نظريات مختلفة لإطلاق النار على ترامب
نظريات مختلفة لإطلاق النار على ترامب

منذ الدقائق الأولى لمحاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، مساء السبت الماضي، انتشرت نظريات المؤامرة على الإنترنت، وبعضها يتحدث عن مطلق نار "تحت أوامر" الرئيس جو بايدن أو "الدولة العميقة"، وبعضها يندد بـ"مسرحية مدبرة" لجعل الرئيس السابق بطلا، أو حتى تورط الموساد (المخابرات الإسرائيلية).

وفي الساعات الأولى بعد محاولة الاغتيال، في ولاية بنسلفانيا، توصل صناع "الميم" والمؤثرون من اليسار واليمين إلى اتفاق سريع حول شيء واحد: لابد أن يكون إطلاق النار مدبرا، على حد تصورهم. 

ووصف البعض من اليسار المحاولة بأنها عملية زائفة أعدت لإظهار قوة وشجاعة ترامب وتعزيز فرص انتخابه، وأشاروا إلى أن الطريقة التي توقف بها ترامب "لالتقاط الصور" والدم يسيل على خده دليل على أن الهجوم لابد وأن يكون من مدبرا لصالحه.

وأوردت حسابات لأنصار الديمقراطيين فور وقوع محاولة الاغتيال أن الدماء على وجه ترامب زائفة وأن جهاز الخدمة السرية دبر الحادث بالتواطؤ مع ترامب نفسه.

وانتشرت في هذا السياق على منصة إكس صورة، تبين عدم صحتها، لعناصر جهاز الأمن يبتسمون وهم يحيطون بترامب لإخراجه من موقع الحدث، باعتبارها "أدلة" على أن محاولة الاغتيال "مدبرة" و"مخطط لها".

ترامب في صورة مزيفة
صورة متداولة لترامب بعيد محاولة الاغتيال
هل كانوا يبتسمون؟.. حقيقة صورتين لترامب وأفراد الخدمة السرية بعد محاولة الاغتيال
تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي صورتين للرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، بعيد محاولة الاغتيال التي تعرض لها، مساء السبت، في ولاية بنسلفانيا، وتظهره هو وأفراد الأمن المحيطين به مبتسمين

وفي المقابل، يعتقد ناشطون في اليمين وحتى بعض شاغلي المناصب المنتخبين أن محاولة قتل ترامب تبدو كأنها عملية داخلية، وتم تبرير الإخفاق في منع مطلق النار على انه مؤامرة متعمدة.

وتنقل "فرانس برس" عن ساندرا تشيس، وهي مندوبة جمهورية من بروكلين ستحضر المؤتمر الوطني الجمهوري في ميلووكي، إنها تعتقد أن محاولة الاغتيال كانت عملية داخلية وأن مكتب التحقيقات الفيدرالي "أف بي آي" سيغطي الجريمة الحقيقية. 

ويوم الأحد، أفاد المكتب بأن كروكس يبدو أنه تصرف بمفرده.

وكان مطلق النار توماس ماثيو كروكس. (20 عاما) على سطح أحد المستودعات على بعد 130 إلى 140 مترا من ترامب، عندما أطلق طلقات عدة نحو الرئيس السابق، قبل أن يطلق عليه عملاء الخدمة السرية النار ويقتلوه.

وأصيب ترامب برصاصة في أذنه، وقُتل أحد الحضور، وأصيب اثنان آخران بجروح خطيرة.

وفي غضون دقائق من إطلاق النار، كتب الملياردير الأميركي، إيلون ماسك، لمتابعيه على منصة "إكس" البالغ عددهم 190 مليونا، أن فشل جهاز الخدمة السرية في إيقاف مطلق النار ربما كان "متعمدا". 

وأكد مايك كولينز، عضو الكونغرس الجمهوري من جورجيا، أن "جو بايدن أرسل الأوامر" لاغتيال ترامب.

 

وانتشرت الشائعات بسرعة على إنستغرام بأن أليخاندرو مايوركاس، وزير الأمن الداخلي، الذي تعرض لانتقاد من الجمهوريين بسبب طريقة تعامله مع الحدود الجنوبية، رفض طلبات حملة ترامب بحماية أفضل.

وكان جهاز الخدمة السرية قال مؤخرا إنه وفر "موارد وقدرات حماية" إضافية للمسؤولين عن حماية ترامب، بحسب رويترز.

وبعد إطلاق النار، خرجت تقارير تتحدث عن رفض الجهاز توفير هذه الحماية الإضافية قبل التجمع الانتخابي.

لكن المتحدث باسم الجهاز، أنتوني غوغلييلمي، نفى هذه التقارير وكتب على منصة "إكس": "هذا غير صحيح على الإطلاق. في الواقع، أضفنا موارد حماية إضافية.. بما يتناسب مع التحرّكات المتزايدة في إطار الحملة" الانتخابية.

الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ينجو من محاولة اغتيال
"أسوأ اختراق أمني منذ حادثة ريغان".. ضغوط على "الخدمة السرية" عقب محاولة اغتيال ترامب
عقب محاولة اغتيال المرشح الجمهوري لانتخابات الرائاسة الأميركية، دونالد ترامب، بات جهاز الخدمة السرية يخض للتدقيق بسبب أسوأ اختراق أمني له منذ محاولة اغتيال الرئيس الأميركي الراحل، رونالد ريغان، في العام 1981.

 

ولاتزال دوافع كروكس وآرائه السياسية لغزا إلى حد كبير. 

وتشير وثائق رسمية أنه مسجل "جمهوري"، لكنه تبرع بمبلغ 15 دولارا للجنة عمل سياسي ليبرالية، في يناير 2021.

ويبدو أنه نشأ في طبقة متوسطة ولم يترك انطباعا كبيرا على زملائه في المدرسة، لكن لا يعرف الكثير عنه.

ومع ذلك، وضع بعض ناشطي اليمين صورة له تصفه بأنه متحول جنسيا ويهودي ومؤيد لحركة "حياة السود تهم".

وحمل عدد كبير من هذه المنشورات إيحاءات معادية لإسرائيل أو السامية.

وكتبت "رابطة مكافحة التشهير"، وهي منظمة حقوقية معنية بمراقبة التطرف، تقريرا عن "نظريات المؤامرة عن اليهود وإسرائيل" بعد العملية.

 


وجاء في التقرير أن أحد المستخدمين على "إكس" كتب أن "لليهود تاريخ طويل جدا في الاغتيالات السياسية"، وكتب آخر، "لا أصدق ذلك، لقد غضب اليهود لأنهم لم يتمكنوا من هزيمته بالغش هذه المرة، أميركا في ورطة".

وزعم منظر المؤامرة، ستيو بيترز، أن الموساد من بين "المشتبه بهم الأوائل" في الهجوم.


وطرح الناشط اليميني، نيك فوينتس، نظريتين لإطلاق النار، إحداهما تدعي أن المخابرات الإسرائيلية نفذت العملية لاستبدال ترامب بمرشح يدعم ضم غزة/ الضفة الغربية، وخوض حرب في لبنان وإيران، أو لأن الإسرائيليين يريدون "مدافعا أكثر ملاءمة في البيت الأبيض".

ويقول جوناثان ستراي، من جامعة كاليفورنيا في بيركلي لمجلة إيكونوميست: "السمة المميزة لنظريات المؤامرة أنها تسعى لتفسير كل شيء".

وقال الباحث في العلوم السياسية، جوليان غيري، لفرانس برس، إن حالة الهستيريا التي أحاطت بالحدث ليست مفاجئة "في مثل هذا الظرف"، مضيفا أن "غياب نظريات المؤامرة هو الذي كان ليشكل مفاجأة، أو حتى وضعا شاذا".

ومما يساهم في ظهور نظريات المؤامرة، برأي الباحث، الأعداد الكبيرة من الصور الملتقطة للحدث، من صور رسمية وصور هواة، والتي تعطي "إمكانية طرح خطاب بديل".

وقال غيري إن محاولة اغتيال ترامب بحد ذاتها "تضفي مصداقية إلى فكرة أنه رجل مهدد، وأنه ربما أراد أيضا شن معارك ضارية على القوات الخفية المزعومة، كالدولة العميقة، على سبيل المثال".

و"الدولة العميقة" فرضية منتشرة في الولايات المتحدة في أوساط أصحاب نظريات المؤامرة من اليمين، لاسيما حركة "كيو إينون"، وتفيد بوجود دولة سرية موازية تحرك خيوط العالم بما يخدم مصالح مجموعات خاصة كبرى.

وفي المقابل، يشير الصحفي وخبير نظريات المؤامرة الأميركية، ، أنتوني مانسوي، إلى "رد فعل لا يصدق في الوسط وبين الديمقراطيين" الذين سارعوا إلى التنديد بحادث مدبر مع انتشار وسم #staged (مدبر)".

وهذا يظهر بحسب مانسوي أنه "لا يوجد أحد محصنا بمواجهة تخيلات نظريات المؤامرة".

وأضاف أن "الحادث قد يدعو إلى طرح تساؤلات... لكننا ننتقل إلى المؤامرة حين نخوض حملات انطلاقا من عناصر لم يتم التحقق من صحتها".

ويرى أن البعض سلك هذا الطريق بفعل "تضافر 3 عوامل مجتمعة لآلة الترويج للمؤامرات، وهي النشاط السياسي المكثف جدا وصدمة اجتماعية-سياسية وتدهور معمم"، مما يدفع الأفراد "حين لا يعود بوسعهم  في ظل هذه العوامل انتظار معلومات من وسائل الإعلام، إلى التساؤل بشأن "من المستفيد من الجريمة؟".

وتابع أن سهولة الوصول إلى شبكات التواصل الاجتماعي يمكن أن ترسخ في ذهن هؤلاء الأفراد فكرة أن "الجميع يشارك في التحقيق/الهستيريا الجماعية".

ويستحضر عديدون في منشوراتهم اغتيال الرئيس الأميركي، جون كينيدي، عام 1963، متسائلين "هل لن يكرروا لنا فرضية مطلق النار المنفرد؟".

وذكر جوليان جيري أنه "منذ 1967-1968 لدينا ما بين 70 و80 في المئة تقريبا من الأميركيين من مختلف الآفاق الاجتماعية- الديموغرافية والاجتماعية-السياسية، مقتنعين تماما بأن كينيدي كان ضحية مؤامرة".

كما أن محاولة اغتيال الرئيس، رونالد ريغان، التي أدت إلى إصابته بجروح بالغة عام 1981 تبقى أيضا ماثلة في الأذهان.

Green Party presidential nominee Jill Stein speaks during a rally in Dearborn, Michigan
مرشحة حزب الخضر، جيل شتاين، تتحدث أثناء تجمع في ديربورن في ميشيغان.

قالت جيل شتاين، المرشحة عن حزب الخضر للرئاسة الأميركية، الأحد، إن الغضب واسع النطاق بين الأميركيين من أصل عربي والمسلمين بسبب دعم واشنطن لحربي إسرائيل في قطاع غزة ولبنان قد تكلف كاملا هاريس نائبة الرئيس الديمقراطية الحالية الانتخابات الرئاسية.

وتظهر استطلاعات الرأي أن هاريس ومنافسها الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترامب، سيخوضان سباقا محتدما في انتخابات الرئاسة في الخامس من نوفمبر، وأن شتاين تحظى بواحد في المئة فقط من الدعم على مستوى البلاد، وهي النسبة نفسها التي حصلت عليها في 2016.

لكن شتاين تشهد تزايد الدعم لها بين الأميركيين من أصل عربي والمسلمين في ولايات تنافسية، مثل ميشيغان وأريزونا وويسكونسن، حيث يوجدون بأعداد كبيرة ساعدت في دفع الرئيس الأميركي جو بايدن إلى تحقيق انتصارات بفارق طفيف في انتخابات 2020.

وتسعى شتاين إلى الحصول على دعم هذه المجموعات، إذ تطالب بوقف دائم لإطلاق النار في القطاع الفلسطيني وتطبيق حظر فوري على إرسال الأسلحة الأميركية لإسرائيل. وأظهر استطلاع أجراه مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) في أغسطس أن شتاين تسحب الدعم من هاريس في هذه الولايات المتأرجحة.

وقالت شتاين لرويترز بعد مسيرة حضرها نحو 100 شخص في ضاحية ديربورن في ولاية ديترويت أمس الأحد "خسر الديمقراطيون أصوات الأميركيين المسلمين والأميركيين العرب". وأضافت "سيخسرون ما يكفي من الولايات المتأرجحة بحيث لا يفوزون، ولا يمكنهم الفوز".

وذكرت أن الديمقراطيين بوسعهم الفوز من جديد بهؤلاء الناخبين إذا طبقوا وقفا فوريا لإطلاق النار في غزة ولبنان وأوقفوا بيع الأسلحة إلى إسرائيل، إلا أنه لا توجد أي علامات على مثل هذا التحرك.

وتدعو إدارة بايدن، بالإضافة إلى عدة حلفاء لواشنطن مثل فرنسا، إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يوما على الحدود بين إسرائيل ولبنان، وكذلك تحاول التفاوض على وقف إطلاق النار في غزة منذ أشهر، لكنها لم تنجح في ذلك.

وعند سؤالها عن دورها المحتمل "كمخربة"، إذ ستسحب الأصوات من هاريس وتساعد بذلك ترامب في هذه الولايات، قالت شتاين إن فوز ترامب بولاية أخرى سيكون أمرا "مروعا"، وكذلك سيكون حكم الديمقراطيين لأربعة أعوام أخرى، بالنظر لارتفاع تكاليف الإيجار والحربين في غزة ولبنان والهجمات على الحريات المدنية.

ولم تعلق حملة هاريس بعد على تصريحات شتاين. وتسعى هاريس إلى تهدئة مخاوف الناخبين الأميرييين من أصل عربي والمسلمين، والتقت بمجموعة صغيرة من الزعماء المحليين في فلنت بولاية ميشيغان الجمعة.