أميركا- مدارس- تعبيرية
في أميركا هناك جدل حول التعليم بين الجمهوريين والديمقراطيين

أصدر قاضٍ فيدرالي في ولاية لويزيانا الأميركية، الثلاثاء، قرارا بتعليق قانون جديد يفرض عرض الوصايا العشر في جميع الفصول الدراسية في المدارس الحكومية في الولاية.    

القانون الذي أقره المشرعون في وقت سابق من هذا العام، أثار جدلا واسعا، كونه يجعل لويزيانا أول ولاية تعتمد مثل هذا الإجراء منذ أكثر من 40 عاما.

وقال القاضي، جون ديغرافيليس، إن القانون كان له "غرض ديني ظاهر"، ورفض ادعاءات المسؤولين الحكوميين بأن الحكومة يمكنها فرض عرض الوصايا العشر لأنها تحمل أهمية تاريخية في تأسيس القانون الأميركي، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".

وقد تم تعيين ديغرافيليس قاضيا في محكمة المقاطعة الفيدرالية، سنة 2014 من جانب الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما.

ردًا على القرار، قالت المدعية العامة في لويزيانا، إليزابيث موريل، في تعليق للصحيفة الأميركية إنها "تختلف بشدة مع قرار المحكمة"، مضيفة أنها "ستقوم على الفور بالاستئناف".

وكانت موريل، وهي من الحزب الجمهوري، قد دعمت القانون، كما فعل الحاكم الجمهوري جيف لاندري، بحسب الصحيفة.

جدل تسيير قطاع التعليم

تعكس هذه القضية الجدل الحاصل في الولايات المتحدة حول التعليم، خصوصا بين المعسكرين السياسيين الأبرز في البلاد، الديمقراطي والجمهوري.

في هذا الصدد، يقول المخطط الاستراتيجي الجمهوري، إيلي بريمير، إن الجمهوريين يولون الأطفال اهتماما أكبر، ويرون أن حق التعليم لا يمكن وضعه محل أي جدل سياسي.

لكنه شدد، في حديث لموقع "الحرة"، على أن الحزب الجمهوري، ولا سيما مرشحه الذي فاز بانتخابات الرئاسة، دونالد ترامب، يحبذون إعطاء هامش حرية أكبر للولايات في ما يخص ملف التعليم وتسيير المدارس.

بريمر لم ينتقد قرار القاضي الفيدرالي، لكنه أشار إلى أن ذلك يدخل في صلب الجدل الحاصل مع الديمقراطيين، ويرى أن على الإدارة الفيدرالية السماح للحكام بتسيير قطاع التعليم وفقا لمتطلبات ولاياتهم.

من جانبه، يرى إيريك هام، المحلل الأميركي القريب من الحزب الديمقراطي، أن ولاية ترامب الجديدة ستعرف العديد من المشاكل المتعلقة بقطاع التعليم.

هام أكد لموقع الحرة أن المواضيع المتعلقة بالحريات وتاريخ السود، على سبيل المثال، وموضوع الجندرية المثير للجدل، سيكون لها هامش كبير خلال ولاية ترامب القادمة.

وأعرب ترامب مرارا عن نيته إغلاق وزارة التعليم الأميركية، معتبرا إياها غير فعّالة وتفرض سيطرة مفرطة على قطاع التعليم.

وتتضمن خطته، المفصلة في مقترحات "أجندة 47" رؤيته لقطاع التعليم

ويحذر خبراء ومشرعون من أن إغلاق الوزارة قد يواجه عقبات كبيرة، خاصة بالنظر لدورها الأساسي في تمويل التعليم وإدارة قروض الطلاب.

وينتقد ترامب وزارة التعليم الفيدرالية، التي تأسست عام 1979 في عهد الرئيس جيمي كارتر، باعتبارها مثالا على التحكم الحكومي غير الضروري.

ويقول إن الولايات المتحدة، رغم الإنفاق الكبير، متأخرة في نتائج التعليم.

وخلال حملته الانتخابية الأخيرة، شدد على أنه سيعمل على إلغاء وزارة التعليم الفدرالية، لإتاحة مجال تسيير التعليم للولايات، التي تعرف خصوصيات المجتمع عندها.

 وقد وضعت حملة ترامب خطة تتضمن السماح بالصلاة في المدارس العامة، وتوسيع حقوق الوالدين في التعليم، و"الوطنية" باعتبارها محور التعليم، والتركيز على "طريقة الحياة الأميركية".

ودعت الخطة إلى تفكيك مبادرات التنوع في التعليم وخفض التمويل الفيدرالي للمدارس أو البرامج التي تتضمن "نظرية العرق أو أيديولوجية النوع الاجتماعي أو غيرها من المحتوى العنصري أو الجنسي أو السياسي غير المناسب". 

وبالمثل، سعت التشريعات المدعومة من الجمهوريين في جميع أنحاء البلاد إلى الحد من هذه المواضيع، وتعرضت تلك الجهود لانتقادات بكونها غامضة وتؤدي إلى "الرقابة" في المدارس والفصول الدراسية حول مواضيع تتعلق بالعرق والجنس والسياسة، وفق شبكة أخبار "أي.بي.سي.نيوز".

جدل الدين والتعليم

تختلف رؤى الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة بشأن التعليم عموما والتعليم الديني في المدارس.

ويؤكد الديمقراطيون على أهمية الحفاظ على الفصل بين الدين والدولة، مما يعني عدم تضمين التعليم الديني في المناهج الدراسية للمدارس العامة. 

يركزون أيضا على تعزيز بيئة تعليمية شاملة تحترم التنوع الديني والثقافي، وتدعم حقوق الأفراد في اختيار معتقداتهم دون فرض أي تعليم ديني محدد.

في الصدد يقول الرئيس الأميركي، جو بايدن إنه "لا يوجد شيء اسمه طفل شخص آخر. أطفال أمتنا هم أطفالنا جميعًا"، في إشارة إلى ضرورة ضمان تعليم عام تقوم عليه وزارة فدرالية، يسمح بإتاحة التعليم لكل أطفال الولايات المتحدة دون اي تمييز.

 في المقابل، يميل الجمهوريون إلى دعم إدراج بعض التعليم الديني في المدارس، سواء من خلال السماح بالصلاة أو تدريس مواد دينية، مع التركيز على القيم المسيحية التقليدية.

يعتبر الجمهوريون مثلا أن التعليم الديني يمكن أن يسهم في تعزيز القيم الأخلاقية والاجتماعية.

ووفقًا لمجموعة "أميركيون متحدون من أجل فصل الكنيسة عن الدولة"، وهي مجموعة حقوقية (ليبرالية قريبة من الديمقراطيين) تدعم دعوى قضائية ضد قانون لويزيانا، فقد اقترح المشرعون في 29 ولاية على الأقل 91 مشروع قانون تروج للدين في المدارس العامة هذا العام.

ونقلت وكالة رويترز عن راشيل ليزر، المديرة التنفيذية للمجموعة، إن المجموعة تتبعت 49 مشروع قانون مشابه في عام 2023.

وتدافع هذه الحركة عن مبدأ التركيز على التنوع وحقوق المثليين.

في المقابل، تنسق الجمعية الوطنية للمشرعين المسيحيين (NACL) وهي قريبة من الجمهوريين، منذ عام 2020، جهودًا تشريعية عبر الولايات المختلفة. وقد أعدت حزمة من مشاريع القوانين "النموذجية" لتقديمها في الهيئات التشريعية للولايات، بما في ذلك مشروع قانون يتعلق بالوصايا العشر وآخر يطلب من المدارس عرض لافتات مكتوب عليها "بالله نثق".

وفي ما يتعلق بقضايا الجندر، يتبنى العديد من الجمهوريين مواقف محافظة، إذ يعارضون تدريس مواضيع تتعلق بالجندر والميول الجنسية في المدارس، ويؤكدون على أهمية الحفاظ على القيم التقليدية المتعلقة بالأسرة والجنس.

في الجانب الآخر، يدعم الديمقراطيون سياسات التعليم التي تعزز المساواة بين الجنسين وتضمن حقوق الأفراد من مجتمع الميم (LGBTQ+)، بما في ذلك حماية الطلاب من التمييز وتوفير بيئة تعليمية داعمة للجميع.

هذه الاختلافات تعكس التباين الآيديولوجي بين الحزبين في ما يتعلق بدور الدين في التعليم وكيفية التعامل مع قضايا الجندر ضمن النظام التعليمي.

لكن بريمر لا يرى أن الاختلاف الجوهري يكمن في مناهج التدريس بقدر ما يتعلق بطرق الإدارة.

يقول: "لا بد من الاستقلالية في قطاع التعليم، الاستقلالية التسييرية أقصد، هذا أمر غاية في الأهمية إذا أردنا أن نستثمر في طاقاتنا المستقبلية".

ويقول هام إن الجمهوريين يفرضون أجندتهم بسن قوانين فدرالية عندما يتعلق الأمر بما تمليه خططهم، أما غير ذلك فيتركونه للولايات، مشيرًا بالخصوص إلى أن الاستغناء عن وزارة التعليم قد يفرض واقعًا تعليميًا متذبذبًا في البلاد.

حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت
حاكم ولاية تكساس وقع على قانون حماية الأطفال على الإنترنت العام الماضي

يدرس المشرعون في ولاية تكساس الأميركية فرض حظر على وسائل التواصل الاجتماعي للقاصرين في إطار العمل الحكومي على معالجة الآثار الضارة لوسائل التواصل الاجتماعي على اليافعين، بما في ذلك تجريم التنمر الإلكتروني ومنع المنصات الإلكترونية من جمع بيانات القُصّر.

وقد طرح المشرعون عدة مبادرات للدورة التشريعية المقبلة لمعالجة هذه المسألة. ومن بين هذه المبادرات مشروع قانون قدمه النائب جاريد باترسون، جمهوري من فريسكو، والذي من شأنه أن يطلب التحقق من السن لحسابات الشبكات الاجتماعية الجديدة ومنع القاصرين من إنشاء حسابات.

وفي العام الماضي، وقع حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت على قانون حماية الأطفال على الإنترنت والذي يهدف إلى حماية القُصَّر من المحتوى الضار ومنح الآباء مزيدًا من السيطرة على نشاط أطفالهم على الإنترنت.