A man walks by a poster depicting Thomas Matthew Crooks, the man that attempted to assassinate former President Donald Trump…
والدا مطلق النار على ترامب يتعاونان مع محققي مكتب التحقيقات الفيدرالي

قال مصدر لشبكة "فوكس نيوز" إن والديّ توماس ماثيو كروكس اتصلا بسلطات إنفاذ القانون، السبت، قبل ساعات من إطلاقه النار على الرئيس السابق، المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية، دونالد ترامب، خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا.

وقال المصدر إن والدة القاتل ووالده أخبرا الشرطة المحلية أن كروكس مفقود وأنهما قلقان على سلامته.

ولم يتضح ما إذا كانوا يعرفون أنه كان بحوزته بندقية من طراز AR-15 مملوكة لوالده، بحسب الشبكة.

وأوضحت الشبكة أن الشرطة لم تذكر الإجراءات التي اتخذتها بعد الاتصال بها.

وذكرت أن والدي كروكس يتعاونان مع محققي مكتب التحقيقات الفيدرالي، حيث تحاول الوكالة تحديد الدافع وراء إطلاق النار الذي أدى إلى إصابة ترامب ومقتل أحد الحضور في التجمع، كوري كومبيراتوري.

انتهى المسؤولون من فحص هواتف كروكس وحساباته على وسائل التواصل الاجتماعي.

وانتهى المسؤولون من فحص هواتف كروكس وحساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، لكنهم لم يعلنوا بعد عن نتائج هذا التحقيق، بحسب الشبكة.

وكان والدا مطلق النار، ماثيو وماري كروكس، يعملان كمستشارين محترفين في ولاية بنسلفانيا، وفقًا لسجلات الولاية. وحصل كلاهما على تراخيص العمل الاجتماعي في عام 2002 وقاما بتجديدها مؤخرًا في العام الماضي.

وقُتل كروكس، وهو خريج مدرسة بيثيل بارك الثانوية لعام 2022، برصاص قناصة الخدمة السرية بعد أن فتح النار على مسيرة في بتلر.

وأوضحت الشبكة أن الطالب المنعزل في المدرسة الثانوية كان جمهوريًا مسجلاً لكنه تبرع لحملة تقدمية في عام 2021.

وكان كروكس مع والده المسجل ليبراليًا، عضوًا في نادي السلاح المحلي. وكانت والدته ديمقراطية مسجلة.

وحصل القاتل المحتمل على شهادة جامعية في الهندسة من كلية مجتمع مقاطعة أليغيني قبل شهرين فقط من إطلاق النار.

وذكرت شبكة " إيه بي سي نيوز" أنه كان يخطط للالتحاق بجامعة روبرت موريس في الخريف، وتم قبوله أيضًا في جامعة بيتسبرغ لكنه اختار عدم الحضور.

وعمل كروكس كمساعد غذائي في دار رعاية محلية، وطلب الحصول على إجازة يوم السبت لأنه كان لديه "شيء ليفعله"، وفقًا لشبكة "سي أن أن".

وذكرت مصادر مطلعة لوسائل إعلام أميركية أن كروكس كان قد "جرى رصده كمشتبه فيه قبل ساعة" من وقوع الهجوم، وفق مصادر مطلعة على الإحاطة التي تم تقديمها لأعضاء مجلس الشيوخ، الأربعاء.

ووفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، فقد عرضت الإحاطات التي قدمها كبار المسؤولين الأميركيين، الأربعاء، بعضًا من أكثر المعلومات تفصيلاً حتى الآن حول ما حدث في الفترة التي سبقت إطلاق النار على التجمع الانتخابي.

وأوضح السناتور الجمهوري، ماركواين مولين، أنه "جرى التعرف على المسلح كروكس باعتباره شخصا مشبوها، حوالي الساعة الخامسة مساءً، أي قبل أكثر من ساعة من إطلاق النار".

وزاد مولين: "قالوا إن لديه حقيبة ظهر وما صنفوه على أنه جهاز تحديد المدى"، حسب نفس الصحيفة الأميركية.

من جانبها، نقلت شبكة "إن بي سي إن نيوز" الأميركية عن السناتور الجمهوري، جون باراسو، في بيان بعد الإحاطة، أنه تم الإبلاغ عن كروكس كشخص مشبوه قبل ساعة واحدة من بدء إطلاق النار. 

وأضاف باراسو: "لقد كانت هذه إحاطة شاملة بنسبة 100 بالمئة.. كان لديه جهاز تحديد المدى وحقيبة ظهر".

كما نقلت الشبكة عن مصادر، أنه تم إبلاغ أعضاء مجلس الشيوخ خلال الإحاطة، بأن كروكس "زار موقع محاولة الاغتيال الأسبوع الماضي".

وشدد باراسو على أنه "يجب عزل" مديرة جهاز الخدمة السرية، كيمبرلي تشيتل، مضيفا: "لم يتحمل أحد المسؤولية.. لقد مات شخص ما، وكاد الرئيس (السابق) أن يُقتل. يجب إقالة رئيسة الخدمة السرية".

وفي مقابلة، الثلاثاء، مع قناة "إيه بي سي نيوز"، قالت تشيتل إنه "ليس لديها بعد كل التفاصيل بشأن الحادث، لكن كانت هناك فترة زمنية قصيرة جدًا بين الوقت الذي تم فيه التعرف على كروكس باعتباره مشبوهًا، ووقت بدء إطلاق النار".

وأضافت تشيتل أن فريق قناصة من الشرطة المحلية كان داخل المبنى الذي أطلق منه كروكس النار على ترامب، وأنه تم اتخاذ قرار بعدم نشر ضباط على السطح لأنه "كان منحدرًا".

وأوضحت أنهم اتخذوا قرارًا بعدم وضع عنصر أمن على السطح المائل "لأسباب تتعلق بالسلامة".

أما صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، فأوضحت في تقرير لها أن الشرطة المحلية بولاية بنسلفانيا، كانت قد أبلغت جهاز الخدمة السرية قبل التجمع الانتخابي لترامب، بأنها "تفتقر إلى الموارد اللازمة لوضع سيارة دورية خارج المبنى الذي تمركز على سطحه المسلح"، وفقًا لسلطات إنفاذ القانون المحلية والفدرالية.

وفي هذا الصدد، قال المدعي العام في مقاطعة بتلر بولاية بنسلفانيا، ريتشارد غولدينجر، حيث انعقد التجمع ترامب، إن الخدمة السرية "تم إبلاغها بأن قسم الشرطة المحلية ليس لديه قوة بشرية للمساعدة في تأمين ذلك المبنى".

الذئاب المنفردة

فجر أول أيام يناير، 2025، وثقت كاميرا مثبتة على جسم أحد أفراد الشرطة الأميركية لحظات محاصرة شمس الدين جبّار، منفّذ عملية الدهس في مدينة نيو أورلينز الأميركية، أثناء محاولته الهروب بينما تناثرت أجساد ضحاياه على الأرض من حوله.

تحوّلَ جبّار من رقيب سابق في الجيش الأميركي، إلى إرهابي قاتل لـ 14 ضحية، ساقتهم الأقدار  إلى شارع بوربون الشهير للاحتفال بليلة رأس السنة.

يروي عباس الداهوك، وهو عقيد سابق في الجيش الأميركي، في مقابلة مع الحرة، أن حياة جبار كانت مليئة بالمشكلات، وكانت لديه خطة لجمع عائلته في مكان واحد لارتكاب العنف ضد أفرادها. لكنه في اللحظة الأخيرة قرر العدول عن تنفيذ الخطة، وسلك طريقا مختلفا. 

قاد شاحنته، وعليها علم داعش، ليفتك بأبرياء عزّل في مدينة نيو أورلينز. لم يُستبعد ارتباطه بالتنظيم الإرهابي، لكن على الأرجح كان يتصرف كذئب منفرد.

صباح اليوم نفسه، على بُعد 1700 ميل إلى الغرب، أطل الإرهاب بوجهه البشع مرة أخرى.

أمام فندق يعود للرئيس دونالد ترامب، في مدينة لاس فيغاس، انفجرت شاحنة كهربائية، بعد انتحار مستأجرها ماثيو ليفلسبيرغر، الرقيب الأول في القوات الخاصة الأميركية. 

يقول كولن كلارك، الخبير في قضايا الإرهاب، إن هذا كان أشبه بعرض لجذب الانتباه إلى ما كان للأسف نوعا من التشتّت الذهني لشخص ربما كان يعاني بشدة من اضطراب ما بعد الصدمة.

ويضيف أنه بعد 20 عاما من تركيز ضيّق للغاية على نوع واحد من الإرهاب، وهو الإرهاب الجهادي، "أدركنا الآن أن الأمور أكثر تعقيدا".

يشير كلارك إلى مفهوم الذئب المنفرد، أي كيف يمكن لشخص ما، من دون مقدمات، أن يتحوّل في أي بقعة من العالم، إلى ذئب منفرد يتبربص بضحاياه الغافلين، ليفتك بهم وينشر الرعب.

الذئب المنفرد، بحسب وزارة العدل الأميركية، هو شخص ينفّذ بمفرده هجوما إرهابيا ضد مجتمع يكون هو جزءا منه، بدوافع سياسية أو دينية، ولغرض التأثير على الرأي العام، أو عملية صنع القرار السياسي. وقد يستلهم أفكاره من مجموعة أو شبكة معينة، ولكنه لا يكون خاضعا لقيادتها.

برنامج "الحرة تتحرى" يعود بملف الذئاب المنفردة إلى بدايات هذا النوع من الإرهاب، وكيف تنامى، ويعرض أبرز الهجمات، ودوافع منفذيها، والأيديولوجيات التي تبنوها، إضافة إلى شرح الكوامن النفسية التي تدفع شخصا ما عن سابق إصرار وترصّد، إلى قتل آخرين، يراهم غالبا للمرة الأولى، وهو يدرك أنه سيدفع حياته ثمنا لذلك.

بحسب أحمد سلطان، الباحث في الأمن الإقليمي والإرهاب، يصعب في الغالب الكشف أو التنبؤ بهجمات الإرهابي الوحيد أو الذئب المنفرد، لأنك لا يمكن أن تراقب المجتمع بالكامل، كما أن الذئب المنفرد لا تظهر عليه أي علامات سابقة على تنفيذه الهجوم. 

في المقابل، يرى رامون سباي، وهو عالم اجتماع متخصص بظاهرة الذئاب المنفردة في ملبورن، أستراليا، أنه بمرور الوقت، أصبح إرهاب الذئاب المنفردة يشكّل نسبة أكبر بكثير من إجمالي الهجمات الإرهابية، وأن سياق هذه الهجمات، ورغم أن منفذيها أفراد، غالبا ما تكون نسخة متطرفة، أو تعبيرا عن الصراعات المجتمعية الأوسع الجارية في ذلك الوقت.

أما وائل سلامة، طبيب نفسي عمل على حالات لإرهابيين في السجون اللبنانية، فيؤكد أن هذه الحالات هي بلا شك نوع من البحث عن هوية.

"بالنسبة له (الذئب المنفرد) حتى عندما يتم قتله يصل إلى الغاية المنشودة، فالغاية الأساسية من الجريمة، أن يثبت قدراته".

قد يكون مصطلح "الذئاب المنفردة" حديث العهد، لكن فعل الهجوم الأحادي، ظهر قبل قرنين من الزمان.

يعود تاريخ الهجمات الأحادية، بحسب رامون سباي مؤلف كتابين عن إرهاب الذئاب المنفردة، إلى القرن التاسع عشر، لما يُعرف بإرهاب "الأناركية"، وهي تستند إلى فلسفة سياسية، وكان لديها استراتيجية تسمى "المقاومة القانونية"، و"الدعاية بالفعل".

وتتضمن استراتيجيتها ارتكاب أعمال عنف جماعي بشكل متفرق، وليس كجزء من مجموعة منظمة، من خلال قيام أفراد بشن هجمات عنيفة على مسؤولين حكوميين، رؤساء دول، وعائلات ملكية.

يشتق مصطلح الأناركية من الكلمة اليونانية "أنارخيا"، التي تعني بدون حاكم.

اكتسف فلسفة الأناركية شهرة في القرن التاسع عشر، ودعت إلى مجتمع بلا حكومة، أو هياكل هرمية.

في حديث مع "الحرة"، يقول ستيف كيليليا، مؤسس ومدير معهد الاقتصاد والسلام، الذي ينشر تقارير سنوية عن مؤشرات الإرهاب في العالم، إن مفهوم الذئب المنفرد، بدأ بالظهور فعليا في الفترة بين عامي 1870 و1930، مع حركة الأناركية في أوروبا والولايات المتحدة.وقد تكون إحدى أبرز هجمات هذه الحركة اغتيال الرئيس الأميركي، وليام ماكينلي، عام 1901.

أُعدم قاتل الرئيس، الأناركي ليون تشولغوش، بالكرسي الكهربائي، لكن هجمات الحركة استمرت على مدى عقود. وفي نهاية السبعينيات، شغل إرهابي مجهول الهوية السلطات الأميركية لسبعة عشر عاما كاملا.

وفق تقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي أرسل هذا الشخص، أو سلّم باليد، سلسلة من القنابل التي كانت تزداد تطوراً، وأسفرت عن مقتل ثلاثة أميركيين، وإصابة أكثر من عشرين آخرين. 

يخبر سباي فريق "الحرة تتحرى" أنه منذ التسعينيات، ومع صعود اليمين المتطرف، بدأت فعلياً استراتيجية الذئب المنفرد أو الفاعل المنفرد، واستُخدم المصطلح بشكل أكثر تحديدا وانتشارا بواسطة نشطاء اليمين خاصة المتطرفين منهم.

وظهر كثير من "الذئات المنفردة" يضيف سباي، في صفوف اليمين المتطرّف، وذلك نتيجة استراتيجية تسمى "المقاومة بلا قائد"، وهي طريقة لمنع اختراق أو تفكيك جماعة أو منظمة من قبل وكالات إنفاذ القانون، وهي أيضا وسيلة لحماية القيادة، من خلال جعل الأشخاص يتصرفون بشكل فردي، فإذا تم القبض عليهم، فلن يكون لديهم تفاصيل عن الشبكة أو المخطط الأكبر.

لا يقتصر وجود الإرهاب على طريقة الذئاب المنفردة على الولايات المتحدة، بل يمتد عبر الأطلنطي إلى القارة العجوز.

بحسب ستيف كيليليا مؤسس ومدير معهد الاقتصاد والسلام في أستراليا، فإن عددا من الدول التي لم تتعرض لهجمات في السنوات الخمس الأخيرة، شهد عام 2024 ثماني هجمات ذئاب منفردة في السويد. وفي كل من فنلندا وهولندا والدنمارك وقع هجومان، وتصاعدت الهجمات من هذا النوع في دول أخرى مثل النرويج.

أما ألمانيا، فمن أكثر الدول الغربية تعرضا للإرهاب، ومنها هجمات ذئاب منفردة. 

قبيل عيد الميلاد عام 2024، نفّذ طالب العبد المحسن، طبيب نفسي من أصول سعودية، عملية دهس في سوق مزدحم، في مدينة ماغديبورغ الألمانية، أدت إلى مقتل خمسة أشخاص، وإصابة مئات آخرين.

طبقا لتقارير متخصصة، 93 في المئة من الهجمات الإرهابية المميتة في الغرب خلال السنوات الخمس الماضية نفذت بواسطة "ذئاب منفردة". فما الذي يجذبهم إلى هذا الأسلوب دون سواه؟ 

يجيب أحمد سلطان، الباحث في الأمن الإقليمي والإرهاب، بأن الأسهل هي هجمات الذئاب المنفردة لأنها طبعا أصعب في الكشف والتوقع. ويعني أنها يمكن أن تحدث في أي وقت وأي مكان، "أما الهجمات المنسقة فتحتاج للموارد، وتأخذ وقتا طويلا في التجهيز والتخطيط والتنفيذ".

قد يبدو الفعل بعدائيته نابعا من قوة، إلا أن علم النفس له رأي آخر.

في الجزء الأكبر منه هو ناتج عن عقدة نقص "دائما ما تدفع بالشخص ليبالغ بردة الفعل"، ، يقول وائل سلامة، الطبيب النفسي، فمن ناحية المجرم أو الإرهابي فهو "يريد أن يضخم بجريمته لتضخيم ردة الفعل وبالتالي يغذي عقدة النقص الموجودة لديه".

يخبر رامون سباي "الحرة" أن ما لاحظه في كثير من حالات الذئاب المنفردة التي درسها هو أنه "بمرور الوقت يحدث تحوّل حقيقي في هويتهم"، فيرون ارتكاب العنف عملا ثوريا يمنحهم شعورا بالوجود والأهمية،  ... والإحساس القوي بالاستقامة الأخلاقية والتصرّف باسم الحق والخير"، رغم أن ما يقومون به هو فعل إجرامي ضحاياه في الغالب أناس أبرياء يُستهدفون بينما هم منشغلون بشؤونهم اليومية.