يثير إسقاط 4 أجسام طائرة فوق الولايات المتحدة وكندا، في أقل من عشرة أيام، تساؤلات عدة بعدما قالت واشنطن إن أحدها منطاد تجسس صيني.
وبينما تتابع التطورات بشأن هذه القضية الشائكة، يبدو من المفيد أن نعيد التذكير باختصار بما جرى وأبرز تفاصيل عمليات التوغل الغامضة هذه.
منطاد وثلاثة أجسام
في الثاني من فبراير أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها تتبع منطادا يحلق على ارتفاع عال فوق أراضي الولايات المتحدة.
وأكدت واشنطن أن الأمر يتعلق بمنطاد تجسس صيني دخل الأراضي الأميركية قبل أيام عدة.
ردت بكين بالقول إنها مركبة مدنية تستخدم لأغراض البحث، ولا سيما للأرصاد الجوية، ثم بعد أيام، أعلنت الصين، اليوم الاثنين، أن مناطيد أميركية دخلت مجالها الجوي "أكثر من 10 مرّات" منذ يناير 2022.
في الرابع من فبراير، أسقط الجيش الأميركي المنطاد قبالة سواحل ولاية كارولاينا الجنوبية.
ومن ثم في العاشر من فبراير أعلنت واشنطن أنها أسقطت "جسما" طائرا على علو مرتفع فوق ألاسكا، وقال ناطق باسم البيت الأبيض: "لا نعرف من يملك هذا الجسم، أكان دولة أو شركة او فردا.. ولا نعرف حتى الساعة الغرض من استخدامه".
غداة ذلك، أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو اسقاط "جسم مجهول" كان يحلق فوق شمال غرب كندا في إطار عملية مشتركة بين واشنطن وأوتاوا.
والأحد اسقط "جسم" رابع بواسطة طائرة مقاتلة من طراز "أف-16" فوق بحيرة هورون في شمال الولايات المتحدة.
اسقطت طائرات أميركية مطاردة من طراز "أف-22" الأجسام الثلاثة الأولى بواسطة صواريخ "آيم-9 اكس" على ما أفادت السلطات.
وكان ارتفاع المنطاد الصيني يبلغ حوالى 60 مترا ويحمل سلة يزيد وزنها عن الطن، على ما أوضح البنتاغون، فيما يوازي حجمها حجم ثلاث حافلات تقريبا.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية إن المنطاد "كان مجهزا بهوائيات كثيرة قادرة على الأرجح على رصد اتصالات وتحديد موقعها الجغرافي" و "كان مجهزا أيضا بألواح شمسية كبيرة لتزويده الطاقة الضرورية لتشغيل عدة أجهزة استشعار تجمع المعلومات".
أما الجسمان التاليان فكانا بحجم سيارة فولكسفاغن بيتل (خنفساء) على ما أفاد مسؤولون.
وخلافا للمنطاد الصيني، لم يكن الجسم الثاني على ما يبدو مجهزا بنظام دفع أو قيادة يسمح له بتوجيه ذاته على ما أفاد البيت الأبيض.
وأما الجسم الثالث فكان "إسطواني الشكل"، على ما أوضحت وزيرة الدفاع الكندية أنيتا اناند، وقد أسقط فوق يوكون، على بعد حوالى 160 كيلومترا من الحدود الكندية-الأميركية.
وبالنسبة للجسم الرابع فكان "مثمن الشكل" و"من دون سلة ظاهرة" على ما أفاد مسؤول كبير في الإدارة الأميركية.وكان الجسم الطائر الثاني والثالث يحلقان على ارتفاع حوالى 12 ألف متر، أما الرابع فعلى علو ستة آلاف متر.
وكانت كل هذه الأجسام تشكل تهديدا محتملا لسلامة الرحلات المدنية على ما أكدت السلطات.
تحليل الحطام
وفي هذا لأثناء، تواصل السلطات الأميركية جمع حطام المنطاد الصيني في المحيط الأطلسي قرب سواحل كارولاينا الجنوبية بواسطة طائرات وسفن وغواصات صغيرة.
وقال مسؤول في مكتب التحقيقات الفدرالي المكلف تحليل الحطام إنه تمت استعادة "إجزاء صغيرة" من أجهزة المراقبة.
وتحلل مختبرات مكتب التحقيقات في كوانيتكو في ولاية فيرجينيا ما تم جمعه، وفق هذا المسؤول.
وسقط حطام الجسم الذي اسقط فوق ألاسكا في مياه متجمدة قرب الحدود مع كندا على ما أفاد البيت الأبيض.
وأوضح جاستن ترودو أن القوات الكندية "ستستعيد حطام (الجسم الثالث) وتحلله"، بينما قال البنتاغون، الأحد، إن الفرق الأميركية والكندية تجهز عملية في محاولة لاستعادة الجسم الرابع.
لِمَ هذه الأجسام الآن؟
يفيد أخصائيون أن الاستخبارات الأميركية والكندية تتلقى بشكل متواصل كميات هائلة من البيانات وهي تسعى خصوصا لرصد صواريخ محتملة وليس لرصد أجسام بطيئة مثل المناطيد.
وقالت معاونة وزير الدفاع الأميركي، ميليسا دالتون، الأحد، إنه بعد رصد المنطاد الصيني ضبطت الدفاعات الجوية الأميركية أنظمة الرادار الخاصة بها لتتمكن من رصد أجسام أصغر حجما تسير ببطء.
وترى الولايات المتحدة أن الجيش الصيني كان يوجه المنطاد، وهو ضمن إسطول أرسلته بكين فوق أكثر من 40 بلدا في خمس قارات لأغراض التجسس.
ويرى بعض المحللين أن ذلك قد يكون بداية عملية تجسس صينية واسعة لرصد القدرات العسكرية الأجنبية، قبل تصاعد محتمل للتوتر بشأن تايوان في السنوات المقبلة.