قدم الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، الكثير من الوعود المتعلقة بسياسته الاقتصادية المقبلة، والتي أعلن عنها خلال حملته الانتخابية، وسط تساؤلات بشأن كيفية تحقيقها، وتداعياتها المحتملة على أكبر اقتصاد البلاد.
ومن بين هذه الوعود، تمديد التخفيضات الضريبية وإدخال تخفيضات جديدة، والسير على نهج تقليص القوانين التنظيمية خصوصًا في مجال الطاقة. كما توعد بفرض رسوم جمركية مرتفعة، وتطبيق سياسة "الترحيل الجماعي" لملايين المهاجرين غير المسجلين،
"حيرة اقتصادية"
وفي هذا الصدد، أوضح الزميل البارز في معهد "أميركان إنتربرايز"، ستيفن كامن، أن تصريحات ترامب "تثير حيرة الاقتصاديين، الذين لا يعرفون مدى جدية تنفيذ هذه السياسات"، حسب تقرير لموقع "صوت أميركا" الإخباري.
وأضاف: "المشكلة هي أننا لا نعرف إلى أي مدى سيمضي ترامب في تنفيذ هذه الأمور، وهل سيفرضها على نطاق واسع، أم سيكتفي بإجراءات محدودة".
وفيما يتعلق بالرسوم الجمركية، أعلن ترامب نيته فرض رسوم تتراوح بين 10و20بالمئة على جميع الواردات، ورفعها إلى 60 بالمئة على المنتجات الصينية، وهو ما اعتبره محللون "خطوة اقتصادية مدمرة"، ستؤدي إلى "ارتفاع تكاليف المواد الأولية الصناعية في السوق الأميركية، وتجعلها مكانًا مكلفًا للإنتاج، مما سيحد من الاستثمارات بدلاً من تعزيزها".
ورأى نائب رئيس معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، ماركوس نولاند، أن هذه الرسوم "قد تقلل النشاط الصناعي الأميركي بدلًا من إنعاشه، لأن تكاليف الإنتاج سترتفع، مما ينعكس سلبًا على الاستثمار".
وعلى صعيد الهجرة، أكد ترامب أنه سيبدأ في ترحيل أعداد كبيرة من المهاجرين غير المسجلين، وهو ما يحذر منه اقتصاديون نظرًا لـ"آثاره السلبية على قطاعات حيوية كالبناء والزراعة"، إذ يشكل المهاجرون نسبة كبيرة من الأيدي العاملة في تلك القطاعات.
وأوضح نولاند أن هذا القرار "قد يؤدي إلى نقص في العمالة، وارتفاع أسعار مخرجات تلك المجالات، مما سيشكل ضغطًا كبيرًا على الاقتصاد".
وفي مجال الضرائب، يسعى ترامب لتثبيت التخفيضات الضريبية التي أقرها قانون خفض الضرائب والوظائف عام 2017، والتي خفضت نسبة الضرائب على الشركات من 39 بالمئة إلى 21 بالمئة.
كما طرح الرئيس المنتخب فكرة خفضها مجددًا إلى 15بالمئة. وعلق كامن على ذلك بقوله إن هذا النهج سيؤدي إلى "تزايد العجز المالي، مما سيضطر الحكومة إلى الاستدانة لتغطية النقص".
وزاد : "على المدى الطويل، تلك الديون قد تؤدي إلى تضاؤل الاستثمارات الخاصة وارتفاع معدلات الفائدة، مما يثير المخاوف بشأن استدامة المالية العامة".
وفي محاولة لتقليل النفقات الحكومية، اقترح ترامب إنشاء "وزارة كفاءة الحكومة"، بهدف تقليص الإنفاق الحكومي بنسبة تصل إلى 30 بالمئة، أي ما يعادل حوالي تريليوني دولار سنويًا.
ولكن ذلك التقليص قد يتطلب خفضًا كبيرًا في برامج الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، وهي خطوة لا يُعرف بعد ما إذا كان الكونغرس الأميركي سيدعمها، حتى ولو كان تحت سيطرة الجمهوريين.
في المقابل، وحسب تقرير سابق نشره موقع "الحرة"، فقد توقع موقع ذي ستاندارد، أن يؤدي فوز ترامب إلى ارتفاع قيمة الدولار الأميركي، حيث يدعم توقعات النمو الاقتصادي وسياسات التضخم، مما يدفع بدوره بنك الاحتياطي الفدرالي إلى رفع أسعار الفائدة، ويزيد من جاذبية الدولار الأميركي ويؤدي إلى انخفاض قيمة العملات الأخرى مثل اليورو واليوان الصيني.
وفي نفس السياق، أشار موقع "فوكاس إيكونوميكس" إلى أن السياسات الضريبية المحتملة، مثل تخفيض الضرائب على الشركات من 21 بالمئة إلى 15بالمئة، سيؤدي إلى ارتفاع أرباح الشركات المدرجة في مؤشر "S&P 500"، مما يدعم أسواق الأسهم الأميركية على المدى القصير.
ووفقا لتقرير نشرته وفقا وكالة "أسوشيتد برس"، تميل سياسات ترامب الضريبية على نطاق واسع نحو الشركات والأميركيين الأثرياء.
ويرجع هذا في الغالب إلى وعده بتمديد إصلاحه الضريبي للعام 2017، مع بعض التغييرات البارزة التي تشمل خفض معدل ضريبة دخل الشركات إلى 15بالمئة من 21بالمئة الحالي.
ويشمل ذلك أيضًا التراجع عن زيادات ضريبة الدخل التي فرضها الرئيس الديمقراطي، جو بايدن، على أغنى الأميركيين وإلغاء ضرائب قانون خفض التضخم، التي تمول تدابير الطاقة التي الهادفة إلى مكافحة تغير المناخ.
ورغم هذه السياسات، ركز ترامب بشكل أكبر على المقترحات الجديدة التي تستهدف الأميركيين من الطبقة العاملة والمتوسطة، مثل إعفاء الإكراميات المكتسبة وأجور الضمان الاجتماعي وأجور العمل الإضافي من ضريبة الدخل.
لكن تجدر الإشارة إلى أن اقتراحه بشأن الإكراميات، اعتمادًا على الكيفية التي قد يعتمدها الكونغرس، قد يمنح تخفيضًا ضريبيًا خلفيًا لأصحاب الأجور الأعلى من خلال السماح لهم بإعادة تصنيف جزء من أجورهم كدخل إكراميات، وهو احتمال قد يؤدي في أقصى حالاته إلى رؤية مديري صناديق التحوط أو كبار المحامين يستغلون سياسة يصفها ترامب بأنها مصممة للعاملين في المطاعم، وغيرهم من عمال الخدمات.