أشعل بوشنل النار في نفسه أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن
أشعل بوشنل النار في نفسه أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن

سلط تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الضوء على التحول الكبير والسريع في حياة الجندي بسلاح الجوي الأميركي، آرون بوشنل، الذي توفي بعدما أشعل النار في جسده أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن، احتجاجا على العمليات العسكرية في قطاع غزة.

وأوضحت الصحيفة أن بوشنل أرسل في الساعات التي سبقت الواقعة، رسالة عبر البريد الإلكتروني لعدد من وسائل الإعلام المستقلة في الولايات المتحدة، وعنوانه "ضد الإبادة الجماعية"، شمل رابطا لموقع إلكتروني ظهر عليه لاحقا مقطع الفيديو لعملية إشعال النار في جسده.

كما أشارت الصحيفة إلى أن الشاب الأميركي (25 عاما) والذي ترعرع في بيئة مسيحية محافظة في ماساتشوستس، ترك وصية في أيامه الأخيرة، يحدد فيها طريقة التصرف في ممتلكاته.

وقال الجيش الأميركي، الإثنين، إن بوشنل توفي بعدما أضرم النار في نفسه خارج السفارة الإسرائيلية، وهو جندي متخصص في عمليات الدفاع الإلكتروني بسلاح الجو.

وتوجه بوشنل إلى السفارة قبل الساعة الواحدة ظهر الأحد، وبدأ بثا مباشرا على منصة تويتش لبث الفيديو، حسبما قال شخص مطلع على الأمر لوكالة أسوشيتدبرس.

ويعتقد مسؤولو إنفاذ القانون أن الرجل بدأ بثا مباشرا، ثم ثبت هاتفه، قبل أن يسكب على نفسه مادة سريعة الاشتعال ويشعل النيران، مرددا عبارة "فلسطين حرة".

تمت إزالة الفيديو لاحقًا من المنصة، لكن مسؤولي إنفاذ القانون حصلوا على نسخة وراجعوها.

فتى خجول ومجتمع مسيحي منعزل

ذكرت الصحيفة أن الكتابات الأخيرة لبوشنل، تشير إلى أنه خطط بعناية لتحركه الهادف إلى تركيز الاهتمام على العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، والتي أسفرت بحسب وزارة الصحة في القطاع، عن مقتل أكثر من 30 ألف فلسطينيا أغلبهم من النساء والأطفال.

وبدأت إسرائيل شن حملتها العسكرية بعد هجوم لحركة حماس (المدرجة على قوائم الإرهاب الأميركية) على إسرائيل في السابع من أكتوبر، وأسفر عن مقتل 1160 شخصا غالبيّتهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وفق بيانات إسرائيلية رسمية.

وفي أعقاب وفاة بوشنل، قالت "نيويورك تايمز" إن الأصدقاء والأقارب يحاولون فهم كيف تحول الشاب الذي وصفوه بأنه "كان خجولا في مجتمع مسيحي منعزل في ماساتشوستس" إلى القيام بمثل هذا الفعل الاحتجاجي.

وقالت آشلي شومان (26 عاما) والتي تعرف بوشنل منذ الطفولة، للصحيفة: "من الصعب استيعاب الأمر. فقط أتساءل: كيف وصل الأمر إلى هذا الحد؟".

US Secret Service vehicles block access to a street leading to the Embassy of Israel in Washington, DC on February 25, 2024. -…
"لن أتواطأ في الإبادة الجماعية".. أميركي يحرق نفسه في بث حي أمام سفارة إسرائيل في واشنطن
نقلت وسائل إعلام أميركية إن الرجل الذي أحرق نفسه أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن ظهر الأحد، بث عملية التضحية بنفسه مباشرة على منصة Twitch، حيث ظهر وهو يقف خارج أبواب السفارة الإسرائيلية ويعرف نفسه على أنه عنصر في القوات الجوية الأميركية.

ونقلت الصحيفة عن معارف لبوشنل، أنه بدأ الابتعاد بشكل متزايد عن نشأته المحافظة وحياته المهنية في الجيش خلال السنوات الأخيرة، وانخرط في أنشطة يسارية، وتحدث عن تخفيف الفقر ومعارضة الرأسمالية.

كما أضاف أصدقاء له لنيويورك تايمز، أنه "بات يرفض المجتمع شديد التدين الذي نشأ فيه على طول خليج كيب كود".

يشار إلى أنه لم يتحدث أي من أفراد عائلته بشكل علني حتى الآن.

وأضافت شومان، التي ولدت في نفس المنطقة، أن كليهما عانا من القلق لسنوات خلال فترة المراهقة بسبب "التوقعات المرتفعة والقيود الصارمة التي يفرضها قادة المجتمع والمدرسين". وأشارت إلى أنهما حضرا درسا سويًا في مدرسة منزلية، في حين أن بوشنل أمضى عاما في المدرسة الثانوية.

كما أوضحت أنه زار في صيف عام 2016 ضمن رحلة لجماعة تحمل اسم "يسوع" في المنطقة، إسرائيل والضفة الغربية، حيث يزورون مواقع يعتبرها الكتاب المقدس تاريخية.

ولم تشر شومان إلى أي نقاش مهم بينهما حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني خلال الرحلة، لكنها أوضحت أن الطلاب أمضوا يوما في مدينة بيت لحم وتحدثوا مع العديد من الطلاب في جامعة المدينة.

عمل خيري و"تذمر" من الجيش

وأوضحت الصحيفة أن بوشنل كان يبدو عازما بشكل كبير على المشاركة في جهود حل مشكلة التشرد. ونقلت عن شومان قولها إنها شعرت بالقلق ذات مرة حينما كان يرسل مبلغا كبيرا من المال لامرأة "بلا مأوى" في ولاية أخرى، وأوضحت أنها تعتقد أنه لم يلتق بتلك السيدة أبدًا.

وقالت: "أعتقد أن ما شجعه على فعل ذلك هو دعم شخص أقل حظا منه".

ونقلت الصحيفة عن صديقة أخرى لبوشنل، أنه كان يتذمر بشكل مستمر من وظيفته في القوات الجوية، وبالتحديد من أمور مثل تغيير جدول العمل ونومه القليل، بجانب اختلاف توجهاته مع الجيش بشأن صراعات سابقة مثل التدخل الأميركي في العراق وأفغانستان.

ولفتت نيويورك تايمز إلى أنه بعد أن أمضى بوشنل إجازة مع شقيقه الأصغر في هاواي في نوفمبر 2022، ظهر بمفرده في فعالية لحزب الاشتراكية والتحرير في سان أنطونيو، حيث كوّن لنفسه مجموعة أصدقاء جديدة.

وقالت لوبي باربوزا (32 عاما) إنها ورفاقها دعوا بوشنل إلى الانضمام إلى زيارات أسبوعية يقومون بها لمخيمات المشردين، مضيفة أنه تحدث عن "تغير كبير في آرائه السياسية" بعد فترة وجيزة من انضمامه للجيش.

وأضافت: "قال إنه نوعا ما انتقل من جانب (معتقدات محافظة تربى عليها) إلى جانب آخر تماما، وتشكيل مبادئ الأناركية المناهضة للإمبريالية. وقال إنه كان تحولا سريعا، وتحول من طرف إلى نقيضه".

ولم يتطرق مسؤولو القوات الجوية إلى الحادث بالتفصيل، وحينما سأل أحد الصحفيين المتحدث باسم البنتاغون هذا الأسبوع عما إذا كان احتجاج بوشنل يعكس خلافات داخل صفوف القوات الجوية بشأن مقتل المدنيين في غزة، رفض الإجابة بشكل مباشر على السؤال.

وقال باتريك رايدر في مؤتمر صحفي: "هذا حادث مأساوي. ونعرب عن تعازينا لأسرة الطيّار".

مبنى سفارة الولايات المتحدة في كوبا. (رويترز)
مبنى سفارة الولايات المتحدة في كوبا. (رويترز)

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الثلاثاء، عزمها رفع كوبا من قائمة الدول الراعية للإرهاب، في خطوة تأتي ضمن اتفاق تم التوصل إليه بوساطة الكنيسة الكاثوليكية، يتضمن إطلاق سراح مئات السجناء في الجزيرة الشيوعية.

وفي رسالة موجزة إلى الكونغرس، قال بايدن، الثلاثاء، إن الإجراءات المعلنة "ضرورية للمصالح الوطنية للولايات المتحدة وستعجل بالتحول إلى الديمقراطية في كوبا".

ورغم إقرارها بمحدودية نطاق القرار، رحبت هافانا بالخطوة، واعتبرتها "تصحيحا جزئيا لسياسة قاسية وغير عادلة".

وكان سلف بايدن وخليفته دونالد ترامب، قد أعاد إدراج كوبا في القائمة قبل نهاية ولايته الأولى عام 2021. ويمكنه إلغاء قرار بايدن بشكل مباشر بعد تنصيبه، الإثنين.

لماذا الآن؟

اتخذ بايدن قراره بإلغاء تصنيف كوبا كدولة راعية للإرهاب في الأيام الأخيرة من إدارته، بعد مراجعة شاملة خلصت إلى عدم وجود "دليل موثوق" على تورط هافانا حاليا في دعم الإرهاب الدولي، وتقديمها ضمانات بأنها لن تدعم أعمال الإرهاب في المستقبل.

ورغم طابعه الرمزي إلى حد كبير، فقد جاء القرار استجابة لطلبات من حلفاء رئيسيين. 

فقد طلب الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا مباشرة من بايدن رفع كوبا من القائمة، كما أرسلت الحكومة الكولومبية مذكرة دبلوماسية تشيد بمساعدة هافانا في تسهيل مفاوضات السلام.

ويتزامن القرار مع أزمة اقتصادية خانقة تواجهها كوبا، تتمثل في نقص حاد بالغذاء والوقود والدواء والكهرباء، دفعت نحو مليون مواطن لمغادرة البلاد منذ عام 2020، اتجه غالبيتهم إلى الولايات المتحدة.

وأدى ذلك إلى مفاقمة أزمة الهجرة على الحدود الأميركية. ويُنظر إلى تخفيف العقوبات على أنه محاولة لمعالجة جذور هذه الأزمة.

ولعبت الكنيسة الكاثوليكية دورا محورياً في تمهيد الطريق للقرار، عبر وساطة نشطة مع السلطات الكوبية بشأن العفو عن سجناء منذ عام 2023.

وللفاتيكان تاريخ في التوسط بين واشنطن وهافانا، إذ ساهم في استئناف العلاقات بين البلدين عام 2015.

وبالتزامن مع الإعلان الأميركي، كشفت وزارة الخارجية الكوبية عن خطط للإفراج التدريجي عن 553 سجيناً مدانين بجرائم مختلفة، وذلك في أعقاب محادثات مع بابا الفاتيكان، فرنسيس. 

ورغم عدم ربط هافانا مباشرة بين الخطوتين، فإنها وصفت قرار واشنطن بأنه "خطوة في الاتجاه الصحيح".

ماذا يعني تصنيف الدول الراعية للإرهاب؟

يتم تحديد الدول التي تقرر وزارة الخارجية أنها قدمت دعما متكررا لأعمال الإرهاب الدولي، وفقاً لثلاثة قوانين: المادة 1754(ج) من قانون تفويض الدفاع الوطني للسنة المالية 2019، والمادة 40 من قانون مراقبة صادرات الأسلحة، والمادة 620 (أ) من قانون المساعدات الخارجية لعام 1961.

وتترتب بموجب هذا التصنيف 4 فئات رئيسية للعقوبات: قيود على المساعدات الخارجية الأميركية، وحظر على صادرات ومبيعات الدفاع، وضوابط معينة على صادرات المواد مزدوجة الاستخدام، وقيود مالية وقيود أخرى متنوعة.

كما يؤدي التصنيف بموجب القوانين المشار إليها، إلى تطبيق قوانين عقوبات أخرى تعاقب الأشخاص والدول التي تشارك في تجارة معينة مع الدول الراعية للإرهاب.

وتضم القائمة حاليا كلا من كوريا الشمالية (منذ 20 نوفمبر 2017)، وإيران (منذ 19 يناير 1984)، وسوريا (منذ 29 ديسمبر 1979).

كيف وصلت كوبا إلى القائمة؟

أدرج ترامب كوبا على قائمة الدول الراعية للإرهاب في 12 يناير 2021، قبل أيام من انتهاء ولايته الرئاسية الأولى.

وجاء هذا القرار ليعيد تصنيفا سابقا كانت كوبا قد خضعت له منذ عام 1982، بسبب تاريخها في تقديم المشورة والملاذ الآمن والاتصالات والتدريب والدعم المالي للجماعات المتمردة والإرهابيين الأفراد.

واستند قرار ترامب إلى رفض هافانا طلب كولومبيا تسليم 10 من قادة جيش التحرير الوطني المقيمين فيها، بعد أن أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن تفجير أكاديمية الشرطة في بوغوتا عام 2019، مما أسفر عن مقتل 22 شخصاً وإصابة 87 آخرين.

كما اتهمت واشنطن كوبا بإيواء عدد من المطلوبين الأميركيين، من بينهم جوان تشيسيمارد، المدرجة على قائمة الإرهابيين المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفدرالي، بعد إدانتها بقتل شرطي في نيوجيرسي.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، قد رفعت كوبا من القائمة في 2015، بعد مراجعة شاملة وجدت أن هافانا استوفت المعايير القانونية للإلغاء. غير أن إدارة ترامب قررت إعادة التصنيف، متهمة كوبا أيضا بتقديم الدعم لنظام نيكولاس مادورو في فنزويلا.

وقالت واشنطن إن جهاز الاستخبارات والأمن الكوبي، "اخترق القوات الأمنية والعسكرية الفنزويلية، مما ساعد مادورو في إحكام قبضته على شعبه وسمح للمنظمات الإرهابية بالعمل".

موقف ترامب؟

من المرجح أن يتم عكس قرار بايدن سريعا بعد تولي ترامب منصبه في 20 يناير، إذ أشارت مجموعة من وسائل الإعلام الأميركية إلى أن الرئيس القديم ـ الجديد سيتوجه لإلغاء القرار، مستندة في ذلك إلى بعض التعيينات الرئيسية في إدارته.

واختار ترامب السناتور ماركو روبيو، الذي غادرت عائلته الجزيرة في الخمسينيات قبل الثورة الشيوعية التي أوصلت فيدل كاسترو إلى السلطة، والمعروف بمواقفه المتشددة ضد نظام هافانا وتأييده الثابت للعقوبات عليها.

ومن المتوقع أن يتناول روبيو جذوره الكوبية في جلسة تأكيد تعيينه أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، الأربعاء.

كما عيّن ترامب ماوريسيو كلافر-كارون، المؤيد القوي للعقوبات، مبعوثا خاصا لأميركا اللاتينية.

وسارع مشرعون جمهوريون إلى انتقاد قرار بايدن، حيث وصفه السناتور تيد كروز بأنه "غير مقبول"، متعهداً بالعمل مع ترامب لعكسه فورا.

أما النائب كارلوس خيمينيز فتوقع بأن ترامب وروبيو "لن يضعا كوبا فقط مرة أخرى على القائمة، بل سيسحقان النظام".

من جانبها، تبدو كوبا متحسبة لإمكانية تغيير القرار، إذ أقرت وزارة خارجيتها بذلك، لكنها أكدت في الوقت نفسه استعدادها لتطوير علاقة محترمة مع واشنطن "رغم الاختلافات".

وقال وزير الخارجية الكوبي، برونو رودريغيز، في منشور على منصة إكس إن "الولايات المتحدة اتّخذت إجراءات تسير في الاتجاه الصحيح، لكنّ الحصار لا يزال قائما"، في إشارة إلى الحظر الاقتصادي الأميركي المفروض منذ 1962 على الجزيرة الشيوعية.

وفيما سيكون للكونغرس وإدارة ترامب فرصة لمراجعة القرار، قال مسؤول في إدارة بايدن، إن الإدارة المقبلة ستكون أمام فرصة لمراجعة هذا الموقف أيضا.

وأشار إلى أنها ستعمل بناءً على نفس المعلومات المتوفرة حاليا، لتقييم ما إذا كانت كوبا تستوفي معايير تصنيفها كدولة راعية للإرهاب.