بايدن يتوسط مرشحين ديمقراطيون للانتخابات الرئاسية الأميركية
بايدن يتوسط مرشحين ديمقراطيون للانتخابات الرئاسية الأميركية

تعرض جو بايدن المرشح الأوفر حظا بين الديمقراطيين لانتقادات الأربعاء خلال مناظرة مع منافسيه الذين تطرقوا إلى مواقفه منذ دخوله معترك السياسة قبل نحو نصف قرن.

وقدم بايدن الذي عمل نائبا للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما أداء باهتا في المناظرة السابقة في يونيو الماضي، لكنه أظهر حيوية أكبر هذه المرة في مواجهة انتقادات منافسيه.

​​وهاجم بايدن أبرز منافساته كامالا هاريس على خلفية مواقفها من قضية الرعاية الصحية قائلا "لنكن صريحين، لا يمكنك التغلب على دونالد ترامب مع ازدواجية خطابك على هذا الصعيد".

وردت السناتورة على بايدن بالعودة إلى الموضوع الذي شكل محور المواجهة الأخيرة بينهما في المناظرة السابقة: علاقاته قبل عقود بأعضاء من الكونغرس دعوا إلى الفصل العنصري.

بايدن خلال مناقشة من السناتورة كامالا هاريس

​​وقالت "لو تمكن دعاة الفصل العنصري هؤلاء من فرض آرائهم لما أصبحت سناتورة اليوم"، مضيفة "ولما كان باراك أوباما قادرا على تسميتك" نائبا للرئيس.

​ويتصدر بايدن السباق حتى الآن بفارق كبير عن منافسيه وقد بلغت نسبة تأييده 32 في المئة في صفوف الناخبين الديمقراطيين، فيما يأتي السناتوران التقدميان بيرني ساندرز وإليزابيث وورن في المرتبة الثانية مع نسبة تأييد تبلغ 15 بالمئة، مما يجعله هدفا مشروعا لمنافسيه.

لكن اللهجة أصبحت أكثر حدة الأربعاء، وبخاصة في ما يتعلق بسلوكه في قضايا القضاء الجنائي، والهجرة وحقوق النساء.

وواجه بايدن، الذي تولى منصب سناتور على مدى 36 عاما، انتقادات من السناتور كوري بوكر بايدن لمشاركته في "كل القوانين الجنائية" منذ سبعينيات القرن الماضي، والمسؤولة عن توقيف ملايين الأميركيين.

قد أعطى بايدن منتقديه مادة جديدة في نهاية النقاش حين دعا مناصريه لدخول موقع "جو30330" بدلا من أن يطلب منهم إرسال رسالة نصية بذلك لدعم حملته.

وبعد ذلك صحح بايدن هذا الخطأ وكتب تغريدة لتوضيح قصده من وراء دعوته دخول موقع "جو30330"، حيث تبين أنه كان يقصد "أرسلوا رسالة نصية مكتوب بها جو للرقم 30330 من أجل التعبير عن الدعم للحملة الانتخابية".

​​وقال بوكر إن "في السجون اليوم أشخاصا محكومين مدى الحياة" بسبب هذه القوانين، مضيفا "لا نتكلم عن الماضي، نحن نتكلم عن الحاضر".

ويعتبر بوكر وهاريس أبرز مرشحين من أصول أفريقية لبايدن البالغ 76 عاما في الانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي.

"كوني لطيفة معي"

كذلك هوجم بايدن لرفضه وقف الملاحقات بحق من يدخلون بصورة غير شرعية للبلاد عبر الحدود المكسيكية. ورد بايدن "يجب أن نكون قادرين على طرد الذين يدخلون بصورة غير شرعية. إنها جريمة".

لكنه أقر بأنه ارتكب "خطأ في التقدير" بتأييده للتدخل العسكري الأميركي في العراق في عام 2003.

ولدى وصوله إلى مسرح المناظرة بادر بايدن كامالا هاريس البالغة 54 عاما بالقول "كوني لطيفة معي يا فتاة"، إلا أن المرشحة لم تلب طلبه. فقد هاجمته لدعمه حتى الماضي القريب قانونا يحظر استخدام الأموال الفيدرالية لتمويل عمليات الإجهاض.

إلا أن السناتورة التي تضعها الاستطلاعات في المركز الرابع لم تسلم من الانتقادات.

وقد انتقدتها النائبة تولسي غابارد لحبسها بصفتها مدعية عامة في كاليفورنيا 1500 شخص بجرائم تتعلق بالماريغوانا والإبقاء على نظام لإطلاق السراح بكفالة لا يقدر الأكثر فقرا على تسديدها.

ترامب

وقد أجمع المرشحون في افتتاح مداخلاتهم على تأكيد قيم الوحدة من أجل التغلب على الرئيس الأميركي دونالد ترامب واستعادة "الروح" الأميركية.​
بوكر اعتبر أن ترامب سيكون "أكثر من يستمتع بالنقاش الآن".

وغالبا ما يطلق ترامب على بايدن تسمية "جو النعسان" ويعتبر أن "لياقته البدنية تراجعت" عن السابق، إلا أن الرئيس الأميركي يتوقع فوز نائب الرئيس الأميركي السابق بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة.

واعتبر بايدن الأسئلة المرتبطة بسنه "مشروعة".

 

​​ونظرا لكثافة المرشحين الديمقراطيين جرت مناظرتان في ديترويت، شارك في كل منها 10 مرشحين، أسوة بالمناظرة السابقة.

وسلطت مناظرة الثلاثاء الأضواء على الانقسامات داخل الحزب، إلا أن النقاشات كانت أكثر أيديولوجية واستراتيجية.

وقد دافع وجها الجناح اليساري ساندرز ووارن بحماس عن برنامجيهما لإجراء إصلاحات جذرية، فيما دعا المرشحون الوسطيون لعدم "دفع الناخبين المستقلين إلى الهرب".

وستقام المناظرة المقبلة أواسط سبتمبر المقبل وستكون شروط المشاركة أكثر صرامة. ولن يتأهل إلا عشرة مرشحين.

وسيجرى أول تصويت في الانتخابات التمهيدية في ولاية أيوا في الثالث من فبراير 2020.

 

الجامعات الأميركية

قبل عقود، كانت جامعة ميشيغان، شأن العديد من الجامعات الأميركية المرموقة، توفر تعليما عالي الجودة لشريحة طلابية معظمها من المولودين في الولايات المتحدة. قلّة فقط كانوا يأتون من أماكن بعيدة للعيش في بلدة آن آربر الجامعية—فمعظم الزوّار كانوا يقودون سياراتهم من المناطق القريبة لحضور مباريات كرة القدم الجامعية. وحتى أولئك الذين جاؤوا من أماكن أبعد، كانوا غالبا طلابا أميركيين من ولايات أخرى.

اليوم، أصبحت هذه البلدة الجامعية، التي كانت يوما ما ريفية، كأنها حاضنة اجتماع للأمم المتحدة. فالتجول في الحرم الجامعي يكشف أن قسماً كبيراً من الطلاب لم يأتوا من مناطق مجاورة، بل من بلدان تقع على الجانب الآخر من الكرة الأرضية. وأثناء تجوالك، يمكنك سماع لغات متعددة، من الصينية، والإسبانية، والكورية، والعربية، وبالطبع الإنكليزية، التي غالبا ما تُنطق بلكنة تشي بأن المتحدثين لم يولدوا في أميركا.

هذا هو الوجه الجديد للأكاديمية الأميركية—عقول شابة طموحة وعلماء مخضرمون من جميع أنحاء العالم، يوحدهم شغف مشترك بالبحث العلمي.

مع ذلك، يخشى البعض، اليوم، من أن الغموض وعدم اليقين باتا يلقيان ظلالا على مستقبل الطلاب الدوليين والبحث العلمي عموما. ومع ورود تقارير عن "قمع" لاحتجاجات في الحرم الجامعي، وخفض للمنح الخاصة بالمعاهد البحثية، والتغيرات في سياسات الهجرة، يبرز سؤال ملح: هل ستظل أميركا رائدة في مجال التعليم العالي على المستوى العالمي؟

لكن هناك من يعتقد أن لا ضرورة للمبالغة في التشاؤم. 

يقول الاقتصادي، دون غرايمز، في حديث مع قناة "الحرة" إن "الحكايات عن أفراد من الطلاب يواجهون صعوبات هي حقيقية، لكنها تمثل جزءاً ضئيلاً جداً من بين أكثر من مليون طالب أجنبي في البلاد. كثيرا ما لا تتطابق التصورات مع الواقع الأوسع".


خلفية

قبل تصاعد الجدل الحالي بشأن الجامعات، كانت المؤسسات الأميركية التعليمية تعاني بالفعل—ليس بسبب تغيّرات سياسية أو اقتصادية بشكل رئيسي، بل بسبب العامل الديموغرافي، حيث انخفض عدد السكان في سنّ الدراسة الجامعية في الولايات المتحدة.

ومنذ عودة دونالد ترامب إلى السلطة، أصبحت الجامعات في دائرة الضوء: من النقاشات حول مبادرات التنوع والعدالة والشمول (DEI)، واتهامات لأعضاء هيئة التدريس بالتحيز "الليبرالي"، إلى ادعاءات بمعاداة السامية بين المتظاهرين من الطلاب.

في المقابل، اتخذ ترامب خطوات للضغط على المؤسسات التي يعتبرها نخبوية—وخاصة جامعات الـ Ivy League—من خلال التهديد بقطع ما مجموعه 5.2 مليار دولار من التمويل الفيدرالي. وفي الوقت ذاته، واجهت وكالات رئيسية مرتبطة بالبحث العلمي، مثل المؤسسة الوطنية للعلوم (NSF) والمعاهد الوطنية للصحة (NIH) ووزارة الصحة والخدمات الإنسانية، تخفيضات في الميزانية تحت إشراف وزارة كفاءة الحكومة (DOGE)، مع اقتطاعات قد تؤثر حتى على الدرجات العلمية المصنفة "آمنة" مثل تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM).

وبالإضافة إلى هذه التوترات، تم إلغاء منح التأشيرات لبعض الطلاب الدوليين، ووجّه بعض المسؤولين في الجامعات طلابهم بعدم السفر خارج الولايات المتحدة خلال عطلة الصيف.


في المقابل، تؤكد إدارة ترامب أن إجراءات إلغاء التأشيرات تستهدف الدوليين الذين "ينتهكون قوانيننا" والطلاب الدوليين الذين "يسيئون استخدام ضيافتنا".

ويشير مراقبون إلى أن هذه الإجراءات جاءت إلى حدّ كبير كردّ فعل على مشاركة العديد من الطلاب الدوليين في احتجاجات عنيفة مؤيدة للفلسطينيينو وانتماءاتهم المزعومة لجماعات متطرفة.

وبينما تراجعت إدارة ترامب عن إلغاء العديد من تأشيرات الطلاب، أثارت حالة عدم اليقين هذه قلقاً في الأوساط الجامعية من احتمال انخفاض أعداد الطلاب الدوليين. 

وأظهر استطلاع أجرته منظمة IDP Education، المتخصصة في توجيه الطلاب الدوليين، أن عددا ضئيلا فقط من الطلاب الدوليين ما زالوا يحتفظون برؤية إيجابية تجاه الولايات المتحدة.

"كنت أتمنى لو أستطيع أن أكون أكثر تفاؤلاً بشأن المستقبل،" قال ويليام بروستين، نائب الرئيس السابق للاستراتيجية العالمية والشؤون الدولية في جامعة وست فرجينيا، "الحقيقة هي، يبدو أن هناك مزيدا من الغيوم الداكنة في الأفق أمام الطلاب الدوليين".


ما مدى أهمية الطلاب الدوليين لقطاع التعليم الأميركي؟

يلعب الطلاب الدوليون دوراً رئيسياً في دعم قطاع التعليم العالي الأميركي. ففي عام 2023، استقبلت الولايات المتحدة 1.1 مليون طالب الدوليين، وهو ما يمثل نحو سدس جميع الطلاب الدوليين حول العالم. بالمقابل، في عام 2024، التحق 19.1 مليون طالب أميركي بجامعات محلية، في حين اختار 280,716 طالباً فقط الدراسة في الخارج ـ أي ما يعادل 1% فقط من مجموع الطلاب الأميركيين.

"عادة ما يدفع الطلاب الدوليون أعلى معدلات الرسوم الدراسية ولا يتلقون مساعدات مالية من الولاية أو الحكومة الفيدرالية، ما يجعلهم جذابين من الناحية المالية للجامعات،" قال دونالد غرايمز، "كما يساهمون بشكل كبير في الاقتصادات المحلية، لا سيما في البلدات الجامعية التي تميل إلى أن تكون أكثر ازدهارا بسبب ارتفاع نسبة الخريجين فيها".

ويضيف: "في آن آربر، يشكل الطلاب الدوليون نحو 20% من إجمالي المسجلين. إنهم عنصر حيوي في مجتمعنا الأكاديمي".

وبعد التخرج، يبقى العديد من الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة للعمل في مجالات متخصصة تستفيد من مهاراتهم. ووفقا لغرايمز  "توفر الجامعات ما نسميه ‘وظائف جيدة’، ذات رواتب مجزية، ومزايا، وتساهم في إنشاء صناعات فرعية. سواء كانت شركات ناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية أو مقاهٍ محلية تعتمد على حركة الطلاب، فإن الجامعة تُعد محركا اقتصاديا".

وحذّر من أن تخفيض تمويل المؤسسات البحثية لن يضر المختبرات الأكاديمية فحسب. "الأمر لا يقتصر على العلماء. سترى التأثير في التصنيع، والخدمات، وحتى في قطاع العقارات. فقدان جامعة يشبه فقدان مصنع في القرن العشرين—إنه يضرب الاقتصاد المحلي في الصميم".

علاوة على ذلك، فإن الاستثمار في الطلاب الدوليين يعود بفوائد كبيرة أخرى، وفقا لغرايمز. 

"أولا، يدفع الطلاب الدوليون عادة رسوم الدراسة بالكامل، ما يسهم في تحمل تكلفة تعليم الطلاب المحليين. وثانيا، لأن اطلاب الدوليين تلقوا تعليمهم الأساسي خارج أميركا، فإن ذلك يعني أن تكلفة تعليمهم حتى هذه المرحلة قد تحملها نظام تعليمي في بلد آخر".

هذه الفرصة الاقتصادية أصبحت مربحة جدا لدرجة أن مؤسسات مثل جامعة إلينوي في أوربانا-شامبين حصلت على بوليصة تأمين تغطي خسارة محتملة تصل إلى 60 مليون دولار من إيرادات الرسوم الدراسية، في حال حصول انخفاض كبير في عدد الطلاب الصينيين.


هل القلق مبرر؟

يحذر محللون من احتمال انهيار نظام التعليم العالي الأميركي، وحصول نزيف أدمغة وشيك، بينما يعتقد آخرون أن العائلات حول العالم ما زالت حريصة على إرسال أبنائها إلى الولايات المتحدة للدراسة في جامعاتها.

وأطلقت دول مثل فرنسا، وبلجيكا، وهولندا مبادرات تهدف إلى جذب الباحثين الأميركيين. وقال يان دانكيرت، وهو بروفيسور في جامعة (Vrije Universiteit Brussel) عزمه اجتذاب المواهب الأميركية للعمل في جامعة بروكسل.

في الوقت ذاته، لاحظ خبراء جامعات في الولايات المتحدة توجها بين العائلات القلقة نحو إرسال أبنائها للدراسة في الخارج.

وقال حفيظ لكهاني، مؤسس ورئيس شركة Lakhani Coaching في نيويورك إن "هناك الكثير من عدم اليقين، وعدم اليقين لا يناسب التخطيط طويل المدى".

بالإضافة إلى ذلك، ورغم أن الولايات المتحدة لا تزال الوجهة الأكثر تفضيلا في العالم للطلاب الدوليين، بدأت دول أخرى  تقترب من منافستها في هذا المجال. فمنذ سنوات، أصبحت كندا، والمملكة المتحدة، وأستراليا، وألمانيا وجهات جاذبة للطلاب الدوليين.

على سبيل المثال، في 2010، استقبلت الولايات المتحدة 723,277 طالباً دولياً مقارنة بـ 225,260 في كندا. أما في 2023، فقد استقبلت الولايات المتحدة 1.1 مليون طالب، مقابل مليون طالب في كندا.

ومع ذلك، يرى كريستوفر ريم، الرئيس التنفيذي لشركة Command Education للاستشارات الجامعية، أن هناك، لا تزال، مساحة واسعة للتفاؤل.

"رغم التغيرات العالمية، لا تزال العائلات المتعلمة والثرية حريصة على إرسال أبنائها إلى الولايات المتحدة للحصول على تعليم جامعي. لا يزالون يرون أن أميركا موطن لأفضل الجامعات في العالم".