أعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن الخميس أن نجمة كرة السلة الأميركية بريتني غرينر أصبحت في "أمان"، وهي "على متن طائرة متجهة للعودة للوطن بعد شهور من احتجازها ظلما في روسيا".
وكشف بايدن للصحفيين في البيت الأبيض أن غرينر ستصل تكساس خلال الأربع والعشرين ساعة القادمة.
وأجرت واشنطن وموسكو صفقة لإطلاق سراح تاجر السلاح الروسي الشهير فيكتور بوت، مقابل إطلاق سراح الأميركية بريتني غرينر.
وتوجهت غرينر إلى الولايات المتحدة، الخميس، منهية ما وصفه الرئيس بايدن بشهور من "الجحيم"، بعد أن سافرت من مستعمرة جنائية روسية إلى موسكو ثم إلى مطار أبوظبي في الإمارات ،حيث جرى التبادل، وكان الاثنان يسيران متجاورين على مدرج المطار.
وبينما كانت غرينر على متن طائرة متجهة إلى تكساس، وصل بوت إلى موسكو حيث عانق والدته وزوجته بعد نزوله من طائرته، بحسب لقطات حية بثها التلفزيون.
وقال بايدن إن الولايات المتحدة ستواصل العمل لإطلاق سراح بول ويلان، جندي مشاة البحرية السابق المحتجز أيضا في روسيا، بعد عدم التمكن من إقناع روسيا بالإفراج عنه في إطار المفاوضات.
وتعد عملية التبادل واحدة من أكثر الأمثلة البارزة والنادرة على التعاون بين واشنطن وموسكو منذ غزو أوكرانيا. وتبادل البلدان سجناء في أبريل، حين أفرجت روسيا عن تريفور ريد الجندي السابق في مشاة البحرية الأميركية وأفرجت الولايات المتحدة عن الطيار الروسي كونستانتين ياروشينكو.
لاعبة كرة سلة وناشطة خارجة عن المألوف
تعد نجمة كرة السلة الأميركية غراينر واحدة من أبرز لاعبات كرة السلة في العالم، وقد جندت شهرتها للدفاع عن مجتمع السود والمثليين.
وأوقفت لاعبة فريق فينكس مركوري في فبراير في موسكو قبيل بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، وبحوزتها عبوات سجائر إلكترونية تحتوي على سائل الماريوانا، وكانت في الأشهر الأخيرة محور مواجهة دبلوماسية بين الولايات المتحدة وروسيا على خلفية الحرب في أوكرانيا.
وقضت محكمة روسية في أغسطس بسجن غراينر تسع سنوات لإدانتها بـ"تهمة تهريب المخدرات"، وأودعت الرياضية البالغة 32 عاما سجنا روسيا نائيا.
يبلغ طول غراينر 2.06 متر ومقاس رجلها 54، وقد رسخت نفسها واحدة من أفضل لاعبات كرة السلة في مركز الدفاع منذ بداية مسيرتها الاحترافية.
مستفيدة من طولها الفارع، حظيت غراينر بسلاح نادر في كرة السلة للسيدات التسجيل، مستخدمة تقنية "سلام دانك".
في تصريح لمجلة "تايم"، قالت زميلتها في فريق فينكس مركوري، ديانا توراسي، "كنا نقول لأنفسنا "إنها مستقبل كرة السلة".
وكانت غراينر أول لاعبة في تاريخ بطولة العالم تحقق سلام دانك في 2014، خلال مباراة مع منتخب الصين في دور المجموعات.
وقالت إثر تلك المباراة "كنت سعيدة للغاية. لاحقا، سألت أصدقائي وعائلتي: هل رأيتم ذلك؟".
اعتبرت غراينر عند دخولها الدوري الأميركي ظاهرة بسبب مقاساتها الجسدية، وتم اختيارها في الجولة الأولى للاختبارات عام 2013 وكشفت للجمهور أنها تمتلك كفين أكبر من كفي نجم كرة السلة للرجال، ليبرون جيمس.
في عامها الاحترافي الثاني، فازت بلقب الدوري مع فريق أريزونا محققة مساهمة هجومية ودفاعية رائعة.
لكن حياتها تتجاوز الكرة البرتقالية. ففي عام 2013، كشفت عن مثليتها الجنسية في مقابلة مع مجلة "سبورتس إيليسترايتد" شارحة تعرضها للمضايقة خلال طفولتها "إنه أمر صعب. أن نتعرض للمضايقة لأننا مختلفون. كوني أطول، وبسبب ميولي الجنسية...".
بعد عام، نشرت سيرتها الذاتية بعنوان "إن ماي سكين (داخل جلدي)". وكتبت فيها "أعتقد أنني بدأت أشعر بالاختلاف عندما بدأ الجميع في إخباري أنني مختلفة".
في مرحلة الدراسة التكميلية "كنت نحيفة، وكان صوتي منخفضا". ضحك عليها الأطفال في الممرات، قائلين "لابد أنها صبي. إنها ليست فتاة".
صرخ والدها عندما أخبرته عن ميولها الجنسية "احزمي حقيبتك وغادري!".
ثم صارت شخصية بارزة في مجتمع الميم، وهي من مواليد مدينة هيوستن بولاية تكساس، ونشأت مع شقيقتين وأخ، وهي أول وجه مثلي يحظى برعاية شركة نايكي، وقد شاركت في جلسة تصوير فوتوغرافي ارتدت خلالها ملابس رجالية.
وفي عام 2020، إثر الاحتجاجات التاريخية ضد عنف الشرطة تجاه الأميركيين السود بعد مقتل جورج فلويد وبريونا تايلور، كانت غراينر من أوائل لاعبات كرة السلة اللاتي طلبن من رابطة الدوري التوقف عن عزف النشيد الوطني قبل المباريات.
وقال "التحالف الوطني للعدالة للسود" في بيان بعد إطلاق سراح لاعب كرة السلة "كانت غراينر محتجزة في روسيا بتهم ملفقة بصفتها سجينة سياسية بسبب هويتها الأميركية. كون غراينر سوداء ومثلية جنسيا، جعلها هدفا أكبر".
بالتوازي مع مسيرتها في فينيكس مركوري، لعبت بريتني غراينر أحيانا في خارج الموسم لأندية صينية وأوروبية، كما تفعل بعض لاعبات الدوري الأميركي الأخريات للحصول على رواتب أعلى خصوصا.
وقد فازت بأربعة ألقاب يوروليغ مع نادي يكاترينبورغ الروسي واكتسبت شهرة في البلاد.
كذلك، حصلت على ألقاب مع المنتخب الأميركي: لقبان أولمبيان في 2016 و2020، وبطولة العالم مرتين عامي 2014 و2018.
في سبتمبر، كان غيابها بارزا في نهائيات كأس العالم 2022 في أستراليا التي فاز بها منتخب الولايات المتحدة.
ولم ترتد اللاعبات قميصها رقم 15 خلال المنافسة، وأرسلن لها "رسائل حب ودعم وتشجيع" خلال فترة سجنها.
فيكتور بوت "تاجر الموت"
بقي اسم فيكتور بوت الملقب "تاجر الموت" على مدى عقدين رمزا لحركة تهريب الأسلحة الدولية في ظل الفوضى المخيمة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وألهمت قصته هوليوود قبل أن تقبض عليه الولايات المتحدة وتسجنه.
واعتقل بوت الذي يبلغ من العمر 55 عاما عام 2008 خلال عملية أميركية في تايلاند، وحكم عليه في 2012 بالسجن 25 عاما.
ولد فيكتور بوت بحسب تقرير للأمم المتحدة في دوشانبي عاصمة طاجيكستان، الجمهورية السوفياتية السابقة. درس في المعهد العسكري للغات الأجنبية في موسكو قبل الانضمام إلى سلاح الجو.
وهو متهم بأنه اغتنم الفوضى المنتشرة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي عام 1991 ليشتري كميات من الأسلحة بأسعار متدنية من قواعد عسكرية غابت عنها السيطرة وضباط يبحثون عن سبل للإثراء أو لمجرد تأمين معيشتهم.
ووصل به الأمر إلى تشكيل أسطوله الخاص من طائرات الشحن لتسليم حمولاته عبر العالم.
وكان الصحفي الأميركي، دوغلاس فرح، الذي أصدر مع ستيفن براون الكتاب تحقيق "تاجر الموت" عام 2008، وصف فيكتور بوت بأنه "ضابط سوفياتي أحسن اغتنام الفرصة السانحة نتيجة ثلاثة عوامل أعقبت انهيار الاتحاد السوفياتي: طائرات متروكة على المدارج بين موسكو وكييف ...، ومخزونات هائلة من الأسلحة بحراسة جنود لم يكن أحد يدفع لهم أجورهم، وفورة الطلب على الأسلحة".
دخل الثقافة الشعبية الأميركية عام 2005 عند عرض فيلم "لورد أوف وور" المستوحى من حياته، والذي لعب فيه النجم الأميركي نيكولاس كيدج دور تاجر الأسلحة يوري أورلوف الذي يطارده الإنتربول.
يعتبر البعض في روسيا أن واشنطن تبالغ في ما تنسبه إليه من أعمال لتجعل منه فزّاعة ولتشوّه صورة موسكو.
وكتب الصحفي الروسي، ألكسندر غاسيوك في كتاب أصدره عام 2021 ليروي "القصة الحقيقية" لتاجر الأسلحة، أن "الأسطورة التي اختلقتها الولايات المتحدة حول بوت قصة بديهية إلى حد مشين: قصة روسي شرير يبيع أسلحة بصورة غير شرعية ويحاول إلحاق الأذى بأميركا، لكن الأميركيين الطيبين وضعوا حدا له".
من جهتها، تؤكد "ألا" زوجة بوت أن زوجها "رجل أعمال نزيه ووطني كبير يحب بلاده، حكم عليه لجرائم لم يرتكبها"، كما كتبت في مقدمة كتاب ألكسندر غاسيوك.
وأوقف بوت ضابط سلاح الجو السوفياتي السابق الذي يشتبه البعض بأنه كان عنصرا في أجهزة الاستخبارات العسكرية، عام 2008 في تايلاند بعدما أوقع به عناصر أميركيون.
وبحسب الاتهام، وافق على بيع ترسانة من البنادق والصواريخ لهؤلاء العملاء السريين الذي ادعوا أنهم عناصر من القوات المسلحة الثورية الكولومبية "فارك" يريدون استخدام هذه الأسلحة لإسقاط مروحيات أميركية تدعم الجيش الكولومبي.
وفي 2010، رحلته تايلاند في طائرة جهزتها الولايات المتحدة من أجل محاكمته.
أدين في نوفمبر 2011 بتهمة تهريب الأسلحة وحكم عليه في أبريل 2012 في نيويورك بالسجن 25 عاما.
صرح عند إعلان الحكم "لست مذنبا، لم يكن يوما بنيتي قتل أي كان، لم يكن يوما بنيتي بيع هذه الأسلحة لأي كان، الله يعلم الحقيقة".
ووعدت وزارة الخارجية الروسية في ذلك الحين ببذل كل ما بوسعها لإعادته إلى روسيا معتبرة الحكم "سياسيا".
وتندد موسكو منذ ذلك الحين بسجنه، ما يشير برأي بعض المراقبين إلى أن بوت قد يكون تصرف بموافقة مسؤولين روس.