أحد المواطنين الأميركيين الجدد خلال مراسم نظمت في نيويورك
مراسم تجنيس أميركية

اتخذت الإدارة الأميركية إجراء جديدا من شأنه تقييد الحق في الحصول على الجنسية الأميركية تلقائيا.

وفي تعليمات جديدة لمصلحة الهجرة والجنسية بشأن فئة من الأبناء المولودين في الخارج لموظفين فيدراليين أميركيين أو أعضاء في القوات المسلحة، قالت المصلحة إنها لن تنظر إليهم باعتبارهم يقيمون في الولايات المتحدة للحصول على الجنسية.

وتنطبق السياسة الجديدة على أولئك الذين ولدوا لغير مواطنين وتم تبنيهم لاحقا من قبل مواطنين أميركيين يخدمون في الخارج، أو في حالة أن آباءهم لم يكونوا مواطنين وقت ولادة الطفل ولكن تم تجنيسهم لاحقا.

وقبل صدور هذه التعليمات، كانت الوكالة الأميركية تعطي الحق لأبناء هؤلاء للحصول على الجنسية بصرف النظر عن مكان إقامتهم.

وقال متحدث باسم المصلحة لـ"سي أن أن" إن السياسة جديدة تقول "إننا لن ننظر إلى الأطفال الذين يعيشون في الخارج مع والديهم باعتبارهم مقيمين في الولايات المتحدة حتى لو كان آباؤهم من موظفي الحكومة الأميركية أو أعضاء القوات المسلحة المتمركزين خارج الولايات المتحدة، ونتيجة لذلك، فإن هؤلاء الأطفال لن يتم اعتبارهم قد حصلوا على الجنسية تلقائيا".

وأكدت المصلحة أن التحديث الجديد لسياستها لا يعني حرمان أبناء موظفي الحكومة الأميركية أو أفراد الجيش المولودين في الخارج من الجنسية، لكن هناك مخاوف من قبل متابعين من أن تجعل عملية الحصول على الجنسية أكثر تعقيدا وتزيد احتمالات رفض بعض متقدمين.

ويشير التعميم الجديد إلى أن بإمكان الآباء التقدم بطلب للحصول على الجنسية بالنيابة عن أطفالهم قبل بلوغهم سن 18 عاما.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد تحدث أكثر مرة حول رغبته في إنهاء حق الحصول على الجنسية الأميركية لأبناء الأجانب الذين يولدون على أرض أميركية.

وقال ترامب في تصريحات الٍأبوع الماضي إنه ينظر "بجدية تامة" في إنهاء الحصول على الجنسية الأميركية بالولادة الذي وصفه بأنه "سخيف".

ترامب يسعى لتوثيق العلاقات مع الرئيس الصيني. أرشيفية
الاعتمادية الاقتصادية تقلل من حتمية الصراع. أرشيفية - تعبيرية

"الفرصة مواتية والعوامل محفزة مرة أخرى لفخ ثوسيديدس" لتفسير العلاقة المتأرجحة بين الصين والولايات المتحدة، بحسب ما يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، ريتشارد تشازدي، في تصريحات لموقع "الحرة".

"فخ ثوسيديدس" نظرية سياسية وضعها المفكر الأميركي غراهام أليسون ومفادها أن الصدام شبه حتمي بين الصين كقوة صاعدة والولايات المتحدة كقوة مهيمنة.

ولفهم هذه النظرية علينا العودة إلى أكثر من 400 سنة ما قبل الميلاد، عندما اندلعت الحرب البيلوبونيسية التي دمرت اليونان القديمة، والتي قال المؤرخ ثوسيديديس عنها "إن صعود أثينا والخوف الذي أثاره ذلك في إسبرطة هو الذي جعل الحرب حتمية".

المفكر الأميركي، أليسون يرى أن هذه النظرية أصبحت أقرب للواقع في 2017، مع احتدام العلاقات الصينية الأميركية، فيما يعد الزعيمان في كلا منهما بجعل "دولهم عظيمة مرة أخرى".

وقال تشازدي إن مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض وشعارات "أميركا أولا" هناك بعض "التشابه والاختلافات في الوقت ذاته" في المعايير مع ما تطرحه النظرية، وهذا ما نلمسه في تصريحات الزعماء في كلا البلدين.

الرئيس الأميركي، دونالد ترامب قال في خطابه للتنصيب الاثنين الماضي "ستزدهر بلادنا وستحظى بالاحترام من جديد في جميع أنحاء العالم.. وسأضع ببساطة شديدة أميركا أولا".

الرئيس الصيني، شي جين بينغ وجه رسائله مبكرا لواشنطن عندما التقي الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن في منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي في ديسمبر الماضي، وقال حينها لبايدن "سياسة احتواء الصين ليست خيارا حكيما أو مقبولا، ومن المؤكد فشلها".

ويرى تشازدي أن الصين تريد أن تصبح قوة نووية في مواجهة الولايات المتحدة، وهي تقدم نفسها كلاعب دولي منافس للولايات المتحدة، وهو ما قد يسبب عدم استقرار لوجود تغيير في توزيع القوى.

وسبقت الصين في مواجهة واشنطن روسيا و"الاتحاد السوفيتي" قبلها، وفق تشازدي.

"حتمية الصدام!"

نظريات سياسية تتوقع حتمية الصراع بين الصين والولايات المتحدة. أرشيفية - تعبيرية

ويوضح تشازدي وهو مؤلف عدة كتب في العلوم السياسية، أن نظرية "فخ ثوسيديدس" قد تحمل في طياتها ما يمكنه عكسه على واقع ما قد يحصل بـ "حتمية الصراع والحرب" بين قوتين واحدة مهيمنة وهي الولايات المتحدة وأخرى صاعدة وهي الصين.

ويقول إن "حتمية الصراع تبقى احتمالية قائمة، خاصة مع طموحات الصين في توسعها بقوتها العسكرية والنووية والاقتصادية"، ولكن في ذات الوقت هناك اعتمادية اقتصادية بين هاتين القوتين، وهو ما قد يغير قواعد اللعبة.

ويرى تشازدي أننا نرى مزيجا في التحليلات عن نظريات "فخ ثوسيديدس"، مع نظرية "التفاضلات أو الفوارق الديناميكية".

ونظرية "الفوارق الديناميكية" التي صاغها أستاذ العلاقات الدولية بجامعة فيرجينيا، ديل كوبلاند، تشير إلى أن القوة المهيمنة والمتفوقة هي التي قد تبدأ حربا مع القوة الصاعدة، وهو ما شهدناه في حروب عدة في العصر الحديث.

ويؤكد تشازدي أن العوامل المغيرة لقواعد اللعبة هي "الترابط والاعتماد الاقتصادي، والعولمة".

وأشار إلى أن البيانات على سبيل المثال تظهر أن الصين من أكبر المقرضين للولايات المتحدة، إذ تمتلك حصصا كبيرة تتجاوز 1.1 تريليون دولار من الدين الأميركي وفق بيانات 2023، وفي المقابل لم تكن الصين لتحقق النمو الاقتصادي خلال العقود الماضية من دون السوق الأميركية.

ويرجح تشازدي أن "التعقيد في الترابط الاقتصادي والمكاسب المتبادلة، من شأنه تعطيل حدوث الصدامات الكبرى"، لافتا إلى أن هذا لا يعني عدم حدوث "مواجهات بسيطة غير مباشرة، تبقى ضمن أطر إقليمية، لكنها لن تتحول لحرب مواجهة واسعة".

وقال إن "فخ ثوسيديدس" قد ينظر إليه البعض على أنه يفسر ما قد تؤول إليه العلاقة بين واشنطن وبكين، ولكنه على أمل أن "تبقى الاعتمادية الاقتصادية بين هاتين القوتين، كجدار حماية لمنع نشوب صراع كبير".

المحلل السياسي والعسكري الأميركي في معهد هدسون، ريتشارد وايتز يتفق أن "فخ ثوسيديدس" يدفع به محللون منذ سنوات، وهو ما قد يكون صحيحا إذا أخذ بمحدداته بالمطلق "بأن القوة المهيمنة تخشى من الصاعدة".

وقال لموقع "الحرة" إن هذه النظرية موجودة منذ فترة، وستبقى قائمة، على اعتبار وجود حتمية للصراع، ولكن مسألة الصراع مع الصين دائما ما يتم الحديث عن احتمالية ظهورها، بغض النظر عن الإدارة الموجودة.

ونوه وايتز إلى أن العديد من العوامل الاقتصادية وغيرها، يمكن أن تقلل من احتمالية الصراع العسكري، والبقاء في أطر اقتصادية أو تجارية.

رسائل متضاربة

خلال حملته الانتخابية، هدد ترامب الصين برسوم جمركية قد تصل إلى 60 في المئة، وقبل تنصيبه بيوم رشحت أنباء أنه أبلغ فريقه الانتقالي برغبته بلقاء الرئيس الصيني خلال أول 100 يوم من وجوده في البيت الأبيض.

وفي كلمته خلال التنصيب هاجم ترامب الصين لسيطرتها على قناة بنما، ووعد بسيطرة الولايات المتحدة عليها.

وأكد الرئيس الأميركي الثلاثاء أن إدارته تبحث فرض رسوم جمركية 10 في المئة على السلع من المستوردة من الصين في مطلع فبراير.

ويرى وايتز أن هناك صعوبة في تحديد مسار العلاقات في المستقبل، إذ أننا نرى تباعدا أكثر بين واشنطن وبكين على مدار العقد الماضي، ولكن ترامب رغم تهديداته يريد أن يبقى على انفتاح بالتعامل الاقتصادي مع الصين.

استراتيجية استباقية

الولايات المتحدة القوة المهيمنة والصين القوة الصاعدة. أرشيفية - تعبيرية

ويقول الأكاديمي تشازدي "إنه موقف ترامب تجاه الصين "لا يزال قيد التشكل، وسياسته غير واضحة"، فهو "يبدي إعجابه وينجذب إلى أشخاص مثل الرئيس الصيني"، وفي ذات الوقت "يهدد ويتوعد".

وأضاف وهذا لا ينطبق على ترامب نفسه فقط، ولكن حتى على إدارته، إذا أن مستشاره للأمن القومي، مايك والتز من دعاة "التوسع في العلاقات الدولية، على عكس سياسات ترامب الإنعزالية، ولدينا أيضا ماركو روبيو وزير الخارجية، الذي كانت تصريحاته الأولى باستهداف الصين بالعداء".

وحذر وزير الخارجية الأميركي الجديد، روبيو الثلاثاء في بيان مشترك مع اليابان والهند وأستراليا، من أي إجراءات قسرية قد تحدث في آسيا، في تحذير مبطن لكن بالغ الوضوح للصين على خلفية تصرفاتها في مياه بحر الصين الجنوبي.

واستقبل روبيو في واشنطن نظراءه من دول تحالف كواد (الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند)، بعد يوم من تنصيب ترامب الذي تعهد التصدي لصعود الصين.

وأعرب الوزراء الأربعة عن دعمهم لمنطقة "تدعم وتدافع عن سيادة القانون والقيم الديمقراطية والسيادة وسلامة الأراضي والدفاع عنها".

وقال البيان "نحن نعارض بشدة أي إجراءات أحادية الجانب تسعى إلى تغيير الوضع الراهن بالقوة أو الإكراه".

وتعهد روبيو في جلسة إقرار تعيينه ردع الصين عن غزو تايوان، الجزيرة الديمقراطية التي تتمتع بحكم ذاتي لكن الصين تسعى للاستيلاء عليها.

وأثار ترامب خلال حملته الانتخابية قلق تايوان بقوله إنه يتوجب عليها دفع المال مقابل الحصول على الحماية من الولايات المتحدة.

وصادق الكونغرس الأميركي الخميس على تعيين جون راتكليف مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية "سي آي آيه".

وأكد راتكليف في جلسة استماع في مجلس الشيوخ قبل أيام على حاجة وكالة الاستخبارات المركزية "لزيادة التركيز على التهديدات التي تشكلها الصين وحزبها الشيوعي الحاكم".

ويعتقد تشازدي أن "هذه السياسة الضبابية من ترامب وإدارته تجاه الصين، قد تكون استراتيجية عدوانية استباقية لإجبار بكين على تغيير سياساتها بما يتناسب مع واشنطن في حال التفاوض على أي ملفات مشتركة".

بث الذعر

تصريحات ترامب تثير القلق في الأسواق الدولية . أرشيفية

تصريحات ترامب بشأن استعادة قناة بنما، وفرض رسوم جمركية بثت نوعا من القلق والذعر بين أوساط السياسيين حول العالم.

ووجه ترامب، الخميس، تحذيرا صريحا لنخبة رجال الأعمال والسياسة في العالم المجتمعين في دافوس بدعوتهم لنقل صناعاتهم إلى الولايات المتحدة أو مواجهة فرض رسوم رسوم جمركية على منتجاتهم، وذلك خلال مشاركة له عبر الفيديو بذلك المنتدى.

وقال "تعالوا اصنعوا منتجاتكم في أميركا وسنقدم لكم أدنى الضرائب مقارنة بأي دولة أخرى على وجه الأرض".

أضاف "لكن إذا لم تصنعوا منتجاتكم في أميركا، وهذا حقكم، فسوف تضطرون ببساطة إلى دفع رسوم جمركية".

وأُتيح لشركاء ترامب التجاريين فرصة الرد على اقتراحاته وقراراته أثناء وجودهم في دافوس خلال وقت سابق من هذا الأسبوع.

ومن دون ذكر اسم الرئيس الأميركي، حذر نائب رئيس الوزراء الصيني دينغ شيويه شيانغ، من أنه "لا يوجد منتصرون في حرب تجارية".

ودعت رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو-إيويالا إلى التحلي بالهدوء خلال نقاش الخميس في دافوس حول الرسوم الجمركية، محذرة من أن فرض رسوم متبادلة سيكون "كارثيا" على الاقتصاد العالمي.

لكنها قالت مازحة "أرجوكم دعونا لا نصاب بالذعر، أعلم أننا هنا لمناقشة الرسوم الجمركية. لقد كنت أقول للجميع: هل يمكننا أن نهدأ أيضا؟".

ومن بين الأمور التي يعد ترامب بتحقيقها، استعادة قناة بنما من الصين التي تدير قناة بنما.

وقال ترامب في خطابه للتنصيب "لقد عوملنا معاملة سيئة للغاية بسبب هذه الهدية الحمقاء التي لم يكن ينبغي لنا أن نمنحها أبدا، ونكثت بنما بوعدها لنا.. الصين هي التي تدير قناة بنما. ونحن لم نعطها للصين. لقد أعطيناها لبنما، والآن نستعيدها".

ويمر حوالي 40 في المئة من حركة الحاويات الأميركية عبر قناة بنما، والولايات المتحدة هي المستخدم الرئيسي لها، تليها الصين.

وأعربت حكومة بنما عن قلقها إزاء النية المعلنة للرئيس الأميركي في رسالة موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

ورد عليه رئيس بنما خوسيه راوول مولينو مؤكدا أن "القناة بنمية وستبقى كذلك".

وتقوم وكالة حكومية مستقلة هي "هيئة قناة بنما" بتشغيل وإدارة القناة التي تعتبر الولايات المتحدة أكبر مستخدميها، تليها الصين.

وتملك شركة صينية هي "هاتشيسون بورتس" امتيازا لتشغيل مرفأي بالبوا وكريستوبال عند كل من منفذي القناة على المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ.

حتى من قبل تنصيب ترامب كان اسمه حاضرا في كل محادثة إن كان عبر نقاشات رسمية أو عادية في حافلات النقل العام أو حتى خلال مناسبات عامة وخاصة. 

تصريحات ترامب تجعل المحللين السياسيين في حيرة، فكل النظريات السياسية التي يعرفونها لم تعد كافية لدراسة ما يحصل على أرض الواقع.

ما يعني أن الأيام المقبلة، قد تحمل معها مزيجا من النظريات السياسية، لتفسير سياسات ترامب في إدارته الثانية.