جانب من مدينة نيويورك الأميركية
جانب من مدينة نيويورك الأميركية | Source: Pexels

كشفت دراسة حديثة أن مستويات ارتفاع الأراضي في مدينة نيويورك متفاوتة، وبالتالي فإن بعض المناطق فيها معرضة إلى "الغرق بشكل أسرع من غيرها"، مع ارتفاع منسوب البحر ومخاطر الفيضانات، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

وكانت دراسة أخرى نشرت في مايو، قد أفادت بأن المدينة الأميركية الشهيرة تواجه الغرق بمعدل ميليمتر إلى ميليمترين سنويا، بفعل ثقل ناطحات السحاب والمباني الشاهقة فيها.

وأوضح بعض العلماء أنه منذ الإعصار "ساندي" الذي وقع في 29 أكتوبر  2012، فإن تلك المدينة الكبيرة، حيث جزيرة مانهاتن محاطة بالمحيط الأطلسي ونهر إيست ريفر ونهر هدسون، معرضة للعواصف والفيضانات والأمواج المرتفعة، بحسب وكالة فرانس برس. 

وحاول باحثون تقييم تأثير الكتلة التراكمية للبنية التحتية الخاصة بالمدينة على انخسافها، وهي ظاهرة ناتجة من تآكل التربة والأنشطة البشرية.

وفي الدراسة الأخيرة، التي نشرت، الأربعاء، في مجلة "Science Advances"، وجد الباحثون أن مناطق ومواقع مدرج مطار لاغوارديا، واستاد آرثر آش، والطريق السريع 78 (الذي يتضمن نفق هولاند)، والطريق السريع 440، الذي يربط بين نيوجيرسي وجزيرة ستاتن، تغرق بمعدل يزيد عن 2 ملم سنويًا.

ونسبيًا، قد لا يبدو الهبوط بالمليمترات في مدينة نيويورك كبيرًا، لكنه قد يؤدي إلى تفاقم الفيضانات، مع ارتفاع منسوب مياه البحر.

وذكرت الدراسة أنه على مدى العشرين عاما الماضية، ارتفعت مستويات سطح البحر بمقدار 4.4 ملم سنويا في  منطقة مانهاتن، ويرجع ذلك إلى غرق الأراضي.

ويمكن أن يكون لذلك تأثير خطير عندما تسوء الأحوال الجوية القاسية، فقد قدرت إحدى الدراسات أن حوالي 8 مليارات دولار من الأضرار الناجمة عن العاصفة ساندي في عام 2012، يمكن أن تكون مرتبطة بارتفاع مستوى سطح البحر.

واستخدم الباحثون تقنية جديدة تستغل بيانات الأقمار الاصطناعية للحصول على قياسات عالية الدقة، من مايو 2016 إلى مارس 2023.

ويُظهر اللون الأحمر في الخريطة التي جرى إعدادها، الأماكن التي تشهد ارتفاعًا في منسوب مياه البحر، مثل نيوتن كريك في شرق ويليامزبرغ.

كما تُظهر المناطق الأكثر زرقة المواقع التي تغرق، مثل المدرج في مطار لاغوارديا وملعب آرثر آش Arthur Ashe وبعض الطرق الرئيسية. 

ونيويورك هي واحدة من العديد من المدن الساحلية التي تشهد هبوطًا ملحوظًا في الأراضي، حيث أظهرت أبحاث أخرى أن مدينتي نورفولك وفيرجينيا بيتش في ولاية فيرجينيا، تغرقان بمعدل يزيد عن 3.5 ملم سنويًا في المتوسط، في حين تغرق بعض المناطق المحيطة بمدينة نيو أورلينز في ولاية لويزيانا بمعدل 40 ملم سنويًا.

ويمكن أن تغرق الأراضي لعوامل جيولوجية متعددة، بيد أن الأنشطة البشرية تضيف ضغطًا إضافيًا على على تلك المناطق في نيويورك، مما يؤدي إلى غرقها.

ووجدت دراسة أن النقاط الساخنة للغرق في مطار لاغوارديا واستاد آرثر آش وعلى طول طرق سريعة، كانت مواقع لدفن النفايات في الماضي، وبالتالي فإن عدم صلابة تلك الأرض جعلها تنخسف شيئا فشيئا.

وقال توم بارسونز، عالم الجيوفيزياء في هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، والذي لم يشارك في الدراسة، إنه "معجب ببيانات الهبوط والارتفاع التي قدمها الباحثون".

وتتوافق استنتاجاتهم أيضًا مع ما اكتشفه بارسونز وزملاؤه سابقًا، وهو أن البنية التحتية المبنية فوق مواد ردم اصطناعية على الساحل أو بالقرب منه، تبدو وكأنها تغرق بمعدلات أعلى.

وقال بارسونز إن هذه الدراسة "تؤكد فائدة بيانات الأقمار الاصطناعية، في مساعدة المدن الكبرى على إدارة قضايا متعددة مثل المواقع الأفضل لتشييد المباني الكبيرة، واتخاذ تدابير وقائية ضد الفيضانات المستقبلية".

وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر يلقي خطابا في برلين بألمانيا في 17 نوفمبر 2011
وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر يلقي خطابا في برلين بألمانيا في 17 نوفمبر 2011

باستخدام "السياسة المكوكية"، سطع نجم وزير الخارجية الأميركي الأسبق، هنري كيسنجر، بعد حرب عام 1973، وكان "رجل السلام" الذي أفضت جهوده إلى توقيع معاهدة بين مصر وإسرائيل لاحقا، وكان له مواقف عدة حول قضايا منطقة الشرق الأوسط، فما أبرز تلك المواقف؟

حرب أكتوبر

في الشرق الأوسط، شكل كيسنجر ما يعرف باسم "الدبلوماسية المكوكية" للفصل بين القوات الإسرائيلية والعربية بعد تداعيات حرب يوم الغفران عام 1973، وفق تقرير لشبكة "سي إن إن".

واندلع هذا الصراع بعد أسبوعين من أداء كيسنجر اليمين كوزير للخارجية مع احتفاظه بمنصبه في البيت الأبيض كمستشار للأمن القومي.

وكانت حرب الستة عشر يوما التي بدأت في 6 أكتوبر 1973، بهجمات منسقة على إسرائيل من قبل مصر وسوريا، أصعب الاختبارات في حياة كيسنجر المهنية، حسبما تشير صحيفة "واشنطن بوست".

وهددت الحرب وجود إسرائيل، وأشعلت مواجهة مع الاتحاد السوفييتي، وألهمت السعودية وغيرها من المصدرين العرب لفرض حظر نفطي أدى إلى شل تدفق الوقود في العالم.

وساعدت "دبلوماسيته المكوكية" الشهيرة بعد حرب عام 1973 في استقرار العلاقات بين إسرائيل وجيرانها العرب.

وتفاوض كيسنجر على إنهاء حرب يوم الغفران عام 1973 التي أشعلتها الهجمات المشتركة بين مصر وسوريا على إسرائيل، وفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".

ويعرف كيسنجر بدوره كوسيط بين اسرائيل والدول العربية، وفي 1973 بعد الهجوم المباغت للدول العربية على إسرائيل، نظم جسرا جويا كبيرا لمد الحليف الإسرائيلي بالأسلحة.

وجاء وقف إطلاق النار في أعقاب الجسر الجوي الأميركي المثير للأسلحة إلى الدولة اليهودية والذي أثبت أهميته لدرء التقدم الأولي للجيوش العربية. 

كان هو ومسؤولون أميركيون آخرون يشعرون بالقلق من أن الصراع قد يتصاعد إلى أول صراع عسكري مباشر بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، الراعي الرئيسي للقاهرة ودمشق.

وفي النهاية، كانت نتائج الحرب إيجابية في معظمها، وانتهى القتال عندما وافق الرئيس المصري، أنور السادات، على إجراء محادثات عسكرية مباشرة مع الإسرائيليين. 

وكان كيسنجر قادرا على الحفاظ على أساسيات "الانفراج" مع استبعاد السوفييت من مفاوضات السلام التي تلت ذلك. 

ومن أجل تمديد وقف إطلاق النار الهش وتحقيق الاستقرار في العلاقات بين إسرائيل وجيرانها العرب، قام كيسنجر بما أصبح "مهمته المميزة".

وابتداءً من يناير 1974، ذهب إلى الشرق الأوسط 11 مرة للترويج لاتفاقيات فض الاشتباك العسكري التي من شأنها تسهيل حقبة جديدة من مفاوضات السلام.

وكانت أكثر مهمات "الدبلوماسية المكوكية" شهرة هي الماراثون الذي استمر 34 يوما في ذلك الربيع، حيث زار القدس 16 مرة ودمشق 15 مرة، وسافر إلى ستة دول أيضًا

ولم تسفر هذه الماراثونات عن أي اتفاقات سلام دائمة خلال فترة تولي كيسنجر مهام منصبه، لكنها نجحت في تحقيق الاستقرار في منطقة مضطربة وجعلت الولايات المتحدة "وسيط حصري" بالشرق الأوسط، مع استبعاد الاتحاد السوفييتي.

السلام بالشرق الأوسط

كان كيسنجر من أشد المنتقدين للسياسة الخارجية لجيمي كارتر وبيل كلينتون، قائلا إن "الرئيسين يريدان تحقيق قفزة سريعة للغاية نحو السلام في الشرق الأوسط"، وفق هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

ولكن بالنسبة لكيسنجر، لا يمكن أن يحدث ذلك إلا "خطوة بخطوة".

حرب العراق

وبعد دخول الولايات المتحدة وحلفائها العراق عام ٢٠٠٣، عقد كيسنجر اجتماعات مع الرئيس الأميركي الأسبق، جورج بوش الابن، ونائبه، ديك تشيني، لتقديم المشورة لهما بشأن السياسة هناك، حسبما ذكرت "بي بي سي".

 وقال لهما إن "الانتصار على التمرد هو استراتيجية الخروج الوحيدة".

وفي حديثه عن الحرب في العراق على وجه التحديد، قال كيسنجر لصحيفة "نيويورك تايمز"، بعد ذلك بعام إن بوش "أراد تحويل العراق إلى نموذج لإمكانية التطور الديمقراطي داخل العالم العربي"، وفق ما ذكرته وكالة "أسوشيتد برس".

الربيع العربي

وفي مقال رأي بصحيفة "واشنطن بوست" في أغسطس 2012، تحدث كيسنجر عن الأحداث التي شهدتها المنطقة عام 2011، فما يعرف بثورات الربيع العربي.

 وكتب في مقاله" غالبا ما يتم الاحتفال بالربيع العربي من خلال تلاوة أسماء المستبدين الذين تمت الإطاحة بهم، لكن الثورات، في النهاية، سيتم الحكم عليها في المقام الأول من خلال ما تبنيه، وليس ما تدمره".

وأضاف:" إذا أخطأت الولايات المتحدة في فترة الحرب الباردة بالتركيز المفرط على العنصر الأمني، فإنها تخاطر الآن بالخلط بين الشعبوية الطائفية والديمقراطية".

ووسط هذه الهزات، يتجدد الجدل حول محددات السياسة الخارجية الأميركية، حيث يحكم الواقعيون على الأحداث من منظور الاستراتيجية الأمنية؛ ويرى المثاليون فيها فرصة لتعزيز الديمقراطية.

لكن الاختيار ليس بين الاستراتيجي والمثالي، وإذا لم نتمكن من الجمع بين العنصرين، فلن نتمكن من تحقيق أي منهما، حسبما قال كيسنجر في المقال المطول.

اتفاق السعودية وإيران

في مقال رأي نشرته صحيفة "واشنطن بوست" في مارس الماضي، تطرق الكاتب إلى الاتفاق بين السعودية وإيران وما قاله كيسنجر حيال ذلك.

وكتب ديفيد إغناتيوس في مقاله: "قال لي كيسنجر خلال مقابلة أجريت معه هذا الأسبوع إنني أرى أنه تغيير جوهري في الوضع الاستراتيجي في الشرق الأوسط".

ونقل عن كيسنجر قوله "السعوديون يوازنون الآن بين أمنهم لدى الولايات المتحدة والصين".

حرب غزة

بعد الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في الشهر الماضي، قال كيسنجر إن إسرائيل مضطرة إلى فرض عقوبة ردا على ذلك، وإن وقف إطلاق النار السريع أمر مستحيل، حسبما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال".

وقال في مقابلة مع ماتياس دوبفنر، الرئيس التنفيذي لشركة أكسل سبرينغر، لقناة فيلت التلفزيونية الألمانية، إن محادثات السلام "لا يمكن تصورها بالنسبة لي" إذا "تمكن الإرهابيون من الظهور علانية واحتجاز الرهائن وقتل الناس".

وردا على سؤال حول شعوره تجاه احتفال العرب بهجوم حماس في شوارع برلين من خلال توزيع الحلوى، قال كيسنجر إنه "لا يوجه اللوم للشعب الألماني".

لكنه قال إنهم سمحوا لعدد كبير جدا من الأجانب بدخول البلاد.

وأضاف: "لقد كان من الخطأ الفادح السماح بدخول هذا العدد الكبير من الأشخاص من ثقافات وأديان ومفاهيم مختلفة تماما، لأن ذلك يخلق مجموعة ضغط داخل كل دولة تفعل ذلك".

وكان كيسنجر يشتهر بنظارتيه السوداوين السميكتين وفرض نفسه صورة للدبلوماسية العالمية عندما عينه الرئيس الأميركي الأسبق، ريتشادر نيسكون، مستشارا للأمن القومي في العام 1969 ومن ثم وزيرا للخارجية.

وقد احتفظ بالمنصبين معا من 1973 إلى 1975 وطبع لعقود الدبلوماسية الأميركية، حتى بعدما ترك منصبه كوزير للخارجية.

ورغم استقالة نيكسون عام 1974 جراء فضيحة ووتريغايت، صمد كيسنجر في منصبه وزيرا للخارجية في عهد خلفه جيرالد فورد حتى العام 1977، وفق وكالة "فرانس برس".

وقد حاز في 1973، تقديرا لجهوده السلمية خلال حرب فيتنام، جائزة نوبل للسلام مناصفة مع الفيتنامي لي دوك ثو بعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار في إطار النزاع.

وعن السنوات الثماني التي قضاها في الخدمة الحكومية، والتي امتدت من عام 1969 حتى عام 1977، منح الرئيس الأميركي السابق، جيرالد فورد، كيسنجر وسام الحرية الرئاسي.

والأربعاء، توفي كيسنجر، عن 100 عام، في منزله بولاية كونيتيكت، بحسب ما أعلنت مؤسسته.