"المذبحة يجب أن تتوقف"، هكذا وصف مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك الخميس الماضي ما فعلته غارات الطيران الروسي والسوري على إدلب، لكن المذبحة لم تتوقف.
آخر المجازر كانت الاثنين، حين قتل أكثر من 40 مدنيا في قصف استهدف سوقا لبيع الخضار في معرة النعمان.
وأتى الهجوم الأخير بعد أيام من لقاء مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو حيث بحثا "ضرورة استقرار الوضع في إدلب والمضي قدما بتشكيل اللجنة الدستورية"، ثم زيارته لدمشق.
ومنذ نهاية أبريل الماضي، صعد الطيران الروسي والسوري من عمليات القصف في منطقة إدلب التي يعيش فيها نحو ثلاثة ملايين نسمة في شمال غرب سوريا، على الرغم من اتفاق يقضي بتجنب هجوم كبير للنظام.
ودفع التصعيد أيضا أكثر من 330 ألف شخص إلى النزوح من مناطقهم، وفق الأمم المتحدة التي أحصت تعرّض أكثر من 25 مرفقا طبيا لقصف جوي منذ نهاية أبريل.
ومن ضمن المواقع التي قصفت، مستشفيات ومنشآت صحية، بما في ذلك قصف المستشفى الوطني في معرة النعمان الذي يعد واحدا من الأكبر في المنطقة ووردت إحداثياته في "آلية خفض النزاع" للأمم المتحدة التي تهدف إلى تجنيب المدنيين القصف.
ويقول عضو الهيئة السياسية في الائتلاف السوري الوطني ياسر الفرحان لـ"موقع الحرة" إن "الروس استغلوا الإحداثيات التي وزعتها الأمم المتحدة في قصف المشافي بشكل متعمد للانتقام من السوريين".
الصمت الدولي
ونددت منظمات سورية غير حكومية بتقاعس المجتمع الدولي بمواجهة تصعيد النظام السوري وحليفته روسيا في محافظة إدلب.
وقال رئيس الخوذ البيضاء رائد الصالح لـ"موقع الحرة": "أتمنى أن أعرف لماذا المجتمع الدولي مصاب بالشلل وساقط في الإحساس بالأزمة في إدلب، المنظمات الدولية لديها أكثر من مليون دليل على الانتهاكات الروسية والسورية للقانون الدولي، لكن أين تحرك المجتمع الدولي؟".
ويرى الفرحان أنه لا توجد إرادة حقيقية من المجتمع الدولي لمعاقبة النظام السوري وروسيا وإيران على هذه الانتهاكات الإنسانية".
عرض معرض كاملروسيا تجهض المساعي الدولية
واعترضت روسيا الخميس على نص لمجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف الهجمات على المنشآت الطبية في منطقة إدلب في سوريا، حسبما ذكر دبلوماسيون بعد اجتماع للمجلس حول أعمال عنف في آخر معقل للمعارضة في هذا البلد.
وكان هذا الاجتماع الذي عقد بطلب من الكويت وألمانيا وبلجيكا، واحدا من اجتماعات عدة أخرى دعت إليها الدول الثلاث منذ مايو، في مواجهة اشتداد المعارك في شمال غرب سوريا.
ويقول رئيس الخوذ البيضاء رائد الصالح لـ"موقع الحرة" إن "روسيا تلعب دور العصابة، فهي لا تلتزم بأي قانون دولي ولا إنساني، لأن لديها حق النقض (الفيتو) واستخدمته أكثر من 30 مرة دفاعا عن الأسد وإيران في سوريا".
وأضاف: "إذا أراد المجتمع الدولي حل الأزمة الإنسانية في سوريا بحق، فيجب عليه أن يبحث عن خيارات أخرى خارج مجلس الأمن الذي تعطله روسيا".
عضو الهيئة السياسية في الائتلاف السوري الوطني ياسر الفرحان فاقترح "أن تقدم مشاريع القرارات في مجلس الأمن لمواجهة روسيا باعتبارها طرفا في النزاع وهذا يتيح لإعمال البند 27 من ميثاق الأمم المتحدة والذي يمنع الدول الأطراف في النزاع من التصويت وبالتالي يحمي مشاريع القرارات من تعطيل القرارات من خلال الفيتو الصادر منها".
الصمت التركي إزاء انتهاك الاتفاق
في سبتمبر 2018، أعلنت موسكو وأنقرة عن اتفاق حول "منطقة منزوعة السلاح" في محافظة إدلب السورية تفصل الأراضي الواقعة تحت سيطرة مقاتلي المعارضة وتلك التي تسيطر عليها القوات الحكومية، ما أدى الى تفادي هجوم للنظام على المحافظة الواقعة شمال شرق سوريا.
لكن قوات النظام، بدعم روسي، كثفت غاراتها الجوية على إدلب منذ نهاية أبريل 2019.
لكن عضو الهيئة السياسية في الائتلاف السوري الوطني ياسر الفرحان، قال إن تركيا تحتاج للمجتمع الدولي لتأييد موقفها، خاصة من جانب الولايات المتحدة لأنها قادرة على مقايضة روسيا والضغط عليها، مشيرا إلى أن المساعي التركية نجحت في الحملة على إدلب في 2018 لأن الولايات المتحدة دعمتها حينها".
وأدان الفرحان ما أسماه "الصمت الأوروبي التام" وتساءل: "هل أصبحت دماء السوريين رخيصة؟".