أقارب أحد ضحايا كورونا المستجد، يودعونه في مراسم دفن في مقبرة غرين وود في مدينة نيويورك
أقارب أحد ضحايا كورونا المستجد، يودعونه في مراسم دفن في مقبرة غرين وود في مدينة نيويورك

 رابح فيلالي-واشنطن

على الطرف الآخر من المكالمة، مسؤولة الاستقبال في المشفى تقول "سيدة أنجيلا لدينا بعض الأغراض الشخصية لزوجك سام هنا، ونرجو أن يتسع وقتك أو أي فرد من العائلة للمرور لأخذها. نحن في العادة نفضل الاستغناء عن جميع المتعلقات لكننا نفضل أن نأخذ رأي العائلات قبل أي قرار في هذا الخصوص".

 أنجيلا بصوت يعود من بعيد جدا، تقول "أريد كل شي يتعلق به. بعضا من رائحة عرقه وبعضا من آخر عطر لامس جسده. حافظة نقوده التي تزينها صورتنا المشتركة.  أريد أن أحتفظ بهذه الأشياء في مكان جمعنا وسيظل يجمعنا إلى أن نلتقي. نحن لم نلتق هنا إلا لنجتمع هناك".

 استلمت أنجيلا أغراض الراحل سام بعد أن كانت هنا عند نافدة غرفة استقبالها تنتظر عودته المفترضة. لكنه كآخرين كثيرين لن يعود أبدا.

 استلمت أغراضه التي كانت عليه ومعه، ومنها هاتفه الذي لطالما جمعهما على طرفي مدينة نيويورك.

 عانقت أشياءه طويلا مرة باكية وأخرى باسمة، وشريط مصور من محطات العمر المتتالية يمر بذاكرتها سريعا. 

 يبدو العمر في هذه اللحظة شريطا مصورا وقصيرا جدا وباهت الصورة وحتى تلك الأصوات التي شكلته تسمع بعيدة على غير عادتها في كل العمر الذي مضى.

 سارعت أنجيلا إلى هاتف سام في محاولة منها لرؤية صورهما معا وبناتهما الثلاث، في ضحكات مرتفعة أو في لحظات عبث طفولي بينهم جميعا في فناء البيت أو في حديقته الخلفية أو في ساعات النوم في نهاية المساءات الطويلة.

 هنا آخر صورة، وهناك آخر نكتة كانا قد تبادلا الضحكات حول تفاصيلها، وفي رسالة أخرى قلبها الأحمر يتراقص في طريقه إليه ورده المازح من وراء الشاشة. ألا يزال قلبك يتراقص أم أنه اكتفى؟

 عينا أنجيلا تتسعان.. هناك رسالة أخيرة كتبها سام ولم ترسل، ربما لم يسعفه وقته وهو رجل كأهل نيويورك على عجلة من أمرهم دائما أو ربما أنفاسه المتقطعة أو ربما صمت المكان الجنائزي خانه في ساعة ليل طويلة أن يرسلها كما كان يتمنى أو ربما كان لا يريد أن يزعجها بحديث هو يعرف جدا أنها لا تحب سماعه أبدا.

"أنجي.. سوزي.. مينا.. ليز

 أحبكن إلى الأبد

قلب أحمر كبير على صدر الشاشة

 يبدو العالم الآن صغيرا جدا في حجمه إلى الحد الذي لا يتسع سوى لقبلة لكنّ جميعا، ويبدو أن مكاسب الحياة جميعها ضئيلة جدا أمام عناق عائلي يجمعنا وهو أقل بكثير من أن يساوي جلسة عشاء على طاولة مطبخنا على لحم بيرغر تحضره أنجي وأعده لكنّ جميعا عند مشوانا في شرفة بيتنا.

 هذا العالم الذي رأيناه دائما كبيرا يبدو أصغر بكثير من روعة فطورنا الصباحي في حديقة بيتنا في موسم الربيع هذا من كل عام.

 من مكاني هذا اللحظة ذلك العالم يبدو لي أقل بكثير من لحظة اصطحابكن إلى باب المدرسة في كل صباح، وقبلاتي تطبع على وجوهكن، وأنجي تسأل عنكن وأنا في طريقي إلى العمل.

 العادي من الأشياء يبدو الآن في ضجيج هذا الصمت هو كل الحياة وليس جزءا من الحياة.

 وحيد أنا وكل الذين هم حولي هنا في هذه الليالي الطويلة إلا منكن. لا شيء هنا غير أشواقي لكن، وخوفي عليكن. أشعر الآن كأننا لم نلتق أبدا، وكأن كل الذي حدث هو تمهيد للقائنا المرتقب.

 خوف يملأ قلبي ويشوش عقلي بلا انقطاع. هل ستكون هذه محطتنا الأخيرة ولا محطة بعدها؟

 أشعر بأن قدرتي على التنفس تسوء يوما بعد آخر وأشعر أن المسافة إليكن تبدو بعيدة جدا، وأكثر مما هي في حقيقتها وأقل وضوحا من أن أقدر على رؤيتها وأشعر أن صوتي يغادرني إلى مكان سحيق من جسدي لم أعد أسمعه.

 أحاول جاهدا أن أصرخ في وجهي، لكن صوتي لا يصلني.

 إنجي

 تذكرين أول مرة لمست فيها يديك. كان السحر يتسلل بين أصابعك، عيناك أبرقتا كضوء قمر في ليلة شديدة السواد من لحظتها أدركت أنك رفيقة درب وصديقة عمر وشريكة حلم وأم أولادي القادمين وجدة أحفادي المرتقبين.

 كم ضاع من الوقت ونحن نختلف في تفاصيل الحياة. لا عليك كان الحب دائما هويتنا المشتركة. نختلف حتى أحبك أكثر، وحتى أعود إليك بوردة وقطعا من الجبن المحبب إلى قلبك، وننسى الذي حدث عند شرفة بيتنا.

 نمضي ليوم آخر هو للحب وللفرح المنتظر.

 لطالما تحدثنا عن خوفنا العميق عن بناتنا، عن خياراتهن في الحياة، حلمنا بأن تكن الجميلات بين النساء جميعا.

 أنجي أنا أحبك حتى الموت، حتى عندما كنت أحبك كنت أشعر دوما أنني لم أعرف كيف أقول لك أني أفعل ذلك بالطريقة اللائقة وبالأسلوب المناسب.

أنجي أعرف جدا أن بناتنا سيكن بخير لأنك هناك.

لطالما سألت الله في ساعات الليل الطويلة هنا أن يغفر لي قصور شكري له لأنك هناك وأنا المصاب، ولست أنت لأن بناتنا بخير طالما أنت هناك معهن.

بناتنا حالمات وراقصات وعازفات على لحن الحياة، أنت هناك لتقولي لهن إن الحب هو سر الحياة بل هو كل الحياة، لذلك أرغب جدا في أن أقول لكن إني أحبكن جميعا.

 يبدو العالم الآن أضيق من القدرة على احتواء حالة الحب التي أحمل لك ولبناتنا الجميلات.

 جميلاتي.. كن بخير لأجلي ولأجلنا جميعا.

 أحبكن هنا وهناك

وأحب نيويورك الآن أكثر من أي وقت مضى".
 

تساؤلات بشأن مصير الاقتصاد إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض
تساؤلات بشأن مصير الاقتصاد إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض

كان المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، دونالد ترامب، شديد الانتقاد للعملات المشفرة مثل بيتكوين في الماضي، لكن موقفه تغير بشكل كبير الأسبوع الماضي.

ففي مقابلة تلفزيونية الثلاثاء، سألت مذيعة قناة فوكس نيوز لورا إنغراهام ترامب عما إذا كان سيدعم بيتكوين كامتداد طبيعي لقراره معارضة العملة الرقمية للبنك المركزي. وبدلا من انتقاد بيتكوين، أشاد ترامب بالعملة الرقمية، وقال إن كثيرا من الناس باتوا يتعاملون بها.

ثم عدل ترامب مديحه بتحذير: "لقد أحببت دائما شيئا قويا حقا، وهو ما يسمى الدولار".

وخلال مؤتمر كبير عقد في نهاية يوليو في ناشفيل (تينيسي)، وعد ترامب في حال إعادة انتخابه بأن يكون "الرئيس المؤيد للتجديد وبيتكوين الذي تحتاج إليه أميركا".

تأثير على الانتخابات

واعتبر موقع فوربس أن تغير رؤية الرئيس السابق ترامب الذي يرى الآن بيتكوين والدولار كعملات متعايشة يمثل تطورا في آرائه بشأن الأصول الرقمية، وأشار الموقع إلى أن هذا التحول قد يكون له تأثير مفيد يصب في صالحه في صناديق الاقتراع في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر.

وترى صحيفة "وول ستريت جورنال" أن جهود ترامب الأخيرة تبدو محاولة ذكية لجذب قطاع العملات المشفرة الذي ضخ قرابة 170 مليون دولار في الانتخابات لعام 2024، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول ما إذا كان هذا القطاع سيصبح له تأثير أكبر في واشنطن إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض.

وكثف ترامب مؤخرا جهوده للحصول على دعم قطاع العملات المشفرة، وذلك من خلال إطلاق مشروع جديد يُدعى "وورلد ليبرتي فاينانشيال".

وكتب ترامب على موقع "أكس" وعلى شبكته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال" أنّ "الأميركيين يتعرّضون لضغوط من قِبَل البنوك الكبرى والنخب المالية منذ فترة طويلة جدا".

وأضاف "حان الوقت لكي نقاوم معًا".

ما هو المشروع؟ 

لم يقدم ترامب أي تفاصيل حول محتوى المشروع المسمى "وورلد ليبرتي فاينانشيال".

وفي الأسابيع الأخيرة، قال اثنان من أبناء ترامب هما إريك ودونالد جونيور اللذان يقودان منظمة ترامب إنّ هذا المشروع هو بمثابة "عقارات رقمية".

وتحدّث إريك ترامب لصحيفة "نيويورك بوست" عن "ضمانات يمكن للجميع الوصول إليها بشكل فوري".

وفي مجال التمويل، تشير الضمانات عمومًا إلى الأصول المودعة مقابل الحصول على قرض.

ووفقا لموقع "كوين ديسك" الإخباري للعملات المشفرة، فإن من المتوقع أن تكون "وورلد ليبرتي فاينانشيال" عبارة عن خدمة اقتراض وإقراض مماثلة لتطبيق "داف فاينانس" الذي تم اختراقه مؤخرا، وهو تطبيق أنشأه أربعة أشخاص مدرجين كأعضاء في فريق "وورلد ليبرتي فاينانشيال".

وتشير وكالة "فرانس برس" إلى أن المنصة التي وعد بها ترامب على ما يسمى بالتمويل اللامركزي، هي آلية تسمح بعدم استخدام وسيط مثل البنك لتنفيذ معاملات مع طرف ثالث.

ويعتمد التمويل اللامركزي على ما يسمى بتقنية "بلوك تشين"، التي تحتفظ بسجل للمعاملات لا يمكن انتهاكه من الناحية النظرية، ويكون متاحا للجميع.

وفي حين أن التفاصيل حول هذا المشروع ما زالت شحيحة، أكد الفريق الذي يقف وراءه أن الهدف الرئيسي سيكون نشر العملات المستقرة المرتبطة بالدولار الأميركي حول العالم، وضمان استمرار هيمنة الدولار في النظام المالي العالمي، بحسب ما نقلت "وول ستريت جورنال".

والعملات المستقرة هي نوع من العملات المشفرة المصممة للحفاظ على نسبة تبادل مع العملات الحكومية مثل الدولار الأميركي.

من حيث المبدأ، عادة ما تكون قيمة العملة المستقرة مدعّمة بالعملة التقليدية أو الأصول الملموسة، مما يضمن للمستثمرين مزيدا من الاستقرار في عالم العملات المشفرة شديد التقلب.

لكن استقرار بعض من هذه العملات لا تضمنه احتياطيات العملة بل خوارزميات تجري التقييم استنادا إلى العرض والطلب على عملات مشفرة أخرى

لكن مع ذلك، ارتبطت العملات المستقرة بأنشطة غير قانونية مثل تمويل الإرهاب والاتجار بالمخدرات.

تضارب مصالح جديد؟

وترى صحيفة "وول ستريت جورنال" أنه إذا تورط ترامب وأفراد أسرته في هذا المشروع الرقمي، فقد يؤدي ذلك إلى خلق تضارب مصالح جديد إذا أعيد انتخابه في نوفمبر.

وتتساءل الصحيفة عما إذا كان ترامب سيستخدم منصبه للدفع بقوانين تسهل استخدام العملات المشفرة بما يتماشى مع مصالحه الشخصية، كما قد تلجأ الشركات المتخصصة في هذا المجال إلى شراء المنتجات المالية لترامب بهدف التأثير على السياسات المالية في واشنطن.

وتشير الصحيفة إلى أن إطلاق عملة رقمية مرتبطة بالدولار قد يؤدي إلى تعقيدات أخرى.

فبينما لا يتحكم الرئيس الأميركي مباشرة في قيمة الدولار، فإن سياسات مثل العجز في الميزانية قد تؤثر على قيمته، مما يضيف بعدا جديدًا لتأثيرات ترامب المحتملة على الاقتصاد الأميركي.

خلال ولايته الأولى، أثارت مصالح ترامب التجارية قلق البعض، حيث لجأت شخصيات سياسية ودبلوماسية للاستثمار في فنادق ترامب ومشروعاته المختلفة، ما أثار شكوكا حول سعيهم لشراء النفوذ لدى الرئيس. ورغم هذه التحديات، يبدو أن ترامب يستمر في استخدام المنصات المالية كوسيلة لتحقيق المكاسب الشخصية، بحسب "وول ستريت جورنال".

خطر التلاعب والاحتيال

خطط ترامب بشأن العملات المشفرة يثير المخاوف بشأن محاولات الاحتيال، حتى أن مخادعين حاولوا استغلال المشروع عن طريق إنشاء إعلانات مزيفة تدّعي بيع رموز مرتبطة به.

كما تعرضت حسابات أفراد من عائلة ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي للاختراق للترويج لرموز مزيفة، مما دفع السلطات إلى التحرك سريعا لحذف المنشورات.

وأظهرت وثائق نُشرت في منتصف أغسطس أنّ ترامب يمتلك ما يتراوح بين مليون و5 ملايين دولار من الإيثر، ثاني أكثر العملات الرقمية استخدامًا في العالم، بحسب "فرانس برس".