مع دخول الانتخابات الرئاسية الأميركية شهورها الأخيرة، يبرز ملف الهجرة بين أهم قضايا السباق، خاصة بالنسبة المرشح الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي يسلط الضوء على هذه القضية من أجل توجيه اللوم لمنافسه الديمقراطي، الرئيس الحالي جو بايدن، باعتباره مسؤولا عن الزيادات في أعداد المهاجرين.
وتميزت الولاية الرئاسية الأولى لترامب بتركيز كبير على هذا الملف، إذ أظهر رغبة في إحداث تغيير جذري في نظام االهجرة وطلب اللجوء.
وحتى خلال حملته الانتخابية الأولى، عام 2016، هاجم ترامب المهاجرين واعتبر أن أغلبهم "مغتصبون وناقلون للمخدرات والجريمة" .
ومع سعيه للعودة إلى البيت الأبيض، يقول الرئيس السابق إنه إذا انتُخب مرة أخرى، فإنه عازم على ترحيل نحو 20 مليون مهاجر من الولايات، يعيشون فيها من دون إذن قانوني .
وقال ترامب خلال تجمع انتخابي السبت: "سأعمل على عملية كبيرة لترحيل المهاجرين غير النظاميين فور استلامي الرئاسة".
فما هي أعداد هؤلاء وكيف وفدوا إلى الولايات المتحدة؟، وفي المقابل، ما هي الطرق الشرعية للهجرة؟
أعداد متزايدة
لا يظهر مكتب الإحصاء الفيدرالي أعدادا محددة للمهاجرين غير القانونيين، ويتم تضمينهم بين الأشخاص المولودين في الخارج بصرف النظر عن وضعهم القانوني.
وتظهر بيانات المكتب في 2022 أنه بين عامي 2010 و2022، زاد عدد السكان المولودين في الخارج بنسبة 15.6 في المئة.
ويشير التقرير إلى أن عدد السكان المولودين في الخارج هو 46.2 مليون (13.9 في المئة من إجمالي السكان) في عام 2022 مقارنة بـ40.0 مليون (12.9 في المئة من إجمالي السكان) في عام 2010.
وفي نوفمبر الماضي، قدر مركز بيو للأبحاث في واشنطن عدد المهاجرين غير الشرعيين بنحو 10.5 مليون عام 2021، وهم يمثلون حوالي 3 في المئة من إجمالي سكان الولايات المتحدة، و22 في المئة من السكان المولودين في الخارج.
وقدر معهد سياسة الهجرة أيضا وجود 11.7 مليون مهاجر غير شرعي، نصفهم تقريبا من المكسيك (5.3 مليون) ثم السلفادور وغواتيمالا بنحو 700 ألف لكل منهما، والهند وهندوراس بنحو 500 ألف لكل منهما.
ووفق أرقام مركز بيو، فإن عدد المهاجرين غير الشرعيين من المكسيك انخفض بمقدار 900 ألف من عام 2017 إلى عام 2021، ليصل إلى 4.1 مليون.
وتكشف معلومات معهد سياسة الهجرة أن حوالي ربع عدد المهاجرين (2.3 مليون) يعيشون في الولايات المتحدة منذ أقل من 5 سنوات.
ونصف الأعداد تقريبا من الفئة العمرية بين 25 إلى 44 عاما.
ويقول بيو إن عدد المهاجرين غير الشرعيين المقيمين في الولايات المتحدة في عام 2021 كان أقل من ذروته التي بلغت 12.2 مليون عام 2007، ونفس العدد تقريبا الذي سجل في عام 2004 وأقل تقريبا في السنوات بين 2005 إلى 2015.
وكانت هناك زيادات في أعداد المهاجرين غير الشرعيين من كل منطقة أخرى تقريبا في العالم: أميركا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي وأميركا الجنوبية وآسيا وأوروبا وأفريقيا.
وشهدت فلوريدا وولاية واشنطن فقط زيادة في أعداد المهاجرين غير الشرعيين، بينما شهدت كاليفورنيا ونيفادا انخفاضا. وفي جميع الولايات الأخرى، ظلت الأعداد دون تغيير.
لكن التقديرات المشار إليها لا تشمل أعداد المهاجرين الذين تم توقيفهم وترحيلهم على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، التي بدأت في التزايد منذ مارس 2021 لتصل إلى مستويات تاريخية.
ويشير مركز دراسات الهجرة إلى أنه في يناير 2022 بلغ عدد المهاجرين غير الشرعيين 11.35 مليونا، وذلك بزيادة قدرها 1.13 مليون عن يناير 2021. وفي شهر فبراير 2022 بلغ العدد 11.46 مليون.
وفي 2021 كان العدد 10.22 مليون وهو ما يمثل انخفاضا عن 11.48 مليون لشهر يناير 2019، أي قبل جائحة كوفيد.
ومع ذلك، فإن عدد المهاجرين غير الشرعيين في يناير وفبراير 2022 مماثل لعدد يناير 2019، أي مستويات ما قبل الوباء.
ويعزو المركز الزيادة إلى "الطفرة الكبيرة في أعداد المهاجرين غير الشرعيين على الحدود الجنوبية".
وتوضح صحيفة وول ستريت جورنال، نقلا عن بيانات حكومية، أنه تم توقيف 2.05 مليون شخص في السنة المالية الفدرالية التي انتهت في سبتمبر 2023. وهي السنة الثانية على التوالي التي يتجاوز فيها الرقم مليوني شخص.
وفي السابق، كانت الأرقام ترتفع وتنخفض بناء على تغييرات اقتصادية وسياسية كبيرة مثل فترات الركود والقيود الحدودية أثناء وباء كوفيد، لكنها لم تتجاوز 1.7 مليون.
وبحسب إحصاءات حكومية، تم توقيف نحو 250 ألف مهاجر عبروا إلى الولايات المتحدة من المكسيك في ديسمبر 2023. وكان هذا أعلى إجمالي شهري مسجل، متجاوزا الذروة السابقة التي بلغت نحو 224 ألف حالة في مايو 2022.
ويتزايد عدد المهاجرين الموقوفين على الحدود، منذ عام 2020، عندما تباطأت الهجرة بين الولايات المتحدة والمكسيك بسبب كوفيد.
وعن السبب في هذه الزيادات، أشارت الصحيفة إلى فرار العديد من الأسر من عنف العصابات في أميركا الوسطى، وإلى آخرين يفرون في الآونة الأخيرة من القمع السياسي والفقر في أميركا الجنوبية.
وتغيرت الطرق المؤدية إلى الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، مع تحول خاص نحو ولاية تكساس. ويتجه بعض المهاجرين إلى هناك لأنها أقرب معبر حدودي من أميركا الوسطى والجنوبية.
وهناك من يختارون مناطق حدودية أقرب إلى وجهتهم النهائية على الساحل الشرقي.
وتشير وول ستريت جورنال إلى زيادة كبيرة في أعداد المهاجرين من الجنوب، حتى أن المدن الحدودية التي تتمتع بأكبر قدر من الموارد، مثل إل باسو وسان دييغو، تكافح من أجل التعامل مع تلك الأعداد.
وفي الآونة الأخيرة، يهاجر عدد كبير من الأشخاص من دول لديها علاقات متوترة مع الولايات المتحدة، مما يجعل عمليات الترحيل صعبة أو مستحيلة.
وعلى سبيل المثال، منذ عام 2022، عبر أكثر من 715 ألف كوبي وفنزويلا بشكل غير قانوني الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، هربا من القمع السياسي والصعوبات الاقتصادية.
ووافقت فنزويلا وكوبا مؤخرا على تسلم المرحلين لأول مرة منذ سنوات، لكن لا يوجد ما يضمن أن يؤدي ذلك إلى ردع الهجرة غير القانونية.
وأدت المشكلات الاقتصادية، الناجمة عن الجائحة، إلى زيادة الهجرة من دول أميركا الجنوبية مثل إكوادور وكولومبيا وبيرو، التي تقبل تسلم المهاجرين المرحلين ولكنها عملية تتطلب رحلات طويلة ومكلفة.
الهجرة الشرعية
وفي مقابل الهجرة غير الشرعية، تشير بيانات "بيو" إلى زيادة عدد المهاجرين الشرعيين بأكثر من 8 ملايين، أي بنسبة زيادة 29 في المئة، كما زاد عدد المواطنين الأميركيين المجنسين بنسبة 49 في المئة. وفي عام 2021، شكل المجنسون حوالي نصف (49 في المئة) من إجمالي المهاجرين في البلاد.
وتوفر الولايات المتحدة تأشيرات الهجرة على أساس الروابط الأسرية، والتوظيف، والتبني، وفئات الهجرة الخاصة، وتأشيرة التنوع.
وفي حالة الروابط الأسرية، يحتاج المواطن الأجنبي إلى قريب مباشر يرعاه على أن يبلغ من العمر 21 عاما على الأقل يكون إما مواطنا أميركيا أو مقيما دائما قانونيا في الولايات المتحدة (أي حاملا بطاقة خضراء (غرين كارد)). ويمكن الاطلاع على شروط كل حالة عبر موقع وزارة الخارجية الأميركية.
ويمكن الحصول على تأشيرة الهجرة عن طريق العمل وفق خمس فئات تفضيلية. ويجوز لبعض الأزواج والأطفال مرافقة المهاجرين على أساس العمل، أو الانضمام إليهم لاحقا.
وتنقسم تأشيرات الهجرة القائمة على العمل إلى العاملين ذوي القدرات الاستثنائية، والمهنيين الحاصلين على درجات علمية متقدمة، والعمال والمهنين، والمستثمرين، وبعض حالات الهجرة الخاصة: وهم بعض العاملين في الإعلام، والأشخاص الذين قدموا المساعدة للولايات المتحدة في أفغانستان والعراق وغيرهم من الفئات.
وهناك تأشيرة التبني للأشخاص الذين تبنوا أطفالا من خارج الولايات المتحدة. وتحدد دائرة خدمات المواطنة والهجرة الأميركية الشروط الخاصة بذلك.
وهناك برنامج القرعة لتأشيرات التنوع الذي يوفر ما يصل إلى 55000 تأشيرة هجرة من خلال الاختيار العشوائي.