الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، عبر منصة "تروث سوشيال" السبت، أن وزير الخارجية السابق، مايك بومبيو، والسفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي لن يكونا ضمن تشكيلة إدارته الجديدة.

ويستعد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية 2024. ومن المقرر أن يتسلم الرئاسة رسميا في حفل تنصيبه الذي سيقام في 20 يناير المقبل، إيذانا ببدء ولايته الثانية بعد غياب دام أربع سنوات.

وقال ترامب في منشوره على "تروث سوشيال": "لقد استمتعت كثيرا بالعمل مع بومبيو وهايلي في السابق، وأشكرهما على خدمتهما للولايات المتحدة، ولكنهما لن يكونا ضمن إدارتي الجديدة".

 ويأتي هذا التصريح في الوقت الذي بدأ فيه ترامب خطواته الأولى لتشكيل فريق عمله الجديد، والذي يترقبه المراقبون عن كثب لما قد يحمله من تغييرات على المستويين المحلي والدولي.

FILE PHOTO: Republican presidential nominee former U.S. President Donald Trump campaigns in Michigan
قطاع الطاقة الأميركي.. ترامب قد ينسحب من اتفاقية باريس للمناخ
أفادت صحيفة نيويورك تايمز الجمعة أن الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب يعد أوامر تنفيذية وبيانات حول الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ وتقليص حجم بعض المعالم الوطنية للسماح بمزيد من أعمال التنقيب والتعدين.

وعرف بومبيو، وزير الخارجية السابق، هايلي السفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة، بتعاونهما الوثيق مع ترامب خلال ولايته الأولى بين عامي 2017 و2021، حيث أديا دورا محوريا في صياغة وتنفيذ سياسات خارجية تتسم بالتركيز على مصالح الولايات المتحدة. 

وقد ساهم بومبيو في صياغة استراتيجيات جديدة تجاه الصين وإيران، بينما لعبت هيلي دورا بارزا في تمثيل الإدارة أمام الأمم المتحدة وتبني سياسات حازمة تجاه القضايا الدولية.

ويرى محللون أن إعلان ترامب عن استبعاد هذين الرمزين من تشكيلته الجديدة يعكس تغييرات جوهرية في فريقه، قد تبتعد عن النهج الذي اتبعه في ولايته الأولى، حيث أشار ترامب في مناسبات عدة إلى نيته اتباع أسلوب مختلف يتماشى مع المرحلة الجديدة من التحديات الدولية، مما يستدعي وجوها جديدة وأفكارا مختلفة.

وفي ظل هذه التغيرات، تتصاعد التوقعات حول السياسات التي سيتبناها ترامب في ولايته الثانية، والتي تشمل قضايا الاقتصاد والتجارة والسياسة الخارجية والهجرة.

 ويأتي هذا فيما ينتظر الشارع الأميركي والمجتمع الدولي قرارات الإدارة القادمة، وتأثيراتها المحتملة على ملفات الحرب في الشرق الأوسط والعلاقات مع الصين وروسيا وإيران، فضلا عن السياسة الداخلية المتشددة تجاه الهجرة والتجارة.

رسائل سياسية من تصريحات الليبراليين والمحافظين . أرشيفية - تعبيرية
استقالة الموظف فتحت باب الجدل على قضية متجذرة في المجتمع الأميركي

أعاد إيلون ماسك توظيف ماركو إليز (25 عاما) في إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية، بعدما أثارت استقالته جدلا الخميس.

وأجرى ماسك استطلاعا للرأي بشأن إعادة إليز، وقال في منشور عبر منصة إكس "سيعود. كل ابن آدم خطاء، والعفو رباني"، وذلك بعد مطالبات من نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، والتي دعمها الرئيس دونالد ترامب.

فما الخطأ الذي ارتكبه إليز ودفعه للاستقالة من إدارة الكفاءة الحكومية بعد أسابيع قليلة على تعيينه؟

استقالة إليز كانت بعد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، كشفت فيه تغريدات سابقة له على حساب غير فعال، دعا فيها إلى "كراهية الهنود".

وبعد إثارة استقالته للجدل، دعا نائب الرئيس دي فانس وهو متزوج من ابنة لمهاجرين من الهند إلى إعادة الموظف لمنصبه.

وقال في منشور عبر إكس "هذه وجهة نظري: بالطبع لا أؤيد بعض منشورات إيلز، لكن لا أؤيد أن يدمر سلوك غبي عبر منصات التواصل الاجتماعي حياة فتى. لا ينبغي لنا أن نكافئ الصحفيين الذين يحاولون تدمير الناس. أبدا".

وأضاف "لذا أقول أعيدوه (لمنصبه). إذا كان شخصا سيئا أو عضو فريق فظيعا فافصلوه عن العمل لهذا السبب".

جذور الجدل

قد ينظر البعض إلى هذه الحادثة على أنها قضية تتعلق باستقالة موظف وإعادته لعمله، ولكنها تعبر قضية أعمق في المجتمع الأميركي، والتي ترتبط بمدرستين: الأولى، "الصواب السياسي"/ (Political correctness) أو (Politically correct)، والثانية "قول الحقيقة كما هي" / (Tell It Like It Is).

والصواب السياسي هو اسم "يعبر عن الأفعال التي تتجنب الإساءة للآخرين، خاصة تلك المتعلقة بالجنس، أو العرق، أو الدين أو غيرها"، بحسب معجم كامبريدج.

أما قاموس ميريام ويبستار، فيعرفه على أن أي توافق مع "الاعتقاد بأن اللغة أو الممارسات التي قد تسبب حساسيات سياسية في مسائل الجنس أو العرق يجب القضاء عليها".

وبعيدا عن تعريف المصطلح في القواميس يعبر مصطلح الصواب السياسي أو حتى يذكره البعض باسم الصوابية السياسية عن "انتقاد محاولات التيار اليساري للسيطرة على استخدام اللغة وحتى السلوك" بحسب ما يذكر كتاب "موسوعة الأخلاق التطبيقية".

ويهدف هذا المصطلح للكشف عن "الافتراضات الخفية بطريقة محايدة عند الحديث أو السلوك" في مراعاة الحساسيات عند الآخرين، وهو ما تسبب في إثارتها للجدل بسبب رفضها للمعايير المألوفة، فيما يعتبر البعض أنها مثالا للمعايير المزدوجة.

وتبسط موسوعة "بريتانيكا" شرح المصطلح بأنه أي لغة أو سلوك "يهدف إلى تقديم أقل قدر من الإساءة، وخاصة عند وصف المجموعات التي يتم تحديدها من خلال العرق أو الجنس أو الثقافة أو الميل الجنسي".

ورغم استخدامه بكثرة في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، إلا أنه ظهر لأول مرة في المفردات الماركسية اللينينية في أعقاب الثورة الروسية في 1917، إذ كان يستخدم في إطار وصل الالتزام بسياسات ومبادئ الحزب الشيوعي.

وفي أواخر السبعينيات بدأ السياسيون الليبراليون في استخدامه في إشارة إلى التطرف في بعض القضايا اليسارية، وفي أوائل التسعينيات استخدمه المحافظون في التعبير عن رفضهم لما اعتبروه تزايدا في المبادئ الليبرالية اليسارية في الجامعات والكليات في الولايات المتحدة.

أما مصطلح "قول الحقيقة كما هي" يعرفه قاموس كامبردج على أنه "وصف موقف بصراحة من دون تجنب أي تفاصيل غير سارة". 

وفي تعريف مشابه يقول قاموس ميريام ويبستار إنه يعبر عن "الحديث عن الأشياء غير المفرحة بطريقة صادقة" من دون وضع أي اعتبارات لأي أمور أخرى.

ويستخدم هذا المصطلح في وصف السياسيين أو الخبراء "الذين ينظر إليهم على أنهم صريحون وصادقون" في التواصل، وحتى إن كانت الحقائق غير مريحة، بحسب القاموس السياسي.

اكتسبت عبارة "قول الحقيقة كما هي" شعبيتها من أغنية روي ميلتون عام 1945، واشتهرت بعد استخدامها من قبل أيقونة النضال في الولايات المتحدة مالكوم إكس، في خطاب في 1964.

وبعد بضع سنوات أصبحت هذه العبارة شعارا يتداوله الكثير من السياسيين الأميركيين المحافظين، الداعمين لقول الأمور كما هي من دون أي اعتبار لحساسيات أو اعتبارات أخرى.

الليبراليون يدافعون عن "الصواب السياسي" للحماية من الإساءة لمجموعات معينة، وهو ما يسخر منه المحافظون الداعمون لمبدأ "قول الحقيقة كما هي" معتبرين أن قول الحقيقة كما هي لا ينقص منها شيئا.

ويرى الداعمون لقول الحقيقة كما هي أن ما يدفع به الليبراليون يضع قيودا على حرية التعبير، ويجعل من أي نقاش غير صادق، بما يعيد تشكيل الواقع بطريقة غير حقيقية، وهو ما ينظر إليه الليبراليون على أنه فتح باب للعنصرية والتعصب تحت شعار "الحرية".

وما بين "الصواب السياسي" وقول "الحقيقة كما هي" خيط رفيع جدا، بين ما هو الحقيقة المحايدة أو الرأي الذي يعبر عما يجول في عقل صاحبه. 

فهل إرجاع ماركو إليز يؤسس لخطاب يتيح الكراهية والعنصرية؟، أو أنه يمثل صفحة جديدة لحديث أكثر تسامحا؟.