ترامب يقود المؤتمر الصحفي اليومي لفريقه بشأن تطورات جائحة كورونا
ترامب خلال المؤتمر الصحفي اليومي لمتابعة تطورات جائحة كورونا

أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مساء الاثنين، نجاح استراتيجيته للحد من تفشي وباء كورونا المستجد، بدليل "تراجع نسب دخول المستشفيات" للمصابين بكوفيد-19، مؤكدا أنه يمتلك "السلطة المطلقة لإعادة فتح الاقتصاد الأميركي". 

ويدرس الرئيس الأميركي إعادة فتح الاقتصاد والشركات بحلول الأول من مايو المقبل، وهي مساع أثارت الجدل في الولايات المتحدة حول ما إذا كان حكام الولايات سيوافقون على ذلك.  

وقال ترامب في المؤتمر الصحفي اليومي في البيت الأبيض حول تطورات جائحة كورونا، "تتراجع نسب دخول المستشفيات في نيويورك ونيوجيرسي وهذا يدلل على أننا نتقدم وأن استراتيجيتنا في مكافحة الفيروس ناجعة، وأن الأميركيين يتبعون الإرشادات وهو أمر ممتاز". 

وأضاف "كانت الأرقام تشير إلى أنه سيتوفى أكثر من مئة ألف، لكنني أعتقد أننا لن نصل إلى هذه الأرقام". 

وقال ترامب إن خطة إعادة فتح البلاد قاربت على الاكتمال "ونأمل في أن يحدث ذلك، حتى قبل الموعد المحدد". وأضاف "سنعرف في الأيام القدمة متى يمكننا أن نفعل ذلك". وتابع "سأتخذ قراري بشأن فتح الاقتصاد في نهاية الأسبوع".

وأشار إلى أنه يريد أن ينهي القيود المفروضة على السفر إلى أوروبا في الوقت الصحيح.

وقال الدكتور أنتوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية "كان هناك أسبوع سيء الأسبوع الماضي، ستكون هناك المزيد من الوفيات، لكننا سنرى تسطحا للمنحنى ونقاطا ساخنة مثل نيويورك". 

وبعد تزايد الحديث عن أن نسبة الإصابة بالفيروس أكبر من المتوقع بين مجتمع الأميركيين من أصل أفريقي، قال فاوتشي إنه أجرى اجتماعا معهم "وتحدثنا عما ينبغي عمله على المدى الطويل من ناحية عدم التوازن الصحي في العدوى وأنه يصيب الفقراء، خاصة الأميركيين من أصول أفريقية، وأكدنا لهم أننا سنوجه الموارد إلى المناطق التي تحتاج إليها، وسنعمل على تعزيز عمليات العزل في المجتمعات التي تعاني أكثر مما ينبغي". 

وأكد فاوتشي أن تصريحه الأحد، والذي تم تداوله على نطاق واسع "تم فهمه بشكل خاطئ". 

وكان فاوتشي، وهو أكبر خبير للأمراض المعدية في الولايات المتحدة، قد قال "إنه كان ممكنا إنقاذ مزيد من الأرواح في البلاد لو اتخذت إجراءات الإغلاق مبكرا خلال تفشي فيروس كورونا المستجد". 

وقال فاوتشي في المؤتمر الصحفي "كانت هناك تفسيرات خاطئة على الرد على السؤال الافتراضي، سألت سؤالا افتراضيا حول ما إذا كنا قد قمنا بالإجراءات مسبقا هل كان يمكن أن تقل عدد الوفيات والإصابات؟ دائما يمكننا عمل ذلك، لكنني أؤكد أنني والدكتورة ديبورا بركس عندما أوصينا الرئيس بالإغلاق، فإنه استمع إلى التوصيات وعمل بها". 

وأضاف "عندما عدنا إلى الرئيس وقلنا له إن الإغلاق لمدة 15 يوما لا يكفي وأنه يجب أن يكون 30 يوما استمع الرئيس وقام بالتمديد مباشرة". 

وأشار إلى أن الرئيس استمع إلى النصائح الطبية حول القيود على السفر وقال "طلبنا من الرئيس إغلاق الطيران مع أوروبا ففعل ذلك، ثم طلبنا الإغلاق بعد ذلك مع المملكة المتحدة فكان جوابه نعم". 

من جانبه أكد الرئيس ترامب مجددا أن وسائل الإعلام والديمقراطيين بشكل خاص يستهدفونه ويروجون بأنه عنصري ومعاد للأجانب، واصفا ذلك بـ"الأخبار الزائفة". 

وقال "أنا أسجل كل ذلك لأن الأخبار الزائفة كثيرة، قيل عني أنني أكره الأجانب مثلما قالت بيلوسي (رئيسة مجلس النواب) وجو بايدن (المرشح الديمقراطي)".  

وأكد ترامب أنه بدأ باتخاذ إجراءات وقائية حتى قبل وصول الفيروس إلى بلاده "في 17 يناير بدأت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تطبق بعض القرارات بفحص الداخلين إلى أميركا والقادمين من ووهان منشأ الفيروس، وذلك بتوجيه مني رغم أنه لم تكن هناك أي حالة مسجلة حينها في الولايات المتحدة". 

وأضاف "عندما كانت هناك حالة بفيروس كورونا في كل أميركا في 21 يناير، هل أغلق أكبر اقتصاد في العالم لأن هناك حالة واحدة؟ ثم 31 يناير ثلاث حالات ولم يتوف أي شخص، لم تكن هناك أي وفيات، لم يكن أي شخص قد توفي ورغم ذلك اعتمدت حظرا على السفر من الصين، فاتهمت بمعاداة الأجانب". 

وحول تطورات احتياجات المصابين، رغم بلوغ الولايات المتحدة أرقاما قياسية، قال ترامب: "لا أحد احتاج إلى سرير في مستشفى وحرم منه، ولا أحد احتاج إلى جهاز تنفس ولم يتم توفيره له". 

وحول حديثه الأسبوع الماضي عن دراسته تعليق المساهمة المالية الأميركية لمنظمة الصحة العالمية، في ظل تنديده بطريقة إدارتها لأزمة جائحة كورونا، قال ترامب إن قراره بشأن هذا الأمر سيأخذه "قبل نهاية الأسبوع الجاري".

وكان ترامب قد قال الأسبوع الماضي إن "المنظمة الدولية فشلت وربما حجبت المعلومات في وقت مبكر أثناء تفشي المرض، وعارضونا عندما قمنا بغلق المجال الجوي مع الصين". 

ووصلت الإصابات في الولايات المتحدة بفيروس كورونا المستجد، حتى يوم الاثنين، إلى نحو 584 ألف شخص تعافى منهم أكثر من 36 ألفا وتوفي 23 ألفا و555 آخرين. 
 

الذئاب المنفردة

فجر أول أيام يناير، 2025، وثقت كاميرا مثبتة على جسم أحد أفراد الشرطة الأميركية لحظات محاصرة شمس الدين جبّار، منفّذ عملية الدهس في مدينة نيو أورلينز الأميركية، أثناء محاولته الهروب بينما تناثرت أجساد ضحاياه على الأرض من حوله.

تحوّلَ جبّار من رقيب سابق في الجيش الأميركي، إلى إرهابي قاتل لـ 14 ضحية، ساقتهم الأقدار  إلى شارع بوربون الشهير للاحتفال بليلة رأس السنة.

يروي عباس الداهوك، وهو عقيد سابق في الجيش الأميركي، في مقابلة مع الحرة، أن حياة جبار كانت مليئة بالمشكلات، وكانت لديه خطة لجمع عائلته في مكان واحد لارتكاب العنف ضد أفرادها. لكنه في اللحظة الأخيرة قرر العدول عن تنفيذ الخطة، وسلك طريقا مختلفا. 

قاد شاحنته، وعليها علم داعش، ليفتك بأبرياء عزّل في مدينة نيو أورلينز. لم يُستبعد ارتباطه بالتنظيم الإرهابي، لكن على الأرجح كان يتصرف كذئب منفرد.

صباح اليوم نفسه، على بُعد 1700 ميل إلى الغرب، أطل الإرهاب بوجهه البشع مرة أخرى.

أمام فندق يعود للرئيس دونالد ترامب، في مدينة لاس فيغاس، انفجرت شاحنة كهربائية، بعد انتحار مستأجرها ماثيو ليفلسبيرغر، الرقيب الأول في القوات الخاصة الأميركية. 

يقول كولن كلارك، الخبير في قضايا الإرهاب، إن هذا كان أشبه بعرض لجذب الانتباه إلى ما كان للأسف نوعا من التشتّت الذهني لشخص ربما كان يعاني بشدة من اضطراب ما بعد الصدمة.

ويضيف أنه بعد 20 عاما من تركيز ضيّق للغاية على نوع واحد من الإرهاب، وهو الإرهاب الجهادي، "أدركنا الآن أن الأمور أكثر تعقيدا".

يشير كلارك إلى مفهوم الذئب المنفرد، أي كيف يمكن لشخص ما، من دون مقدمات، أن يتحوّل في أي بقعة من العالم، إلى ذئب منفرد يتبربص بضحاياه الغافلين، ليفتك بهم وينشر الرعب.

الذئب المنفرد، بحسب وزارة العدل الأميركية، هو شخص ينفّذ بمفرده هجوما إرهابيا ضد مجتمع يكون هو جزءا منه، بدوافع سياسية أو دينية، ولغرض التأثير على الرأي العام، أو عملية صنع القرار السياسي. وقد يستلهم أفكاره من مجموعة أو شبكة معينة، ولكنه لا يكون خاضعا لقيادتها.

برنامج "الحرة تتحرى" يعود بملف الذئاب المنفردة إلى بدايات هذا النوع من الإرهاب، وكيف تنامى، ويعرض أبرز الهجمات، ودوافع منفذيها، والأيديولوجيات التي تبنوها، إضافة إلى شرح الكوامن النفسية التي تدفع شخصا ما عن سابق إصرار وترصّد، إلى قتل آخرين، يراهم غالبا للمرة الأولى، وهو يدرك أنه سيدفع حياته ثمنا لذلك.

بحسب أحمد سلطان، الباحث في الأمن الإقليمي والإرهاب، يصعب في الغالب الكشف أو التنبؤ بهجمات الإرهابي الوحيد أو الذئب المنفرد، لأنك لا يمكن أن تراقب المجتمع بالكامل، كما أن الذئب المنفرد لا تظهر عليه أي علامات سابقة على تنفيذه الهجوم. 

في المقابل، يرى رامون سباي، وهو عالم اجتماع متخصص بظاهرة الذئاب المنفردة في ملبورن، أستراليا، أنه بمرور الوقت، أصبح إرهاب الذئاب المنفردة يشكّل نسبة أكبر بكثير من إجمالي الهجمات الإرهابية، وأن سياق هذه الهجمات، ورغم أن منفذيها أفراد، غالبا ما تكون نسخة متطرفة، أو تعبيرا عن الصراعات المجتمعية الأوسع الجارية في ذلك الوقت.

أما وائل سلامة، طبيب نفسي عمل على حالات لإرهابيين في السجون اللبنانية، فيؤكد أن هذه الحالات هي بلا شك نوع من البحث عن هوية.

"بالنسبة له (الذئب المنفرد) حتى عندما يتم قتله يصل إلى الغاية المنشودة، فالغاية الأساسية من الجريمة، أن يثبت قدراته".

قد يكون مصطلح "الذئاب المنفردة" حديث العهد، لكن فعل الهجوم الأحادي، ظهر قبل قرنين من الزمان.

يعود تاريخ الهجمات الأحادية، بحسب رامون سباي مؤلف كتابين عن إرهاب الذئاب المنفردة، إلى القرن التاسع عشر، لما يُعرف بإرهاب "الأناركية"، وهي تستند إلى فلسفة سياسية، وكان لديها استراتيجية تسمى "المقاومة القانونية"، و"الدعاية بالفعل".

وتتضمن استراتيجيتها ارتكاب أعمال عنف جماعي بشكل متفرق، وليس كجزء من مجموعة منظمة، من خلال قيام أفراد بشن هجمات عنيفة على مسؤولين حكوميين، رؤساء دول، وعائلات ملكية.

يشتق مصطلح الأناركية من الكلمة اليونانية "أنارخيا"، التي تعني بدون حاكم.

اكتسف فلسفة الأناركية شهرة في القرن التاسع عشر، ودعت إلى مجتمع بلا حكومة، أو هياكل هرمية.

في حديث مع "الحرة"، يقول ستيف كيليليا، مؤسس ومدير معهد الاقتصاد والسلام، الذي ينشر تقارير سنوية عن مؤشرات الإرهاب في العالم، إن مفهوم الذئب المنفرد، بدأ بالظهور فعليا في الفترة بين عامي 1870 و1930، مع حركة الأناركية في أوروبا والولايات المتحدة.وقد تكون إحدى أبرز هجمات هذه الحركة اغتيال الرئيس الأميركي، وليام ماكينلي، عام 1901.

أُعدم قاتل الرئيس، الأناركي ليون تشولغوش، بالكرسي الكهربائي، لكن هجمات الحركة استمرت على مدى عقود. وفي نهاية السبعينيات، شغل إرهابي مجهول الهوية السلطات الأميركية لسبعة عشر عاما كاملا.

وفق تقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي أرسل هذا الشخص، أو سلّم باليد، سلسلة من القنابل التي كانت تزداد تطوراً، وأسفرت عن مقتل ثلاثة أميركيين، وإصابة أكثر من عشرين آخرين. 

يخبر سباي فريق "الحرة تتحرى" أنه منذ التسعينيات، ومع صعود اليمين المتطرف، بدأت فعلياً استراتيجية الذئب المنفرد أو الفاعل المنفرد، واستُخدم المصطلح بشكل أكثر تحديدا وانتشارا بواسطة نشطاء اليمين خاصة المتطرفين منهم.

وظهر كثير من "الذئات المنفردة" يضيف سباي، في صفوف اليمين المتطرّف، وذلك نتيجة استراتيجية تسمى "المقاومة بلا قائد"، وهي طريقة لمنع اختراق أو تفكيك جماعة أو منظمة من قبل وكالات إنفاذ القانون، وهي أيضا وسيلة لحماية القيادة، من خلال جعل الأشخاص يتصرفون بشكل فردي، فإذا تم القبض عليهم، فلن يكون لديهم تفاصيل عن الشبكة أو المخطط الأكبر.

لا يقتصر وجود الإرهاب على طريقة الذئاب المنفردة على الولايات المتحدة، بل يمتد عبر الأطلنطي إلى القارة العجوز.

بحسب ستيف كيليليا مؤسس ومدير معهد الاقتصاد والسلام في أستراليا، فإن عددا من الدول التي لم تتعرض لهجمات في السنوات الخمس الأخيرة، شهد عام 2024 ثماني هجمات ذئاب منفردة في السويد. وفي كل من فنلندا وهولندا والدنمارك وقع هجومان، وتصاعدت الهجمات من هذا النوع في دول أخرى مثل النرويج.

أما ألمانيا، فمن أكثر الدول الغربية تعرضا للإرهاب، ومنها هجمات ذئاب منفردة. 

قبيل عيد الميلاد عام 2024، نفّذ طالب العبد المحسن، طبيب نفسي من أصول سعودية، عملية دهس في سوق مزدحم، في مدينة ماغديبورغ الألمانية، أدت إلى مقتل خمسة أشخاص، وإصابة مئات آخرين.

طبقا لتقارير متخصصة، 93 في المئة من الهجمات الإرهابية المميتة في الغرب خلال السنوات الخمس الماضية نفذت بواسطة "ذئاب منفردة". فما الذي يجذبهم إلى هذا الأسلوب دون سواه؟ 

يجيب أحمد سلطان، الباحث في الأمن الإقليمي والإرهاب، بأن الأسهل هي هجمات الذئاب المنفردة لأنها طبعا أصعب في الكشف والتوقع. ويعني أنها يمكن أن تحدث في أي وقت وأي مكان، "أما الهجمات المنسقة فتحتاج للموارد، وتأخذ وقتا طويلا في التجهيز والتخطيط والتنفيذ".

قد يبدو الفعل بعدائيته نابعا من قوة، إلا أن علم النفس له رأي آخر.

في الجزء الأكبر منه هو ناتج عن عقدة نقص "دائما ما تدفع بالشخص ليبالغ بردة الفعل"، ، يقول وائل سلامة، الطبيب النفسي، فمن ناحية المجرم أو الإرهابي فهو "يريد أن يضخم بجريمته لتضخيم ردة الفعل وبالتالي يغذي عقدة النقص الموجودة لديه".

يخبر رامون سباي "الحرة" أن ما لاحظه في كثير من حالات الذئاب المنفردة التي درسها هو أنه "بمرور الوقت يحدث تحوّل حقيقي في هويتهم"، فيرون ارتكاب العنف عملا ثوريا يمنحهم شعورا بالوجود والأهمية،  ... والإحساس القوي بالاستقامة الأخلاقية والتصرّف باسم الحق والخير"، رغم أن ما يقومون به هو فعل إجرامي ضحاياه في الغالب أناس أبرياء يُستهدفون بينما هم منشغلون بشؤونهم اليومية.