الحطام والدمار في أعقاب إعصار دوريان على جزيرة أباكو العظمى في شمال جزر البهاما في 3 سبتمبر 2019
الحطام والدمار في أعقاب إعصار دوريان على جزيرة أباكو العظمى في شمال جزر البهاما في 3 سبتمبر 2019

تسبب إعصار دوريان في مقتل 20 شخصا على الأقل، ودمار كبير في أرخبيل الكاريبي وأضرار جسيمة بمنازل جراء قوة الرياح.

ونشطت عمليات الإغاثة الأربعاء لإجلاء الجرحى والعثور على المفقودين في جزر الباهاما التي ضربها الإعصار دوريان بقوة وبات يدنو من الساحل الجنوبي الشرقي للولايات المتحدة وخصوصا فلوريدا.

وأعلن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك الأربعاء أنّ حوالي 70 ألف شخص في جزر الباهاماس بحاجة لمساعدة فورية بسبب الإعصار المدمر دوريان الذي اجتاح الأرخبيل، مشيراً إلى أنّ الاحتياجات تشمل الغذاء والمياه والخيم والأدوية.

وأوضح لوكووك في اتصال هاتفي مع بضعة صحافيين من ناساو التي وصل إليها في زيارة لبضع ساعات أنّ المنظّمة الأممية حوّلت مبلغ مليون دولار من صندوقها المخصّص للحالات الطارئة لتقديم مساعدات أولية للمنكوبين.

وتراجع دوريان إلى الدرجة الثانية لكن رياحه لا تزال قوية جدا بسرعة 165 كلم في الساعة. ويتجه حاليا بحسب خبراء الأرصاد إلى الساحل الشمالي الشرقي لفلوريدا.

ويتوقع أن يلامس فلوريدا مساء الأربعاء قبل أن يضرب من الخميس حتى صباح الجمعة الساحل الأميركي الجنوبي الشرقي وولايات جورجيا وكارولاينا الجنوبية وكارولاينا الشمالية، رغم أن عين الإعصار لن تصل إلى البر.

وحذر المركز الأميركي الوطني للأعاصير ومقره في ميامي من ارتفاع منسوب المياه في هذه المنطقة، متحدثا عن وضع قد يكون بالغ الخطورة.

وأعلنت حالة الطوارئ في العديد من مناطق الساحل الجنوبي الشرقي حيث يقيم ملايين الأشخاص.

وصدرت في مناطق عدة أوامر بالإخلاء.

وقال جيراردو رودريغيز (37 عاما) لفرانس برس فيما كان يستعد لمغادرة ملجأ في فورت بيرس في فلوريدا "الأمر مزعج حقا ولا يمكن التكهن به. نجهل ما إذا كنا سنتأثر بالإعصار أم لا".

وفي تشارلستون في كارولاينا الجنوبية، وتحت سماء رمادية، عمدت البلدية والعديد من المتاجر والمنازل إلى حماية نوافذها بألواح الخشب.

دمار في باهاما

​​

 

وسجل دمار هائل في باهاما بحسب صور جوية.

وخسرت مئات المنازل سقوفها فيما غمرت المياه السيارات وتحطمت المراكب.

وأرسل خفر السواحل الأميركيون مروحيات إلى الأرخبيل لنقل المرضى، وشاركت البحرية البريطانية أيضا في هذه العمليات.

أميركيون يحمون منازلهم بألواح خشبية في فلوريدا

وفي مؤتمر صحافي الثلاثاء، تحدث رئيس الوزراء هوبرت مينيس عن سبعة قتلى على الأقل، متوقعا حصيلة أكبر.

وأورد أن السكان عاشوا "أياما مرعبة وكانوا يخشون على حياتهم وحياة أقربائهم".

وأفاد الصليب الاحمر أن الأضرار طالت نحو 13 ألف منزل.

وظلت مدارج مطار فريبورت الدولي تحت المياه، الأمر الذي جعل عمليات الإغاثة أكثر صعوبة.

حذر

​​

 

وصنف دوريان في الدرجة الخامسة القصوى حين ضرب الباهاما الأحد، لكنه تراجع في وقت مبكر الأربعاء إلى الدرجة الثانية وتسبب بسقوط 76 سنتيمترا من الأمطار في الباهاما.

وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء حالة الطوارئ في كارولاينا الشمالية بهدف رصد أموال وقائية "مع الأمل بعدم استخدامها".

الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتحدث عن تطورات دوريان

وطالب ترامب السكان بالتزام الحذر، وكتب على تويتر: "قد تكون الولايات المتحدة محظوظة فيما يتعلق بالإعصار لكن رجاء الزموا الحذر. مع اقترابه من الساحل، يمكن أن تحصل العديد من الأمور السيئة وغير المتوقعة".

وأفاد البنتاغون أن خمسة آلاف عنصر من الحرس الوطني و2700 عسكري هم على أهبة الاستعداد.

وتوقع المركز الوطني للأعاصير أن يتركز خطر وقوع الفيضانات في كارولاينا الشمالية وجارتها الجنوبية، مع أمواج يصل ارتفاع بعضها إلى مترين.

وأبدى سكان فلوريدا تضامنا مع الباهاما المجاورة فيما كانوا ينتظرون أن يبلغ الإعصار ولايتهم.

وأطلقت حملات تبرع عدة بادرت إليها العديد من الكنائس.

الجامعات الأميركية

قبل عقود، كانت جامعة ميشيغان، شأن العديد من الجامعات الأميركية المرموقة، توفر تعليما عالي الجودة لشريحة طلابية معظمها من المولودين في الولايات المتحدة. قلّة فقط كانوا يأتون من أماكن بعيدة للعيش في بلدة آن آربر الجامعية—فمعظم الزوّار كانوا يقودون سياراتهم من المناطق القريبة لحضور مباريات كرة القدم الجامعية. وحتى أولئك الذين جاؤوا من أماكن أبعد، كانوا غالبا طلابا أميركيين من ولايات أخرى.

اليوم، أصبحت هذه البلدة الجامعية، التي كانت يوما ما ريفية، كأنها حاضنة اجتماع للأمم المتحدة. فالتجول في الحرم الجامعي يكشف أن قسماً كبيراً من الطلاب لم يأتوا من مناطق مجاورة، بل من بلدان تقع على الجانب الآخر من الكرة الأرضية. وأثناء تجوالك، يمكنك سماع لغات متعددة، من الصينية، والإسبانية، والكورية، والعربية، وبالطبع الإنكليزية، التي غالبا ما تُنطق بلكنة تشي بأن المتحدثين لم يولدوا في أميركا.

هذا هو الوجه الجديد للأكاديمية الأميركية—عقول شابة طموحة وعلماء مخضرمون من جميع أنحاء العالم، يوحدهم شغف مشترك بالبحث العلمي.

مع ذلك، يخشى البعض، اليوم، من أن الغموض وعدم اليقين باتا يلقيان ظلالا على مستقبل الطلاب الدوليين والبحث العلمي عموما. ومع ورود تقارير عن "قمع" لاحتجاجات في الحرم الجامعي، وخفض للمنح الخاصة بالمعاهد البحثية، والتغيرات في سياسات الهجرة، يبرز سؤال ملح: هل ستظل أميركا رائدة في مجال التعليم العالي على المستوى العالمي؟

لكن هناك من يعتقد أن لا ضرورة للمبالغة في التشاؤم. 

يقول الاقتصادي، دون غرايمز، في حديث مع قناة "الحرة" إن "الحكايات عن أفراد من الطلاب يواجهون صعوبات هي حقيقية، لكنها تمثل جزءاً ضئيلاً جداً من بين أكثر من مليون طالب أجنبي في البلاد. كثيرا ما لا تتطابق التصورات مع الواقع الأوسع".


خلفية

قبل تصاعد الجدل الحالي بشأن الجامعات، كانت المؤسسات الأميركية التعليمية تعاني بالفعل—ليس بسبب تغيّرات سياسية أو اقتصادية بشكل رئيسي، بل بسبب العامل الديموغرافي، حيث انخفض عدد السكان في سنّ الدراسة الجامعية في الولايات المتحدة.

ومنذ عودة دونالد ترامب إلى السلطة، أصبحت الجامعات في دائرة الضوء: من النقاشات حول مبادرات التنوع والعدالة والشمول (DEI)، واتهامات لأعضاء هيئة التدريس بالتحيز "الليبرالي"، إلى ادعاءات بمعاداة السامية بين المتظاهرين من الطلاب.

في المقابل، اتخذ ترامب خطوات للضغط على المؤسسات التي يعتبرها نخبوية—وخاصة جامعات الـ Ivy League—من خلال التهديد بقطع ما مجموعه 5.2 مليار دولار من التمويل الفيدرالي. وفي الوقت ذاته، واجهت وكالات رئيسية مرتبطة بالبحث العلمي، مثل المؤسسة الوطنية للعلوم (NSF) والمعاهد الوطنية للصحة (NIH) ووزارة الصحة والخدمات الإنسانية، تخفيضات في الميزانية تحت إشراف وزارة كفاءة الحكومة (DOGE)، مع اقتطاعات قد تؤثر حتى على الدرجات العلمية المصنفة "آمنة" مثل تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM).

وبالإضافة إلى هذه التوترات، تم إلغاء منح التأشيرات لبعض الطلاب الدوليين، ووجّه بعض المسؤولين في الجامعات طلابهم بعدم السفر خارج الولايات المتحدة خلال عطلة الصيف.


في المقابل، تؤكد إدارة ترامب أن إجراءات إلغاء التأشيرات تستهدف الدوليين الذين "ينتهكون قوانيننا" والطلاب الدوليين الذين "يسيئون استخدام ضيافتنا".

ويشير مراقبون إلى أن هذه الإجراءات جاءت إلى حدّ كبير كردّ فعل على مشاركة العديد من الطلاب الدوليين في احتجاجات عنيفة مؤيدة للفلسطينيينو وانتماءاتهم المزعومة لجماعات متطرفة.

وبينما تراجعت إدارة ترامب عن إلغاء العديد من تأشيرات الطلاب، أثارت حالة عدم اليقين هذه قلقاً في الأوساط الجامعية من احتمال انخفاض أعداد الطلاب الدوليين. 

وأظهر استطلاع أجرته منظمة IDP Education، المتخصصة في توجيه الطلاب الدوليين، أن عددا ضئيلا فقط من الطلاب الدوليين ما زالوا يحتفظون برؤية إيجابية تجاه الولايات المتحدة.

"كنت أتمنى لو أستطيع أن أكون أكثر تفاؤلاً بشأن المستقبل،" قال ويليام بروستين، نائب الرئيس السابق للاستراتيجية العالمية والشؤون الدولية في جامعة وست فرجينيا، "الحقيقة هي، يبدو أن هناك مزيدا من الغيوم الداكنة في الأفق أمام الطلاب الدوليين".


ما مدى أهمية الطلاب الدوليين لقطاع التعليم الأميركي؟

يلعب الطلاب الدوليون دوراً رئيسياً في دعم قطاع التعليم العالي الأميركي. ففي عام 2023، استقبلت الولايات المتحدة 1.1 مليون طالب الدوليين، وهو ما يمثل نحو سدس جميع الطلاب الدوليين حول العالم. بالمقابل، في عام 2024، التحق 19.1 مليون طالب أميركي بجامعات محلية، في حين اختار 280,716 طالباً فقط الدراسة في الخارج ـ أي ما يعادل 1% فقط من مجموع الطلاب الأميركيين.

"عادة ما يدفع الطلاب الدوليون أعلى معدلات الرسوم الدراسية ولا يتلقون مساعدات مالية من الولاية أو الحكومة الفيدرالية، ما يجعلهم جذابين من الناحية المالية للجامعات،" قال دونالد غرايمز، "كما يساهمون بشكل كبير في الاقتصادات المحلية، لا سيما في البلدات الجامعية التي تميل إلى أن تكون أكثر ازدهارا بسبب ارتفاع نسبة الخريجين فيها".

ويضيف: "في آن آربر، يشكل الطلاب الدوليون نحو 20% من إجمالي المسجلين. إنهم عنصر حيوي في مجتمعنا الأكاديمي".

وبعد التخرج، يبقى العديد من الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة للعمل في مجالات متخصصة تستفيد من مهاراتهم. ووفقا لغرايمز  "توفر الجامعات ما نسميه ‘وظائف جيدة’، ذات رواتب مجزية، ومزايا، وتساهم في إنشاء صناعات فرعية. سواء كانت شركات ناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية أو مقاهٍ محلية تعتمد على حركة الطلاب، فإن الجامعة تُعد محركا اقتصاديا".

وحذّر من أن تخفيض تمويل المؤسسات البحثية لن يضر المختبرات الأكاديمية فحسب. "الأمر لا يقتصر على العلماء. سترى التأثير في التصنيع، والخدمات، وحتى في قطاع العقارات. فقدان جامعة يشبه فقدان مصنع في القرن العشرين—إنه يضرب الاقتصاد المحلي في الصميم".

علاوة على ذلك، فإن الاستثمار في الطلاب الدوليين يعود بفوائد كبيرة أخرى، وفقا لغرايمز. 

"أولا، يدفع الطلاب الدوليون عادة رسوم الدراسة بالكامل، ما يسهم في تحمل تكلفة تعليم الطلاب المحليين. وثانيا، لأن اطلاب الدوليين تلقوا تعليمهم الأساسي خارج أميركا، فإن ذلك يعني أن تكلفة تعليمهم حتى هذه المرحلة قد تحملها نظام تعليمي في بلد آخر".

هذه الفرصة الاقتصادية أصبحت مربحة جدا لدرجة أن مؤسسات مثل جامعة إلينوي في أوربانا-شامبين حصلت على بوليصة تأمين تغطي خسارة محتملة تصل إلى 60 مليون دولار من إيرادات الرسوم الدراسية، في حال حصول انخفاض كبير في عدد الطلاب الصينيين.


هل القلق مبرر؟

يحذر محللون من احتمال انهيار نظام التعليم العالي الأميركي، وحصول نزيف أدمغة وشيك، بينما يعتقد آخرون أن العائلات حول العالم ما زالت حريصة على إرسال أبنائها إلى الولايات المتحدة للدراسة في جامعاتها.

وأطلقت دول مثل فرنسا، وبلجيكا، وهولندا مبادرات تهدف إلى جذب الباحثين الأميركيين. وقال يان دانكيرت، وهو بروفيسور في جامعة (Vrije Universiteit Brussel) عزمه اجتذاب المواهب الأميركية للعمل في جامعة بروكسل.

في الوقت ذاته، لاحظ خبراء جامعات في الولايات المتحدة توجها بين العائلات القلقة نحو إرسال أبنائها للدراسة في الخارج.

وقال حفيظ لكهاني، مؤسس ورئيس شركة Lakhani Coaching في نيويورك إن "هناك الكثير من عدم اليقين، وعدم اليقين لا يناسب التخطيط طويل المدى".

بالإضافة إلى ذلك، ورغم أن الولايات المتحدة لا تزال الوجهة الأكثر تفضيلا في العالم للطلاب الدوليين، بدأت دول أخرى  تقترب من منافستها في هذا المجال. فمنذ سنوات، أصبحت كندا، والمملكة المتحدة، وأستراليا، وألمانيا وجهات جاذبة للطلاب الدوليين.

على سبيل المثال، في 2010، استقبلت الولايات المتحدة 723,277 طالباً دولياً مقارنة بـ 225,260 في كندا. أما في 2023، فقد استقبلت الولايات المتحدة 1.1 مليون طالب، مقابل مليون طالب في كندا.

ومع ذلك، يرى كريستوفر ريم، الرئيس التنفيذي لشركة Command Education للاستشارات الجامعية، أن هناك، لا تزال، مساحة واسعة للتفاؤل.

"رغم التغيرات العالمية، لا تزال العائلات المتعلمة والثرية حريصة على إرسال أبنائها إلى الولايات المتحدة للحصول على تعليم جامعي. لا يزالون يرون أن أميركا موطن لأفضل الجامعات في العالم".