نيكي هايلي أول امرأة تفوز في انتخابات تمهيدية للحزب الجمهوري
نيكي هايلي أول امرأة تفوز في انتخابات تمهيدية للحزب الجمهوري

صنعت حاكمة ولاية ساوث كارولاينا السابقة، نيكي هايلي، التاريخ باعتبارها أول امرأة تفوز في سباق الانتخابات التمهيدية  للحزب الجمهوري الأميركي على مر التاريخ، ولم تفعل ذلك مرة واحدة، بعدما فازت في سباقين، كما أنها ثاني امرأة بعد هيلاري كلينتون تفوز في أي مسابقة تمهيدية لحزب سياسي كبير.

وأعلنت سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة، الأربعاء، إنهاء حملتها للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للاقتراع الرئاسي، حسبما كان متوقعا، بعد هزيمتها في غالبية المسابقات التي جرت منذ إعلانها منافسة الرئيس السابق، دونالد ترامب، إلا أن دخولها المسابقة وفوزها مرتين في السباق الجمهوري يبقى علامة فارقة في التاريخ الأميركي.

وكانت هايلي أول منافس رئيسي من الحزب الجمهوري لترامب عندما بدأت حملتها في 15 فبراير من تشارلستون.

وسبق أن أكدت المسؤولة السابقة في إدارة ترامب، أنها لن تنافس رئيسها السابق للوصول إلى البيت الأبيض، غير أنها غيرت رأيها، لافتة إلى المشكلات الاقتصادية التي تواجهها البلاد والحاجة إلى "جيل جديد من القيادة".

ورغم خسائرها المبكرة، أكدت هايلي أنها ستبقى في السباق، حتى بعد خسارتها في مسقط رأسها، بولاية ساوث كارولاينا، التي كانت اول امرأة حاكمة لها يوما ما، إذ أصرت على أن الناخبين يستحقون بديلا لترامب.

وحظيت الجمهورية البارزة بدعم كبير من الناخبين المعتدلين والمستقلين، ووفقا لاستطلاع أجرته أسوشيتد برس، فقد وصف أربعة كل 10 مؤيدين لها في انتخابات ساوث كارولاينا أنفسهم بأنهم معتدلون، مقارنة بـ 15 في المئة لترامب، وفي استطلاع أخر أجرته الوكالة في جامعة شيكاغو، قال 8 من بين 10 من مؤيدي ترامب إنهم محافظون، بينما كانت النسبة 5 إلى 10 بالنسبة لهايلي.

ومع استمراراها في الحملة، حققت هايلي قبل أيام أول فوز لها في الانتخابات التمهيدية في واشنطن العاصمة، وهي مدينة يديرها الديمقراطيون، يوجد بها عدد قليل من الجمهوريين المسجلين، وحصلت هناك على 63 بالمئة من أصوات جمهوريي العاصمة مقابل 33 في المئة لترامب، قبل ان تفوز في انتخابات الثلاثاء الكبير فقط في ولاية فيرمونت.

وهذا ما جعلها "تصنع التاريخ" باعتبارها أول امرأة تفوز بالانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في تاريخ الولايات المتحدة، وفق المتحدثة باسم الحملة، أوليفيا بيريز-كوباس.

وكانت عضو مجلس الشيوخ عن ولاية مين، مارغريت تشيس سميث، أول امرأة تعلن ترشحها عن حزب سياسي كبير لمنصب الرئيس، وذلك عام 1964 ، وفق موقع مجلس الشيوخ.

في ذلك الوقت، أعلنت الترشح في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في نيو هامشير وإلينوي. وذكرت ضمن الأسباب التي دفعتها للترشح أن "البيت الأبيض هو عالم الرجال".

وقالت سميث أيضا إنه مهما حدث، فقد أتيحت لها "الفرصة لكسر الحاجز الذي يحول دون النظر بجدية في ترشح المرأة للرئاسة"، وعلى الرغم من أنها لم تفز بأي ولاية، فقد حصلت على دعم 25 مندوبا في مؤتمر الحزب الجمهوري.

وتقول "فوربس" إن كلينتون هي أول امرأة تفوز بانتخابات تمهيدية لحزب رئيسي (2008) وأول امرأة تتنافس في جميع سباقات الولايات، وأول امرأة تفوز بترشيح حزب كبير لمنصب الرئيس (2016).

ففي يناير 2008، فازت كلينتون في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في نيو هامشير بنسبة 39.1 في المئة من الأصوات، متفوقة على منافسها، باراك أوباما، الذي حصل على نسبة 36.5 في المئة من الأصوات.

ورغم أن كلينتون لم تفز بترشيح الحزب الديمقراطي، في ذلك العام، إلا أنها فازت في منافسات 23 ولاية وإقليم.

وكانت غيرالدين فيرارو، مرشحة الحزب الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات الرئاسية، عام 1984، مما جعلها أول مرشحة لمنصب نائب الرئيس في حزب سياسي كبير، وفي عام 2008، تم اختيار سارة بالين، لمنصب نائب الرئيس بعد ترشيح الجمهوري، جون ماكين، في انتخابات الرئاسة.

وعقب فوز هايلي بواشنطن العاصمة جعلها ثاني امرأة أميركية، وأول جمهورية تفوز على الإطلاق بالأصوات في مسابقات الترشيح الرئاسي، بعد أن كانت قد صنعت التاريخ أيضا عندما كانت أول امرأة تُنتخب حاكمة لولاية ساوث كارولاينا، في عام 2010

وفي حال كانت قد نجحت في الفوز بالانتخابات التمهيدية، هذا العام، لكانت أول أميركية، وأول أميركية من أصول أسيوية، يرشحها الحزب الجمهوري لمنصب الرئيس.

وأشادت حملتها بعد الفوز في فيرمونت بـ"دعم الملايين من الأميركيين في جميع أنحاء البلاد اليوم، بما في ذلك في فيرمونت، إذ باتت نيكي أول امرأة جمهورية تفوز بمسابقتين تمهيديتين رئاسيتين".

وقالت الحملة: "الوحدة لا تتحقق بمجرد الادعاء بأننا متحدون. لاتزال هناك كتلة كبيرة من الناخبين الجمهوريين الأساسيين الذين يعبرون عن مخاوفهم العميقة بشأن دونالد ترامب. هذه ليست الوحدة التي يحتاجها حزبنا لتحقيق النجاح. إن معالجة مخاوف هؤلاء الناخبين من شأنها أن تجعل الحزب الجمهوري وأميركا أفضل".

الذئاب المنفردة

فجر أول أيام يناير، 2025، وثقت كاميرا مثبتة على جسم أحد أفراد الشرطة الأميركية لحظات محاصرة شمس الدين جبّار، منفّذ عملية الدهس في مدينة نيو أورلينز الأميركية، أثناء محاولته الهروب بينما تناثرت أجساد ضحاياه على الأرض من حوله.

تحوّلَ جبّار من رقيب سابق في الجيش الأميركي، إلى إرهابي قاتل لـ 14 ضحية، ساقتهم الأقدار  إلى شارع بوربون الشهير للاحتفال بليلة رأس السنة.

يروي عباس الداهوك، وهو عقيد سابق في الجيش الأميركي، في مقابلة مع الحرة، أن حياة جبار كانت مليئة بالمشكلات، وكانت لديه خطة لجمع عائلته في مكان واحد لارتكاب العنف ضد أفرادها. لكنه في اللحظة الأخيرة قرر العدول عن تنفيذ الخطة، وسلك طريقا مختلفا. 

قاد شاحنته، وعليها علم داعش، ليفتك بأبرياء عزّل في مدينة نيو أورلينز. لم يُستبعد ارتباطه بالتنظيم الإرهابي، لكن على الأرجح كان يتصرف كذئب منفرد.

صباح اليوم نفسه، على بُعد 1700 ميل إلى الغرب، أطل الإرهاب بوجهه البشع مرة أخرى.

أمام فندق يعود للرئيس دونالد ترامب، في مدينة لاس فيغاس، انفجرت شاحنة كهربائية، بعد انتحار مستأجرها ماثيو ليفلسبيرغر، الرقيب الأول في القوات الخاصة الأميركية. 

يقول كولن كلارك، الخبير في قضايا الإرهاب، إن هذا كان أشبه بعرض لجذب الانتباه إلى ما كان للأسف نوعا من التشتّت الذهني لشخص ربما كان يعاني بشدة من اضطراب ما بعد الصدمة.

ويضيف أنه بعد 20 عاما من تركيز ضيّق للغاية على نوع واحد من الإرهاب، وهو الإرهاب الجهادي، "أدركنا الآن أن الأمور أكثر تعقيدا".

يشير كلارك إلى مفهوم الذئب المنفرد، أي كيف يمكن لشخص ما، من دون مقدمات، أن يتحوّل في أي بقعة من العالم، إلى ذئب منفرد يتبربص بضحاياه الغافلين، ليفتك بهم وينشر الرعب.

الذئب المنفرد، بحسب وزارة العدل الأميركية، هو شخص ينفّذ بمفرده هجوما إرهابيا ضد مجتمع يكون هو جزءا منه، بدوافع سياسية أو دينية، ولغرض التأثير على الرأي العام، أو عملية صنع القرار السياسي. وقد يستلهم أفكاره من مجموعة أو شبكة معينة، ولكنه لا يكون خاضعا لقيادتها.

برنامج "الحرة تتحرى" يعود بملف الذئاب المنفردة إلى بدايات هذا النوع من الإرهاب، وكيف تنامى، ويعرض أبرز الهجمات، ودوافع منفذيها، والأيديولوجيات التي تبنوها، إضافة إلى شرح الكوامن النفسية التي تدفع شخصا ما عن سابق إصرار وترصّد، إلى قتل آخرين، يراهم غالبا للمرة الأولى، وهو يدرك أنه سيدفع حياته ثمنا لذلك.

بحسب أحمد سلطان، الباحث في الأمن الإقليمي والإرهاب، يصعب في الغالب الكشف أو التنبؤ بهجمات الإرهابي الوحيد أو الذئب المنفرد، لأنك لا يمكن أن تراقب المجتمع بالكامل، كما أن الذئب المنفرد لا تظهر عليه أي علامات سابقة على تنفيذه الهجوم. 

في المقابل، يرى رامون سباي، وهو عالم اجتماع متخصص بظاهرة الذئاب المنفردة في ملبورن، أستراليا، أنه بمرور الوقت، أصبح إرهاب الذئاب المنفردة يشكّل نسبة أكبر بكثير من إجمالي الهجمات الإرهابية، وأن سياق هذه الهجمات، ورغم أن منفذيها أفراد، غالبا ما تكون نسخة متطرفة، أو تعبيرا عن الصراعات المجتمعية الأوسع الجارية في ذلك الوقت.

أما وائل سلامة، طبيب نفسي عمل على حالات لإرهابيين في السجون اللبنانية، فيؤكد أن هذه الحالات هي بلا شك نوع من البحث عن هوية.

"بالنسبة له (الذئب المنفرد) حتى عندما يتم قتله يصل إلى الغاية المنشودة، فالغاية الأساسية من الجريمة، أن يثبت قدراته".

قد يكون مصطلح "الذئاب المنفردة" حديث العهد، لكن فعل الهجوم الأحادي، ظهر قبل قرنين من الزمان.

يعود تاريخ الهجمات الأحادية، بحسب رامون سباي مؤلف كتابين عن إرهاب الذئاب المنفردة، إلى القرن التاسع عشر، لما يُعرف بإرهاب "الأناركية"، وهي تستند إلى فلسفة سياسية، وكان لديها استراتيجية تسمى "المقاومة القانونية"، و"الدعاية بالفعل".

وتتضمن استراتيجيتها ارتكاب أعمال عنف جماعي بشكل متفرق، وليس كجزء من مجموعة منظمة، من خلال قيام أفراد بشن هجمات عنيفة على مسؤولين حكوميين، رؤساء دول، وعائلات ملكية.

يشتق مصطلح الأناركية من الكلمة اليونانية "أنارخيا"، التي تعني بدون حاكم.

اكتسف فلسفة الأناركية شهرة في القرن التاسع عشر، ودعت إلى مجتمع بلا حكومة، أو هياكل هرمية.

في حديث مع "الحرة"، يقول ستيف كيليليا، مؤسس ومدير معهد الاقتصاد والسلام، الذي ينشر تقارير سنوية عن مؤشرات الإرهاب في العالم، إن مفهوم الذئب المنفرد، بدأ بالظهور فعليا في الفترة بين عامي 1870 و1930، مع حركة الأناركية في أوروبا والولايات المتحدة.وقد تكون إحدى أبرز هجمات هذه الحركة اغتيال الرئيس الأميركي، وليام ماكينلي، عام 1901.

أُعدم قاتل الرئيس، الأناركي ليون تشولغوش، بالكرسي الكهربائي، لكن هجمات الحركة استمرت على مدى عقود. وفي نهاية السبعينيات، شغل إرهابي مجهول الهوية السلطات الأميركية لسبعة عشر عاما كاملا.

وفق تقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي أرسل هذا الشخص، أو سلّم باليد، سلسلة من القنابل التي كانت تزداد تطوراً، وأسفرت عن مقتل ثلاثة أميركيين، وإصابة أكثر من عشرين آخرين. 

يخبر سباي فريق "الحرة تتحرى" أنه منذ التسعينيات، ومع صعود اليمين المتطرف، بدأت فعلياً استراتيجية الذئب المنفرد أو الفاعل المنفرد، واستُخدم المصطلح بشكل أكثر تحديدا وانتشارا بواسطة نشطاء اليمين خاصة المتطرفين منهم.

وظهر كثير من "الذئات المنفردة" يضيف سباي، في صفوف اليمين المتطرّف، وذلك نتيجة استراتيجية تسمى "المقاومة بلا قائد"، وهي طريقة لمنع اختراق أو تفكيك جماعة أو منظمة من قبل وكالات إنفاذ القانون، وهي أيضا وسيلة لحماية القيادة، من خلال جعل الأشخاص يتصرفون بشكل فردي، فإذا تم القبض عليهم، فلن يكون لديهم تفاصيل عن الشبكة أو المخطط الأكبر.

لا يقتصر وجود الإرهاب على طريقة الذئاب المنفردة على الولايات المتحدة، بل يمتد عبر الأطلنطي إلى القارة العجوز.

بحسب ستيف كيليليا مؤسس ومدير معهد الاقتصاد والسلام في أستراليا، فإن عددا من الدول التي لم تتعرض لهجمات في السنوات الخمس الأخيرة، شهد عام 2024 ثماني هجمات ذئاب منفردة في السويد. وفي كل من فنلندا وهولندا والدنمارك وقع هجومان، وتصاعدت الهجمات من هذا النوع في دول أخرى مثل النرويج.

أما ألمانيا، فمن أكثر الدول الغربية تعرضا للإرهاب، ومنها هجمات ذئاب منفردة. 

قبيل عيد الميلاد عام 2024، نفّذ طالب العبد المحسن، طبيب نفسي من أصول سعودية، عملية دهس في سوق مزدحم، في مدينة ماغديبورغ الألمانية، أدت إلى مقتل خمسة أشخاص، وإصابة مئات آخرين.

طبقا لتقارير متخصصة، 93 في المئة من الهجمات الإرهابية المميتة في الغرب خلال السنوات الخمس الماضية نفذت بواسطة "ذئاب منفردة". فما الذي يجذبهم إلى هذا الأسلوب دون سواه؟ 

يجيب أحمد سلطان، الباحث في الأمن الإقليمي والإرهاب، بأن الأسهل هي هجمات الذئاب المنفردة لأنها طبعا أصعب في الكشف والتوقع. ويعني أنها يمكن أن تحدث في أي وقت وأي مكان، "أما الهجمات المنسقة فتحتاج للموارد، وتأخذ وقتا طويلا في التجهيز والتخطيط والتنفيذ".

قد يبدو الفعل بعدائيته نابعا من قوة، إلا أن علم النفس له رأي آخر.

في الجزء الأكبر منه هو ناتج عن عقدة نقص "دائما ما تدفع بالشخص ليبالغ بردة الفعل"، ، يقول وائل سلامة، الطبيب النفسي، فمن ناحية المجرم أو الإرهابي فهو "يريد أن يضخم بجريمته لتضخيم ردة الفعل وبالتالي يغذي عقدة النقص الموجودة لديه".

يخبر رامون سباي "الحرة" أن ما لاحظه في كثير من حالات الذئاب المنفردة التي درسها هو أنه "بمرور الوقت يحدث تحوّل حقيقي في هويتهم"، فيرون ارتكاب العنف عملا ثوريا يمنحهم شعورا بالوجود والأهمية،  ... والإحساس القوي بالاستقامة الأخلاقية والتصرّف باسم الحق والخير"، رغم أن ما يقومون به هو فعل إجرامي ضحاياه في الغالب أناس أبرياء يُستهدفون بينما هم منشغلون بشؤونهم اليومية.