لا يزال المسؤولون الأميركيون يحاولون فهم طبيعة الأجسام المجهولة التي أسقطتها مقاتلات البنتاغون مؤخرا من سماء الولايات المتحدة وكندا مؤخرا.
وأسقطت الولايات المتحدة أجساما غريبة، منذ الجمعة، في أعقاب إسقاط منطاد تجسس صيني يوم 4 فبراير الحالي.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن المسؤولين الأميركيين لا يعرفون ماهية هذه الأجسام المجهولة، ولا الغرض منها، أو هوية من أرسلها.
يأتي ذلك في وقت تعمل الولايات المتحدة وكندا على استرداد حطام ثلاثة أجسام غامضة أُسقطت فوق أراضيها، وفي ظلّ توتر متزايد أدى إلى عمليات إغلاق قصيرة للمجال الجوي في الأيام الأخيرة.
ووسط حالة التأهب القصوى، أعلنت السلطات الأميركية، في وقت سابق، الأحد، إغلاق المجال الجوي فوق بحيرة ميشيغن قرب الحدود مع كندا، قبل أن تعيد فتحه.
وبحسب الصحيفة الأميركية، فإنه في أعقاب رصد منطار التجسس الصيني، بات الجيشان الأميركي والكندي في حالة يقظة شديدة لوضع علامة على بعض الأشياء التي كان من الممكن السماح لها بالمرور سابقا.
وبعد عبور منطاد التجسس الصيني، أجرت قيادة الدفاع الجوي الفضائي لأميركا الشمالية (نوراد) تعديلا على نظام الرادار لجعله أكثر دقة في الرصد.
ونتيجة لذلك، زاد عدد الأجسام التي تم اكشافها بشكل كبير، ويقول مسؤولون أميركيون وكنديون إن الأجسام التي تم إسقاطها يومي الجمعة والسبت كانت تحلق على ارتفاع أقل من منطاد التجسس، مما قد يشكل خطرا أكبر على الطائرات المدنية، الأمر الذي دفع القادة لإصدار أوامر بإسقاطها.
ووصفت السلطات الكندية الجسم التي تم إسقاطه، السبت، بأنه أسطواني، فيما يقول المسؤولون الأميركيون إنه على الأرجح كان بالونا من نوع ما.
وقال أحد المسؤولين إنه من غير المرجح أن يكون الجسم الذي أسقط، الأحد، بالونا.
وأكد قائد القيادة الشمالية الأميركية وقيادة الدفاع الجوي الفضائي لأميركا الشمالية، الجنرال جليندي فانهيرك، الأحد، أنه لا يستبعد أي احتمالات بشأن مصدر الأجسام المجهولة التي أسقطتها القوات الأميركية، بما فيها أن تكون من خارج كوكب الأرض أو أي تفسير آخر.
وفي رد على سؤال بإحاطة صحفية حول ما إن كانت هناك صلة للأجسام الطائرة التي أسقطتها الطائرات الحربية الأميركية بالكائنات الفضائية، قال: "لا أستبعد أي شيء.. سأترك الأمر لمجتمع المخابرات للكشف عن حقيقة ذلك".
وكان البنتاغون ووكالات الاستخبارات كثفا دراستهما للحوادث غير المبررة بالقرب من القواعد العسكرية في السنوات الأخيرة بناء على طلب من الكونغرس.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن الدراسات بشأن ما يسميه مجتمع المخابرات بـ "الظواهر الجوية غير المحددة" حددت بدقة جهودا، لم يتم اكتشافها سابقا، لإجراء مراقبة على التدريبات العسكرية والقواعد العسكرية الأميركية.
وبحسب الصحيفة، فإن العديد من هذه الحوادث غير المبررة كانت بالونات، ويعتقد الآن أن بعضها كان محاولة مراقبة من قبل الصين أو قوى أخرى، باستخدام كل من البالونات وطائرات المراقبة بدون طيار.
في تقرير عام صدر الشهر الماضي، قالت أجهزة المخابرات إنه من بين 366 حادثة غير مفسرة، تم تحديد 163، فيما بعد، على أنها بالونات.
وقالت وثيقة سرية ذات صلة، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" نتائجها هذا الشهر، إن حادثين على الأقل في قواعد عسكرية أميركية يمكن أن يكونا أمثلة على التكنولوجيا الجوية المتقدمة التي ربما طورتها الصين.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية - لم تكشف الصحيفة عن هويته - إن إحدى النظريات أن الصين أو روسيا أرسلت الأجسام لاختبار قدرات جمع المعلومات الاستخباراتية الأميركية.
وقال المسؤول إنه إرسال هذه الأجسام يأتي لمعرفة مدى سرعة إدراك الولايات المتحدة للتدخل ومدى سرعة رد الجيش على مثل هذا التوغل.
وقال مسؤول أميركي آخر إن منطاد التجسس الصيني مزود بآلية تدمير ذاتي، لكن بكين لم تستخدمها، في إشارة محتملة إلى رغبة المسؤولين الصينيين في مواصلة جمع المعلومات الاستخباراتية، حتى بعد اكتشاف المنطاد.
وفي هذا الصدد، قالت شبكة "سي إن إن" الإخبارية إن "أي مؤشر على خروق صينية متتالية للمجال الجوي الأميركي من شأنه أن يمثل تحولا خطيرا في علاقات البلدين التي اختبرتها بالفعل بكين، في ما قد يكون بداية حرب باردة خلال القرن الحادي والعشرين".
وقالت مساعدة وزير الدفاع الأميركي للشؤون الداخلية، ميليسا دالتون، "نظرا لأننا لم نتمكن بعد من إجراء تقييم نهائي لهذه التطورات، فقد تصرفنا من منطلق الحذر البالغ لحماية أمننا ومصالحنا".
وأضافت دالتون أن هذه الأجسام الحديثة لا تشكل تهديدا عسكريا، ولكن مسارها بالقرب من مواقع (دفاعية) حساسة، والارتفاع الذي كانت تحلق فيه يمكن أن يشكلا خطرا على الطيران المدني، وبالتالي يثير مخاوف، بحسب شبكة "سي إن إن".
وفي حين أن الجزم بتفسير طبيعة هذه الأجسام يعد مسألة سابقة لآوانها، إلا أن هذه القضية أثارت جدلا سياسيا في واشنطن العاصمة.
وخلق عدم وجود تفسير واضح لهذه الأجسام المجهولة فراغا يستخدمه الجمهوريون مرة أخرى للتشكيك في قيادة الرئيس الأميركي، جو بايدن، بحسب شبكة "سي إن إن" التي ذكرت أن هناك دلائل على أن المشرعين ربما يحصلون على معلومات غير كاملة من السلطات العسكرية والمحلية، مما يخاطر بمزيد من الارتباك أو التسييس بشأن ما يجري.