أعلن مسؤول أمني كبير في اليمن مقتل 30 عنصرا من القاعدة يوم الأربعاء في غارات على منطقة عزان في محافظة شبوة بجنوب شرق اليمن، فيما أفاد مصدر قبلي أن الغارات نفذتها طائرة أميركية بدون طيار.
وقال العميد أحمد المقدشي مدير أمن محافظة شبوة في تصريح نشره موقع "26 سبتمبر" التابع لوزارة الدفاع إن "المعلومات الأولية تشير إلى مقتل 30 إرهابيا وإصابة العشرات بجراح" في هذه الضربات.
وأوضح المقدشي أن قتلى القاعدة سقطوا في "ضربتين جويتين استهدفت الأولى مبنى فيه مجموعة كبيرة من الإرهابيين والثانية استهدفت مجموعة أخرى في نقطة بمفرق عزان ـ الحوطة".
وأكدت مصادر عسكرية أخرى أن الضربات تأتي في إطار استهداف مقاتلي القاعدة الذين فروا إلى عزان التي أعلنها تنظيم القاعدة "إمارة" له.
وكان مئات المسلحين المتطرفين الذين انسحبوا من محافظة أبين المجاورة مع سيطرة الجيش اليمني على مدينتي زنجبار وجعار أمس الثلاثاء قد فروا إلى عزان كما قال سكان في المنطقة.
وقال أحد السكان إنه سمع "دوي انفجارين قويين" صباح الأربعاء، كما شاهد العشرات من السكان يغادرون المدينة.
وتعتبر محافظة شبوة الصحراوية معزولة وتتمتع فيها القاعدة بحماية جغرافية وتغطية قبلية.
ويرى مراقبون أنه بعد طرد القاعدة من معظم أنحاء محافظة ابين، قد تنتقل الحرب على التنظيم إلى شبوة.
يذكر أن وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا كان قد أعلن نهاية الشهر الماضي أن بلاده تشن غارات بواسطة طائرات من دون طيار على تنظيم القاعدة في اليمن وهي عازمة على متابعة هذه الغارات.
ويعمل في اليمن عدد من الخبراء العسكريين الأميركيين الذين يساعدون القوات اليمنية على إدارة الحرب على القاعدة في الجنوب والشرق.
وكان الجيش اليمني قد أعلن أمس الثلاثاء استعادة السيطرة على زنجبار عاصمة محافظة أبين الجنوبية وعلى مدينة جعار المجاورة بعد شهر من إطلاق حملة كبيرة لتحرير المحافظة من تنظيم القاعدة.
ويشكل انسحاب مسلحي القاعدة من المدينتين وضواحيهما تحت وطأة المعارك انجازا كبيرا للإدارة اليمنية الجديدة برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وأكد مصدر محلي يوم الأربعاء أن الجيش اقام حواجز عسكرية على مداخل جعار وزنجبار، عاصمة أبين التي كانت قد سقطت في يد القاعدة في نهاية مايو/أيار من العام الماضي قبل أن تستردها قوات الجيش أمس.
وذكر المصدر أن الاشتباكات مستمرة يوم الأربعاء في محيط مدينة شقرة الساحلية القريبة من جعار، وهي آخر معقل للقاعدة في محافظة ابين.
وما زال عدد من المسلحين يتحصنون في هذه المدينة فيما أكد المصدر المحلي أن الجيش يحاصرها من ثلاث جهات فيما تتركز المعارك في شرق شقرة وفي جبل العرقوب المطل عليها.
وكانت القاعدة استفادت من ضعف سيطرة الدولة والاحتجاجات ضد نظام الرئيس اليمني السابق لفرض سيطرتها على مناطق واسعة من جنوب اليمن.
وشنت القوات اليمنية حملة شاملة في 12 مايو/أيار بهدف استعادة بلدات ومدن ابين التي وقعت في أيدي القاعدة خلال العام الماضي.
ومنذ بدء الحملة، قتل 515 شخصا طبقا لاحصاءات وكالة الصحافة الفرنسية المستمدة من مصادر مختلفة.
ومن بين هؤلاء القتلى 394 من مقاتلي القاعدة و76 جنديا و26 مسلحا تابعين للجيش و19 مدنيا.
معاداة السامية في أميركا... من أين جمع إلياس رودريغيز مصادر كراهيته؟
رامي الأمين
22 مايو 2025
Share on Facebook
Share on Twitter
Share on WhatsApp
اختار إلياس رودريغز تجمعاً من أربعة أشخاص خارج المتحف اليهودي في واشنطن، وأطلق عليهم النار ليقتل رجلاً وامرأة يعملان في السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأميركية.
لم يكن اختياره للمكان عبثياَ، ولا يخفي الاختيار تقصّد رودريغز استهداف يهود خارج متحف يهودي.
أعلن رودريغيز عن رسالة سياسية حينما هتف "الحرية لفلسطين"، بعد أن نفذ جريمته الدموية، لكن فعله أعاد النقاش حول معاداة السامية في الولايات المتحدة إلى الواجهة، خصوصا أن الجريمة، حملت إلى جانب البصمات السياسية، بصمات أيديولوجية يسارية متطرفة.
شهد العامان الماضيان ارتفاعاً مقلقاً في مستويات معاداة السامية في الولايات المتحدة، بعد هجوم السابع من أكتوبر الدموي الذي شنته حركة "حماس" ضد إسرائيل. وبحسب إحصاءات لـ"رابطة مكافحة التشهير"، شهد العامان ٢٠٢٣ و٢٠٢٤، زيادة كبيرة في أعداد حوادث معاداة السامية الموثقة، كما شهد العقد الأخير زيادة بنسبة ٨٩٣٪ في حوادث معاداة السامية.
ومع أن معاداة السامية، تُنسب بداياتها في أميركا إلى العام ١٨٧٧، عندما رُفض دخول المصرفي اليهودي جوزيف سيليغمان إلى فندق في ساراتوغا سبرينغز في ولاية يوتا، إلا أن المؤرخ جوناثان دي سارنا يؤكد أن المشاعر المعادية لليهود كانت موجودة من قبل، وأنها كانت حاضرة في التاريخ الأميركي المبكر، وكانت أكثر انتشاراً مما يُعتقد.
ويدعو المؤرخ الأميركي إلى إعادة تقييم موضوعية وشاملة للتاريخ اليهودي الأميركي، تعترف بوجود معاداة السامية كعنصر دائم الحضور، وليس ظاهرة متأخرة أو هامشية.
أما كيفية تمظهر معاداة السامية في الولايات المتحدة، فيستعرضها كل من الباحثين ديفيد آر. هودج وستيفاني كلينتونيا بودي في ورقة بحثية منشورة.
فمعاداة السامية، "متجذرة في صور نمطية قديمة وتفاعلات القوى بين الأقليات والأغلبية"، بحسب الباحثة والباحث، وهي "تتفاقم بفعل الحسد الاجتماعي، والمعلومات الخاطئة، وانتشار الكراهية عبر الإنترنت، وخصوصا في الـ"دارك ويب". ولا يغفل الباحثان تمظهرها، بأشكال مختلفة عبر "الطيف السياسي".
ويلاحظ كل من الباحث والباحثة، في الدراسة المنشورة قبل السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، أن هناك خلطا أحيانا بين انتقاد إسرائيل سياسياً ومعاداة السامية، لكنهما يشيران إلى أن "معاداة الصهيونية تستخدم كقناع لمشاعر عدائية تجاه اليهود"، وأن "العديد من الخطابات المعادية لإسرائيل تكرر رموزًا وسرديات تقليدية معادية للسامية".
موقع "الحرة" سأل المؤرخ الآميركي جيفري هيرف عن قراءته للحادثة.
تحظى أبحاث هيرف بتقدير نقدي واسع لما تتسم به من دقة بحثية وعمق تحليلي، وفضلا عن كونه متخصصا في أشكال من معاداة السامية المستندة الى خلفيات أيديولوجية مختلفة ومتباينة وتشابكها المعقد.
هيرف يرى أن الجريمة التي وقعت في واشنطن هي بوضوح من أعمال معاداة السامية وكراهية اليهود. يصفها هيرف بأنها "مجزرة فردية" أو نسخة حديثة من "صيد اليهود"، شبيهة بروح الجرائم النازية التاريخية.
ويقرأ هيرف في الخلفيات الأيدولوجية لإلياس رودريغز، المرتبط بحزب ماركسي-لينيني يُعرف باسم "حزب الاشتراكية والتحرير"، ما يشير بحسب هيرف إلى أن "معاداة السامية اليسارية، وليست فقط اليمينية أو الإسلاموية، يمكن أن تدفع نحو العنف".
وربما يكون هيرف أبرز من وضع تصنيفات تفصيلية لظاهرة معاداة السامية عالمياً في دراساته وكتاباته. وهو يتحدث عن وجوه ثلاثة لمعاداة السامية. وعلى الغالب بحسب المتوفر من معلومات حول منفذ هجوم واشنطن، فإن الياس رورديغز يمثل الوجه الثاني بحسب تصنيف هيرف وهو "الهجمات اليسارية العلمانية على إسرائيل".
يذهب هيرف إلى أن هذا الشكل من معاداة السامية يُقرن اليهود بالنظام الرأسمالي، ويظهر في صورة هجومية شرسة ضد دولة إسرائيل.
ويُعد من أفكار هيرف المركزية والجريئة القول بأن معاداة الصهيونية ومعاداة السامية مترابطتان بشكل لا يقبل الفصل. ويُجادل بأن ما يُقدَّم غالبًا كـ"نقد سياسي مشروع" للصهيونية يخفي في حقيقته عداءً عميقًا لليهود، وذلك لإكساب هذا الخطاب غطاءً من الشرعية.
أما الوجهان الآخران لمعاداة السامية، بحسب تصنيف هيرف، فهما الشكل التقليدي والأكثر وضوحاَ تاريخياً لمعاداة السامية، في السرديات النازية واليمينية المتطرفة، التي كانت أفكارها وتصوراتها المحرّك الأساسي لمشروع الإبادة الجماعية النازي خلال الهولوكوست.
ورغم أنّ هذا النمط العلني من "كراهية اليهود الرجعية" فقد الكثير من شرعيته المجتمعية في أوروبا والولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أن أفكاره، بحسب هيرف، الجوهرية لا تزال حاضرة في حركات النازيين الجدد وغيرها من تيارات اليمين المتطرف.
الوجه الثالث يتمثل في ما يسميه بـ"الاعتداءات الإسلاموية"، وهو نمط "آخذ في التصاعد، ويستند إلى تأويلات معينة للتراث الإسلامي في القرن العشرين، ويوجه العداء تجاه اليهود واليهودية ودولة إسرائيل.
ويتتبع هيرف أصول هذا الخطاب، مبرزًا التعاون المبكر بين بعض التيارات الإسلامية وألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية. ويلاحظ استمرار هذا النهج في العالم العربي، خصوصًا في ميثاق حركة حماس لعام 1988، ويعدّ هجوم 7 أكتوبر 2023 على إسرائيل ذروة هذا التيار.
ويصف هيرف هذا النمط بأنه "أخطر وأشد الأوجه تأثيرًا في كراهية اليهود المعاصرة".
يربط هيرف في حديثه مع موقع "الحرة" الجريمة بـ"الخطاب الراديكالي المنتشر في الجامعات الأميركية"، مشيراً إلى أن شعارات مثل "من النهر إلى البحر، فلسطين حرة" مهّدت لأعمال كهذه. ويحذّر هيرف من أن البيئة الجامعية ساهمت أيديولوجياً في تغذية الهجوم.
ويعكس هذا الهجوم، كما يلاحظ هيرف، اندماجاً أيديولوجياً بين معاداة السامية الدينية الاسلامية المتطرفة واليسارية الراديكالية.
ويشير هيرف إلى ميثاق حماس لعام 1988، معتبراً إياه وثيقة دينية صريحة تُعلن الحرب على اليهود، وليس فقط على الصهاينة، وانتقد تجاهل الغرب لها.
ويُولي هيرف اهتمامًا خاصًا لمفهوم "التلقيح المتبادل" بين وجوه معاداة السامية، لاسيّما حين بدأت الأيديولوجيتان اليسارية والإسلاموية في دمج معاداة السامية بمعاداة الصهيونية بعد عام 1945. وبالتالي قد تكون الجريمة التي شهدتها واشنطن نتاج هذا التلقيح المتبادل، إذا ما تبين أن لرودريغز تأثر بأفكار "حماس"، أو أي تنظيمات إسلامية أخرى.
يشدد هيرف في حديثه مع "الحرة" على أن معاداة السامية "لا تضر اليهود فقط، بل تدمر المجتمعات العربية أيضاً، إذ تؤدي إلى نشوء أنظمة فاشلة سياسياً واقتصادياً مثل نظام الأسد، وحماس في غزة، والنظام الإيراني، بسبب رؤى مشوهة للواقع".
ويؤكد هيرف على أن التركيز الأكاديمي على معاداة السامية النازية وارتكابها الهولوكوست لا غنى عنه، لكن التصدي الفعّال لأشكال معاداة السامية المعاصرة يقتضي دراسة معمّقة لأشكالها اليسارية والإسلاموية كذلك.