الولاء الأساس في اختيارات ترامب لإدارته الثانية. أرشيفية
الولاء الأساس في اختيارات ترامب لإدارته الثانية. أرشيفية

منذ فوزه بالانتخابات في نوفمبر يواصل الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب الإعلان عن ترشيحات أعضاء إدارته المستقبلية، والتي يتعين على مجلس الشيوخ أن المصادقة على بعضها.

ومع هيمنة أغلبية جمهورية على مجلس الشيوخ الحالي، يرجح أن تكون مهمة الموافقة على هذه التعيينات سهلة.

برنامج "داخل واشنطن" الذي يقدمه، روبرت ساتلوف، بحث تركيبة إدارة ترامب في ولايته الثانية ودلالات الاختيارات.

تود غيلمان، صحفي مخضرم انضم لكلية الصحافة في جامعة أريزونا يرى أنه ليس متأكدا أن هذه الاختيارات تضم بينها "أي شخص يمثل حاجز وحماية للديمقراطية الأميركية والنظام الحكومي من ابتكارات ترامب".

وقال إن الوصف الصحيح لهذه الإدارة "موالية"، مضيفا أن الترشيح الذي قد يبدو "طبيعيا ومباشرا وقابلا للتصديق من مجلس الشيوخ هو ترشيح ماركو روبيو لوزارة الخارجية، لكنه لن يمثل حاجز حماية لأنه موال لترامب أيضا.. وآراءه في السياسة الخارجية تنسجم مع التيار العام من آراء الجمهوريين التقليديين المحافظين المتشددين في الأمن القومي".

وأضاف أن روبيو "مناهض للشيوعية بشكل خاص نظرا لأصوله الكوبية، لكنه أيضا متشدد حيال الصين ولديه آراء كثيرة تتوافق مع ترامب بشأن الشرق الأوسط. لكن أن يكون حاجز حماية فيما إذا أراد ترامب القيام بأمر غريب أو خارج تماما عن المألوف، فلست على يقين من أنه سيكون الشخص الذي يعارض ذلك".

جيسيكا تايلور، الصحفية المتخصصة بتغطية الشؤون السياسية الأميركية في" كوك بوليتيكال ريبورت" تقول إنه "لم يتضح بعد" ما إذا كانت تركيبة إدارة ترامب الثانية تتضمن شخصا يمكنه أن يمثل حاجزا لحماية الديمقراطية الأميركية.

وأضافت "لدينا مثلا سكوت بيسنت في وزارة الخزانة، والذي لا نعرف الكثير عنه، فقد عمل في الماضي مع الديمقراطيين، لكنه.. يتميز بالمرونة تجاه ترامب، أعتقد أننا سنرى ما إذا كانت الترشيحات جميعها ستحصل على المصادقة".

وأشارت تايلور إلى أن "بام بوندي المرشحة لمنصب وزير العدل بعد استقالة مات غيتز، موالية لترامب أيضا لكنها تتسم بأنها أكثر تقليدية، فهي ربما ملتزمة بنهج الحزب لكنها لن تكون مصدر إزعاج للديمقراطيين كما كان مات غيتز. وقد يتحولون إلى شخص مثل جوني إرنست عضوة مجلس الشيوخ من آيوا، لكننا لا ندري بعد".

وتعتقد أن "أن الأشخاص الذين خالفوا الأعراف حتى الآن مثل روبرت ف. كينيدي مرشح وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، وكذلك تولسي غابارد المرشحة لإدارة الاستخبارات الوطنية، هؤلاء هم من يثيرون المخاوف أكثر من غيرهم".

وترجح أن مرشحين لمناصب "آخرين مثل كريستي نويم المرشحة لوزارة الأمن الداخلي تعد خيارا تقليديا فهي حاكمة ولاية وعضو سابق في مجلس النواب، كما انها ستقوم بتعزيز سياسات ترامب بلا شك. لكن رؤية ترامب للعالم مختلفة عن الرؤساء السابقين بكل تأكيد، ومهمة مجلس الوزراء تنفيذ ما يريده الرئيس".

ترشيحات "معرقلة"!!

تولسي غابارد

من جانبه يرى جوش كروشاور، وهو رئيس تحرير موقع "جويش إنسايدر" أن "هناك العديد من المرشحين الذين يمكن اعتبارهم معرقلين، وهم أشخاص لا يملكون الخبرة المطلوبة، مثل تولسي غابارد التي امتدحت بشار الأسد وزارت سوريا وامتدحت أو على الأقل دافعت عن بوتين عقب غزوه أوكرانيا".

وزاد أن "جلسات المصادقة بشأن هؤلاء الأشخاص ستوضح موقف الحزب الجمهوري واستعداده لمراقبة الإدارة في المجالات التي يختلفون فيها".

وفيما يتعلق بترشيح روبرت ف. كينيدي الابن "فقد تسبب آراؤه اليسارية مشاكل مع عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، وهو يعد بالإخلال بعمل وزارة الصحة والخدمات الإنسانية وعرقلته في حال المصادقة على ترشيحه" بحسب كروشاور.

ويرى أنه من الصحيح أن نصف الأسماء التي تم ترشيحها بـ " الموالين، لكن بكل صدق، كل رئيس يختار الموالين له مع وجود القليل من الاستثناءات.. ليست بالأمر الغريب ولا يعرقل النظام، كما أنه لا يختلف كثيرا عما رأيناه في الماضي".

وأكد كروشاور أنه "يمكننا القول إن مجلس وزراء ترامب الأول، نظرا لكونه حديث العهد في واشنطن، كانوا غير موالين له، فقد قاموا بتسريب المعلومات والعمل ضد مصلحته خلف الكواليس، وهذا ما دفعه لاختيار هذه المجموعة من التنفيذيين في وزارته الجديدة هذه".

وعبر عن مفاجأته من "اختياره مجموعة من المحافظين التقليديين، ومنهم روبيو ومايك والتز الذي يعتبر واحدا من أهم الأصوات في مجال الأمن القومي التي سيسمعها الرئيس المنتخب، وهو أحد المشرعين الذين يحظون باحترام واسع في مجال الأمن القومي في مجلس النواب".

حركة "ماغا"

كينيدي جونيور مرشح ترامب لوزارة الصحة - رويترز

ويتفق الكاتب غليمان مع فكرة أن "الرؤساء بشكل عام يختارون الأشخاص الموالين والمخلصين لهم، لكن قبل ترامب، لم يكن هناك اختلاف بين تجاوز الولاء الشخصي للرئيس، وبين الالتزام واحترام الدستور وحكم القانون وأعراف الديمقراطية الأميركية".

وتابع أنه عندما يفكر بـ "كلمة الولاء فيما يخص اختيارات ترامب، فهو ولاء يصل إلى حد الإقصاء المحتمل للأطراف الأخرى. الشيء الأهم هو الولاء، وعالم (ماغا) سعيد بهذه الاختيارات التقليدية للسياسة الخارجية والأمن القومي".

و"ماغا" اختصار لشعار "فلنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" الذي رفعه الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، عنوانا لحملته الانتخابية عام 2016.

ويعتقد غيلمان أن ما يهم "ماغا" هو "التفوق على الليبراليين، وهم مستعدون لقبول ترشيح روبرت ف. كينيدي الابن وسياساته التقدمية لأنه مناهض للقاحات ولأنه متمرد على التقاليد في نواحٍ كثيرة. وهناك الكثير من الآراء لديه والتي تتفق تماما مع العرف، فهو قلق حيال المضافات الغذائية، وهو ما يجب علينا جميعا أن نقلق حياله، كما يجب علينا القلق حيال الآثار الجانبية للقاحات، لكنه يتمادى بهذا الشأن".

شؤون عائلية

وتحدث الصحفي كروشاور عن ترشيحات ترامب السياسية، ووجود أنسبائه ضمن تشكيلة إدارته، وقال إنه بالنسبة لـ "ترامب فهو يعتبر شؤونه الشخصية شؤونا عائلية، وقد رأيناه خلال فترته الرئاسية الأولى يعتمد على أفراد عائلته الأمر الذي كان غير معتاد إطلاقا في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري قبل عدة أشهر".

وأضاف أنه "إذا نظرنا إلى المتحدثين رفيعي المستوى الذين شهدوا حول مؤهلات ترامب كرئيس، نجد أنهم من أفراد الأسرة مثل لارا ترامب زوجة ابنه. من اللافت الحديث عن هذين المنصبين، كان والد زوج تيفاني ترامب حلقة الوصل مع المجتمع الأميركي من أصول عربية خلال الحملة الانتخابية وكان فعالا جدا، إذا نظرت إلى نتائج الانتخابات في المجتمعات التي أدار حملته فيها، وأعتقد أن هذا المنصب يعد مكافأة على عمله خلال الحملة. لكن آراءه بالنسبة للشرق الأوسط تتعارض مع أشخاص آخرين من عائلته مثل جاريد كوشنر أو والده المرشح لمنصب السفير في فرنسا".

ويرى كروشاور أنه هناك "العديد من أفراد العائلة أو المقربين ممن هم مؤيدون تماما لإسرائيل ولديهم آراء مختلفة جدا، وكانت مواقفهم وخطاباتهم مختلفة تماما حيال هذه القضايا، لذا سيكون من اللافت معرفة من سيستمع إليهم من العائلة لأنني أعتقد أنه قد أنشأ بالفعل فريقا من المنافسين في مجلس الوزراء، ولدينا الآن فريق من الخصوم فيما يتعلق بالشرق الأوسط ضمن عائلة ترامب الممتدة بعد هذه الانتخابات".

ويعتقد "والد جاريد كوشنر حصل على عفو من ترامب بعد أن أدين بالتهرب الضريبي وحاول التلاعب لإدانة شخص آخر، وفيما يتعاظم الانتقاد حيال الرئيس جو بايدن لإصدار عفو عن ابنه هانتر، نرى أن ترامب أصدر عفوا عن رجل آخر مدان بجرائم خطرة من عائلته".

وبشأن تعيينات مناصب سفراء الولايات المتحدة، يقول كروشاور إنه "لا يعين فيها بالضرورة أشخاصا من الموالين، لكنها تمنح عادة لكبار المانحين وما إلى ذلك، لذا برأيي أن اختيار كوشنر ليس فقط تعيين فرد من العائلة، بل أيضا شخص تم العفو عنه بعد أن أدين بجريمة فيدرالية".

كندا والمكسيك

وفيما يتعلق بنية ترامب فرض رسوم جمركية ليس على الصين فقط، بل على كندا والمكسيك أيضا، تعتقد الكاتبة تايلور أنه "يحاول أن يبدو بمظهر القوي من خلال القول إنه يجب فرض هذه الرسوم على تلك الشركات، في محاولة لحماية شعار (أميركا أولا)، لكن هذا الإجراء أيضا سيكوم مخالفا لاتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا)، والتي أعاد صياغتها خلال فترته الرئاسية".

ولفتت إلى أن خبراء اقتصاديين يحذرون من اتخاذ هذه الخطوة، والأثر الذي قد تحدثه على الأسعار بشكل فوري وخاصة الإلكترونيات والمستحضرات الدوائية، وقد يكون هذا إنذارا هاما للكثير من الناس الذين صوتوا لترامب وهم يتوقعون انخفاض الأسعار.

وترى تايلور أن "ترامب ليس رجلا اقتصاديا، لكنه يقوم بهذه الإعلانات الهامة التي يظن أنها تبدو جيدة، وستظهر قوة أميركا، لكن عندما يتعلق الأمر بالتفاصيل، وعندما ننظر إلى العالم الذي تحكمه التجارة الحرة، أعتقد ان الناس سيكونون أكثر انفتاحا تجاه فرض الرسوم على الصين، لكن الأمر سيكون مختلفا تماما عندما يتعلق بجيراننا هنا في أميركا الشمالية".

من جانبه يرى الأكاديمي والكاتب، غيلمان أن هذه الاقتراحات بفرض رسوم جمركية مرتفعة ليست سوى مناورات افتتاحية من عدة نواح، فيما يتعلق بالصين لدينا مشاكل تجارية مشروعة، فهم يتخلصون من الألواح الشمسية ذات الأهمية الكبيرة، كما سمعنا للتو خلال الأيام القليلة الماضية أنهم سيردون من خلال حجب بعض المواد والمعادن الهامة المستخدمة في قطاع صناعة أشباه الموصلات الأميركي النامي.

وقال إن "ترامب لم يفكر مليا بالأمر، فهذه ليست حربا من طرف واحد حيث نملك وحدنا الأسلحة والأدوات. هناك العديد من القضايا مع الصين ومعظمها متعلقة بالتجارة، أما المشاكل مع المكسيك فهي ليست ذات صلة بالتجارة، بل هي مناورة افتتاحية للضغط على تحالف الرئيسة الجديدة لتشديد الرقابة على الحدود والمساعدة والتعاون في أي إجراءات قاسية ينوي ترامب اتخاذها لتنفيذ اعتقالات وترحيلات جماعية، فهو سيحتاج إلى تعاون المكسيك لترحيل ملايين الأشخاص".

ويعتقد غيلمان أن "فكرة فرض الرسوم الجمركية المرتفعة ليست سوى غطاء بسبب الرسوم الجمركية المرتفعة المقترح فرضها على المكسيك، لكنه يفتعل المشاكل على كل جبهة ممكنة".

ترحيل المهاجرين

تقديرات غير رسمية بهجرة ألاف الأردنيين للولايات المتحدة منذ بداية 2024. أرشيفية - تعبيرية

بدوره ورجح كروشاور أن يكون ملف ترحيل المهاجرين من الولايات المتحدة من "من أهم الأولويات خلال المئة يوم الأولى. وهي الفترة التي يتمتع بها الرئيس المنتخب بالزخم التشريعي الأكبر".

ويرى أن اختيار توم هومان كقيصر للحدود إشارة إلى كيفية مضي ترامب بالأمر، فيما سيعمل البيت الأبيض من خلال ستيفن ميلر الذي كان واحدا من أكثر المدافعين والمطالبين بالتشديد في مسألة الهجرة في تلك الدائرة الضيقة.

هومان شغل ذات المنصب خلال ولاية ترامب الرئاسية الأولى
"قيصر الحدود" يرحب باستخدام الأرض التي منحتها تكساس لتنفيذ خطط الترحيل
قال توم هومان مرشح دونالد ترامب لتولي رئاسة الوكالة المسؤولة عن مراقبة الحدود والهجرة (آي سي إي) إن الإدارة الأميركية الجديدة ستستخدم الأراضي التي تعهدت ولاية تكساس بمنحها لصالح خطة الهجرة وبرنامج الترحيل.

وبشأن المخاوف من إعادة حظر دخول الأشخاص القادمين من دول ذات أغلبية مسلمة، والتي فرضت في إدارة ترامب الأولى قال كروشاور إنه "لا يعتقد أننا سنرى صيغة واضحة"، وهو يرجح أن هناك "دعما شعبيا"، يتضح ذلك من خلال التظاهرات المناهضة لإسرائيل في الجامعات.

رسائل سياسية من تصريحات الليبراليين والمحافظين . أرشيفية - تعبيرية
استقالة الموظف فتحت باب الجدل على قضية متجذرة في المجتمع الأميركي

أعاد إيلون ماسك توظيف ماركو إليز (25 عاما) في إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية، بعدما أثارت استقالته جدلا الخميس.

وأجرى ماسك استطلاعا للرأي بشأن إعادة إليز، وقال في منشور عبر منصة إكس "سيعود. كل ابن آدم خطاء، والعفو رباني"، وذلك بعد مطالبات من نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، والتي دعمها الرئيس دونالد ترامب.

فما الخطأ الذي ارتكبه إليز ودفعه للاستقالة من إدارة الكفاءة الحكومية بعد أسابيع قليلة على تعيينه؟

استقالة إليز كانت بعد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، كشفت فيه تغريدات سابقة له على حساب غير فعال، دعا فيها إلى "كراهية الهنود".

وبعد إثارة استقالته للجدل، دعا نائب الرئيس دي فانس وهو متزوج من ابنة لمهاجرين من الهند إلى إعادة الموظف لمنصبه.

وقال في منشور عبر إكس "هذه وجهة نظري: بالطبع لا أؤيد بعض منشورات إيلز، لكن لا أؤيد أن يدمر سلوك غبي عبر منصات التواصل الاجتماعي حياة فتى. لا ينبغي لنا أن نكافئ الصحفيين الذين يحاولون تدمير الناس. أبدا".

وأضاف "لذا أقول أعيدوه (لمنصبه). إذا كان شخصا سيئا أو عضو فريق فظيعا فافصلوه عن العمل لهذا السبب".

جذور الجدل

قد ينظر البعض إلى هذه الحادثة على أنها قضية تتعلق باستقالة موظف وإعادته لعمله، ولكنها تعبر قضية أعمق في المجتمع الأميركي، والتي ترتبط بمدرستين: الأولى، "الصواب السياسي"/ (Political correctness) أو (Politically correct)، والثانية "قول الحقيقة كما هي" / (Tell It Like It Is).

والصواب السياسي هو اسم "يعبر عن الأفعال التي تتجنب الإساءة للآخرين، خاصة تلك المتعلقة بالجنس، أو العرق، أو الدين أو غيرها"، بحسب معجم كامبريدج.

أما قاموس ميريام ويبستار، فيعرفه على أن أي توافق مع "الاعتقاد بأن اللغة أو الممارسات التي قد تسبب حساسيات سياسية في مسائل الجنس أو العرق يجب القضاء عليها".

وبعيدا عن تعريف المصطلح في القواميس يعبر مصطلح الصواب السياسي أو حتى يذكره البعض باسم الصوابية السياسية عن "انتقاد محاولات التيار اليساري للسيطرة على استخدام اللغة وحتى السلوك" بحسب ما يذكر كتاب "موسوعة الأخلاق التطبيقية".

ويهدف هذا المصطلح للكشف عن "الافتراضات الخفية بطريقة محايدة عند الحديث أو السلوك" في مراعاة الحساسيات عند الآخرين، وهو ما تسبب في إثارتها للجدل بسبب رفضها للمعايير المألوفة، فيما يعتبر البعض أنها مثالا للمعايير المزدوجة.

وتبسط موسوعة "بريتانيكا" شرح المصطلح بأنه أي لغة أو سلوك "يهدف إلى تقديم أقل قدر من الإساءة، وخاصة عند وصف المجموعات التي يتم تحديدها من خلال العرق أو الجنس أو الثقافة أو الميل الجنسي".

ورغم استخدامه بكثرة في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، إلا أنه ظهر لأول مرة في المفردات الماركسية اللينينية في أعقاب الثورة الروسية في 1917، إذ كان يستخدم في إطار وصل الالتزام بسياسات ومبادئ الحزب الشيوعي.

وفي أواخر السبعينيات بدأ السياسيون الليبراليون في استخدامه في إشارة إلى التطرف في بعض القضايا اليسارية، وفي أوائل التسعينيات استخدمه المحافظون في التعبير عن رفضهم لما اعتبروه تزايدا في المبادئ الليبرالية اليسارية في الجامعات والكليات في الولايات المتحدة.

أما مصطلح "قول الحقيقة كما هي" يعرفه قاموس كامبردج على أنه "وصف موقف بصراحة من دون تجنب أي تفاصيل غير سارة". 

وفي تعريف مشابه يقول قاموس ميريام ويبستار إنه يعبر عن "الحديث عن الأشياء غير المفرحة بطريقة صادقة" من دون وضع أي اعتبارات لأي أمور أخرى.

ويستخدم هذا المصطلح في وصف السياسيين أو الخبراء "الذين ينظر إليهم على أنهم صريحون وصادقون" في التواصل، وحتى إن كانت الحقائق غير مريحة، بحسب القاموس السياسي.

اكتسبت عبارة "قول الحقيقة كما هي" شعبيتها من أغنية روي ميلتون عام 1945، واشتهرت بعد استخدامها من قبل أيقونة النضال في الولايات المتحدة مالكوم إكس، في خطاب في 1964.

وبعد بضع سنوات أصبحت هذه العبارة شعارا يتداوله الكثير من السياسيين الأميركيين المحافظين، الداعمين لقول الأمور كما هي من دون أي اعتبار لحساسيات أو اعتبارات أخرى.

الليبراليون يدافعون عن "الصواب السياسي" للحماية من الإساءة لمجموعات معينة، وهو ما يسخر منه المحافظون الداعمون لمبدأ "قول الحقيقة كما هي" معتبرين أن قول الحقيقة كما هي لا ينقص منها شيئا.

ويرى الداعمون لقول الحقيقة كما هي أن ما يدفع به الليبراليون يضع قيودا على حرية التعبير، ويجعل من أي نقاش غير صادق، بما يعيد تشكيل الواقع بطريقة غير حقيقية، وهو ما ينظر إليه الليبراليون على أنه فتح باب للعنصرية والتعصب تحت شعار "الحرية".

وما بين "الصواب السياسي" وقول "الحقيقة كما هي" خيط رفيع جدا، بين ما هو الحقيقة المحايدة أو الرأي الذي يعبر عما يجول في عقل صاحبه. 

فهل إرجاع ماركو إليز يؤسس لخطاب يتيح الكراهية والعنصرية؟، أو أنه يمثل صفحة جديدة لحديث أكثر تسامحا؟.