يواجه الرئيس الأميركي، جو بايدن المزيد من الضغوط مع تنامي الأصوات بين شخصيات ديمقراطية التي تدعوه للانسحاب بشكل علني أو بالتلميح، فيما لم يدع الغالبية العظمى من الديمقراطيين في الكونغرس إلى التنحي عن سباق انتخابات 2024.
ويشير تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست إلى أن حتى مع صمت الغالبية العظمى منهم، إلا أنهم يدعمون مقترحات "واضحة" على أمل أن يأخذ بايدن المبادرة ويخطط للتراجع عن السباق للبيت الأبيض.
منذ المناظرة الأخيرة مع منافسه دونالد ترامب، والمقابلات الإعلامية التي تبعتها يتعرض بايدن لضغوط شديدة تتعلق بمسار حملته للفوز بولاية ثانية في البيت الأبيض، بعدما تلعثم في كلماته ووقف فاغر الفم بينما كان ترامب يتحدث بحسب تقرير لفرانس برس برس.
ديمقراطيون يحثون بايدن للتراجع
أحدث الأمثلة الصريحة التي دعت بايدن للتراجع كانت من أبرز داعميه رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة، نانسي بيلوسي التي تحدثت لشبكة "أم أس أن بي سي" وقالت "الأمر متروك للرئيس ليقرر ما إذا كان سيترشح أم لا"، مضيفة "نحن جميعا نشجعه على اتخاذ هذا القرار لأن الوقت ينفد".
وأضافت بيلوسي أن بايدن يجب أن يؤجل أي قرار نهائي إلى ما بعد قمة حلف شمال الأطلسي الناتو في واشنطن التي تنتهي الخميس بمؤتمر صحفي مرتقب للرئيس.
.@SpeakerPelosi asked about Biden's candidacy:
— Morning Joe (@Morning_Joe) July 10, 2024
"I want him to do whatever he decides to do. And that's the way it is. Whatever he decides we go with." pic.twitter.com/HqaRGtv2dP
ونشر كلوني مقالة رأي في صحيفة نيويورك تايمز بعد ثلاثة أسابيع من استضافته حفل جمع تبرعات في لوس أنجليس جمع 30 مليون دولار لبايدن.
وقال كلوني "أحب جو بايدن"، مضيفا "أعده صديقا، وأؤمن به.. لكن المعركة الوحيدة التي لا يستطيع الانتصار فيها هي المعركة ضد الزمن".
وتابع أن "جو بايدن الذي كنت معه قبل ثلاثة أسابيع في حفل جمع التبرعات لم يكن هو نفسه بايدن 2010".
ورأى أنه "لم يكن حتى جو بايدن عام 2020. لقد كان الرجل نفسه الذي شهدناه جميعا في المناظرة"، مناقضا بذلك كلام بايدن من أن أداءه الضعيف كان حالة معزولة.
واعتبر كلوني أن وجود بايدن سيتسبب بخسارة الديمقراطيين وفقدانهم الهيمنة على مجلس الشيوخ وعجزهم عن السيطرة على مجلس النواب.
وفي حفل جمع التبرعات في لوس أنجليس الذي استضافه كلوني مع زميلته النجمة السينمائية جوليا روبرتس، بدا بايدن متعبا عندما اعتلى المسرح إلى جانب الرئيس الأسبق باراك أوباما.
وكتب كلوني "هذا ليس رأيي فقط، بل هو رأي كل سيناتور وعضو كونغرس وحاكم ولاية تحدثت معه على انفراد".
وأكد "الأمر يتعلق بالعمر. لا شيء أكثر من ذلك".
وحظيت دعوة كلوني أيضا بدعم مخرج هوليوود روبرت راينر، وهو ديمقراطي نافذ طالب أيضا قبل أيام بتنحي بايدن.
وكتب راينر على منصة إكس "عبر صديقي جورج كلوني بوضوح عما يقوله كثر منا.. تواجه الديمقراطية تهديدا وجوديا. نحن بحاجة إلى شخص أصغر سنا.. على جو بايدن أن يتنحى".
وقال الممثل مايكل دوغلاس الذي استضاف أيضا حملة جمع تبرعات لبايدن في هوليوود في أبريل، إن كلوني لديه "نقطة صحيحة"، وذلك عندما سئل عن الافتتاحية خلال ظهوره الأربعاء في برنامج "ذا فيو".
ولم يطالب دوغلاس بايدن بالتنحي، لكنه أعرب عن شعوره "بقلق عميق".
ولم يذكر كلوني ما إذا كان سيحجب التمويل حتى يغادر بايدن، كما فعلت أبيغيل ديزني وريثة امبراطورية ديزني الإعلامية الأسبوع الماضي، إلى جانب العديد من المانحين الأثرياء الآخرين.

وفي وقت متأخر الثلاثاء، أصبح مايكل بينيت من كولورادو أول سيناتور ديمقراطي ينقلب علنا على الرئيس، قائلا إن بايدن سيخسر إذا بقي في الانتخابات وربما يتسبب بخسارة الديمقراطيين في الكونغرس أيضا.
وقال بينيت لشبكة "سي إن إن" أنه "يعتقد أن ترامب على المسار الصحيح للفوز في هذه الانتخابات"، مشيرا إلى أن البيت الأبيض "لم يفعل شيئا" لإظهار أن لديه خطة للفوز في نوفمبر.
ويواجه بايدن مجموعة من النواب الديمقراطيين الذين يشككون في قدرته على هزيمة خصمه الجمهوري في نوفمبر. ويعتقد كثير منهم، بمن فيهم النائب عن نيويورك النافذ جيرولد نادلر، أن الوقت قد حان بالنسبة إلى بايدن للتخلي عن ترشيحه، وهي رسالة نقلوها خلال اجتماع أزمة للقيادة الديمقراطية في مجلس النواب، حسبما أفاد عدد من وسائل الإعلام الأميركية الأحد.
وسيحاول السيناتور الديمقراطي مارك وارنر تنظيم اجتماع مماثل في مجلس الشيوخ.
وسبق أن طلب أربعة نواب ديمقراطيين من بايدن الانسحاب من السباق الرئاسي، وانضمت إليهم السبت نائبة خامسة هي أنجي كريغ، قائلة في بيان إنه "في غياب رد قوي من الرئيس نفسه بعد هذه المناظرة، (فهي) لا تعتقد أن الرئيس يمكنه إدارة حملة فعالة والفوز ضد ترامب".
"أفضل أم أسوأ" من منافسه؟
وحظي بايدن لفترات طويلة الإعجاب في الداخل الأميركي وخارجه، وكانت له العديد من الأدوار الحاسمة على صعيد السياسة الخارجية حتى قبل توليه رئاسة الولايات المتحدة، ولكنه في الآونة الأخيرة أصبح يشبه "آلة الزلات المتلعثمة"، إذ يخطئ في الاقتباس والحديث، وأحيانا لا يفهم مغزى الحديث بحسب تحليل نشرته مجلة فورين بوليسي.
ويشير التحليل إلى أنه رغم زلاته الأخيرة، إلا أنه علينا التساؤل: هل بايدن حقا بهذا السوء الآن؟ مع الأخذ أنه لا يزال قادرا على تقديم الكثير رغم تراجعه الواضح.
ويلفت إلى أن "مشكلة العمر" لبايدن ليست جديدة، إذا أنه كانت عاملا كبير حتى في الانتخابات الرئاسية في 2020.
ورغم النظر إلى بايدن على أنه قد يشكل خطرا على الديمقراطيين، ولكن ليس الأمر كما لو هناك بديل واضح، خاصة عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة.
وينقل التحليل قول بعضهم أن "بايدن في أسوأ حالاته" يبقى أفضل "من ترامب في أفضل أيامه" على ما أكد نورمان كورز المتحدث السابق لبايدن عندما كان في الكونغرس.
مايكل هالتزل، مساعد سابق لبايدن في مجلس الشيوخ قال للمجلة إن "كان من المؤلم مشاهدة تلك المناظرة.. لكن هل هو قادر الآن؟ بالتأكيد ليس لدى أدنى شكل في ظل على الإطلاق. كيف سيكون شكله بعد سنتين أو ثلاث؟ الله أعلم. من الواضح أنها مخاطرة".
وخلال مقابلة تلفزيونية وصفت بالحاسمة، قال بايدن الجمعة إن لا أحد غيره "مؤهل أكثر منه" للتغلب على ترامب في نوفمبر، وبدا كأنه ينكر حقيقة استطلاعات الرأي التي بينت بوضوح أنه في موقف صعب أمام منافسه الجمهوري.
وفي هذا الحوار عبر محطة "إيه بي سي" مع الصحفي جورج ستيفانوبولوس، تجنب بايدن مرارا الإجابة على سؤال حول ما إذا كانت حالته الجسدية والذهنية قد تدهورت خلال فترة ولايته.
وعندما سئل في مقابلته عن سبب عدم إجرائه فحصا طبيا مستقلا، أجاب بايدن أن وظيفته تشبه "الخضوع لاختبار إدراكي كل يوم".
وقال "أنا أخضع لاختبار إدراكي كل يوم.. أنا لا أقوم بحملتي الانتخابية فحسب، بل أقود العالم".