منذ إعلان الرئيس الأميركي، جو بايدن، انسحابه من السباق الرئاسي، وتأييده لنائبته، كمالا هاريس، الأحد، لتحل مكانه في مواجهة المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، تزايدت نسبة التأييد داخل الحزب الديمقراطي لها، وحصلت حتى الآن على تأييد أكثر من ألف مندوب، وهو أكثر من نصف العدد الذي تحتاجه للفوز بترشيح الحزب للانتخابات في نوفمبر القادم.
لكن لا يزال على هاريس العمل على توحيد الحزب حلف قيادتها، مع ذلك تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى تأخرها مقارنة بترامب.
فهل هاريس خيار آمن للحزب؟
يصف موقع "كوك بولتيكال ريبورت" لاستطلاعات الرأي الوضع بـ"السباحة في مياه مجهولة". ويقول: "لا يشبه الوضع أي شيء رأيناه في العصر الحديث" مع انسحاب بايدن قبل أقل من أربعة أشهر من الانتخابات، وقبل شهر واحد من مؤتمر الحزب الديمقراطي لاختيار مرشحه.
وبعد الإعلان المفاجئ بالانسحاب، سارع العديد من كبار القادة الديمقراطيين، الأحد، إلى دعم هاريس لخوض انتخابات الرئاسة، من بينهم كتلة النواب السود القوية في الكونغرس، والعديد من المانحين الرئيسيين،، ولجان العمل السياسي الكبرى.
لكن بعض أعضاء الحزب الأقوياء امتنعوا عن إظهار الدعم، مثل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، وزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز، الذلين لم يذكرا اسم هاريس في تصريحاتهما الأولية الأحد.
والتزمت رئيسة مجلس النواب السابقة، نانسي بيلوسي، والتي لا تزال واحدة من أكثر الشخصيات نفوذا في الحزب الصمت، قبل أن تعلن، الاثنين، دعمها لها.
ولم يعلن أوباما، عن تأييد هاريس بعد، بل إنه لم يأت على ذكرها ولو مرة واحدة في بيان أصدره عقب قرار بايدن الانسحاب.

في غضون ذلك، دعا آخرون من بينهم السيناتور، بيتر ويلش، وهو أول ديمقراطي يدعو بايدن للتخلي عن ترشحه لفترة جديدة، إلى عملية مفتوحة لترشيح هاريس.
وسيتعين على الحزب الآن التحرك بسرعة لدعم مرشح، مع نفاد الوقت قبل موعد مؤتمر الحزب الديمقراطي.
ويعتقد مطلعون على سياسة الحزب تحدثوا لموقع أكسيوس أن هاريس في وضع يسمح لها بترشيح الحزب، وقد تشهد الساعات المقبلة حشد الدعم لها بسرعة.
لكن كيف سيحدث ذلك يظل سؤالا مفتوحا، كما تثار تساؤلات بشأن ما أذا كانت هاريس خيارا آمنا للحزب في مواجهة ترامب.
النائبة الديمقراطية البارز، ألكسندرا أوكاسيو كورتيز، المؤيدة لبايدن، كانت قد كتبت على إنستغرام: "إذا كنت تعتقد أن هناك إجماعا بين الأشخاص الذين يريدون رحيل جو بايدن على أنهم سيدعمون كمالا فأنت مخطئ. لا يوجد خيار آمن".
وفي حين يتوق بعض الديمقراطيين إلى مرشح يمثل قطيعة مع الماضي، فلا يوجد مرشح في الوقت الحالي يحقق هذه الفكرة، وفق تحليل نشر على موقع بروكينغز.
ويعتقد خبير شؤون الانتخابات الأميركية، روبرت باتيلون، في مقابلة مع موقع الحرة، أن هاريس الخيار "الأفضل" للحزب الآن.
ويشير إلى أن جميع أوراق تمويل الحملة تحمل اسمي بايدن وهاريس، لذلك فإن الأشخاص الوحيدين الذين يمكنهم الوصول إلى الأموال هما فقط بايدن وهاريس.
وعندما يتعلق الأمر بقوانين الوصول إلى صناديق الاقتراع ومحاولة إدراج اسم المرشح الديمقراطي على ورقة الاقتراع على مستوى البلاد، فإن وجود هاريس مرشحة يجعل الأمر أسهل كثيرا درءا لأي دعاوى قضائية تأتي من اللجنة الوطنية الجمهورية أو من المسؤولين المنتخبين الجمهوريين لمحاولة إبعاد المرشح الديمقراطي عن ورقة الاقتراع بسب وقانين التمويل، وفق باتيلو
لذلك "من المنطقي أن تكون الخيار الأفضل للعديد من الديمقراطيين".
ويشير باتيلو إلى أن قادة الحزب يريدون الانتظار لاتخاذ قرار بشأن من يجب أن يكون المرشح لأنهم لا يريدون أن يرجحوا كفة أحد أو يظهروا وكأنهم هم من يختارون المرشح وليس المندوبون.
لكنه يتوقع أنه على الأرجح سيتجمع هؤلاء القادة حول هاريس، "والأمر الآن فقط يتعلق بالتأكد من وجود عملية عادلة، والسماح للأصوات الأخرى أن تشعر أنها مسموعة ولديها فرصة للفوز بالانتخابات".
وأكدت "سي أن أن" نقلا عن مصدرين مطلعين أن القيادة الديمقراطية في الكونغرس تدرس حاليا ما إذا كانت هاريس يجب أن تكون المرشحة الرئاسية للحزب لتجنب الظهور بأنهم يفرضون مرشحا على الناخبين بسرعة كبيرة.
ويمكن أن تواجه هاريس منافسة في مؤتمر الحزب، من شخصيات مثل حاكم ميريلاند، ويس مور. لكن، جافين نيوسوم، حاكم كاليفورنيا، دعم هاريس في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي قال فيه إنه "لا يوجد أحد أفضل" من هاريس لخوض الانتخابات ضد ترامب. وأكد نيوسوم أنه لن يترشح ضد هاريس.
كما أيدت حاكمة ميشيغان، غريتشن ويتمير، نائبة الرئيس هاريس، الاثنين. كما أيد جوش شابيرو، حاكم ولاية بنسلفانيا، نائبة الرئيس هاريس التي يعرها عن قرب منذ سنوات، ، وقال إن "أفضل طريق للمضي قدما للحزب الديمقراطي هو الاتحاد بسرعة خلف نائب الرئيس هاريس وإعادة التركيز على الفوز بالرئاسة".
أما، جيه بي بريتزكر، حاكم إلينوي، فقد أعلن، الاثنين، تأييده لهاريس قائلا إنها "أفضل فرصة" للحزب الديمقراطي للتغلب على ترامب، وأن الوقت قد حان للبلاد لانتخاب أول رئيسة لها.
وأعلن كذلك السيناتور المستقل، جو مانشين، إعادة التسجيل كديمقراطي للتنافس على ترشيح الحزب للرئاسة. لكن يبدو أن فرصه ستكون محدودة.
ويشير تحليل نشر بروكينغز إلى صعوبة المنافسة مع هاريس لأن التنافس من شأنه أن يثير غضب أنصارها، ويقلل دعم الناخبين لهؤلاء المنافسين في السباقات الرئاسية المستقبلية.
وعلى الرغم من أن هاريس ستستطيع استخدام مجموعة من الأوراق لصالحها، إلا أنها ستواجه مجموعة من التحديات بحال ترشيحها.
وترشيحها سيزيل مسألة العمر من الطاولة، وحتى منحها فرصة لاستخدامها ضد ترامب، وقد يساعدها في الحصول على دعم الشباب والناخبين غير البيض، وقد يؤدي إدانتها القوية لقرار المحكمة العليا بتقييد الإجهاض إلى استمالة النساء المعتدلات في الضواحي.
لكن من ناحية أخرى، لن يكون أمامها خيار سوى الدفاع عن سجل إدارة بايدن-هاريس، وهو الجانب المهم الذي يحمل العديد من السلبيات، خاصة ما يتعلق مثل الهجرة والاقتصاد.
وسيتعين عليها إثبات جدارتها بعد فشلها في الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة عام 2020.
وبشكل عام، سيتعين عليها إقناع الأميركيين المتأرجحين بأنها تتمتع بالقدرة على إدارة ملفات السياسة الخارجية والدفاع والسياسة الداخلية.
وإذا لم يشعر الناس بالارتياح لوجودها المكتب البيضاوي، فلن يصوتوا لها، وسوف يعود ترامب إلى البيت الأبيض، وفق بروكيزنغز.
والتحدي الأكبر الذي تواجهه هاريس يكمن في نتائجها في استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخرا، لكن قبل إعلان الانسحاب، إذ كانت مساوية لنتائج بايدن أو أفضل قليلا.
وأظهر استطلاع رأي حديث أجراه مركز AP-NORC لأبحاث الشؤون العامة أن حوالي 4 من كل 10 بالغين في الولايات المتحدة لديهم رأي إيجابي عن هاريس، بينما لدى حوالي نصفهم رأي آخر.
وفي أحدث استطلاع وطني أجرته شبكة "أن بي سي نيوز"، والذي أجري بعد أكثر من أسبوع من المناظرة، ولكن قبل محاولة اغتيال ترامب، تخلف كل من الرئيس وهاريس عن ترامب بهامش نقطتين بين الناخبين المسجلين.
وبالمثل، أظهر استطلاع رأي وطني أجرته شبكة "فوكس نيوز" بعد المناظرة تقدم ترامب بنقطة واحدة على بايدن (ترامب 49 في المئة، وبايدن 48 في المئة) وهاريس (ترامب 49 في المئة، وهاريس 48 في المئة) بين الناخبين المسجلين.
لكن استطلاعات رأي أخرى أظهرت تفوق هاريس على بايدن قليلا بنقطتين أو ثلاث نقاط، رغم أنها لاتزال متأخرة عن ترامب.
وتعادلت هاريس وترامب بنسبة 44 في المئة لكل منهما في استطلاع رأي أجرته رويترز/إبسوس يومي 15 و16 يوليو، وأُجري مباشرة بعد محاولة اغتيال ترامب.
وتقول رويترز إن الحزب الديمقراطي يقوم بـ"مقامرة تاريخية إذا لجأ الآن إلى نائبة الرئيس كامالا هاريس لتصبح مرشحته الرئاسية، حيث يراهن على أن المرأة السوداء يمكنها التغلب على العنصرية والتمييز على أساس الجنس لهزيمة الجمهوري دونالد ترامب".
وتقول ميتشيل براون، أستاذة العلوم السياسية في جامعة أوبورن بولاية ألاباما، في تصريحات لموقع الحرة إن هاريس "اختيار آمن نسبيا إلى أن يعلن أحد كبار الديمقراطيين أنه سيسعى للحصول على الترشيح، لذا فمن المستحيل التكهن الآن ويعتمد ذلك على موقف الآخرين في الحزب".
وفي ما يتعلق باستطلاعات الرأي، تعتقد المحللة أن هاريس أفضل من العديد من الديمقراطيين الآخرين، لكن معدلات عدم تأييدها لاتزال تتجاوز معدلات تأييدها، وهذا ينطبق أيضا على ترامب.
ومع ذلك، فإن مجرد النظر إلى استطلاعات الرأي الوطنية "مضلل" لأن الأميركيين لا يصوتون مباشرة لاختيار الرئيس، وما يهم هو تحقيق الحد الأدنى لأصوات المجمع الانتخابي. وهذا يعني أنها بحاجة إلى الفوز بالولايات المتأرجحة لضمان الفوز.
وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي في تلك الولايات حتى الآن كانت لصالح ترامب إلى حد كبير. من المبكر التكهن بما سيحدث، وفق براون.
كورنيل كلايتون، مدير معهد توماس إس فولي للسياسة العامة والخدمة العامة بجامعة ولاية واشنطن، قال في تصريح لمجلة سبوكسمان المحلية في ولاية واشنطن: "قد يرغب الناخبون الديمقراطيون في رؤية شخص آخر غير هاريس من أجل عملية أكثر انفتاحا. لكن هناك عددا قليلا جدا، إن وجد، من المتنافسين الجادين الذين سيحاولون تحديها في هذه المرحلة".
وقال إنه إذا رشح الحزب شخصا آخر غير هاريس، فقد يؤدي ذلك إلى الدخول بعملية غير منظمة، ما يقلل فرص الفوز بالانتخابات.
ونظرا لأن هاريس ظهرت بالفعل في الانتخابات التمهيدية لعام 2020، قال كلايتون إن الأمر سيكون أكثر تحديا للمتنافسين الذين لم يكونوا في دائرة الضوء على الإطلاق.
ويقول أنصار هاريس إنها نجت بالفعل من هجمات غير عادلة تتعلق بعرقها وجنسها وهي مستعدة لمزيد من الهجمات.
وقال جمال سيمونز، أحد مساعدي هاريس السابقين لرويترز: "لدى أميركا تاريخ من العنصرية والتمييز على أساس الجنس، لذا فأنا متأكد من أن هذا سيؤثر على هذه المحادثة، وسيؤثر على حملتها".
لكنه قال إن هناك جانبا آخر يساعدها وهو تحفيز الناخبين السود والنساء، بما في ذلك بعض اللواتي ندمن على عدم التصويت لكلينتون في عام 2016.
وقال إن هاريس تستفيد من شهرة أكبر من المرشحين الديمقراطيين الآخرين المحتملين "وفي حين أن لديها عيوبا مثل أي شخص آخر، فإننا نعرف تلك العيوب، لذلك يمكنك بناء حملة بوضوح. أكثر من أي مرشحين آخرين غير معروفين".
لكن أحد المشرعين الديمقراطيين السابقين، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لرويترز، قال إنه يعتقد أن هاريس تشكل خطرا أكبر بسبب سجلها وليس عرقها.
ويعتقد كبير مستشاري حملة ترامب، جيسون ميلر، أن الرئيس السابق ترامب سيهزم هاريس، مشيرا إلى نتائج استطلاعات استطلاعات الرأي. وقال: "الرئيس ترامب يحظى بمستويات قياسية في استطلاعات الرأي بين الأميركيين من أصل أفريقي".
لكن باتيلو، محلل شؤون الانتخابات الذي تحدث لموقع الحرة، يعتقد أن بإمكانها الفوز، ويقول التجارب أثبتت أن "يوما واحدا يعادل عاما في السياسة الأميركية. قبل أسبوع، كنا نتحدث عن تعرض الرئيس ترامب لمحاولة اغتيال. وقبل أسبوع من ذلك، كنا نتحدث عن ما إذا كان بايدن سيتنحى أم لا بسبب أدائه في المناظرة، والآن نتحدث عن شيء آخر".
وأضاف: "يمكن أن تحدث عدد من الأشياء في الأسابيع والأشهر المقبلة التي يمكن أن تغير نتيجة الانتخابات".
ويضيف أن هناك "تكهنات قوية بأن الرئيس بايدن سيستقيل من منصبه رئيسا، وإذا فعل ذلك، فهذا يعني أن هاريس ستتمتع بالسلطة الكاملة للرئاسة، وسوف تتمكن من توقيع الأوامر التنفيذية، وتعيين القضاة والسفراء، والاجتماع بالمسؤولين الأجانب بصفتها رئيسة، ومخاطبة الجمهور من المكتب البيضاوي بصفتها القائد الأعلى، وربما الأهم من ذلك، أن تقسم اليمين كأول رئيسة للولايات المتحدة".
وبعد ذلك، سوف يكون أمام الناخبين فرصة لإزالتها من منصبها
لكن وجودها في الرئاسة سيجعل أمامها فرصة قوية للغاية للفوز.
ويعتقد أنها في غضون الأسابيع المقبلة يمكنها أن تقلص الفارق مع ترامب في استطلاعات الرأي.