ترامب دعا الأميركيين إلى الوحدة وترك الانقسامات وراءهم - رويترز
ترامب دعا الأميركيين إلى الوحدة وترك الانقسامات وراءهم - رويترز

قالت حملة الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، إنه سيبدأ في عملية اختيار أفراد للعمل في إدارته الجديدة خلال الأيام المقبلة، وأضافت أن الرئيس المنتخب سيبدأ في الأيام والأسابيع المقبلة في وضع سياسات تجعل حياة الأميركيين ميسورة التكلفة وآمنة ومأمونة.

ومن المتوقع أن يبدأ الرئيس المنتخب ترمب العمل فور توليه منصبه على سن تغييرات كبرى في مجالات الهجرة والطاقة والسياسة الخارجية.

الأكاديمي والخبير السياسي، عصام عبدالله، وهو جمهوري، قال لقناة "الحرة" إن تعامل ترامب مع فريقه الرئاسي سيختلف عن الأسلوب الذي كان يتبعه في الإدارة السابقة بسبب دعم الكونغرس بعد فوز الجمهوريين في مجلسيه. 

وأشار عبد الله إلى ان الإدارة الثانية لترامب ستكون "مميزة" بسبب كفاءات وخبرات متراكمة توفرت الآن في مجالات العلم والاقتصاد والسياسة.

وأضاف عبدالله أن الرئيس المنتخب سيستفيد من العلاقات الشخصية وإمكانياته في رسم خطة جديدة للنهوض بالولايات المتحدة و"عودة أميركا أولا" بحسب تعبيره.

رافي بيري، البروفيسور في قسم العلوم السياسية في جامعة هوارد، وهو ديمقراطي، قال لقناة "الحرة"، إن ترامب "ستكون له سيطرة كاملة على مفاصل الدولة سيما بعد فوز الجمهوريين في الكونغرس وتعيين قضاة محافظين في المحاكم، لكنه أضاف أن الأمور لحد الان غير واضحة بشأن القرارات التي يرغب في اتخاذها".

وأضاف بيري أنه رغم فوز ترامب، إلا أن الحملات الانتخابية التي نظمها "كانت بعيدة عن مشاكل الأميركيين الفقراء والذين يعيشون في المناطق الريفية، وبالتالي فأن الخطط التي سيضعها لن تكون قادرة على تطوير حياة هذه الشرائح".

وفي خطاب الفوز، دعا ترامب إلى "الوحدة"، وحض الأميركيين على وضع "الانقسامات التي حدثت في السنوات الأربع الماضية وراءنا".

وقال الرئيس المنتخب إنه يريد أن تكون في يده سلطة إقالة الموظفين الحكوميين الذين يعتبرهم غير مخلصين. ويخشى معارضوه من أن يحول وزارة العدل وغيرها من وكالات إنفاذ القانون الفيدرالية إلى أسلحة سياسية للتحقيق مع من يتصور أنهم أعداؤه.

وبينما يعكف الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب على اختيار أعضاء إدارته الجديدة، تتجه الأنظار إلى بعض الأسماء والشخصيات، على الرغم من أنه لم ترشح تفاصيل كثيرة حول هذه الخيارات.

ولم ترشح تفاصيل كثيرة حول خيارات إدارة ترامب المستقبلية، مع استثناء ما أعنله، الخميس، أن بشأن مديرة حملته الانتخابية، سوزي وايلز، التي ستتولى منصب كبيرة موظفي البيت الأبيض.

كما أن الملياردير، إيلون ماسك، الذي أنفق أكثر من 110 ملايين دولار من ثروته على حملة الحزب الجمهوري، قد يكون له منصب منهم في إدارة ترامب.

بالإضافة إلى وعده باختيار المرشح الرئاسي السابق، روبرت إف. كنيدي الابن، لمنصب قيادي، فيما ذكرت مواقع إعلامية أن ترامب.

ويدرس ترامب تعيين مدير المخابرات الوطنية السابق، جون راتكليف، لقيادة وكالة المخابرات المركزية (سي.آي.إيه) في إدارته الثانية.

ويسعى ترامب لدخول البيت الأبيض بخطط طموحة تشمل تعزيز الاقتصاد، وهو ما تصدر اهتمامات الناخبين، وفرض تعرفات جمركية واسعة النطاق على الواردات وقيودا على الهجرة وتخفيضات ضريبية إضافية، ومساعدة الطبقة المتوسطة، وتوسيع نطاق أحكام ضريبة الأعمال في قانون خفض الضرائب والوظائف لعام 2017

كما اقترح فتح مساحات كبيرة من الأراضي الفيدرالية لتطوير قطاع الإسكان، وتسهيل الحصول على الرعاية الصحية، وصولا إلى أهم ما يطمح له الناخبون وهو خفض الأسعار والتضخم.

وتعهد ترامب بجعل أميركا "العاصمة العالمية" لعملة بيتكوين والعملات المشفرة، على الرغم من عدم تقديم تفاصيل محددة حول هذه الخطة، كما شدد على خططه لزيادة إنتاج النفط.

ووفقا لوكالة أسوشيتدبرس فإن أحد أسباب انتخاب ترامب هو مخاطبته للناخبين المحبطين من الاقتصاد فى ظل إدارة بايدن، حيث الأميركيين بالعمل على تسهيل ظروف حياتهم لتصبح ميسورة التكلفة وآمنة.

رسائل سياسية من تصريحات الليبراليين والمحافظين . أرشيفية - تعبيرية
استقالة الموظف فتحت باب الجدل على قضية متجذرة في المجتمع الأميركي

أعاد إيلون ماسك توظيف ماركو إليز (25 عاما) في إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية، بعدما أثارت استقالته جدلا الخميس.

وأجرى ماسك استطلاعا للرأي بشأن إعادة إليز، وقال في منشور عبر منصة إكس "سيعود. كل ابن آدم خطاء، والعفو رباني"، وذلك بعد مطالبات من نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، والتي دعمها الرئيس دونالد ترامب.

فما الخطأ الذي ارتكبه إليز ودفعه للاستقالة من إدارة الكفاءة الحكومية بعد أسابيع قليلة على تعيينه؟

استقالة إليز كانت بعد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، كشفت فيه تغريدات سابقة له على حساب غير فعال، دعا فيها إلى "كراهية الهنود".

وبعد إثارة استقالته للجدل، دعا نائب الرئيس دي فانس وهو متزوج من ابنة لمهاجرين من الهند إلى إعادة الموظف لمنصبه.

وقال في منشور عبر إكس "هذه وجهة نظري: بالطبع لا أؤيد بعض منشورات إيلز، لكن لا أؤيد أن يدمر سلوك غبي عبر منصات التواصل الاجتماعي حياة فتى. لا ينبغي لنا أن نكافئ الصحفيين الذين يحاولون تدمير الناس. أبدا".

وأضاف "لذا أقول أعيدوه (لمنصبه). إذا كان شخصا سيئا أو عضو فريق فظيعا فافصلوه عن العمل لهذا السبب".

جذور الجدل

قد ينظر البعض إلى هذه الحادثة على أنها قضية تتعلق باستقالة موظف وإعادته لعمله، ولكنها تعبر قضية أعمق في المجتمع الأميركي، والتي ترتبط بمدرستين: الأولى، "الصواب السياسي"/ (Political correctness) أو (Politically correct)، والثانية "قول الحقيقة كما هي" / (Tell It Like It Is).

والصواب السياسي هو اسم "يعبر عن الأفعال التي تتجنب الإساءة للآخرين، خاصة تلك المتعلقة بالجنس، أو العرق، أو الدين أو غيرها"، بحسب معجم كامبريدج.

أما قاموس ميريام ويبستار، فيعرفه على أن أي توافق مع "الاعتقاد بأن اللغة أو الممارسات التي قد تسبب حساسيات سياسية في مسائل الجنس أو العرق يجب القضاء عليها".

وبعيدا عن تعريف المصطلح في القواميس يعبر مصطلح الصواب السياسي أو حتى يذكره البعض باسم الصوابية السياسية عن "انتقاد محاولات التيار اليساري للسيطرة على استخدام اللغة وحتى السلوك" بحسب ما يذكر كتاب "موسوعة الأخلاق التطبيقية".

ويهدف هذا المصطلح للكشف عن "الافتراضات الخفية بطريقة محايدة عند الحديث أو السلوك" في مراعاة الحساسيات عند الآخرين، وهو ما تسبب في إثارتها للجدل بسبب رفضها للمعايير المألوفة، فيما يعتبر البعض أنها مثالا للمعايير المزدوجة.

وتبسط موسوعة "بريتانيكا" شرح المصطلح بأنه أي لغة أو سلوك "يهدف إلى تقديم أقل قدر من الإساءة، وخاصة عند وصف المجموعات التي يتم تحديدها من خلال العرق أو الجنس أو الثقافة أو الميل الجنسي".

ورغم استخدامه بكثرة في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، إلا أنه ظهر لأول مرة في المفردات الماركسية اللينينية في أعقاب الثورة الروسية في 1917، إذ كان يستخدم في إطار وصل الالتزام بسياسات ومبادئ الحزب الشيوعي.

وفي أواخر السبعينيات بدأ السياسيون الليبراليون في استخدامه في إشارة إلى التطرف في بعض القضايا اليسارية، وفي أوائل التسعينيات استخدمه المحافظون في التعبير عن رفضهم لما اعتبروه تزايدا في المبادئ الليبرالية اليسارية في الجامعات والكليات في الولايات المتحدة.

أما مصطلح "قول الحقيقة كما هي" يعرفه قاموس كامبردج على أنه "وصف موقف بصراحة من دون تجنب أي تفاصيل غير سارة". 

وفي تعريف مشابه يقول قاموس ميريام ويبستار إنه يعبر عن "الحديث عن الأشياء غير المفرحة بطريقة صادقة" من دون وضع أي اعتبارات لأي أمور أخرى.

ويستخدم هذا المصطلح في وصف السياسيين أو الخبراء "الذين ينظر إليهم على أنهم صريحون وصادقون" في التواصل، وحتى إن كانت الحقائق غير مريحة، بحسب القاموس السياسي.

اكتسبت عبارة "قول الحقيقة كما هي" شعبيتها من أغنية روي ميلتون عام 1945، واشتهرت بعد استخدامها من قبل أيقونة النضال في الولايات المتحدة مالكوم إكس، في خطاب في 1964.

وبعد بضع سنوات أصبحت هذه العبارة شعارا يتداوله الكثير من السياسيين الأميركيين المحافظين، الداعمين لقول الأمور كما هي من دون أي اعتبار لحساسيات أو اعتبارات أخرى.

الليبراليون يدافعون عن "الصواب السياسي" للحماية من الإساءة لمجموعات معينة، وهو ما يسخر منه المحافظون الداعمون لمبدأ "قول الحقيقة كما هي" معتبرين أن قول الحقيقة كما هي لا ينقص منها شيئا.

ويرى الداعمون لقول الحقيقة كما هي أن ما يدفع به الليبراليون يضع قيودا على حرية التعبير، ويجعل من أي نقاش غير صادق، بما يعيد تشكيل الواقع بطريقة غير حقيقية، وهو ما ينظر إليه الليبراليون على أنه فتح باب للعنصرية والتعصب تحت شعار "الحرية".

وما بين "الصواب السياسي" وقول "الحقيقة كما هي" خيط رفيع جدا، بين ما هو الحقيقة المحايدة أو الرأي الذي يعبر عما يجول في عقل صاحبه. 

فهل إرجاع ماركو إليز يؤسس لخطاب يتيح الكراهية والعنصرية؟، أو أنه يمثل صفحة جديدة لحديث أكثر تسامحا؟.