يخيم ظل الرئيس المنتخب دونالد ترامب على قمة مجموعة العشرين التي بدأت الإثنين في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية.
فالقمة، التي تضع قضية تغير المناخ على قائمة أولوياتها، تأتي وسط ترقب للسياسات البيئية التي سيتبعها ترامب لدى عودته إلى البيت الأبيض يناير المقبل.
انسحاب "ثانٍ"
جرب العالم بالفعل السياسات البيئية للرئيس المنتخب دونالد ترامب خلال فترة رئاسته الأولى بعدما انسحب في 2017 من اتفاق باريس الرامي لمكافحة تغير المناخ، وبرر خطوته بأن الاتفاقية "لم تُصمم للحفاظ على البيئة، وإنما لقتل الاقتصاد الأميركي".
ووعد ترامب بأن يقدم على الخطوة نفسها خلال ولايته الثانية، بعد أن أعاد الرئيس جو بايدن الولايات المتحدة للاتفاق عام 2021.
وقبل أسبوع، كشفت تقارير إعلامية أن الفريق الانتقالي للرئيس المنتخب يعد بالفعل أوامر تنفيذية وبيانات حول الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ.
ويهدف اتفاق باريس إلى التزام الدول والحكومات بالحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، والحفاظ على معدل ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى ما دون درجتين مئويتين، خلال القرن الحالي.
حوافز الطاقة النظيفة
تعهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب بإلغاء حوافز الطاقة النظيفة، التي قدمتها إدارة بايدن، عندما يتولى منصبه في يناير المقبل.
ويتوقع الخبير المتخصص في شؤون الطاقة والسياسات البيئية، نيكولاس لوريس، لموقع الحرة، أن تكون الإعفاءات الضريبية على السيارات الكهربائية أولى تلك الحوافز التي يلغيها ترامب.
ومن المتوقع أيضا أن تشهد الولايات المتحدة، بحسب لوريس، إعادة صياغة لكثير من القرارات التنظيمية المتعلقة تحديدا بمحطات توليد الطاقة والسيارات الكهربائية.
وخلال حملته الانتخابية وعد ترامب بـ"عمليات تنقيب" واسعة وزيادة استغلال مصادر الطاقة الأحفورية.
وأصبح شعار الحملة "احفر، يا عزيزي، احفر" مرادفا لخطة ترامب لتعزيز إنتاج الوقود الأحفوري، وعكس السياسات الهادفة إلى الحد من انبعاثات الكربون في الولايات المتحدة.
ويقول الباحث الأميركي في سياسات المناخ، تود لابورت، إن ترامب "يركز على الصفقات، ويريد عقد اتفاقات" مع الذين دعموه، ومن أبرزهم العاملون في قطاع "الفحم".
ويلفت لابورت، في مقابلة مع قناة الحرة، إلى أن "الولايات المتحدة لديها قطاع نفطي كبير وهام" وهذا القطاع يتخوف من التحول إلى قطاع الطاقة النظيفة.
ودافع بايدن، السبت، خلال زيارة إلى منطقة الأمازون البرازيلية، عن إرثه من سياسات مكافحة الاحتباس الحراري.
ووجه رسالة إلى خلفه ترامب، قال فيها إن "ما من أحد يمكنه إعادة عقارب الساعة إلى الوراء" في ما يتعلق بـ"ثورة الطاقة النظيفة".
وأكد في قلب الغابة الاستوائية في ماناوس، أن الاحتباس الحراري "ربما تكون التهديد الوجودي الوحيد لكل دولنا وللبشرية جمعاء".
ويشير الخبير المتخصص في شؤون الطاقة والسياسات البيئية، نيكولاس لوريس، إلى أن الاستثمارات في مجال الطاقة النظيفة باتت جزءا من الاقتصاد الأميركي في الوقت الراهن.
ويلفت إلى الكلفة الاقتصادية لأية إلغاءات أو قيود محتملة في هذا الخصوص.
ويقول لوريس إن سياسات ترامب لن تغير في الوضع القائم شيئا، "فالولايات المتحدة هي المنتج الأكبر للغاز والنفط في العالم".
وتصدرت الولايات المتحدة الإنتاج العالمي للنفط الخام للعام السادس على التوالي، بمتوسط إنتاج قياسي بلغ 12.9 مليون برميل يوميا، وفقا لبيان إدارة معلومات الطاقة الأميركية في مارس 2024.
وترتبط أي زيادة محتملة في إنتاج الطاقة ارتباطا وثيقا بالعرض والطلب، كما يوضح لوريس.
مستقبل مؤتمرات المناخ
بينما لا يزال مؤتمر كوب 29 للمناخ منعقدا في باكو، يجادل البعض حول جدوى تلك الاجتماعات السنوية، لكلفتها المالية الكبيرة، وبصمتها الكربونية أيضا.
ويرى نيكولاس لوريس، المحلل المتخصص في شؤون الطاقة والسياسات البيئية، أن الأصوات الناقدة لمؤتمرات المناخ "لم يجانبها الصواب"، خاصة وأن تلك الاجتماعات "لا تسفر عن سياسات والتزامات راسخة"، بحسبه.
رغم ذلك يلفت لوريس إلى أهمية المناقشات الثنائية البناءة التي تجري خلال تلك الاجتماعات، وبخاصة التي تسفر عن تمويل برامج مكافحة تغير المناخ في الدول النامية تحديدا.
كما تتيح مؤتمرات المناخ الفرصة أمام الاطلاع على آخر ما توصل إليه القطاع الخاص من حلول وابتكارات في المجال البيئي، وفقه.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دعا الأحد قادة الدول العشرين إلى "الاضطلاع بدورهم القيادي" والقيام بـ"تسويات" تسمح بتحقيق "نتيجة إيجابية في مؤتمر كوب 29" حول المناخ، حيث لا تزال المفاوضات حول هذه المسألة متعثرة منذ أسبوع.