الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب
الانتقال السلمي للسلطة هو التعبير النهائي عن سيادة القانون

للولايات المتحدة تاريخ طويل من الالتزام بالمبادئ الديمقراطية، فانتقال السلطة سلمياً من ركائز النظام، وعلامة على صحة الديمقراطية وسلامة عمل المؤسسات العامة.

لكن انتقال السلطة لا يتم باجتماع بروتوكولي بين الرئيس المنتخب وسلفه. بل حسب آلية ونظام محدد قانوناً: فبعد تصديق مكتب إدارة الخدمات العامة (GSA) على نتائج الانتخابات الرئاسية، تبدأ رسمياً المرحلة الانتقالية الرئاسية، وتستمر حتى يوم التنصيب في يناير، مما يسمح بالوقت للتحضير واستمرارية العمل الحكومي. وقبل الانتخابات، على كل مرشح تأليف فريقه الخاص بنقل السلطة.

انتقال للسلطة من حزب لحزب

فاز دونالد ترامب فاعترفت نائبة الرئيس كامالا هاريس بالهزيمة الانتخابية، وباحترامها لإرادة الناخبين، وقالت: "تحدثت مع الرئيس المنتخب ترامب وهنأته على فوزه. كما أخبرته أننا سنساعده وفريقه في عملية انتقال السلطة، وسنشارك في انتقال سلمي للسلطة. إن المبدأ الأساسي للديمقراطية الأميركية هو أنه عندما نخسر الانتخابات، فإننا نقبل النتائج. وهذا المبدأ، مثل أي مبدأ آخر، يميز الديمقراطية عن الملكية وعن الاستبداد".

وتحدث الرئيس جو بايدن مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب لتهنئته بفوزه ودعوته إلى البيت الأبيض. وقال بايدن:"أكدت للرئيس المنتخب أنني وجهت إدارتي بأكملها للعمل مع فريقه لضمان انتقال سلمي ومنظم للسلطة. هذا ما يستحقه الشعب الأميركي. سأقوم بواجبي كرئيس. سأفي بقسمي وسأحترم الدستور. وفي العشرين من يناير، سيكون لدينا انتقال سلمي للسلطة ".

من جهته، شدد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب على وحدة الأميركيين قائلاً:" لقد حان الوقت لنتحد. وسنحاول، وعلينا أن نحاول. وسيحدث ذلك. والنجاح سيجمعنا معاً".

انتهت الانتخابات وبدأ انتقال السلطة

طويت صفحة الانتخابات وبدأت فترة انتقال السلطة لدونالد ترامب. يشرح ويل ويسرت في أسوشيتد برس كيف ستسير الأمور خلال الـ75 يوماً القادمة قبل يوم التنصيب في 20 يناير 2025، ويضيف: "سيشكل فريق الرئيس ترامب إدارة جديدة تماماً عن إدارة الرئيس جو بايدن. كما تعهد فريق ترامب بأن الإدارة الثانية لن تشبه إلى حد كبير الإدارة الأولى التي أسسها ترامب بعد فوزه في عام 2016. والآن، على الرئيس المنتخب ملء حوالي 4000 وظيفة حكومية بتعيينات سياسية، لأشخاص تم اختيارهم خصيصاً لوظائفهم من قبل فريق ترامب. وهذا يشمل الجميع من وزير الخارجية ورؤساء الإدارات الأخرى والوزراء. يتطلب حوالي 1200 من هذه التعيينات الرئاسية موافقة مجلس الشيوخ، وهذا من المتوقع أن يكون سهلاً بعد فوز الجمهوريين بالأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي".

تسليم السلطة سلمياً.. أهم تجليات الديمقراطية

بنى جيمس ماديسون، أبُ الدستور الأميركي، نظاماً يتضمن العديد من الضوابط والتوازنات لمنع تراكم السلطة في يد واحدة أو صعود دكتاتور.

قال ماديسون: "لو كان الرجال ملائكة، لما كانت هناك حاجة إلى حكومة". فما هي أهمية الانتقال السلمي للسلطة في دولة ديمقراطية مثل الولايات المتحدة؟

يقول فيليب كراولي، مساعد وزير الخارجية في عهد أوباما، لبرنامج "عاصمة القرار" من قناة الحرّة، إن "المواطنين الأميركيين ينتظرون انتقال السلطة بسلاسة بعد كل انتخابات. وهذه واحدة من السمات المميزة للديمقراطية الأميركية، التي تم العمل بها منذ تنازل رئيسنا الأول جورج واشنطن عن السلطة. لكن الاستثناء الوحيد لهذا كان في 6 يناير 2021، وقد أضر ذلك بالتأكيد بالتصورات الدولية عن الديمقراطية الأميركية".

ويعتقد ديفيد شنكر، مساعد وزير الخارجية في عهد ترامب، أن "الانتقال السلمي للسلطة هو قيمة أساسية لنظامنا الديمقراطي، وهو يتضمن انتخابات حرة ونزيهة، تليها عملية انتقال سلمية وطوعية على أساس تلك الانتخابات. لقد كان احترام نتائج الانتخابات منذ البداية من السمات المميزة للعملية الديمقراطية الأميركية، ومن الضروري أن تستمر هذه التجربة الفريدة من نوعها مع الديمقراطية. وهذه التقاليد العريقة للانتخابات الحرة والنزيهة والانتقال السلمي للسلطة بناء على نتائج تلك الانتخابات، وهذا مهم ليس فقط لبلدنا، ولكن لنموذج الديمقراطية والحكم الديمقراطي أيضاً. إن الولايات المتحدة ليست مَلكية. نحن جمهورية دستورية وديمقراطية".

ويتبدل الرؤساء ويستمر النظام الديمقراطي جوهرة الولايات المتحدة. وها هي النائبة الجمهورية السابقة ليز تشيني، أشد معارضي ترامب، تعلن احترامها لنتائج الانتخابات وتتطلع إلى اليوم التالي رغم خوفها على الديمقراطية في عهد ترامب: "لقد قام النظام الديمقراطي في بلادنا بوظيفته ولدينا رئيس جديد مُنتخب. إن كل الأميركيين ملزمون، سواء أعجبتنا النتيجة أم لا، بقبول نتائج انتخاباتنا. وتقع علينا الآن مسؤولية خاصة، كمواطنين في أعظم أمة على وجه الأرض، في بذل كل ما في وسعنا لدعم دستورنا والدفاع عنه، والحفاظ على سيادة القانون، وضمان بقاء مؤسساتنا على مدى السنوات الأربع القادمة. يجب على المواطنين في جميع أنحاء هذا البلد، ومحاكمنا وأعضاء الصحافة وأولئك الذين يخدمون في حكوماتنا الفدرالية وحكومات الولايات والحكومات المحلية أن يكونوا الآن حواجز حماية الديمقراطية".

أميركا... بعض الانقطاعات في انتقال السلطة

في تاريخ الولايات المتحدة، كانت هناك حالات قليلة واجهت فيها عمليات انتقال السلطة الرئاسية انقطاعات أو تحديات كبيرة. بعض الحالات أحداث غير متوقعة، مثل الموت أو الاغتيال أو النزاعات السياسية، وأدّت إلى تعطيل عملية التسليم العادية. لكن هذه الحادثة شكلت سابقة "خطيرة":

عام 2021 وبعد تشكيك الرئيس دونالد ترامب بصحة انتخاب الرئيس جو بايدن. واجه انتقال السلطة تأخيرات واضطرابات شديدة بسبب الخلافات حول نتيجة الانتخابات والتعاون المحدود من الإدارة المنتهية ولايتها. وترك ترامب البيت الأبيض دون أن يُسلّم شخصياً السلطة لبايدن.

لحظة خطيرة للأمن القومي الأميركي

يتمتع الرئيس بسلطات واسعة في السياسة الخارجية الأميركية. ومن الأهمية بمكان أن يكون فريقه جاهزاً لتسلم مسؤوليات المنصب، خاصة أن هناك متطلبات إضافية ممن يتولون مراكز تتعلق بالسياسة الخارجية والأمن القومي، أهمها منحهم الأذونات الضرورية للاطلاع على أسرار الدولة، والحصول على موافقة مجلس الشيوخ.

يقول "مركز الانتقال الرئاسي" في واشنطن، إن حماية الولايات المتحدة من التهديدات الخارجية والداخلية من أهم أولويات أي إدارة رئاسية. وإن الانتقال الرئاسي يُشكل لحظة خطيرة بالنسبة للأمن القومي الأميركي لأن: البلاد معرضة للخطر بشكل خاص خلال فترة الانتقال الرئاسي. فالخصوم يختبرون سياسات البلاد ويتخذون القرارات المهمة في وقت انشغال الإدارة بتبديل الموظفين الأساسيين واتخاذ قرارات سياسية مهمة".

يقول فيليب كراولي، خلال عملي في الحكومة لمدة 30 عاماً، شاركت عدة مرات في عمليات انتقال السلطة الرئاسية. ويضيف:"هناك حوالي 80 أو 85٪ من السياسة الخارجية الأميركية لا تتغيَّر من إدارة إلى أخرى، رغم أن كلّ رئيس يأتي إلى السلطة متعهداً بالقيام بتغيير ما. وهذا ما سيفعله الرئيس ترامب بالتأكيد".

من جهته، يوضح ديفيد شنكر أنه خلال هذه الفترة تتولى فرق انتقالية "التدقيق بملفات الموظفين الرئيسيين في الإدارة المقبلة، خاصة للمناصب الرئيسة التي عادة ما تكون من مساعدي الوزير وما فوق، والتي تتطلب موافقة مجلس الشيوخ، وهي عملية طويلة وعلى عدة مراحل. ولكن في كثير من الأحيان يستخدم أعضاء مجلس الشيوخ ذلك كأداة للحصول على مكاسب معينة من الإدارة، أمور قد لا تكون متعلقة بالمرشّح أو الوظيفة، لكنها تؤخر الحصول على موافقة مجلس الشيوخ، وتؤخر بدء الإدارة الجديدة بعملها ".

إن الانتقال السلمي للسلطة ــ وخاصة من حزب سياسي إلى آخر ــ هو التعبير النهائي عن سيادة القانون. وهو "نضال مستمر من أجل روح أميركا" كما قال الرئيس جو بايدن.

ديفيد ساكس هو الرئيس التنفيذي السابق لشركة Zenefits" للبرمجيات، ومؤسس شبكة Yammer، والرئيس التنفيذي السابق لشركة Pay Pal
ديفيد ساكس هو الرئيس التنفيذي السابق لشركة Zenefits" للبرمجيات، ومؤسس شبكة Yammer، والرئيس التنفيذي السابق لشركة Pay Pal

قال الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، إنه سيعين، ديفيد ساكس، الرئيس التنفيذي السابق لشركة باي بال، ليكون "مستشار البيت الأبيض للتكنولوجيا والذكاء الصناعي والعملات الرقمية".

وفي منشور على موقعه على وسائل التواصل الاجتماعي "تروث سوشيال" قال ترامب: "يسعدني أن أعلن أن ديفيد أو. ساكس سيكون "قيصر الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة في البيت الأبيض". 

وأضاف أنه "وفي هذا الدور المهم، سيوجه ديفيد سياسة الإدارة في مجال الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة، وهما مجالان حاسمان لمستقبل القدرة التنافسية الأميركية".

ووفق ترامب،  "سيركز ديفيد على جعل أميركا القائد العالمي الواضح في كلا المجالين. وسيحمي حرية التعبير عبر الإنترنت".

وقال ترامب إن ساكس سيعمل على وضع إطار قانوني "حتى تتمتع صناعة العملات المشفرة بالوضوح الذي كانت تطلبه، ويمكنها الازدهار في الولايات المتحدة. وسيقود ديفيد أيضا المجلس الرئاسي للمستشارين للعلوم والتكنولوجيا".

وكان ترامب، الذي وصف العملات الرقمية في وقت سابق بأنها "احتيال"، قد تبنى الأصول الرقمية خلال حملته الانتخابية، واعدًا بجعل الولايات المتحدة "عاصمة العملات الرقمية في العالم"، وجمع مخزون وطني من البيتكوين.

وتجاوزت عملة البيتكوين حاجز الـ100,000 دولار لأول مرة مساء الأربعاء، وسط توقعات بأن إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، ستوفر بيئة تنظيمية مواتية لسوق العملات المشفرة.

ساكس هو أيضًا الرئيس التنفيذي السابق لشركة "زينفيتس Zenefits" للبرمجيات، ومؤسس "يامر Yammer"، وهو شبكة اجتماعية موجهة للمستخدمين في الشركات.

وزادت قيمة بتكوين بأكثر من الضعف هذا العام وارتفعت بنحو 45 بالمئة منذ فوز ترامب في الانتخابات، الذي صاحبه أيضا انتخاب عدد كبير من المشرعين المؤيدين للعملات المشفرة في الكونغرس.

وتسعى العديد من شركات العملات المشفرة، بما في ذلك "ريبل" و"كراكن" و"سيركل"، للحصول على مقعد في المجلس الاستشاري للعملات المشفرة الذي وعد به ترامب، بهدف التأثير على خططه لإصلاح سياسات الولايات المتحدة المتعلقة بالقطاع.

وقد يكون لترامب نفسه مصلحة في هذا القطاع. ففي سبتمبر، أعلن عن إطلاق عمل تجاري جديد في مجال العملات المشفرة يحمل اسم "World Liberty Financial".

وعلى الرغم من قلة التفاصيل حول المشروع، إلا أن المستثمرين اعتبروا اهتمام ترامب الشخصي بالقطاع مؤشرا إيجابيا.

وحتى الملياردير إيلون ماسك، الحليف الرئيسي لترامب، يُعد من الداعمين للعملات المشفرة.

وشهدت عملة "البيتكوين" انتعاشا سريعا بعد تراجعها إلى أقل من 16 ألف دولار في أواخر عام 2022، مدعومة بالموافقة على صناديق الاستثمار المتداولة الخاصة بعملة البتكوين المدرجة في الولايات المتحدة في يناير من هذا العام.