Waves crash along St. Pete Pier in St. Petersburg, Florida, as Hurricane Milton is expected to make landfall tonight on October…
سيُحدث أضراراً "كارثية".. هذه تداعيات إعصار "ميلتون"

مع حلول ليل الأربعاء، اجتاح الإعصار ميلتون، الذي وصفته السلطات الأميركية بـ"الخطر للغاية"، سواحل فلوريدا، ليعيد إلى سكانها ذكريات مريرة لم يمضِ عليها سوى أسبوعين فقط، حين ضربتهم عاصفة مدمرة أخرى. 

جاءت رياح ميلتون العاتية وأمطاره الغزيرة، لتحمل معها فيضانات مفاجئة وتترك المنطقة في حالة تأهب قصوى أمام ليلة تنذر بالكثير من الخطر والمجهول.

وفقا لما أعلنه المركز الوطني للأعاصير في آخر تحديث له عند الساعة 8:30 مساء بالتوقيت المحلي (00:30 بتوقيت غرينتش)، فقد وصل الإعصار إلى اليابسة بقوة الفئة الثالثة، مما يجعله واحدا من أخطر الأعاصير التي واجهتها المنطقة مؤخرا. 

فماذا تعني تصنيفات الأعاصير من الدرجات 1 إلى 5؟

مقياس سافير-سيمبسون لرياح الأعاصير، وهو تصنيف من 1 إلى 5، يعتمد على سرعة الرياح المستمرة للإعصار. وبناء عليه تقدر احتماليات الأضرار التي قد تصيب الممتلكات.

وتعتبر الأعاصير التي تصل إلى الفئة 3 وما فوق، أعاصير كبرى، بسبب احتمالية حدوث خسائر كبيرة في الأرواح والأضرار.

الفئة الأولى

هي الأعاصير التي تكون رياحها بين 74-95 ميلا في الساعة، وتلحق أضرارا بالمنازل ذات الإطار المبنية جيداً، والألواح الجانبية المصنوعة من الفينيل والمزاريب.

ومن المتوقع أن تُحدث هذه الفئة، انقطاعاً بالتيار الكهربائي لعدة أيام.

ضربت هذه الفئة فلوريدا في عامي 1999 و2005 بإعصاري "إيرين" و"كاترينا".

الفئة الثانية

تتراوح سرعتها بين 96و110 ميلاً في الساعة، وسيتسبب بتعرض المنازل ذات الهياكل المبنية جيداً، لأضرار جسيمة في السقف والجوانب. كما سيتم كسر أو اقتلاع العديد من الأشجار ذات الجذور الضحلة، وسد العديد من الطرق.

ويتوقع أن تنقطع الكهرباء بالكامل لعدة أيام أو أسابيع.

هذه الفئة من الأعاصير، ضربت شمال مقاطعة بالم بيتش في فلوريدا عام 2004، وكان اسم الإعصار "فرانسيس"، بالإضافة إلى ما لا يقل عن 10 أعاصير من ذات الفئة، ضربت جنوب فلوريدا منذ عام 1849.

الفئة الثالثة

تبلغ سرعة الرياح فيها بين 111و 129 ميلا في الساعة، وقد تتعرض بسببه المنازل لأضرار جسيمة، أو إزالة السقوف، وكسر واقتلاع الأشجار.

أما الكهرباء، فستنقطع لعدة أسابيع بعد مرور العاصفة، وفي بعض الأحيان لعدة أيام.

كانت الأعاصير التي لم تُذكر أسماؤها في أعوام 1909 و1910 و1929 و1933 و1945 و1949 كلها عواصف من الفئة الثالثة عندما ضربت جنوب فلوريدا، وكذلك إعصار "كينغ" في عام 1950، و"بيتسي" في عام 1965، و"جين" في عام 2004، و"إيرما" في عام 2017.

الفئة الرابعة

تكون سرعتها بين 130و156 ميلاً في الساعة. يوصفها ضررها بـ"الكارثي".

قد تتعرض بسببها المنازل لأضرار بالغة، مع فقدان أجزاء كبيرة من هيكل السقف، أو الجدران الخارجية للمنازل. ستسقط الأشجار أيضاً، وأعمدة الكهرباء.

في هذه الفئة، ستستمر انقطاعات التيار الكهربائي لأسابيع وربما أشهر. ستكون معظم المنطقة غير صالحة للسكن لأسابيع أو أشهر أيضاً.

ضرب إعصار "ميامي العظيم" في أعوام 1888 و1900 و1919 و1926 وبحيرة أوكيتشوبي/بالم بيتش في عام 1928 وإعصار "دونا" في عام 1960 جنوب فلوريدا كأعاصير من الفئة الرابعة.

 الفئة الخامسة

 وهي الفئة الأعلى، وتتجاوز سرعة الرياح فيه هذه الفئة 156 ميلا في الساعة، وهذا ما قد يدمر نسبة عالية من المنازل مع انهيار كامل للسقوف والجدران.

وتنقطع الكهرباء لأشهر وربما أسابيع، وستكون المناطق المتضررة غير صالحة للعيش لنفس الفترة.

ضرب إعصار "كيز" في عام 1935 وإعصار "أندرو" في عام 1992 جنوب فلوريدا كأعاصير من الفئة الخامسة.

وقال الباحث في الأعاصير بجامعة ولاية كولورادو فيل كلوتزباتش لوكالة الأسوشيتد برس: "كل ما تريده إذا كنت تبحث عن عاصفة تنطلق بعنف، ستجده في إعصار ميلتون".

وفي الخامس من أكتوبر الحالي، تشكل إعصار "ميلتون" كمنخفض استوائي فوق جنوب غرب خليج المكسيك. اعتبره المركز الوطني للأعاصير (NHC) عاصفة استوائية.

وقالت عالمة الأرصاد الجوية في شبكة سي بي إس نيوز نيكي نولان إن "إعصار ميلتون هو أسرع عاصفة مسجلة تكثفت بسرعة إلى الفئة الخامسة في خليج المكسيك".

وبحلول ظهر يوم الأحد، بعد 24 ساعة فقط من تحوله إلى عاصفة مسماة، اشتد إعصار ميلتون بسرعة إلى إعصار من الفئة 1. يُعرَّف التكثيف السريع بأنه زيادة في سرعة الرياح بمقدار 35 ميلاً في الساعة في 24 ساعة.

وبين يومي الأحد والاثنين الماضيين زادت سرعته بمقدار 95 ميلاً في الساعة، لكن بعد ظهر الاثنين، بلغت سرعة الرياح المستدامة 180 ميلاً في الساعة، أي ضعف ما كانت عليه قبل ساعات.

وبناءً على سرعة الرياح، صار ميلتون أقوى إصار في خليج المكسيك منذ إعصار ريتا في عام 2005 وفقاً لموقع الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف.

ويحذر المركز الوطني للأعاصير سكان فلوريدا من أن "ميلتون لديه القدرة على أن يكون أحد أكثر الأعاصير تدميراً على الإطلاق في غرب وسط فلوريدا".

وتحذر هيئة الأرصاد الجوية الوطنية في تامبا بولاية فلوريدا من أن "إعصار ميلتون إذا استمر في مساره فسيكون هذا أقوى إعصار يضرب خليج تامبا منذ أكثر من 100 عام. لم يشهد أحد في المنطقة إعصاراً بهذه القوة من قبل".

وهذا هو الإعصار الثالث الذي يضرب اليابسة في فلوريدا في موسم الأعاصير الأطلسية لعام 2024، بعد إعصار هيلين قبل أسبوعين وإعصار ديبي في أوائل أغسطس.

الذئاب المنفردة

فجر أول أيام يناير، 2025، وثقت كاميرا مثبتة على جسم أحد أفراد الشرطة الأميركية لحظات محاصرة شمس الدين جبّار، منفّذ عملية الدهس في مدينة نيو أورلينز الأميركية، أثناء محاولته الهروب بينما تناثرت أجساد ضحاياه على الأرض من حوله.

تحوّلَ جبّار من رقيب سابق في الجيش الأميركي، إلى إرهابي قاتل لـ 14 ضحية، ساقتهم الأقدار  إلى شارع بوربون الشهير للاحتفال بليلة رأس السنة.

يروي عباس الداهوك، وهو عقيد سابق في الجيش الأميركي، في مقابلة مع الحرة، أن حياة جبار كانت مليئة بالمشكلات، وكانت لديه خطة لجمع عائلته في مكان واحد لارتكاب العنف ضد أفرادها. لكنه في اللحظة الأخيرة قرر العدول عن تنفيذ الخطة، وسلك طريقا مختلفا. 

قاد شاحنته، وعليها علم داعش، ليفتك بأبرياء عزّل في مدينة نيو أورلينز. لم يُستبعد ارتباطه بالتنظيم الإرهابي، لكن على الأرجح كان يتصرف كذئب منفرد.

صباح اليوم نفسه، على بُعد 1700 ميل إلى الغرب، أطل الإرهاب بوجهه البشع مرة أخرى.

أمام فندق يعود للرئيس دونالد ترامب، في مدينة لاس فيغاس، انفجرت شاحنة كهربائية، بعد انتحار مستأجرها ماثيو ليفلسبيرغر، الرقيب الأول في القوات الخاصة الأميركية. 

يقول كولن كلارك، الخبير في قضايا الإرهاب، إن هذا كان أشبه بعرض لجذب الانتباه إلى ما كان للأسف نوعا من التشتّت الذهني لشخص ربما كان يعاني بشدة من اضطراب ما بعد الصدمة.

ويضيف أنه بعد 20 عاما من تركيز ضيّق للغاية على نوع واحد من الإرهاب، وهو الإرهاب الجهادي، "أدركنا الآن أن الأمور أكثر تعقيدا".

يشير كلارك إلى مفهوم الذئب المنفرد، أي كيف يمكن لشخص ما، من دون مقدمات، أن يتحوّل في أي بقعة من العالم، إلى ذئب منفرد يتبربص بضحاياه الغافلين، ليفتك بهم وينشر الرعب.

الذئب المنفرد، بحسب وزارة العدل الأميركية، هو شخص ينفّذ بمفرده هجوما إرهابيا ضد مجتمع يكون هو جزءا منه، بدوافع سياسية أو دينية، ولغرض التأثير على الرأي العام، أو عملية صنع القرار السياسي. وقد يستلهم أفكاره من مجموعة أو شبكة معينة، ولكنه لا يكون خاضعا لقيادتها.

برنامج "الحرة تتحرى" يعود بملف الذئاب المنفردة إلى بدايات هذا النوع من الإرهاب، وكيف تنامى، ويعرض أبرز الهجمات، ودوافع منفذيها، والأيديولوجيات التي تبنوها، إضافة إلى شرح الكوامن النفسية التي تدفع شخصا ما عن سابق إصرار وترصّد، إلى قتل آخرين، يراهم غالبا للمرة الأولى، وهو يدرك أنه سيدفع حياته ثمنا لذلك.

بحسب أحمد سلطان، الباحث في الأمن الإقليمي والإرهاب، يصعب في الغالب الكشف أو التنبؤ بهجمات الإرهابي الوحيد أو الذئب المنفرد، لأنك لا يمكن أن تراقب المجتمع بالكامل، كما أن الذئب المنفرد لا تظهر عليه أي علامات سابقة على تنفيذه الهجوم. 

في المقابل، يرى رامون سباي، وهو عالم اجتماع متخصص بظاهرة الذئاب المنفردة في ملبورن، أستراليا، أنه بمرور الوقت، أصبح إرهاب الذئاب المنفردة يشكّل نسبة أكبر بكثير من إجمالي الهجمات الإرهابية، وأن سياق هذه الهجمات، ورغم أن منفذيها أفراد، غالبا ما تكون نسخة متطرفة، أو تعبيرا عن الصراعات المجتمعية الأوسع الجارية في ذلك الوقت.

أما وائل سلامة، طبيب نفسي عمل على حالات لإرهابيين في السجون اللبنانية، فيؤكد أن هذه الحالات هي بلا شك نوع من البحث عن هوية.

"بالنسبة له (الذئب المنفرد) حتى عندما يتم قتله يصل إلى الغاية المنشودة، فالغاية الأساسية من الجريمة، أن يثبت قدراته".

قد يكون مصطلح "الذئاب المنفردة" حديث العهد، لكن فعل الهجوم الأحادي، ظهر قبل قرنين من الزمان.

يعود تاريخ الهجمات الأحادية، بحسب رامون سباي مؤلف كتابين عن إرهاب الذئاب المنفردة، إلى القرن التاسع عشر، لما يُعرف بإرهاب "الأناركية"، وهي تستند إلى فلسفة سياسية، وكان لديها استراتيجية تسمى "المقاومة القانونية"، و"الدعاية بالفعل".

وتتضمن استراتيجيتها ارتكاب أعمال عنف جماعي بشكل متفرق، وليس كجزء من مجموعة منظمة، من خلال قيام أفراد بشن هجمات عنيفة على مسؤولين حكوميين، رؤساء دول، وعائلات ملكية.

يشتق مصطلح الأناركية من الكلمة اليونانية "أنارخيا"، التي تعني بدون حاكم.

اكتسف فلسفة الأناركية شهرة في القرن التاسع عشر، ودعت إلى مجتمع بلا حكومة، أو هياكل هرمية.

في حديث مع "الحرة"، يقول ستيف كيليليا، مؤسس ومدير معهد الاقتصاد والسلام، الذي ينشر تقارير سنوية عن مؤشرات الإرهاب في العالم، إن مفهوم الذئب المنفرد، بدأ بالظهور فعليا في الفترة بين عامي 1870 و1930، مع حركة الأناركية في أوروبا والولايات المتحدة.وقد تكون إحدى أبرز هجمات هذه الحركة اغتيال الرئيس الأميركي، وليام ماكينلي، عام 1901.

أُعدم قاتل الرئيس، الأناركي ليون تشولغوش، بالكرسي الكهربائي، لكن هجمات الحركة استمرت على مدى عقود. وفي نهاية السبعينيات، شغل إرهابي مجهول الهوية السلطات الأميركية لسبعة عشر عاما كاملا.

وفق تقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي أرسل هذا الشخص، أو سلّم باليد، سلسلة من القنابل التي كانت تزداد تطوراً، وأسفرت عن مقتل ثلاثة أميركيين، وإصابة أكثر من عشرين آخرين. 

يخبر سباي فريق "الحرة تتحرى" أنه منذ التسعينيات، ومع صعود اليمين المتطرف، بدأت فعلياً استراتيجية الذئب المنفرد أو الفاعل المنفرد، واستُخدم المصطلح بشكل أكثر تحديدا وانتشارا بواسطة نشطاء اليمين خاصة المتطرفين منهم.

وظهر كثير من "الذئات المنفردة" يضيف سباي، في صفوف اليمين المتطرّف، وذلك نتيجة استراتيجية تسمى "المقاومة بلا قائد"، وهي طريقة لمنع اختراق أو تفكيك جماعة أو منظمة من قبل وكالات إنفاذ القانون، وهي أيضا وسيلة لحماية القيادة، من خلال جعل الأشخاص يتصرفون بشكل فردي، فإذا تم القبض عليهم، فلن يكون لديهم تفاصيل عن الشبكة أو المخطط الأكبر.

لا يقتصر وجود الإرهاب على طريقة الذئاب المنفردة على الولايات المتحدة، بل يمتد عبر الأطلنطي إلى القارة العجوز.

بحسب ستيف كيليليا مؤسس ومدير معهد الاقتصاد والسلام في أستراليا، فإن عددا من الدول التي لم تتعرض لهجمات في السنوات الخمس الأخيرة، شهد عام 2024 ثماني هجمات ذئاب منفردة في السويد. وفي كل من فنلندا وهولندا والدنمارك وقع هجومان، وتصاعدت الهجمات من هذا النوع في دول أخرى مثل النرويج.

أما ألمانيا، فمن أكثر الدول الغربية تعرضا للإرهاب، ومنها هجمات ذئاب منفردة. 

قبيل عيد الميلاد عام 2024، نفّذ طالب العبد المحسن، طبيب نفسي من أصول سعودية، عملية دهس في سوق مزدحم، في مدينة ماغديبورغ الألمانية، أدت إلى مقتل خمسة أشخاص، وإصابة مئات آخرين.

طبقا لتقارير متخصصة، 93 في المئة من الهجمات الإرهابية المميتة في الغرب خلال السنوات الخمس الماضية نفذت بواسطة "ذئاب منفردة". فما الذي يجذبهم إلى هذا الأسلوب دون سواه؟ 

يجيب أحمد سلطان، الباحث في الأمن الإقليمي والإرهاب، بأن الأسهل هي هجمات الذئاب المنفردة لأنها طبعا أصعب في الكشف والتوقع. ويعني أنها يمكن أن تحدث في أي وقت وأي مكان، "أما الهجمات المنسقة فتحتاج للموارد، وتأخذ وقتا طويلا في التجهيز والتخطيط والتنفيذ".

قد يبدو الفعل بعدائيته نابعا من قوة، إلا أن علم النفس له رأي آخر.

في الجزء الأكبر منه هو ناتج عن عقدة نقص "دائما ما تدفع بالشخص ليبالغ بردة الفعل"، ، يقول وائل سلامة، الطبيب النفسي، فمن ناحية المجرم أو الإرهابي فهو "يريد أن يضخم بجريمته لتضخيم ردة الفعل وبالتالي يغذي عقدة النقص الموجودة لديه".

يخبر رامون سباي "الحرة" أن ما لاحظه في كثير من حالات الذئاب المنفردة التي درسها هو أنه "بمرور الوقت يحدث تحوّل حقيقي في هويتهم"، فيرون ارتكاب العنف عملا ثوريا يمنحهم شعورا بالوجود والأهمية،  ... والإحساس القوي بالاستقامة الأخلاقية والتصرّف باسم الحق والخير"، رغم أن ما يقومون به هو فعل إجرامي ضحاياه في الغالب أناس أبرياء يُستهدفون بينما هم منشغلون بشؤونهم اليومية.