جو بايدن أمام أعضاء الكونغرس ـ صورة أرشيفية.
جو بايدن أمام أعضاء الكونغرس ـ صورة أرشيفية.

ركز الرئيس الأميركي، جو بايدن، في خطابه السنوي الثاني "حالة الاتحاد"، الثلاثاء، بالكونغرس، على استعراض الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية التي حققتها إدارته خلال العامين الماضيين، مع تأكيده على أهمية العمل المشترك بين الجمهوريين والديمقراطيين لخدمة مصالح البلاد.

واعتبرت شبكة "سي ان ان" في مقال تحليلي للخطاب، أن رسالة بايدن من مجلس النواب، "كانت رسالة تفاؤل خالص - حتى في مواجهة العداء الصريح".

وذكرت الشبكة أن خطاب بايدن "نجح" في مواجهة الانتقادات العديدة التي يتعرض لها من النواب الجمهوريين، وفي تسليط الضوء على إنجازات فترته الرئاسية للأميركيين الذين يقولون إنه لم ينجز الكثير، ولبعض الديمقراطيين غير السعداء باحتمالية إعلانه إعادة الترشح.

وخطاب حالة الاتحاد، تقليد سنوي للرؤساء الأميركيين يعرضون خلاله إنجازات إدارتهم على الكونغرس وكذلك التحديات التي تواجه الأمة.

وسلط بايدن الضوء على التقدم المحرز خلال أول عامين من توليه المنصب مع التأكيد على أن "العمل لم ينته بعد"، بحسب الشبكة، التي قالت إن الرئيس كان يأمل في معالجة المزاج الوطني، الذي لا يزال متشائما حتى مع تحسن الاقتصاد ومحاولات البلاد العودة إلى طبيعتها بعد جائحة كورونا.

بايدن خلال خطاب حالة الاتحاد
"حالة الاتحاد قوية".. بايدن يراهن على "قوة الشعب" ويستعرض الانجازات الاقتصادية
حافظ الرئيس جو بايدن خلال خطاب حال الاتحاد الذي ألقاه أمام الكونغرس الأميركي، الثلاثاء، على نبرة التفاؤل والقوة، وأحيانا بعض النكات، وأكد أن الخطاب قوي "لأن روح الامة قوية وعمودها الفقري قوي ولان الشعب قوي".

من جهتها، أبرزت صحيفة "واشنطن بوست"، أن خطاب بايدن، سلط الضوء على القرارات والإجراءات التي قامت بها إدارته في خلق الوظائف والرعاية الصحية، بـ"هدف دفع الجمهوريين إلى موقف دفاعي وتقديم نفسه كصديق للأميركيين العاديين".

واعتبرت الصحيفة أن الخطاب "يقدم صورة عن رسالة حملته المحتملة لعام 2024"، حيث دافع عن سجله، ووجه نداء مباشرا إلى الطبقات العاملة، ساعيا إلى تغيير مواقف الناخبين حول الاقتصاد من خلال الترويج للاستثمار الهائل لإدارته في البنية التحتية.

وبين دعواته إلى الجمهوريين لتوحيد الصفوف مع الديمقراطيين وإدانة سياسات الحزب الجمهوري، عرض بايدن فرص وإمكانات التعاون المستقبلي واحتمال اندلاع معارك حزبية سيئة خلال العامين المقبلين.

وقال بايدن: "بالنسبة لأصدقائي الجمهوريين، إذا تمكنا من العمل معًا في الكونغرس الأخير، فلا يوجد سبب يمنعنا من العمل معا والتوصل إلى إجماع حول أشياء مهمة في هذا الكونغرس أيضا". 

وتابع بالقول إن المواطنين أرسلوا لنا رسالة واضحة، مفادها أن القتال من أجل القتال والسعي إلى السلطة من أجل السلطة، والصراع من أجل الصراع لا يقودنا إلى أي مكان".

رد الجمهوريين

ورد الحزب الجمهوري على خطاب بايدن موجها انتقادات شديدة لسياساته ولأبرز المضامين والنقاط التي تطرق لها في خطابه، من خلال خطابي حاكمة ولاية أركنساس، سارة هوكابي ساندرز، والنائب عن ولاية  آريزونا، خوان سيسكوماني.

وفيما ركز بايدن، في خطابه على دعوة أعضاء الكونغرس الجمهوريين والديمقراطيين إلى العمل معا وأبرز أوجه التعاون بينهما خلال العامين الماضيين، سعت حاكمة أركنساس سارة ساندرز، في كلمتها إلى الإشارة إلى ما اعتبرتها الاختلافات العميقة، والتي تتجاوز السياسة بين الحزبين.

وقدمت ساندرز، التي انتُخبت في نوفمبر، كأول حاكمة لأركنساس، رد الجمهوريين على خطاب بايدن، مشيرة إلى أن الخط الفاصل في أميركا لم يعد بين اليمين واليسار، بل أصبح  يتعلق بـ"الاختيار بين الطبيعي أو الجنوني"، بحد تعبيرها. 

وزعمت ساندرز أن بايدن ورفاقه الديمقراطيين "خذلوا" الشعب الأميركي، معلنة أن "وقت التغيير" قد حان.

وخالفت النائبة الجمهورية "خطاب الوحدة" الذي تبناه بايدن، موجهة له انتقادات لاذعة، واعتبرت أنه "غير مناسب لشغل منصب قائد أعلى للقوات المسلحة"، وأضافت: "ضعفه يعرض أمتنا والعالم للخطر".

وسلطت ساندرز الضوء كذلك على اختلاف الأجيال مع بايدن، قائلة: "في سن الأربعين، أنا أصغر حاكم في البلاد، وفي الثمانين من العمر، هو أكبر رئيس في تاريخ الولايات المتحدة."

كما أكدت في حديثها أن "الوقت قد حان لجيل جديد من القيادة الجمهورية".

وادعت ساندرز بأن حرية الأميركيين "تتعرض للهجوم" وأعلنت مرة أخرى أن الوقت قد حان للتغيير نحو "جيل جديد من القادة الجمهوريين، ليس ليكونوا راعين للوضع الراهن، ولكن ليكونوا صناع تغيير للشعب الأميركي".

وفي الجانب المتعلق بالعلاقات مع الصين، اعتبرت ساندرز أن "رفض الرئيس الوقوف في وجه الصين، ألد أعدائنا، أمر خطير وغير مقبول"، زاعمة أن "بايدن غير راغب في الدفاع عن حدودنا والدفاع عن سمائنا والدفاع عن شعبنا "

ومقابل نبرة التفاؤل التي حملها خطاب بايدن، قال النائب الجمهوري خوان سيسكوماني، في رده: "نحن في مرحلة حرجة في تاريخ أمتنا"، مضيفا: الآن، أكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى النضال من أجل القيم التي جعلت من الممكن للكثيرين أن يعيشوا الحلم الأميركي".

وتابع سيسكوماني الذي يعد أول جمهوري لاتيني ينتخب لعضوية الكونغرس من ولاية أريزونا، أن الرئيس بايدن وإدارته "يواصلان الدفع بالسياسات التي تضر بأسرنا".

وأضاف: "نحن بحاجة إلى حكومة تكون مسؤولة أمام مواطنيها. وليس القادة ذوي الأعذار الذين ينصب تركيزهم على انتقاد الطرف الآخر أكثر من إيجاد الحلول الحقيقية. يمكننا أن نفعل ما هو أفضل.. يجب أن نفعل ما هو أفضل".

"لنواجه التطرف الجمهوري"

بالمقابل، ردت النائبة عن حزب "العائلات العاملة الليبرالية"، ديليا راميريز، على خطابات الجمهوريين، داعية الرئيس جو بايدن وحزبه الديمقراطي إلى مواجهة ما أسمته "التطرف الجمهوري ودعت المزيد من أبناء الطبقة العاملة للانضمام إلى جهودهم".

وأشادت راميريز، بالإجراءات التي اتخذتها إدارة بايدن لمساعدة العائلات في مواجهة جائحة كورونا، مسلطة الضوء على ما عدّتها "العقبات الجمهورية التي جعلت الأمر أكثر صعوبة".

وثمنت عضو الكونغرس، سياسات بايدن، خاصة إقراره مشروع قانون البنية التحتية وقانون خفض التضخم، لكنها قالت إنه على الرغم من هذه الإجراءات، "ما زال  من الصعب على الكثير من العائلات في هذا البلد تغطية نفقاتهم".

وقالت: "ما أريد أن أقوله للرئيس بايدن وجميع زملائي الديمقراطيين في الكونغرس هو أن لدينا وظيفتين، أولها الوقوف في وجه تطرف جمهوريي MAGA"، في إشارة إلى إلى حركة "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" التي يقودها الرئيس السابق دونالد ترامب.

وثانيهما تضيف راميريز: "علينا أن نظهر للعاملين ما الذي سيقدمه الديمقراطيون للعائلات العاملة إذا ما وضعونا في السلطة".

وأوردت أن تحقيق هذين المسعيين، يعني الاستمرار في دعم الاستثمار في العائلات، مثل إحياء الائتمان الضريبي للأطفال، وتوسيع برنامج Medicaid، وهي إجراءات تطرق لها بايدن في خطابه.

كما دعت النائبة، بايدن إلى استخدام سلطته التنفيذية لخفض أسعار الأدوية وحماية المستأجرين ومحاسبة أصحاب العقارات من الشركات على التلاعب في الأسعار والتمييز في مجال الإسكان.

وقالت: "إذا كان الجمهوريون في الأغلبية مهتمين بأسر الطبقة العاملة كما يزعمون، فسوف يقفون معنا، وإذا لم يفعلوا ذلك، فسيرى الأميركيون من يقف إلى جانبهم، وسيدفع الجمهوريون الثمن في صناديق الاقتراع".

الذئاب المنفردة

فجر أول أيام يناير، 2025، وثقت كاميرا مثبتة على جسم أحد أفراد الشرطة الأميركية لحظات محاصرة شمس الدين جبّار، منفّذ عملية الدهس في مدينة نيو أورلينز الأميركية، أثناء محاولته الهروب بينما تناثرت أجساد ضحاياه على الأرض من حوله.

تحوّلَ جبّار من رقيب سابق في الجيش الأميركي، إلى إرهابي قاتل لـ 14 ضحية، ساقتهم الأقدار  إلى شارع بوربون الشهير للاحتفال بليلة رأس السنة.

يروي عباس الداهوك، وهو عقيد سابق في الجيش الأميركي، في مقابلة مع الحرة، أن حياة جبار كانت مليئة بالمشكلات، وكانت لديه خطة لجمع عائلته في مكان واحد لارتكاب العنف ضد أفرادها. لكنه في اللحظة الأخيرة قرر العدول عن تنفيذ الخطة، وسلك طريقا مختلفا. 

قاد شاحنته، وعليها علم داعش، ليفتك بأبرياء عزّل في مدينة نيو أورلينز. لم يُستبعد ارتباطه بالتنظيم الإرهابي، لكن على الأرجح كان يتصرف كذئب منفرد.

صباح اليوم نفسه، على بُعد 1700 ميل إلى الغرب، أطل الإرهاب بوجهه البشع مرة أخرى.

أمام فندق يعود للرئيس دونالد ترامب، في مدينة لاس فيغاس، انفجرت شاحنة كهربائية، بعد انتحار مستأجرها ماثيو ليفلسبيرغر، الرقيب الأول في القوات الخاصة الأميركية. 

يقول كولن كلارك، الخبير في قضايا الإرهاب، إن هذا كان أشبه بعرض لجذب الانتباه إلى ما كان للأسف نوعا من التشتّت الذهني لشخص ربما كان يعاني بشدة من اضطراب ما بعد الصدمة.

ويضيف أنه بعد 20 عاما من تركيز ضيّق للغاية على نوع واحد من الإرهاب، وهو الإرهاب الجهادي، "أدركنا الآن أن الأمور أكثر تعقيدا".

يشير كلارك إلى مفهوم الذئب المنفرد، أي كيف يمكن لشخص ما، من دون مقدمات، أن يتحوّل في أي بقعة من العالم، إلى ذئب منفرد يتبربص بضحاياه الغافلين، ليفتك بهم وينشر الرعب.

الذئب المنفرد، بحسب وزارة العدل الأميركية، هو شخص ينفّذ بمفرده هجوما إرهابيا ضد مجتمع يكون هو جزءا منه، بدوافع سياسية أو دينية، ولغرض التأثير على الرأي العام، أو عملية صنع القرار السياسي. وقد يستلهم أفكاره من مجموعة أو شبكة معينة، ولكنه لا يكون خاضعا لقيادتها.

برنامج "الحرة تتحرى" يعود بملف الذئاب المنفردة إلى بدايات هذا النوع من الإرهاب، وكيف تنامى، ويعرض أبرز الهجمات، ودوافع منفذيها، والأيديولوجيات التي تبنوها، إضافة إلى شرح الكوامن النفسية التي تدفع شخصا ما عن سابق إصرار وترصّد، إلى قتل آخرين، يراهم غالبا للمرة الأولى، وهو يدرك أنه سيدفع حياته ثمنا لذلك.

بحسب أحمد سلطان، الباحث في الأمن الإقليمي والإرهاب، يصعب في الغالب الكشف أو التنبؤ بهجمات الإرهابي الوحيد أو الذئب المنفرد، لأنك لا يمكن أن تراقب المجتمع بالكامل، كما أن الذئب المنفرد لا تظهر عليه أي علامات سابقة على تنفيذه الهجوم. 

في المقابل، يرى رامون سباي، وهو عالم اجتماع متخصص بظاهرة الذئاب المنفردة في ملبورن، أستراليا، أنه بمرور الوقت، أصبح إرهاب الذئاب المنفردة يشكّل نسبة أكبر بكثير من إجمالي الهجمات الإرهابية، وأن سياق هذه الهجمات، ورغم أن منفذيها أفراد، غالبا ما تكون نسخة متطرفة، أو تعبيرا عن الصراعات المجتمعية الأوسع الجارية في ذلك الوقت.

أما وائل سلامة، طبيب نفسي عمل على حالات لإرهابيين في السجون اللبنانية، فيؤكد أن هذه الحالات هي بلا شك نوع من البحث عن هوية.

"بالنسبة له (الذئب المنفرد) حتى عندما يتم قتله يصل إلى الغاية المنشودة، فالغاية الأساسية من الجريمة، أن يثبت قدراته".

قد يكون مصطلح "الذئاب المنفردة" حديث العهد، لكن فعل الهجوم الأحادي، ظهر قبل قرنين من الزمان.

يعود تاريخ الهجمات الأحادية، بحسب رامون سباي مؤلف كتابين عن إرهاب الذئاب المنفردة، إلى القرن التاسع عشر، لما يُعرف بإرهاب "الأناركية"، وهي تستند إلى فلسفة سياسية، وكان لديها استراتيجية تسمى "المقاومة القانونية"، و"الدعاية بالفعل".

وتتضمن استراتيجيتها ارتكاب أعمال عنف جماعي بشكل متفرق، وليس كجزء من مجموعة منظمة، من خلال قيام أفراد بشن هجمات عنيفة على مسؤولين حكوميين، رؤساء دول، وعائلات ملكية.

يشتق مصطلح الأناركية من الكلمة اليونانية "أنارخيا"، التي تعني بدون حاكم.

اكتسف فلسفة الأناركية شهرة في القرن التاسع عشر، ودعت إلى مجتمع بلا حكومة، أو هياكل هرمية.

في حديث مع "الحرة"، يقول ستيف كيليليا، مؤسس ومدير معهد الاقتصاد والسلام، الذي ينشر تقارير سنوية عن مؤشرات الإرهاب في العالم، إن مفهوم الذئب المنفرد، بدأ بالظهور فعليا في الفترة بين عامي 1870 و1930، مع حركة الأناركية في أوروبا والولايات المتحدة.وقد تكون إحدى أبرز هجمات هذه الحركة اغتيال الرئيس الأميركي، وليام ماكينلي، عام 1901.

أُعدم قاتل الرئيس، الأناركي ليون تشولغوش، بالكرسي الكهربائي، لكن هجمات الحركة استمرت على مدى عقود. وفي نهاية السبعينيات، شغل إرهابي مجهول الهوية السلطات الأميركية لسبعة عشر عاما كاملا.

وفق تقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي أرسل هذا الشخص، أو سلّم باليد، سلسلة من القنابل التي كانت تزداد تطوراً، وأسفرت عن مقتل ثلاثة أميركيين، وإصابة أكثر من عشرين آخرين. 

يخبر سباي فريق "الحرة تتحرى" أنه منذ التسعينيات، ومع صعود اليمين المتطرف، بدأت فعلياً استراتيجية الذئب المنفرد أو الفاعل المنفرد، واستُخدم المصطلح بشكل أكثر تحديدا وانتشارا بواسطة نشطاء اليمين خاصة المتطرفين منهم.

وظهر كثير من "الذئات المنفردة" يضيف سباي، في صفوف اليمين المتطرّف، وذلك نتيجة استراتيجية تسمى "المقاومة بلا قائد"، وهي طريقة لمنع اختراق أو تفكيك جماعة أو منظمة من قبل وكالات إنفاذ القانون، وهي أيضا وسيلة لحماية القيادة، من خلال جعل الأشخاص يتصرفون بشكل فردي، فإذا تم القبض عليهم، فلن يكون لديهم تفاصيل عن الشبكة أو المخطط الأكبر.

لا يقتصر وجود الإرهاب على طريقة الذئاب المنفردة على الولايات المتحدة، بل يمتد عبر الأطلنطي إلى القارة العجوز.

بحسب ستيف كيليليا مؤسس ومدير معهد الاقتصاد والسلام في أستراليا، فإن عددا من الدول التي لم تتعرض لهجمات في السنوات الخمس الأخيرة، شهد عام 2024 ثماني هجمات ذئاب منفردة في السويد. وفي كل من فنلندا وهولندا والدنمارك وقع هجومان، وتصاعدت الهجمات من هذا النوع في دول أخرى مثل النرويج.

أما ألمانيا، فمن أكثر الدول الغربية تعرضا للإرهاب، ومنها هجمات ذئاب منفردة. 

قبيل عيد الميلاد عام 2024، نفّذ طالب العبد المحسن، طبيب نفسي من أصول سعودية، عملية دهس في سوق مزدحم، في مدينة ماغديبورغ الألمانية، أدت إلى مقتل خمسة أشخاص، وإصابة مئات آخرين.

طبقا لتقارير متخصصة، 93 في المئة من الهجمات الإرهابية المميتة في الغرب خلال السنوات الخمس الماضية نفذت بواسطة "ذئاب منفردة". فما الذي يجذبهم إلى هذا الأسلوب دون سواه؟ 

يجيب أحمد سلطان، الباحث في الأمن الإقليمي والإرهاب، بأن الأسهل هي هجمات الذئاب المنفردة لأنها طبعا أصعب في الكشف والتوقع. ويعني أنها يمكن أن تحدث في أي وقت وأي مكان، "أما الهجمات المنسقة فتحتاج للموارد، وتأخذ وقتا طويلا في التجهيز والتخطيط والتنفيذ".

قد يبدو الفعل بعدائيته نابعا من قوة، إلا أن علم النفس له رأي آخر.

في الجزء الأكبر منه هو ناتج عن عقدة نقص "دائما ما تدفع بالشخص ليبالغ بردة الفعل"، ، يقول وائل سلامة، الطبيب النفسي، فمن ناحية المجرم أو الإرهابي فهو "يريد أن يضخم بجريمته لتضخيم ردة الفعل وبالتالي يغذي عقدة النقص الموجودة لديه".

يخبر رامون سباي "الحرة" أن ما لاحظه في كثير من حالات الذئاب المنفردة التي درسها هو أنه "بمرور الوقت يحدث تحوّل حقيقي في هويتهم"، فيرون ارتكاب العنف عملا ثوريا يمنحهم شعورا بالوجود والأهمية،  ... والإحساس القوي بالاستقامة الأخلاقية والتصرّف باسم الحق والخير"، رغم أن ما يقومون به هو فعل إجرامي ضحاياه في الغالب أناس أبرياء يُستهدفون بينما هم منشغلون بشؤونهم اليومية.