نازحون في مخيم الركبان- أرشيف
نازحون في مخيم الركبان- أرشيف

يقول موظفو إغاثة سوريون ودبلوماسيون ومواطنون إن عدد سكان مخيم الركبان الواقع في منطقة صحراوية تحميها الولايات المتحدة في جنوب شرق سوريا تراجع إلى ربع أكثر من 40 ألف شخص كانوا يعيشون هناك قبل خمسة أشهر بسبب تحركات روسية لوقف الإمدادات.

ويسلط مصير المخيم وسكانه الذين يعيشون قرب قاعدة تديرها وزارة الدفاع الأميركية قرب الحدود الأردنية والعراقية الضوء على صراع روسيا مع الولايات المتحدة على النفوذ في المنطقة.

ويكشف أيضا نفس استراتيجية سنوات الحصار المرير الذي فرضته موسكو والقوات الحكومية السورية على المعاقل السابقة لقوات المعارضة من أجل إرغام مقاتلي المعارضة على الاستسلام.

نازحة في مخيم الركبان

​​

ومعظم سكان المخيم فروا من الغارات الجوية الروسية عندما قصفت موسكو بلدات في صحراء حمص الشرقية قبل عدة سنوات ويقول هؤلاء السكان إن تزايد الجوع والفقر نتيجة منع الإمدادات الغذائية أجبر معظم الناس على الرحيل.

وقال محمود الحميلي وهو من الشخصيات البارزة في المخيم والذي فر من حمص إن الوضع سيء للغاية كما أن المواد الغذائية غير متوفرة.

وتقول موسكو إن واشنطن توفر ملاذا آمنا لمقاتلي المعارضة في منطقة فض الاشتباك تلك التي أنشأها البنتاغون على مساحة 55 كيلومترا والتي تقع خارج نطاق حدود القوات السورية أو القوات الأخرى.

وفرضت القوات الروسية والسورية حصارا على المنطقة لمنع المهربين والتجار الذين يمرون عبر نقاط التفتيش من خلال تقديم رشى من توصيل المواد الغذائية الأساسية للمخيم.

نازحون في مخيم الركبان خلال حصولهم على المساعدات والعلاج الطبي

​​

وأقامت روسيا "ممرات إنسانية" تقول إنها تسمح للناس بالعودة إلى ديارهم. ويقول الرجال الذين يعيشون في المخيم إنه في حالة مغادرتهم سيواجهون التجنيد في الجيش أو أسوأ من ذلك.

وقالت مجموعة إيتانا البحثية البارزة المتخصصة في السياسة السورية والتي مقرها عمان وتجمع معلومات من مصادر مدنية وعسكرية إن آلاف النازحين فروا الآن من مخيم الركبان بسبب اليأس مجازفين بتعرضهم للاعتقال من قبل القوات السورية.

وقدرت المجموعة أنه حتى 23 يوليو كان يوجد نحو 11 ألف شخص بالمخيم مقابل 41 ألف شخص في فبراير حسب تقدير للأمم المتحدة.

وتريد واشنطن الاحتفاظ بوجود استراتيجي في منطقة قريبة من خط إمدادات مهم للأسلحة الإيرانية التي تدخل سوريا من العراق. وتقول مصادر مخابرات إقليمية إن فصائل مدعومة من إيران تتحصن في الأراضي الصحراوية الشاسعة المحيطة بالمنطقة.

وقالت إيتانا إن المخيم يشهد حاليا أسوأ أوضاع في تاريخه مع مواصلة القوات الحكومية السورية وحليفتها روسيا تنفيذ خطة الموت جوعا أو الاستسلام لإرغام سكان المخيم على المغادرة.

ويقول السكان إن واشنطن تخلت عنهم ويتهمون أيضا الأردن والأمم المتحدة بعدم بذل ما يكفي لحمايتهم.

وقال جيمس جيفري مبعوث الولايات المتحدة الخاص لسوريا لصحيفة واشنطن بوست في 19 يوليو تموز "إذا قمنا بإطعامهم سيبدو الأمر كما لو أننا سنبقى هناك للأبد".

وأضاف "لا يمكننا الالتزام بوجود طويل الأجل في التنف أو في أي مكان آخر بسوريا".

السفير جيمس جيفري - أرشيف

​​

ويقول سكان إن ما يتراوح بين ستة آلاف وسبعة آلاف شخص على الأقل سيبقون لأنهم يواجهون مستقبلا غامضا على يد السلطات السورية إذا عادوا لديارهم في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.

وقال شكري شهاب المسؤول المحلي بالمخيم إنهم سيبقون حتى آخر نفس لأنهم يخشون مما ينتظرهم إذا عادوا إلى "النظام" السوري.

ويفضل كثيرون من المتبقين نقلهم إلى آخر جيب لقوات المعارضة في شمال غرب سوريا.

لاجئون سوريون في مخيم الركبان على الحدود الأردنية السورية

​​

وقال مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية إن المواد الغذائية أصبحت بالفعل شحيحة مما أدى إلى ارتفاع الأسعار.

وأضاف أنه يسعى للحصول على موافقة من دمشق لإرسال مواد إغاثة للسكان الذين ما زالوا في المخيم. وتفادى المكتب توضيح من المسؤول عن تفاقم المعاناة الإنسانية لسكان المخيم.

الجامعات الأميركية

قبل عقود، كانت جامعة ميشيغان، شأن العديد من الجامعات الأميركية المرموقة، توفر تعليما عالي الجودة لشريحة طلابية معظمها من المولودين في الولايات المتحدة. قلّة فقط كانوا يأتون من أماكن بعيدة للعيش في بلدة آن آربر الجامعية—فمعظم الزوّار كانوا يقودون سياراتهم من المناطق القريبة لحضور مباريات كرة القدم الجامعية. وحتى أولئك الذين جاؤوا من أماكن أبعد، كانوا غالبا طلابا أميركيين من ولايات أخرى.

اليوم، أصبحت هذه البلدة الجامعية، التي كانت يوما ما ريفية، كأنها حاضنة اجتماع للأمم المتحدة. فالتجول في الحرم الجامعي يكشف أن قسماً كبيراً من الطلاب لم يأتوا من مناطق مجاورة، بل من بلدان تقع على الجانب الآخر من الكرة الأرضية. وأثناء تجوالك، يمكنك سماع لغات متعددة، من الصينية، والإسبانية، والكورية، والعربية، وبالطبع الإنكليزية، التي غالبا ما تُنطق بلكنة تشي بأن المتحدثين لم يولدوا في أميركا.

هذا هو الوجه الجديد للأكاديمية الأميركية—عقول شابة طموحة وعلماء مخضرمون من جميع أنحاء العالم، يوحدهم شغف مشترك بالبحث العلمي.

مع ذلك، يخشى البعض، اليوم، من أن الغموض وعدم اليقين باتا يلقيان ظلالا على مستقبل الطلاب الدوليين والبحث العلمي عموما. ومع ورود تقارير عن "قمع" لاحتجاجات في الحرم الجامعي، وخفض للمنح الخاصة بالمعاهد البحثية، والتغيرات في سياسات الهجرة، يبرز سؤال ملح: هل ستظل أميركا رائدة في مجال التعليم العالي على المستوى العالمي؟

لكن هناك من يعتقد أن لا ضرورة للمبالغة في التشاؤم. 

يقول الاقتصادي، دون غرايمز، في حديث مع قناة "الحرة" إن "الحكايات عن أفراد من الطلاب يواجهون صعوبات هي حقيقية، لكنها تمثل جزءاً ضئيلاً جداً من بين أكثر من مليون طالب أجنبي في البلاد. كثيرا ما لا تتطابق التصورات مع الواقع الأوسع".


خلفية

قبل تصاعد الجدل الحالي بشأن الجامعات، كانت المؤسسات الأميركية التعليمية تعاني بالفعل—ليس بسبب تغيّرات سياسية أو اقتصادية بشكل رئيسي، بل بسبب العامل الديموغرافي، حيث انخفض عدد السكان في سنّ الدراسة الجامعية في الولايات المتحدة.

ومنذ عودة دونالد ترامب إلى السلطة، أصبحت الجامعات في دائرة الضوء: من النقاشات حول مبادرات التنوع والعدالة والشمول (DEI)، واتهامات لأعضاء هيئة التدريس بالتحيز "الليبرالي"، إلى ادعاءات بمعاداة السامية بين المتظاهرين من الطلاب.

في المقابل، اتخذ ترامب خطوات للضغط على المؤسسات التي يعتبرها نخبوية—وخاصة جامعات الـ Ivy League—من خلال التهديد بقطع ما مجموعه 5.2 مليار دولار من التمويل الفيدرالي. وفي الوقت ذاته، واجهت وكالات رئيسية مرتبطة بالبحث العلمي، مثل المؤسسة الوطنية للعلوم (NSF) والمعاهد الوطنية للصحة (NIH) ووزارة الصحة والخدمات الإنسانية، تخفيضات في الميزانية تحت إشراف وزارة كفاءة الحكومة (DOGE)، مع اقتطاعات قد تؤثر حتى على الدرجات العلمية المصنفة "آمنة" مثل تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM).

وبالإضافة إلى هذه التوترات، تم إلغاء منح التأشيرات لبعض الطلاب الدوليين، ووجّه بعض المسؤولين في الجامعات طلابهم بعدم السفر خارج الولايات المتحدة خلال عطلة الصيف.


في المقابل، تؤكد إدارة ترامب أن إجراءات إلغاء التأشيرات تستهدف الدوليين الذين "ينتهكون قوانيننا" والطلاب الدوليين الذين "يسيئون استخدام ضيافتنا".

ويشير مراقبون إلى أن هذه الإجراءات جاءت إلى حدّ كبير كردّ فعل على مشاركة العديد من الطلاب الدوليين في احتجاجات عنيفة مؤيدة للفلسطينيينو وانتماءاتهم المزعومة لجماعات متطرفة.

وبينما تراجعت إدارة ترامب عن إلغاء العديد من تأشيرات الطلاب، أثارت حالة عدم اليقين هذه قلقاً في الأوساط الجامعية من احتمال انخفاض أعداد الطلاب الدوليين. 

وأظهر استطلاع أجرته منظمة IDP Education، المتخصصة في توجيه الطلاب الدوليين، أن عددا ضئيلا فقط من الطلاب الدوليين ما زالوا يحتفظون برؤية إيجابية تجاه الولايات المتحدة.

"كنت أتمنى لو أستطيع أن أكون أكثر تفاؤلاً بشأن المستقبل،" قال ويليام بروستين، نائب الرئيس السابق للاستراتيجية العالمية والشؤون الدولية في جامعة وست فرجينيا، "الحقيقة هي، يبدو أن هناك مزيدا من الغيوم الداكنة في الأفق أمام الطلاب الدوليين".


ما مدى أهمية الطلاب الدوليين لقطاع التعليم الأميركي؟

يلعب الطلاب الدوليون دوراً رئيسياً في دعم قطاع التعليم العالي الأميركي. ففي عام 2023، استقبلت الولايات المتحدة 1.1 مليون طالب الدوليين، وهو ما يمثل نحو سدس جميع الطلاب الدوليين حول العالم. بالمقابل، في عام 2024، التحق 19.1 مليون طالب أميركي بجامعات محلية، في حين اختار 280,716 طالباً فقط الدراسة في الخارج ـ أي ما يعادل 1% فقط من مجموع الطلاب الأميركيين.

"عادة ما يدفع الطلاب الدوليون أعلى معدلات الرسوم الدراسية ولا يتلقون مساعدات مالية من الولاية أو الحكومة الفيدرالية، ما يجعلهم جذابين من الناحية المالية للجامعات،" قال دونالد غرايمز، "كما يساهمون بشكل كبير في الاقتصادات المحلية، لا سيما في البلدات الجامعية التي تميل إلى أن تكون أكثر ازدهارا بسبب ارتفاع نسبة الخريجين فيها".

ويضيف: "في آن آربر، يشكل الطلاب الدوليون نحو 20% من إجمالي المسجلين. إنهم عنصر حيوي في مجتمعنا الأكاديمي".

وبعد التخرج، يبقى العديد من الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة للعمل في مجالات متخصصة تستفيد من مهاراتهم. ووفقا لغرايمز  "توفر الجامعات ما نسميه ‘وظائف جيدة’، ذات رواتب مجزية، ومزايا، وتساهم في إنشاء صناعات فرعية. سواء كانت شركات ناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية أو مقاهٍ محلية تعتمد على حركة الطلاب، فإن الجامعة تُعد محركا اقتصاديا".

وحذّر من أن تخفيض تمويل المؤسسات البحثية لن يضر المختبرات الأكاديمية فحسب. "الأمر لا يقتصر على العلماء. سترى التأثير في التصنيع، والخدمات، وحتى في قطاع العقارات. فقدان جامعة يشبه فقدان مصنع في القرن العشرين—إنه يضرب الاقتصاد المحلي في الصميم".

علاوة على ذلك، فإن الاستثمار في الطلاب الدوليين يعود بفوائد كبيرة أخرى، وفقا لغرايمز. 

"أولا، يدفع الطلاب الدوليون عادة رسوم الدراسة بالكامل، ما يسهم في تحمل تكلفة تعليم الطلاب المحليين. وثانيا، لأن اطلاب الدوليين تلقوا تعليمهم الأساسي خارج أميركا، فإن ذلك يعني أن تكلفة تعليمهم حتى هذه المرحلة قد تحملها نظام تعليمي في بلد آخر".

هذه الفرصة الاقتصادية أصبحت مربحة جدا لدرجة أن مؤسسات مثل جامعة إلينوي في أوربانا-شامبين حصلت على بوليصة تأمين تغطي خسارة محتملة تصل إلى 60 مليون دولار من إيرادات الرسوم الدراسية، في حال حصول انخفاض كبير في عدد الطلاب الصينيين.


هل القلق مبرر؟

يحذر محللون من احتمال انهيار نظام التعليم العالي الأميركي، وحصول نزيف أدمغة وشيك، بينما يعتقد آخرون أن العائلات حول العالم ما زالت حريصة على إرسال أبنائها إلى الولايات المتحدة للدراسة في جامعاتها.

وأطلقت دول مثل فرنسا، وبلجيكا، وهولندا مبادرات تهدف إلى جذب الباحثين الأميركيين. وقال يان دانكيرت، وهو بروفيسور في جامعة (Vrije Universiteit Brussel) عزمه اجتذاب المواهب الأميركية للعمل في جامعة بروكسل.

في الوقت ذاته، لاحظ خبراء جامعات في الولايات المتحدة توجها بين العائلات القلقة نحو إرسال أبنائها للدراسة في الخارج.

وقال حفيظ لكهاني، مؤسس ورئيس شركة Lakhani Coaching في نيويورك إن "هناك الكثير من عدم اليقين، وعدم اليقين لا يناسب التخطيط طويل المدى".

بالإضافة إلى ذلك، ورغم أن الولايات المتحدة لا تزال الوجهة الأكثر تفضيلا في العالم للطلاب الدوليين، بدأت دول أخرى  تقترب من منافستها في هذا المجال. فمنذ سنوات، أصبحت كندا، والمملكة المتحدة، وأستراليا، وألمانيا وجهات جاذبة للطلاب الدوليين.

على سبيل المثال، في 2010، استقبلت الولايات المتحدة 723,277 طالباً دولياً مقارنة بـ 225,260 في كندا. أما في 2023، فقد استقبلت الولايات المتحدة 1.1 مليون طالب، مقابل مليون طالب في كندا.

ومع ذلك، يرى كريستوفر ريم، الرئيس التنفيذي لشركة Command Education للاستشارات الجامعية، أن هناك، لا تزال، مساحة واسعة للتفاؤل.

"رغم التغيرات العالمية، لا تزال العائلات المتعلمة والثرية حريصة على إرسال أبنائها إلى الولايات المتحدة للحصول على تعليم جامعي. لا يزالون يرون أن أميركا موطن لأفضل الجامعات في العالم".