بايدن
لن يتم حظر التطبيق إلا إذا لم يبيعه مالكه "بايت دانس" بحلول 19 يناير 2025

قال تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" إن التشريع الأميركي الذي قد يفضي لحظر تطبيق تيك توك، يمكن أن يضر بمصلحة الرئيس الأميركي جو بايدن، الساعي لولاية رئاسية ثانية.

وحظي مشروع القانون بدعم واسع من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ومرره مجلس النواب بأغلبية 360-58 ومجلس الشيوخ بـ79-18، مما يعني أن الجمهوريين والديمقراطيين كانوا مسؤولين عن إقراره. 

وسيحظر التطبيق إذا لم يبعه مالكه "بايت دانس" بحلول 19 يناير 2025، وهو الموعد النهائي الذي يمكن للرئيس تمديده لمدة 90 يومًا. . 

وتعهدت الشركة الصينية بعدم بيع عملياتها في الولايات المتحدة ورفعت هذا الأسبوع دعوى قضائية اتحادية تهدف إلى وقف التشريع.

تأثير القرار المحتمل على الناخبين

تتباين استطلاعات الرأي حول كيفية رؤية الناخبين، بما في ذلك الناخبين الشباب، لهذا الإجراء. 

وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة "إبسوس" لصالح وكالة رويترز في أواخر إبريل أن نصف الأميركيين يؤيدون حظر التطبيق و32% يعارضون الفكرة، مع ارتفاع المعارضة إلى 50% بين أولئك الذين تقل أعمارهم عن 35 عاما. 

وفي استطلاع أجرته مجموعة الإستراتيجية الديمقراطية "بلوبرينت" في مارس، أيد 56% من المستجوبين "الضغط من أجل حظر أو تقييد تطبيق تيك توك، ، ما لم يتم بيعه لشركة أميركية"، بما في ذلك 46% ممن تقل أعمارهم عن 45 عامًا. 

وقد عارض الاقتراح 27% من جميع المستجوبين و38% من المستجوبين من الشباب.

ومع ذلك، بالموازاة مع انتشار أخبار الحظر المحتمل عبر المنصة، يميل الجزء الأكبر من المنشورات إلى التشكيك في بايدن والديمقراطيين، الذين يعتمد ائتلافهم الانتخابي بشكل ملفت على الناخبين الشباب. 

وفي عام 2020، فاز بايدن بنسبة 61% من أصوات الناخبين تحت سن 30 عامًا و55% من أصوات الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و44 عامًا، بينما فاز دونالد ترامب بأصوات الناخبين الذين تزيد أعمارهم عن 45 عاما، وفقًا لاستطلاع AP VoteCast للناخبين. 

وأظهر استطلاع للرأي أجراه معهد هارفارد للسياسة مؤخرًا للأميركيين الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا أن بايدن يتقدم بأكثر من 20 نقطة على ترامب – لكن أقل من النصف يعتزم فعلا التصويت هذا العام.

وقد تودد بايدن إلى شخصيات معورفة على تيك توك، ودعاهم إلى البيت الأبيض وجمع التبرعات لحملته، وفق تقرير الصحيفة الأميركية. 

وانضمت حملة بايدن إلى تطبيق تيك توك في وقت سابق من هذا العام للوصول إلى الناخبين الشباب، لكن متابعيها لا يزالون قليلين، وغالبًا ما تمتلئ الردود على منشوراتها بردود فعل غاضبة. 

في أحد منشورات الحملة الأخيرة حول حقوق الإجهاض، كان التعليق الأكثر إعجابًا هو "إذن فإن تقييد بايدن لتيك توك هو حرية؟".

وتعتبر إدارة بايدن استخدام التطبيق خطرا على المصالح الأميركية، وهو ما أثار اتهامات لها بـ"النفاق".

في المقابل، تؤكد الحملة أنها تلتقي بالناخبين بشكل قانوني أينما كانوا وتتخذ الاحتياطات الأمنية لذلك. 

وقالت ميا إهرنبرغ، المتحدثة باسم حملة بايدن، إن الادعاء بأن الناخبين الشباب سيبنيون خياراتهم الانتخابية على أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي "أمر غير جاد وغير دقيق". 

وتابعت: "في الانتخابات تلو الأخرى، يواصل الشباب إظهار أنهم يفهمون مخاطر هذه اللحظة، وسيصوتون لأن مستقبلهم يعتمد على ذلك".

وقد لا يتمتع مشروع قانون تيك توك بالقدرة على ترجيح كفة الانتخابات، لكنه "لم يمنح بايدن العديد من الأصدقاء بين مستخدمي التطبيق" وفق "وول ستريت جورنال".

ويقول مؤيدو تيك توك إن غضب الشباب لا بد أن تكون له عواقب انتخابية في الوقت الذي يبحث فيه بايدن عن منفذ لتحقيق السبق على منافسه ترامب. 

وقالت هايلي جوستين، الكاتبة البالغة من العمر 31 عامًا والتي تعيش في ولاية واشنطن، في مقابلة "أعتقد أنهم يقللون من شأن تداعيات التشريع". 

وكانت جوستين نشرت العديد من مقاطع الفيديو تطلب من مشاهديها الاتصال بأعضاء الكونغرس والتعبير لهم  عن معارضتهم للحظر أو سحب التطبيق قسريًا.

ومن المرجح أن يؤدي الإجراء ضد تيك توك إلى تعميق شعور الشباب بالعزلة والتشاؤم والخيانة من قبل النخب، وكلها تشكل رياحاً معاكسة لإعادة انتخاب بايدن، وفق الصحيفة.

وقالت آني وو هنري، خبيرة استراتيجية الاتصالات الرقمية الديمقراطية البالغة من العمر 28 عاماً والتي تدعم بايدن ولكنها ترى أن تشريع تيك توك خطأ، إن غضب الشباب من إجراء تيك توك يتوافق مع قلق العديد من التقدميين الشباب بشأن دعم بايدن لإسرائيل في حربها.

وأشارت إلى أن الإجراء تم إقراره بالتزامن مع تقديم المساعدات لإسرائيل، وهو ما يعارضه العديد من الشباب أيضًا.

وقالت هنري: "يحدث هذان الأمران في وقت واحد، حظر تيك توك والمساعدات الإسرائيلية، في نفس الوقت الذي تحدث فيه الاحتجاجات السلمية في الحرم الجامعي، يبدو الأمر وكأن الشباب يتعرضون للهجوم على جبهات متعددة”.

الذئاب المنفردة

فجر أول أيام يناير، 2025، وثقت كاميرا مثبتة على جسم أحد أفراد الشرطة الأميركية لحظات محاصرة شمس الدين جبّار، منفّذ عملية الدهس في مدينة نيو أورلينز الأميركية، أثناء محاولته الهروب بينما تناثرت أجساد ضحاياه على الأرض من حوله.

تحوّلَ جبّار من رقيب سابق في الجيش الأميركي، إلى إرهابي قاتل لـ 14 ضحية، ساقتهم الأقدار  إلى شارع بوربون الشهير للاحتفال بليلة رأس السنة.

يروي عباس الداهوك، وهو عقيد سابق في الجيش الأميركي، في مقابلة مع الحرة، أن حياة جبار كانت مليئة بالمشكلات، وكانت لديه خطة لجمع عائلته في مكان واحد لارتكاب العنف ضد أفرادها. لكنه في اللحظة الأخيرة قرر العدول عن تنفيذ الخطة، وسلك طريقا مختلفا. 

قاد شاحنته، وعليها علم داعش، ليفتك بأبرياء عزّل في مدينة نيو أورلينز. لم يُستبعد ارتباطه بالتنظيم الإرهابي، لكن على الأرجح كان يتصرف كذئب منفرد.

صباح اليوم نفسه، على بُعد 1700 ميل إلى الغرب، أطل الإرهاب بوجهه البشع مرة أخرى.

أمام فندق يعود للرئيس دونالد ترامب، في مدينة لاس فيغاس، انفجرت شاحنة كهربائية، بعد انتحار مستأجرها ماثيو ليفلسبيرغر، الرقيب الأول في القوات الخاصة الأميركية. 

يقول كولن كلارك، الخبير في قضايا الإرهاب، إن هذا كان أشبه بعرض لجذب الانتباه إلى ما كان للأسف نوعا من التشتّت الذهني لشخص ربما كان يعاني بشدة من اضطراب ما بعد الصدمة.

ويضيف أنه بعد 20 عاما من تركيز ضيّق للغاية على نوع واحد من الإرهاب، وهو الإرهاب الجهادي، "أدركنا الآن أن الأمور أكثر تعقيدا".

يشير كلارك إلى مفهوم الذئب المنفرد، أي كيف يمكن لشخص ما، من دون مقدمات، أن يتحوّل في أي بقعة من العالم، إلى ذئب منفرد يتبربص بضحاياه الغافلين، ليفتك بهم وينشر الرعب.

الذئب المنفرد، بحسب وزارة العدل الأميركية، هو شخص ينفّذ بمفرده هجوما إرهابيا ضد مجتمع يكون هو جزءا منه، بدوافع سياسية أو دينية، ولغرض التأثير على الرأي العام، أو عملية صنع القرار السياسي. وقد يستلهم أفكاره من مجموعة أو شبكة معينة، ولكنه لا يكون خاضعا لقيادتها.

برنامج "الحرة تتحرى" يعود بملف الذئاب المنفردة إلى بدايات هذا النوع من الإرهاب، وكيف تنامى، ويعرض أبرز الهجمات، ودوافع منفذيها، والأيديولوجيات التي تبنوها، إضافة إلى شرح الكوامن النفسية التي تدفع شخصا ما عن سابق إصرار وترصّد، إلى قتل آخرين، يراهم غالبا للمرة الأولى، وهو يدرك أنه سيدفع حياته ثمنا لذلك.

بحسب أحمد سلطان، الباحث في الأمن الإقليمي والإرهاب، يصعب في الغالب الكشف أو التنبؤ بهجمات الإرهابي الوحيد أو الذئب المنفرد، لأنك لا يمكن أن تراقب المجتمع بالكامل، كما أن الذئب المنفرد لا تظهر عليه أي علامات سابقة على تنفيذه الهجوم. 

في المقابل، يرى رامون سباي، وهو عالم اجتماع متخصص بظاهرة الذئاب المنفردة في ملبورن، أستراليا، أنه بمرور الوقت، أصبح إرهاب الذئاب المنفردة يشكّل نسبة أكبر بكثير من إجمالي الهجمات الإرهابية، وأن سياق هذه الهجمات، ورغم أن منفذيها أفراد، غالبا ما تكون نسخة متطرفة، أو تعبيرا عن الصراعات المجتمعية الأوسع الجارية في ذلك الوقت.

أما وائل سلامة، طبيب نفسي عمل على حالات لإرهابيين في السجون اللبنانية، فيؤكد أن هذه الحالات هي بلا شك نوع من البحث عن هوية.

"بالنسبة له (الذئب المنفرد) حتى عندما يتم قتله يصل إلى الغاية المنشودة، فالغاية الأساسية من الجريمة، أن يثبت قدراته".

قد يكون مصطلح "الذئاب المنفردة" حديث العهد، لكن فعل الهجوم الأحادي، ظهر قبل قرنين من الزمان.

يعود تاريخ الهجمات الأحادية، بحسب رامون سباي مؤلف كتابين عن إرهاب الذئاب المنفردة، إلى القرن التاسع عشر، لما يُعرف بإرهاب "الأناركية"، وهي تستند إلى فلسفة سياسية، وكان لديها استراتيجية تسمى "المقاومة القانونية"، و"الدعاية بالفعل".

وتتضمن استراتيجيتها ارتكاب أعمال عنف جماعي بشكل متفرق، وليس كجزء من مجموعة منظمة، من خلال قيام أفراد بشن هجمات عنيفة على مسؤولين حكوميين، رؤساء دول، وعائلات ملكية.

يشتق مصطلح الأناركية من الكلمة اليونانية "أنارخيا"، التي تعني بدون حاكم.

اكتسف فلسفة الأناركية شهرة في القرن التاسع عشر، ودعت إلى مجتمع بلا حكومة، أو هياكل هرمية.

في حديث مع "الحرة"، يقول ستيف كيليليا، مؤسس ومدير معهد الاقتصاد والسلام، الذي ينشر تقارير سنوية عن مؤشرات الإرهاب في العالم، إن مفهوم الذئب المنفرد، بدأ بالظهور فعليا في الفترة بين عامي 1870 و1930، مع حركة الأناركية في أوروبا والولايات المتحدة.وقد تكون إحدى أبرز هجمات هذه الحركة اغتيال الرئيس الأميركي، وليام ماكينلي، عام 1901.

أُعدم قاتل الرئيس، الأناركي ليون تشولغوش، بالكرسي الكهربائي، لكن هجمات الحركة استمرت على مدى عقود. وفي نهاية السبعينيات، شغل إرهابي مجهول الهوية السلطات الأميركية لسبعة عشر عاما كاملا.

وفق تقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي أرسل هذا الشخص، أو سلّم باليد، سلسلة من القنابل التي كانت تزداد تطوراً، وأسفرت عن مقتل ثلاثة أميركيين، وإصابة أكثر من عشرين آخرين. 

يخبر سباي فريق "الحرة تتحرى" أنه منذ التسعينيات، ومع صعود اليمين المتطرف، بدأت فعلياً استراتيجية الذئب المنفرد أو الفاعل المنفرد، واستُخدم المصطلح بشكل أكثر تحديدا وانتشارا بواسطة نشطاء اليمين خاصة المتطرفين منهم.

وظهر كثير من "الذئات المنفردة" يضيف سباي، في صفوف اليمين المتطرّف، وذلك نتيجة استراتيجية تسمى "المقاومة بلا قائد"، وهي طريقة لمنع اختراق أو تفكيك جماعة أو منظمة من قبل وكالات إنفاذ القانون، وهي أيضا وسيلة لحماية القيادة، من خلال جعل الأشخاص يتصرفون بشكل فردي، فإذا تم القبض عليهم، فلن يكون لديهم تفاصيل عن الشبكة أو المخطط الأكبر.

لا يقتصر وجود الإرهاب على طريقة الذئاب المنفردة على الولايات المتحدة، بل يمتد عبر الأطلنطي إلى القارة العجوز.

بحسب ستيف كيليليا مؤسس ومدير معهد الاقتصاد والسلام في أستراليا، فإن عددا من الدول التي لم تتعرض لهجمات في السنوات الخمس الأخيرة، شهد عام 2024 ثماني هجمات ذئاب منفردة في السويد. وفي كل من فنلندا وهولندا والدنمارك وقع هجومان، وتصاعدت الهجمات من هذا النوع في دول أخرى مثل النرويج.

أما ألمانيا، فمن أكثر الدول الغربية تعرضا للإرهاب، ومنها هجمات ذئاب منفردة. 

قبيل عيد الميلاد عام 2024، نفّذ طالب العبد المحسن، طبيب نفسي من أصول سعودية، عملية دهس في سوق مزدحم، في مدينة ماغديبورغ الألمانية، أدت إلى مقتل خمسة أشخاص، وإصابة مئات آخرين.

طبقا لتقارير متخصصة، 93 في المئة من الهجمات الإرهابية المميتة في الغرب خلال السنوات الخمس الماضية نفذت بواسطة "ذئاب منفردة". فما الذي يجذبهم إلى هذا الأسلوب دون سواه؟ 

يجيب أحمد سلطان، الباحث في الأمن الإقليمي والإرهاب، بأن الأسهل هي هجمات الذئاب المنفردة لأنها طبعا أصعب في الكشف والتوقع. ويعني أنها يمكن أن تحدث في أي وقت وأي مكان، "أما الهجمات المنسقة فتحتاج للموارد، وتأخذ وقتا طويلا في التجهيز والتخطيط والتنفيذ".

قد يبدو الفعل بعدائيته نابعا من قوة، إلا أن علم النفس له رأي آخر.

في الجزء الأكبر منه هو ناتج عن عقدة نقص "دائما ما تدفع بالشخص ليبالغ بردة الفعل"، ، يقول وائل سلامة، الطبيب النفسي، فمن ناحية المجرم أو الإرهابي فهو "يريد أن يضخم بجريمته لتضخيم ردة الفعل وبالتالي يغذي عقدة النقص الموجودة لديه".

يخبر رامون سباي "الحرة" أن ما لاحظه في كثير من حالات الذئاب المنفردة التي درسها هو أنه "بمرور الوقت يحدث تحوّل حقيقي في هويتهم"، فيرون ارتكاب العنف عملا ثوريا يمنحهم شعورا بالوجود والأهمية،  ... والإحساس القوي بالاستقامة الأخلاقية والتصرّف باسم الحق والخير"، رغم أن ما يقومون به هو فعل إجرامي ضحاياه في الغالب أناس أبرياء يُستهدفون بينما هم منشغلون بشؤونهم اليومية.