غابرد مرشحة ترامب لقيادة الاستخبارات الوطنية
غابرد مرشحة ترامب لقيادة الاستخبارات الوطنية

اكتملت معظم التشكيلة الوزارية لإدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، والتي ستعاونه في حكم الولايات المتحدة عندما يدخل البيت الأبيض في العشرين من شهر يناير المقبل.

أسماء كثيرة، بعضها مثير للجدل، انضمت إلى التشكيلة المختارة من الرئيس بعناية، بعضها يحمل تأثيرا مباشرا في السياسة الخارجية الجديدة للبلاد، كوزير الخارجية المرشح، ماركو روبيو، ومديرة الاستخبارات الوطنية المرشحة، تولسي غابارد، ولكل منهما مواقف واضحة من تطورات المنطقة والعالم.

باري دوناديو، المحلل الأمني والسياسي وعضو سابق في الخدمة السرية الأميركية وعضو لجنة الحزب الجمهوري المركزي في ماريلاند، قال لقناة "الحرة" إن ترشيح روبيو لمنصب وزير الخارجية اختيار "جيد جدا" فهو محام وله خبرة في الكونغرس وسيتمكن التواصل مع الأميركيين وهو "يعرف ما يفعل".

أما غابارد، بحسب دونتديو، فهي قادرة على التواصل مع أعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لأنها "كانت عضوا سابقا في الحزب الديمقراطي، وخدمت في الجيش الأميركي، وهذا سيساعدها أيضا على جمع الكل".

ووصف دوناديو المرشحين بـ "النجمين" في الحزب الجمهوري ويدافعان عن سياسة الرئيس المنتخب ترامب.

وبحسب محللين فإن تعيين روبيو يعني دون شك تطبيقا صارما لسياسة الضغوط القصوى على إيران وفنزويلا، كما يشيرون إلى أن مثل هذه السياسة ستنعكس بدورها ارتفاعا في التوتر مع الصين المستفيدة الأكبر من النفطين الإيراني والفنزويلي.

نورمان رول المسؤول السابق في الاستخبارات الأميركية والباحث في مركز بلفر للعلوم والشؤون الدولية بجامعة هارفارد، قال لقناة "الحرة" إن أولويات ترامب بعد الفوز بالرئاسة كانت اختيار فريق السياسة الخارجية قبل تشكيل بقية أعضاء فريق إدارته المسؤول عن بقية الملفات.

هذه الأولوية، يضيف رول، "تعطينا فكرة عن ملامح إدارة ترامب المقبلة، إذ ستلعب السياسة الخارجية دورا أساسيا في المرحلة المقبلة بقيادة ماركو روبيو".

وذكر رول أن مديرة الاستخبارات الوطنية المرشحة تولسي غابارد لن يكون لها دور في رسم السياسة الخارجية، "بل سيقتصر على التنسيق بين المنظومة الاستخبارية وتقديم الآراء إلى أعضاء الكونغرس والرئيس دونالد ترامب".

ويشير نورمان رول إلى أن آراء غابارد وروبيو وترامب بشأن روسيا والصين وإيران تصب في مصلحة أميركا لجعلها دولة قوية، وتشديد العقوبات، والاستمرار في دعم إسرائيل وتجنب الانخراط في الحروب وإنهاء النزاعات، حسب تعبيره.

مرشح وزارة الخارجية الأميركية، سيناتور فلوريدا، ماركو روبيو انتخب عضوا في مجلس الشيوخ عام 2010، ويتبنى نهجاً صارماً في السياسة الخارجية، خاصة فيما يتعلق بالصين وإيران وكوبا.

أما غابارد فقد خدمت في الجيش الأميركي كجندية احتياط، قبل أن تفوز بعضوية مجلس النواب، وهي منشقة عن الحزب الديمقراطي وتتبنى أيضا نهجاً قويا ضدّ الصين وإيران.

في الملف الإيراني تبرز لروبيو مواقف تلو الاخرى تطالب بتكثيف الدعم لإسرائيل في مواجهة إيران والقضاء على أدواتها في المنطقة كما يصفهم.

لكن هذا التشدد في الملفات الخارجية لا ينعكس على مواقف روبيو من روسيا حيث دعا مؤخرا إلى حل الصراع بين موسكو وكييف من خلال المفاوضات، معتبرا أنه لا يمكن لأوكرانيا أن تعتمد على عودة جميع الأراضي التي احتلتها روسيا.

وكما روبيو، كذلك الأمر بالنسبة لغابارد التي أعلنت في أحدث مواقفها من روسيا أنه كان بالإمكان تفادي الحرب قامت إدارة الرئيس بايدن والناتو بمراعاة ما وصفتها بالمخاوف المشروعة لروسيا بشأن انضمام أوكرانيا المحتمل إلى الناتو.

كما تبرز مواقف غابارد في عدم التصعيد مع الصين، حيث اعتبرت أن الحرب التجارية مع الصين قد تكون مدمرة للبلدين وذلك في واحد من أحدث مواقفها.

لكن النائبة الديموقراطية السابقة متشددة في المقابل في مواقفها الداعمة لإسرائيل والمطالبة بضغوط أكبر على إيران.

رسائل سياسية من تصريحات الليبراليين والمحافظين . أرشيفية - تعبيرية
استقالة الموظف فتحت باب الجدل على قضية متجذرة في المجتمع الأميركي

أعاد إيلون ماسك توظيف ماركو إليز (25 عاما) في إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية، بعدما أثارت استقالته جدلا الخميس.

وأجرى ماسك استطلاعا للرأي بشأن إعادة إليز، وقال في منشور عبر منصة إكس "سيعود. كل ابن آدم خطاء، والعفو رباني"، وذلك بعد مطالبات من نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، والتي دعمها الرئيس دونالد ترامب.

فما الخطأ الذي ارتكبه إليز ودفعه للاستقالة من إدارة الكفاءة الحكومية بعد أسابيع قليلة على تعيينه؟

استقالة إليز كانت بعد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، كشفت فيه تغريدات سابقة له على حساب غير فعال، دعا فيها إلى "كراهية الهنود".

وبعد إثارة استقالته للجدل، دعا نائب الرئيس دي فانس وهو متزوج من ابنة لمهاجرين من الهند إلى إعادة الموظف لمنصبه.

وقال في منشور عبر إكس "هذه وجهة نظري: بالطبع لا أؤيد بعض منشورات إيلز، لكن لا أؤيد أن يدمر سلوك غبي عبر منصات التواصل الاجتماعي حياة فتى. لا ينبغي لنا أن نكافئ الصحفيين الذين يحاولون تدمير الناس. أبدا".

وأضاف "لذا أقول أعيدوه (لمنصبه). إذا كان شخصا سيئا أو عضو فريق فظيعا فافصلوه عن العمل لهذا السبب".

جذور الجدل

قد ينظر البعض إلى هذه الحادثة على أنها قضية تتعلق باستقالة موظف وإعادته لعمله، ولكنها تعبر قضية أعمق في المجتمع الأميركي، والتي ترتبط بمدرستين: الأولى، "الصواب السياسي"/ (Political correctness) أو (Politically correct)، والثانية "قول الحقيقة كما هي" / (Tell It Like It Is).

والصواب السياسي هو اسم "يعبر عن الأفعال التي تتجنب الإساءة للآخرين، خاصة تلك المتعلقة بالجنس، أو العرق، أو الدين أو غيرها"، بحسب معجم كامبريدج.

أما قاموس ميريام ويبستار، فيعرفه على أن أي توافق مع "الاعتقاد بأن اللغة أو الممارسات التي قد تسبب حساسيات سياسية في مسائل الجنس أو العرق يجب القضاء عليها".

وبعيدا عن تعريف المصطلح في القواميس يعبر مصطلح الصواب السياسي أو حتى يذكره البعض باسم الصوابية السياسية عن "انتقاد محاولات التيار اليساري للسيطرة على استخدام اللغة وحتى السلوك" بحسب ما يذكر كتاب "موسوعة الأخلاق التطبيقية".

ويهدف هذا المصطلح للكشف عن "الافتراضات الخفية بطريقة محايدة عند الحديث أو السلوك" في مراعاة الحساسيات عند الآخرين، وهو ما تسبب في إثارتها للجدل بسبب رفضها للمعايير المألوفة، فيما يعتبر البعض أنها مثالا للمعايير المزدوجة.

وتبسط موسوعة "بريتانيكا" شرح المصطلح بأنه أي لغة أو سلوك "يهدف إلى تقديم أقل قدر من الإساءة، وخاصة عند وصف المجموعات التي يتم تحديدها من خلال العرق أو الجنس أو الثقافة أو الميل الجنسي".

ورغم استخدامه بكثرة في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، إلا أنه ظهر لأول مرة في المفردات الماركسية اللينينية في أعقاب الثورة الروسية في 1917، إذ كان يستخدم في إطار وصل الالتزام بسياسات ومبادئ الحزب الشيوعي.

وفي أواخر السبعينيات بدأ السياسيون الليبراليون في استخدامه في إشارة إلى التطرف في بعض القضايا اليسارية، وفي أوائل التسعينيات استخدمه المحافظون في التعبير عن رفضهم لما اعتبروه تزايدا في المبادئ الليبرالية اليسارية في الجامعات والكليات في الولايات المتحدة.

أما مصطلح "قول الحقيقة كما هي" يعرفه قاموس كامبردج على أنه "وصف موقف بصراحة من دون تجنب أي تفاصيل غير سارة". 

وفي تعريف مشابه يقول قاموس ميريام ويبستار إنه يعبر عن "الحديث عن الأشياء غير المفرحة بطريقة صادقة" من دون وضع أي اعتبارات لأي أمور أخرى.

ويستخدم هذا المصطلح في وصف السياسيين أو الخبراء "الذين ينظر إليهم على أنهم صريحون وصادقون" في التواصل، وحتى إن كانت الحقائق غير مريحة، بحسب القاموس السياسي.

اكتسبت عبارة "قول الحقيقة كما هي" شعبيتها من أغنية روي ميلتون عام 1945، واشتهرت بعد استخدامها من قبل أيقونة النضال في الولايات المتحدة مالكوم إكس، في خطاب في 1964.

وبعد بضع سنوات أصبحت هذه العبارة شعارا يتداوله الكثير من السياسيين الأميركيين المحافظين، الداعمين لقول الأمور كما هي من دون أي اعتبار لحساسيات أو اعتبارات أخرى.

الليبراليون يدافعون عن "الصواب السياسي" للحماية من الإساءة لمجموعات معينة، وهو ما يسخر منه المحافظون الداعمون لمبدأ "قول الحقيقة كما هي" معتبرين أن قول الحقيقة كما هي لا ينقص منها شيئا.

ويرى الداعمون لقول الحقيقة كما هي أن ما يدفع به الليبراليون يضع قيودا على حرية التعبير، ويجعل من أي نقاش غير صادق، بما يعيد تشكيل الواقع بطريقة غير حقيقية، وهو ما ينظر إليه الليبراليون على أنه فتح باب للعنصرية والتعصب تحت شعار "الحرية".

وما بين "الصواب السياسي" وقول "الحقيقة كما هي" خيط رفيع جدا، بين ما هو الحقيقة المحايدة أو الرأي الذي يعبر عما يجول في عقل صاحبه. 

فهل إرجاع ماركو إليز يؤسس لخطاب يتيح الكراهية والعنصرية؟، أو أنه يمثل صفحة جديدة لحديث أكثر تسامحا؟.