يدرس الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، استخدام آلية "التعيينات أثناء العطلة"، التي تمنحه صلاحية تجاوز موافقة مجلس الشيوخ، لتعيين شخصيات موالية له في مناصب حكومية رئيسية، حتى في بعض المناصب الأكثر نفوذا في الحكومة الأمريكية.
وفي خطوة لتعزيز هذه الصلاحية، دعا ترامب خلال عطلة نهاية الأسبوع قادة الجمهوريين في مجلس الشيوخ، الذين سيحتفظون بالأغلبية العام المقبل، إلى دعم هذه الآلية.
يشكل هذا تحولا كبيرا في ميزان القوى بعيدا عن مجلس الشيوخ، خاصة أن ترامب يعود إلى واشنطن مدعوما بتأييد شبه كامل من حزبه، بما في ذلك الجمهوريون التقليديون الذين لا يزالون يتمتعون بنفوذ داخل المجلس.
لكن التزام هؤلاء يتم اختباره الآن بعد أن اختار الرئيس المنتخب شخصيات خارج التيار السائد للحزب الجمهوري، مثل النائبين السابقين مات غايتس من فلوريدا، وتولسي غابارد من هاواي، لتولي مناصب عليا.
وسرعان ما أصبح واضحًا أن شخصيات مثل غايتس، الذي أعلنه ترامب كخيار له لمنصب المدعي العام، قد تواجه صعوبة في الحصول على دعم الأغلبية في مجلس الشيوخ، رغم أن الجمهوريين سيتمتعون بأغلبية 53 مقعدًا، لكن ذلك قد لا يكون مهمًا إذا تمكن ترامب من استخدام التعيينات أثناء العطلة.
كيف تعمل التعيينات أثناء العطلة؟
يتمتع مجلس الشيوخ، وفقًا لدستور الولايات المتحدة، بدور هام في تأكيد أو رفض المسؤولين رفيعي المستوى مثل وزراء الحكومة والقضاة والسفراء.
وهذا جزء من نظام الضوابط والتوازنات الذي يضمن ألا يتمكن الرئيس من حكم البلاد بشكل أحادي. ومع ذلك، هناك فقرة في الدستور تسمح للرؤساء بملء المناصب في إداراتهم عندما يكون مجلس الشيوخ في عطلة.
خلال تاريخ الولايات المتحدة، كان الكونغرس يأخذ فترات استراحة طويلة من واشنطن، وكان بإمكان الرؤساء استخدام التعيينات أثناء العطلة لتجنب بقاء وظائف هامة شاغرة.
لكن في السنوات الأخيرة، أصبح استخدام التعيينات أثناء العطلة جزءًا من الخلافات الحزبية بين الرئيس والكونغرس.
قام الرئيس بيل كلينتون بإجراء 139 تعيينًا أثناء العطلة، بينما قام الرئيس جورج بوش بإجراء 171 تعيينًا، رغم أن أيا منهما لم يستخدم هذه العملية لتعيينات في مناصب وزارية رفيعة، بينما مارس الرئيس باراك أوباما هذه الصلاحية 32 مرة.
لكن حكمًا من المحكمة العليا عام 2014 قيد سلطة الرئيس في إجراء التعيينات أثناء العطلة، إذ قضت المحكمة بالإجماع بأن الرئيس بأمكانه إجراء تعيينات أحادية الجانب في حال كان مجلس الشيوخ في عطلة لمدة 10 أيام على الأقل.
أدى هذا القرار إلى بروز ظاهرة في مجلس الشيوخ، حتى خلال فترات استراحة طويلة من واشنطن، وهي عقد جلسات شكلية، حيث يفتح أحد الأعضاء الجلسة ويغلقها دون إجراء أي أعمال تشريعية.
كما يتمتع مجلس النواب ببعض السلطة فيما يتعلق بالتعيينات أثناء العطلة من خلال رفض السماح لمجلس الشيوخ بالتأجيل الكامل.
لماذا يطالب ترامب بتعيينات أثناء العطلة؟
في عام 2020، عندما كان لا يزال رئيسًا، هدد ترامب باستخدام التعيينات أثناء العطلة بعد أن قام الديمقراطيون بتعطيل مجلس الشيوخ عن تأكيد مرشحيه.
وهدد ترامب باستخدام سلطة رئاسية منصوص عليها في الدستور لتأجيل انعقاد كلا المجلسين في الكونغرس في "ظروف استثنائية" وعندما يكون هناك خلاف بين مجلسي النواب والشيوخ بشأن تأجيل الجلسات.
وعندما يصبح ترامب رئيسًا مرة أخرى العام المقبل، سيعمل مع الجمهوريين الذين يسيطرون على الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ، ويعدون بدعم أجندته. لكن المطالبة بتعيينات أثناء العطلة تتيح لترامب فرصة إظهار قوته السياسية وتمرير حتى أكثر الخيارات المثيرة للجدل في إدارته.
تعهد السيناتور جون ثون، الذي تم انتخابه هذا الأسبوع كزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، بالحفاظ على "جدول زمني صارم حتى يتم الموافقة على المرشحين" كما أن ثون، وهو جمهوري من ولاية ساوث داكوتا، لا يستبعد خيار التعيينات أثناء العطلة.
ليتمكن ترامب من إجراء هذه التعيينات، سيتعين على أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين تمرير اقتراح للتأجيل بأغلبية بسيطة، رغم أن الديمقراطيين على الأرجح سيبذلون كل جهدهم لمنع ذلك. كما أنه من غير الواضح ما إذا كان مثل هذا التحرك سيحظى بدعم كامل من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين.
هل ستنجح التعيينات أثناء العطلة؟
أثارت إعلانات تعيينات مات غايتس وتولسي غابارد، حركة في مجلس الشيوخ، حيث أصدر بعض الأعضاء من الجمهوريين تذكيرًا بأهمية دورهم في "النصح والموافقة" عند اختيار أعضاء حكومة الرئيس.
السيناتور الجمهوري جون كورنين، الذي اقترح قبل أيام فقط أنه قد يكون منفتحًا على السماح لترامب بإجراء تعيينات أثناء العطلة بينما كان يترشح دون نجاح لمنصب زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، قال للصحفيين الخميس "من الواضح أنني لا أعتقد أنه ينبغي لنا التحايل على مسؤوليات مجلس الشيوخ، لكن أعتقد أن من المبكر الحديث عن تعيينات أثناء العطلة في الوقت الحالي."
ومع ذلك، هناك عدد قليل جدًا من الجمهوريين، إن وجد، يجرؤون على تحدي ترامب علنًا، في وقت يخطط أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون لبدء جلسات استماع لمرشحي ترامب في حكومته بمجرد أن يبدأ الكونغرس الجديد في 3 يناير.