدد الأطفال الذين يولدون سنويًا بالولايات المتحدة لأبوين يتواجدان على الأراضي الأميركية بشكل غير قانوني، أو عدد الأطفال الذين ولدوا عن طريق ما يعرف بـ "سياحة الولادة."

وفي سياحة الولادة، تسافر المرأة الحامل بتأشيرة سياحة مؤقتة؛ لتلد في بلد يمنح المواطنة بالولادة، فيحصل مولودها على جنسية هذه الدولة تلقائيا.

وتشير تقديرات مركز دراسات الهجرة، وهو مركز بحثي مستقل، إلى ما يصل إلى 400 ألف طفل يولدون سنويا لآباء دخلوا الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، وإلى آلاف الأطفال الذي يولدون نتيجة سياحة الولادة سنويا.

تجربة 2020

وخلال رئاسة دونالد ترامب الأولى، وتحديدا في يناير عام 2020، فرضت وزارة الخارجية الأميركية قواعد جديدة استهدفت النساء الحوامل اللواتي يأتين للولايات المتحدة لغرض الولادة.

وألزمت تلك القواعد النساء الحوامل اللاتي يتقدمن بطلب للحصول على تأشيرات زيارة للولايات المتحدة، بإثبات أن لديهن سببا محددا للسفر، بخلاف الولادة.

وسمحت هذه الخطوة برفض منح التأشيرة لكل من يثبت أن غرضه الأساسي من الحصول عليها هو الإنجاب على الأرض الأميركية.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، وقتها في بيان، إن تلك الإجراءات ضرورية لتعزيز السلامة العامة والأمن القومي".

وأضاف البيان أن "سياحة الولادة مليئة بالأنشطة الإجرامية".

عناصر في السلطات الفدرالية خلال مداهمة شققا راقية في كاليفورنيا حيث أقامت نساء أجنبيات حوامل، في إطار حملة ضد سياحة الولادة
القضاء الأميركي يحكم بالسجن على صينية جنت الملايين عبر "سياحة الولادة"
أصدرت محكمة في كاليفورنيا، الاثنين، حكما بالسجن 10 أشهر في سجن فيدرالي بحق امرأة ساعدت عملاء صينيين، بينهم أطباء ومحامون ومسؤولون حكوميون، على السفر إلى الولايات المتحدة بغرض الإنجاب حتى يحصل أبناؤهم أوتوماتيكيا على الجنسية الأميركية.

التعديل 14 من الدستور الأميركي

ويضمن التعديل رقم 14 للدستور الأميركي الجنسية لجميع الأفراد الذين يولودون في الولايات المتحدة؛ استنادا إلى حق الأرض.

وينص التعديل 14 من الدستور على أن "جميع الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة أو المتجنسين بجنسيتها والخاضعين لسلطانها يعتبرون من مواطني الولايات المتحدة ومواطني الولاية التي يقيمون فيها." 

"ولا يجوز لأي ولاية أن تضع أو تطبق أي قانون ينتقص من امتيازات أو حصانات مواطني الولايات المتحدة."

" كما لا يجوز لأي ولاية أن تحرم أي شخص من الحياة أو الحرية أو الممتلكات دون مراعاة الإجراءات القانونية الأصولية. ولا أن تحرم أي شخص خاضع لسلطانها من المساواة في حماية القوانين."

ولطالما كان من المتعارف عليه أن هذا النص يشمل الأطفال المولودين داخل الولايات المتحدة لآباء غير أميركيين، كما يقول ديفيد غولوف أستاذ القانون الدستوري في جامعة نيويورك.

لكن غولوف في تصريح سابق لموقع الحرة لفت إلى أن المحكمة العليا لم تقرر بشكل قاطع ما إن كان النص نفسه ينطبق سواء كان الوالد (غير المواطن) موجودا على الأرض الأميركية -عند ولادة الطفل- بشكل قانوني أو غير قانوني.

وهو ما يفتح المجال أمام تأويل مختلف لنص التعديل 14 من الدستور الأميركي، كما تحدثت وسائل إعلام أميركية عدة.

ويقول أستاذ الإدارة والسياسة في جامعة بوسطن، ديفيد روزنبلوم، إن التعديل الـ14 واضح في أن "جميع الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة هم مواطنون أميركيون. اللغة واضحة، وقد صُممت للتأكد من أنه عندما تنتهي العبودية، فإن كل الأشخاص الذين كانوا عبيدا سابقا سيكونون مواطنين أميركيين".

ويشرح روزنبلوم لموقع "الحرة" أن بإمكان ترامب تحدي هذا النص بإيجاد تفسير آخر له من خلال المحكمة العليا، وغالبيتها من المحافظين (6 مقابل 3).

وبإمكانه أيضا، وفق الخبير، إصدار أمر تنفيذي، لكن سيتم الطعن فيه على الفور أمام أعلى محكمة في البلاد.

ويعتقد أن المحاكم الأميركية لو نظرت في الأمر التنفيذي، ستقرر على الفور بأنه غير دستوري، ومع ذلك لا يستبعد أنه مع وجود قضاة محافظين، عين ترامب 3 منهم، فقد يفسرون، أو يحاولون تفسير لغة النص بشكل مختلف.

ويشير روزنبلوم إلى أن بإمكان ترامب محاولة تغيير الدستور، لكنها ستكون عملية صعبة وتتطلب موافقة ثلثي أعضاء الكونغرس وغالبية الهيئات التشريعية في الولايات.