Republican presidential nominee former U.S. President Donald Trump campaigns in Michigan
السياسة الخارجية بين المواضيع التي تثير اهتمام الناخب الأميركي

تفضِّلُ روسيا فوز دونالد ترامب، على عكس إيران التي ترى فرصةً ذهبية في فوز كامالا هاريس. ويتطلع الناتو للعمل مع هاريس لا مع ترامب. والصين الصامتة تنتظر رئيساً متساهلاً في منافستها لأميركا. فمن منَ المرشحَيَّن سيجدد القيادة الأميركية في عالم غارق بالأزمات، فيما تنتظر دوله من سيّد البيت الأبيض أن يحقق مصالحها لا مصلحة الولايات المتحدة.

أميركا والعالم

تقول كامالا هاريس إن "الأمر يتعلق بوقوف أميركا، كزعيمة تحافظ على القواعد والأعراف الدولية. كزعيمة تظهر القوة، وتدرك أن التحالفات التي نقيمها في مختلف أنحاء العالم تعتمد على قدرتنا على رعاية أصدقائنا وعدم تفضيل أعدائنا. إن زعماء العالم يسخرون من دونالد ترامب".

أوكرانيا تتخوف من التوصل لاتفاق سلام على حسابها. أرشيفية
هاريس أم ترامب.. ماذا يعني ذلك لأوكرانيا؟
يصوت الأميركيون لاختيار رئيس للولايات المتحدة في الخامس من نوفمبر، وهو قرار لن يؤثر على الداخل الأميركي فقط، بل يتردد صداه في مختلف أنحاء العالم، وقد تكون أوكرانيا من أوائل تلك الدول التي تشعر بها، على ما أفاد تقرير نشره موقع راديو أوروبا الحرة "ليبرتي".

وبالمقابل يقول دونالد ترامب إنه "لا يمكننا التضحية ببلدنا من أجل رؤية سيئة. نحن دولة فاشلة. وأمة في حالة انحدار خطير. نحن نتعرض للسخرية في جميع أنحاء العالم. يعتقد زعماء الدول الأخرى أن هذه الإدارة ضعيفة وغير كفوءة، وهي كذلك بالفعل، ومسؤوليها غير أكفاء إلى حد كبير".

تأثير الصين وروسيا وإيران

عن احتمالات تدخل دول أجنبية لعرقلة الانتخابات الأميركية، يخلص تقرير مكتب مدير مجلس الاستخبارات الوطنية DNI إلى أن اللاعبين الخارجيين، خاصة الصين وإيران وروسيا، يحاولون التأثير على الانتخابات الأميركية لهذا العام، وسيقومون على الأقل بعمليات معلوماتية بعد يوم الاقتراع لغاية اكتمال المسار في يوم تنصيب الرئيس الأميركي.

ويضيف التقرير الرسمي حول "التأثير الأجنبي الخبيث على الانتخابات الأميركية: "من شبه المؤكد أن الفاعلين الخارجيين سيشنون عمليات معلوماتية بعد نهاية الاقتراع لخلق حالة من عدم اليقين وتقويض شرعية المسار الانتخابي في الولايات المتحدة. كما أنه من المحتمل أن تُقدم إيران وروسيا على الأقل على النظر في إمكانية توظيف تكتيكات خاصة يمكن أن تثير أو تؤدي إلى العنف".

برنامج" عاصمة القرار" على قناة "الحرة" سأل جويل روبن، نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية سابقاً، فقال: "لقد كان هناك الكثير من المخاوف لدى إدارة بايدن ووزارة العدل بشأن تدخّل روسيا على وجه الخصوص، وبالطبع من قبل الصين وإيران أيضاً. قبل شهرين، كانت هناك بالفعل اتهامات من قبل وزارة العدل لكيانات روسية. وثمة كيان في ولاية تينيسي تحديداً كان يحصل على تمويل من حكومة روسيا لتضليل الناخبين الأميركيين من خلال أشخاص أميركيين. الواضح أن روسيا وإيران والصين تنخرط في وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة محاولة تغيير عقول الناخبين الأميركيين، وهذا أمر مقلق للغاية بالنسبة للوضع العام للديمقراطية الأميركية".

وبالمقابل يقول جويل رايبرن، كبير الباحثين في معهد هادسون في واشنطن، إن "الدول تستغل ضعف السياسة الخارجية الأميركية لتحقيق أهدافها، وهذا يمنحها فرصة أساسية لإحداث بعض الفوضى والصراعات في أوروبا والشرق الأوسط وجنوب آسيا. أعتقد أن هذه هي القضية الحقيقية في هذه الانتخابات، ويبدو لي أن الرأي العام هنا في الولايات المتحدة يشعر بقلق بالغ إزاء ما يبدو أنه حالة من عدم الاستقرار في مختلف أنحاء العالم".

مرحلة حساسة

الصحافيون وصناع الرأي العام الأميركي، يتجادلون حول من هو الأفضل لقيادة الولايات المتحدة في هذه المرحلة الحساسة عالمياً. يقول مارتن غوري في نيويورك بوست، إن كمالا هاريس ستواصل السياسة الخارجية لأوباما وبايدن، واهمال تنامي قوة أعدائنا. 

وبالمقابل، يرى جوشوا كيتنغ في موقع Vox أن المخاطر العالمية المترتبة على رئاسة ترامب ستكون أعلى بكثير هذه المرة مما ورثه ترامب في عام 2016 . ويتخوف الكاتب من قدرة ترامبومن مخاطر مقاربة ترامب "غير المتزنة" للسياسة الدولية.

وتقف الصين على رأس الدول التي تتحدى القيادة الأميركية للعالم. اقتصادياً وسياسياً، خاصة عبر دعمها للمجهود الحربي الروسي حول العالم، ودعمها لكوريا الشمالية وإيران. فيما تطرح بكين مبادرات اقتصادية لجذب حلفاء الولايات المتحدة. 

وينقسم أعضاء الكونغرس الأميركي حول الصين. فيجادل الديمقراطيون بقدرة بايدن على التعاطي بقوة مع التهديد الصيني المتنامي. ويركز الجمهوريون في الكونغرس على تهديد الصين للامن القومي الأميركي، وينتقدون "تساهل إدارة بايدن مع الصين، خاصة في المجال العسكري".

من الصين والمحيطين الهادي والهندي، مروراً بالحرب في أوكرانيا وتهديد روسيا لأوروبا والناتو، وصولاً إلى غزّة وإسرائيل ولبنان وسوريا والعراق والبحر الأحمر حيث تهدد إيران وأذرعها مصالح الولايات المتحدة وحلفائها, تقف سلسلة من الأزمات الدولية أمام الرئيس الأميركية العتيد، أيّا يكن أسمه.

النظام الإيراني.. العقدة المزمنة

منذ تأسيسه، يجاهر النظام الإيراني بعدائه للولايات المتحدة، ولم يوقف الاتفاق النووي برنامج إيران للصواريخ الباليستية ولا مساعي إيران الخبيثة لزعزعة استقرار الشرق الأوسط. ولم تنجح أي إدارة أميركية إلى الآن في ضبط تصرفات إيران. ولم يعتمد الحزبان سياسة أميركية موحدة تجاه نظام الملالي في طهران.

يقول السناتور الجمهوري جوش هاولي: "لقد حان الوقت لكي نتوقف عن السماح لإيران بأن تفعل ما تشاء في الشرق الأوسط. هذا ما قام به بايدن وهاريس. علينا أن نعيد حشر إيران في الزاوية. إنه نظام إرهابي، وحاليا تقوم إسرائيل بهذا العمل نيابة عن العالم. إنها خدمة كبيرة لنا تدعم أمننا القومي. إسرائيل تقف في وجه إيران وتساعد على إبطال ما قام بايدن وهاريس في السنوات الماضية. أصبحت المنطقة خطيرة بسبب ما قامت به هذه الإدارة، لذلك نحن بحاجة إلى قيادة جديدة".

ويرفض الديمقراطيون اتهام بايدن وهاريس وأوباما بمحاباة النظام الإيراني، وإطلاق يده في الشرق الأوسط. ويتهمون دونالد ترامب بذلك. 

من الأنسب؟

ورغم معارضة المرشحَين للحرب ضد إيران، يبقى السؤال: من يستطيع التصدي للنظام الإيراني وضبط تصرفاته في المنطقة وبرنامجه النووي وتطويره للصواريخ باليستية: كامالا هاريس أم دونالد ترامب؟

يعتقد جويل رايبرن أن ترامب هو الرئيس الأفضل لاستقرار الشرق الأوسط فقط، بل وللأمن الدولي أيضاً. 

ويضيف المسؤول السابق في إدارة ترامب أن سياسة بايدن وهاريس هي "مجرد تكرار لسياسة أوباما الفاشلة تجاه إيران، والتي كانت تتمحور حول السعي مرة أخرى إلى التوصل إلى اتفاق واسترضاء النظام الإيراني برفع العقوبات عنه دون الطلب منه وقف دعمه للإرهاب، وانتشار الصواريخ الباليستية وما إلى ذلك. وهذا ما أدى إلى اندلاع الصراع الذي نراه الآن. لم يسعى ترامب إلى الحرب مع النظام الإيراني، لكنه كان يمارس الضغط على جميع الجبهات، ومن خلال العزلة الدولية الدبلوماسية للنظام الإيراني، وقد كان هذا النهج ناجحاً. من المؤسف أن فريق بايدن هاريس اتخذ القرار منذ بدء عمله بالتخلي عن سياسة ترامب".

أما جويل روبن، المسؤول السابق في عهد أوباما، فيقول إن لدى كامالا هاريس "موقف قوي تجاه إيران، وقد دعمت بقوة الحد من سلوك إيران، واستمرار العقوبات عليها، والتحرك بقوة مع حلفائنا وضمان عدم تشكيل إيران خطراً وتهديداً لجيرانها. أما دونالد ترامب، فقد أطلق العنان للبرنامج النووي الإيراني حين انسحب من اتفاق مع إيران كان يمنع برنامجها النووي من التقدم. لا نعرف ما الذي سنحصل عليه مع ترامب من يوم لآخر، وهذا حقاً ما يجب علينا القلق بشأنه".

فهل تستطيع واشنطن إيقاف حرب الصين الاقتصادية عليها، وحرب بوتين على الناتو وأوروبا، وحروب إيران في الشرق الأوسط؟ ستكشف الأيام المقبلة اسم الرئيس الأميركي. أما السنوات المقبلة ستُظهر نجاح أو فشل الإدارة العتيدة في قيادة أميركا على الساحة الدولية.

الذئاب المنفردة

فجر أول أيام يناير، 2025، وثقت كاميرا مثبتة على جسم أحد أفراد الشرطة الأميركية لحظات محاصرة شمس الدين جبّار، منفّذ عملية الدهس في مدينة نيو أورلينز الأميركية، أثناء محاولته الهروب بينما تناثرت أجساد ضحاياه على الأرض من حوله.

تحوّلَ جبّار من رقيب سابق في الجيش الأميركي، إلى إرهابي قاتل لـ 14 ضحية، ساقتهم الأقدار  إلى شارع بوربون الشهير للاحتفال بليلة رأس السنة.

يروي عباس الداهوك، وهو عقيد سابق في الجيش الأميركي، في مقابلة مع الحرة، أن حياة جبار كانت مليئة بالمشكلات، وكانت لديه خطة لجمع عائلته في مكان واحد لارتكاب العنف ضد أفرادها. لكنه في اللحظة الأخيرة قرر العدول عن تنفيذ الخطة، وسلك طريقا مختلفا. 

قاد شاحنته، وعليها علم داعش، ليفتك بأبرياء عزّل في مدينة نيو أورلينز. لم يُستبعد ارتباطه بالتنظيم الإرهابي، لكن على الأرجح كان يتصرف كذئب منفرد.

صباح اليوم نفسه، على بُعد 1700 ميل إلى الغرب، أطل الإرهاب بوجهه البشع مرة أخرى.

أمام فندق يعود للرئيس دونالد ترامب، في مدينة لاس فيغاس، انفجرت شاحنة كهربائية، بعد انتحار مستأجرها ماثيو ليفلسبيرغر، الرقيب الأول في القوات الخاصة الأميركية. 

يقول كولن كلارك، الخبير في قضايا الإرهاب، إن هذا كان أشبه بعرض لجذب الانتباه إلى ما كان للأسف نوعا من التشتّت الذهني لشخص ربما كان يعاني بشدة من اضطراب ما بعد الصدمة.

ويضيف أنه بعد 20 عاما من تركيز ضيّق للغاية على نوع واحد من الإرهاب، وهو الإرهاب الجهادي، "أدركنا الآن أن الأمور أكثر تعقيدا".

يشير كلارك إلى مفهوم الذئب المنفرد، أي كيف يمكن لشخص ما، من دون مقدمات، أن يتحوّل في أي بقعة من العالم، إلى ذئب منفرد يتبربص بضحاياه الغافلين، ليفتك بهم وينشر الرعب.

الذئب المنفرد، بحسب وزارة العدل الأميركية، هو شخص ينفّذ بمفرده هجوما إرهابيا ضد مجتمع يكون هو جزءا منه، بدوافع سياسية أو دينية، ولغرض التأثير على الرأي العام، أو عملية صنع القرار السياسي. وقد يستلهم أفكاره من مجموعة أو شبكة معينة، ولكنه لا يكون خاضعا لقيادتها.

برنامج "الحرة تتحرى" يعود بملف الذئاب المنفردة إلى بدايات هذا النوع من الإرهاب، وكيف تنامى، ويعرض أبرز الهجمات، ودوافع منفذيها، والأيديولوجيات التي تبنوها، إضافة إلى شرح الكوامن النفسية التي تدفع شخصا ما عن سابق إصرار وترصّد، إلى قتل آخرين، يراهم غالبا للمرة الأولى، وهو يدرك أنه سيدفع حياته ثمنا لذلك.

بحسب أحمد سلطان، الباحث في الأمن الإقليمي والإرهاب، يصعب في الغالب الكشف أو التنبؤ بهجمات الإرهابي الوحيد أو الذئب المنفرد، لأنك لا يمكن أن تراقب المجتمع بالكامل، كما أن الذئب المنفرد لا تظهر عليه أي علامات سابقة على تنفيذه الهجوم. 

في المقابل، يرى رامون سباي، وهو عالم اجتماع متخصص بظاهرة الذئاب المنفردة في ملبورن، أستراليا، أنه بمرور الوقت، أصبح إرهاب الذئاب المنفردة يشكّل نسبة أكبر بكثير من إجمالي الهجمات الإرهابية، وأن سياق هذه الهجمات، ورغم أن منفذيها أفراد، غالبا ما تكون نسخة متطرفة، أو تعبيرا عن الصراعات المجتمعية الأوسع الجارية في ذلك الوقت.

أما وائل سلامة، طبيب نفسي عمل على حالات لإرهابيين في السجون اللبنانية، فيؤكد أن هذه الحالات هي بلا شك نوع من البحث عن هوية.

"بالنسبة له (الذئب المنفرد) حتى عندما يتم قتله يصل إلى الغاية المنشودة، فالغاية الأساسية من الجريمة، أن يثبت قدراته".

قد يكون مصطلح "الذئاب المنفردة" حديث العهد، لكن فعل الهجوم الأحادي، ظهر قبل قرنين من الزمان.

يعود تاريخ الهجمات الأحادية، بحسب رامون سباي مؤلف كتابين عن إرهاب الذئاب المنفردة، إلى القرن التاسع عشر، لما يُعرف بإرهاب "الأناركية"، وهي تستند إلى فلسفة سياسية، وكان لديها استراتيجية تسمى "المقاومة القانونية"، و"الدعاية بالفعل".

وتتضمن استراتيجيتها ارتكاب أعمال عنف جماعي بشكل متفرق، وليس كجزء من مجموعة منظمة، من خلال قيام أفراد بشن هجمات عنيفة على مسؤولين حكوميين، رؤساء دول، وعائلات ملكية.

يشتق مصطلح الأناركية من الكلمة اليونانية "أنارخيا"، التي تعني بدون حاكم.

اكتسف فلسفة الأناركية شهرة في القرن التاسع عشر، ودعت إلى مجتمع بلا حكومة، أو هياكل هرمية.

في حديث مع "الحرة"، يقول ستيف كيليليا، مؤسس ومدير معهد الاقتصاد والسلام، الذي ينشر تقارير سنوية عن مؤشرات الإرهاب في العالم، إن مفهوم الذئب المنفرد، بدأ بالظهور فعليا في الفترة بين عامي 1870 و1930، مع حركة الأناركية في أوروبا والولايات المتحدة.وقد تكون إحدى أبرز هجمات هذه الحركة اغتيال الرئيس الأميركي، وليام ماكينلي، عام 1901.

أُعدم قاتل الرئيس، الأناركي ليون تشولغوش، بالكرسي الكهربائي، لكن هجمات الحركة استمرت على مدى عقود. وفي نهاية السبعينيات، شغل إرهابي مجهول الهوية السلطات الأميركية لسبعة عشر عاما كاملا.

وفق تقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي أرسل هذا الشخص، أو سلّم باليد، سلسلة من القنابل التي كانت تزداد تطوراً، وأسفرت عن مقتل ثلاثة أميركيين، وإصابة أكثر من عشرين آخرين. 

يخبر سباي فريق "الحرة تتحرى" أنه منذ التسعينيات، ومع صعود اليمين المتطرف، بدأت فعلياً استراتيجية الذئب المنفرد أو الفاعل المنفرد، واستُخدم المصطلح بشكل أكثر تحديدا وانتشارا بواسطة نشطاء اليمين خاصة المتطرفين منهم.

وظهر كثير من "الذئات المنفردة" يضيف سباي، في صفوف اليمين المتطرّف، وذلك نتيجة استراتيجية تسمى "المقاومة بلا قائد"، وهي طريقة لمنع اختراق أو تفكيك جماعة أو منظمة من قبل وكالات إنفاذ القانون، وهي أيضا وسيلة لحماية القيادة، من خلال جعل الأشخاص يتصرفون بشكل فردي، فإذا تم القبض عليهم، فلن يكون لديهم تفاصيل عن الشبكة أو المخطط الأكبر.

لا يقتصر وجود الإرهاب على طريقة الذئاب المنفردة على الولايات المتحدة، بل يمتد عبر الأطلنطي إلى القارة العجوز.

بحسب ستيف كيليليا مؤسس ومدير معهد الاقتصاد والسلام في أستراليا، فإن عددا من الدول التي لم تتعرض لهجمات في السنوات الخمس الأخيرة، شهد عام 2024 ثماني هجمات ذئاب منفردة في السويد. وفي كل من فنلندا وهولندا والدنمارك وقع هجومان، وتصاعدت الهجمات من هذا النوع في دول أخرى مثل النرويج.

أما ألمانيا، فمن أكثر الدول الغربية تعرضا للإرهاب، ومنها هجمات ذئاب منفردة. 

قبيل عيد الميلاد عام 2024، نفّذ طالب العبد المحسن، طبيب نفسي من أصول سعودية، عملية دهس في سوق مزدحم، في مدينة ماغديبورغ الألمانية، أدت إلى مقتل خمسة أشخاص، وإصابة مئات آخرين.

طبقا لتقارير متخصصة، 93 في المئة من الهجمات الإرهابية المميتة في الغرب خلال السنوات الخمس الماضية نفذت بواسطة "ذئاب منفردة". فما الذي يجذبهم إلى هذا الأسلوب دون سواه؟ 

يجيب أحمد سلطان، الباحث في الأمن الإقليمي والإرهاب، بأن الأسهل هي هجمات الذئاب المنفردة لأنها طبعا أصعب في الكشف والتوقع. ويعني أنها يمكن أن تحدث في أي وقت وأي مكان، "أما الهجمات المنسقة فتحتاج للموارد، وتأخذ وقتا طويلا في التجهيز والتخطيط والتنفيذ".

قد يبدو الفعل بعدائيته نابعا من قوة، إلا أن علم النفس له رأي آخر.

في الجزء الأكبر منه هو ناتج عن عقدة نقص "دائما ما تدفع بالشخص ليبالغ بردة الفعل"، ، يقول وائل سلامة، الطبيب النفسي، فمن ناحية المجرم أو الإرهابي فهو "يريد أن يضخم بجريمته لتضخيم ردة الفعل وبالتالي يغذي عقدة النقص الموجودة لديه".

يخبر رامون سباي "الحرة" أن ما لاحظه في كثير من حالات الذئاب المنفردة التي درسها هو أنه "بمرور الوقت يحدث تحوّل حقيقي في هويتهم"، فيرون ارتكاب العنف عملا ثوريا يمنحهم شعورا بالوجود والأهمية،  ... والإحساس القوي بالاستقامة الأخلاقية والتصرّف باسم الحق والخير"، رغم أن ما يقومون به هو فعل إجرامي ضحاياه في الغالب أناس أبرياء يُستهدفون بينما هم منشغلون بشؤونهم اليومية.