منح الجنسية بالولادة بات مثار معارك قانونية- أ ب
منح الجنسية بالولادة بات مثار معارك قانونية- أ ب

جدد الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، تعهده بإلغاء حق المواطنة بالولادة، أو ما يعرف بـ "حق الأرض"، الذي بموجبه يحصل أي شخص ولد على الأرض الأميركية على الجنسية تلقائيا.

وتهدد خطوة ترامب، إن أقدم عليها، الآلاف ممن ولدوا لأبوين لا يحملان وثائق تدعم إقامتهما في البلاد.

ووعد الرئيس المنتخب باتخاذ أمر تنفيذي بإلغاء الحق الذي يكفله الدستور الأميركي في تعديله رقم 14. 

وأردف في مقابلة مع قناة إن بي سي الأميركية، الأحد، "علينا أن ننهي هذا الأمر" واصفا حق المواطنة بالولادة بأنه "مدعاة للسخرية."

وهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها ترامب عن نيته إلغاء حق المواطنة بالولادة.

ففي مايو العام الماضي، نشر مقطع فيديو جدد فيه دعوته لإنهاء الحق الدستوري في الحصول على الجنسية بالولادة على الأراضي الأميركية.

وقال ترامب في المقطع المصور، الذي نشره على منصة إكس، إن "الولايات المتحدة من بين البلدان الوحيدة في العالم التي تقول إنه حتى لو لم يكن أي من الوالدين مواطنًا أو حتى موجودًا بشكل قانوني في البلاد، فإن أطفالهما في المستقبل هم مواطنون تلقائيًّا."

وبحسب الموقع الرسمي لمكتبة الكونغرس، توفر أكثر من 30 دولة الجنسية المكتسبة بالولادة، بما في ذلك كندا والبرازيل. 

والصورة أدناه، من مكتبة الكونغرس، توضح موقف الدول حول العالم من "حق الأرض"، ووفق تلك الخريطة تمنح البلدان المظللة  باللون الوردي الجنسية بالولادة دون شروط. 

ولا توجد إحصائيات رسمية، ترصد على وجه التحديد، عدد الأطفال الذين يولدون سنويًا بالولايات المتحدة لأبوين يتواجدان على الأراضي الأميركية بشكل غير قانوني، أو عدد الأطفال الذين ولدوا عن طريق ما يعرف بـ "سياحة الولادة."

وفي سياحة الولادة، تسافر المرأة الحامل بتأشيرة سياحة مؤقتة؛ لتلد في بلد يمنح المواطنة بالولادة، فيحصل مولودها على جنسية هذه الدولة تلقائيا.

وتشير تقديرات مركز دراسات الهجرة، وهو مركز بحثي مستقل، إلى ما يصل إلى 400 ألف طفل يولدون سنويا لآباء دخلوا الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، وإلى آلاف الأطفال الذي يولدون نتيجة سياحة الولادة سنويا.

تجربة 2020

وخلال رئاسة دونالد ترامب الأولى، وتحديدا في يناير عام 2020، فرضت وزارة الخارجية الأميركية قواعد جديدة استهدفت النساء الحوامل اللواتي يأتين للولايات المتحدة لغرض الولادة.

وألزمت تلك القواعد النساء الحوامل اللاتي يتقدمن بطلب للحصول على تأشيرات زيارة للولايات المتحدة، بإثبات أن لديهن سببا محددا للسفر، بخلاف الولادة.

وسمحت هذه الخطوة برفض منح التأشيرة لكل من يثبت أن غرضه الأساسي من الحصول عليها هو الإنجاب على الأرض الأميركية.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، وقتها في بيان، إن تلك الإجراءات ضرورية لتعزيز السلامة العامة والأمن القومي".

وأضاف البيان أن "سياحة الولادة مليئة بالأنشطة الإجرامية".

عناصر في السلطات الفدرالية خلال مداهمة شققا راقية في كاليفورنيا حيث أقامت نساء أجنبيات حوامل، في إطار حملة ضد سياحة الولادة
القضاء الأميركي يحكم بالسجن على صينية جنت الملايين عبر "سياحة الولادة"
أصدرت محكمة في كاليفورنيا، الاثنين، حكما بالسجن 10 أشهر في سجن فيدرالي بحق امرأة ساعدت عملاء صينيين، بينهم أطباء ومحامون ومسؤولون حكوميون، على السفر إلى الولايات المتحدة بغرض الإنجاب حتى يحصل أبناؤهم أوتوماتيكيا على الجنسية الأميركية.

التعديل 14 من الدستور الأميركي

ويضمن التعديل رقم 14 للدستور الأميركي الجنسية لجميع الأفراد الذين يولودون في الولايات المتحدة؛ استنادا إلى حق الأرض.

وينص التعديل 14 من الدستور على أن "جميع الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة أو المتجنسين بجنسيتها والخاضعين لسلطانها يعتبرون من مواطني الولايات المتحدة ومواطني الولاية التي يقيمون فيها." 

"ولا يجوز لأي ولاية أن تضع أو تطبق أي قانون ينتقص من امتيازات أو حصانات مواطني الولايات المتحدة."

" كما لا يجوز لأي ولاية أن تحرم أي شخص من الحياة أو الحرية أو الممتلكات دون مراعاة الإجراءات القانونية الأصولية. ولا أن تحرم أي شخص خاضع لسلطانها من المساواة في حماية القوانين."

ولطالما كان من المتعارف عليه أن هذا النص يشمل الأطفال المولودين داخل الولايات المتحدة لآباء غير أميركيين، كما يقول ديفيد غولوف أستاذ القانون الدستوري في جامعة نيويورك.

لكن غولوف في تصريح سابق لموقع الحرة لفت إلى أن المحكمة العليا لم تقرر بشكل قاطع ما إن كان النص نفسه ينطبق سواء كان الوالد (غير المواطن) موجودا على الأرض الأميركية -عند ولادة الطفل- بشكل قانوني أو غير قانوني.

وهو ما يفتح المجال أمام تأويل مختلف لنص التعديل 14 من الدستور الأميركي، كما تحدثت وسائل إعلام أميركية عدة.

ويقول أستاذ الإدارة والسياسة في جامعة بوسطن، ديفيد روزنبلوم، إن التعديل الـ14 واضح في أن "جميع الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة هم مواطنون أميركيون. اللغة واضحة، وقد صُممت للتأكد من أنه عندما تنتهي العبودية، فإن كل الأشخاص الذين كانوا عبيدا سابقا سيكونون مواطنين أميركيين".

ويشرح روزنبلوم لموقع "الحرة" أن بإمكان ترامب تحدي هذا النص بإيجاد تفسير آخر له من خلال المحكمة العليا، وغالبيتها من المحافظين (6 مقابل 3).

وبإمكانه أيضا، وفق الخبير، إصدار أمر تنفيذي، لكن سيتم الطعن فيه على الفور أمام أعلى محكمة في البلاد.

ويعتقد أن المحاكم الأميركية لو نظرت في الأمر التنفيذي، ستقرر على الفور بأنه غير دستوري، ومع ذلك لا يستبعد أنه مع وجود قضاة محافظين، عين ترامب 3 منهم، فقد يفسرون، أو يحاولون تفسير لغة النص بشكل مختلف.

ويشير روزنبلوم إلى أن بإمكان ترامب محاولة تغيير الدستور، لكنها ستكون عملية صعبة وتتطلب موافقة ثلثي أعضاء الكونغرس وغالبية الهيئات التشريعية في الولايات.

لاجئون أفغان قرب حدود أفغانستان وإيران - أرشيفية
لاجئون أفغان (صورة تعبيرية- رويترز)

أصدر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمرًا تنفيذيًا يوقف برنامج قبول اللاجئين في الولايات المتحدة، مما أثر بشكل كبير على عشرات آلاف اللاجئين حول العالم، وخاصة الأفغان.

و هذا القرار لم يأتِ بمعزل عن السياسات المتشددة التي تبنتها إدارة الرئيس الجمهوري تجاه الهجرة واللجوء، حيث يعكس نهجًا يضع الأولوية لما يُعتبر مصلحة الأمن القومي الأميركي من وجهة نظر ترامب.

تاريخيًا، يُعتبر برنامج اللجوء الأميركي أحد أبرز البرامج الإنسانية العالمية التي تهدف إلى حماية الأفراد من الاضطهاد والحروب. 

إلا أن القرارات الأخيرة تركت عشرات الآلاف من الأشخاص في حالة من عدم اليقين، بمن فيهم أولئك الذين خاطروا بحياتهم لدعم الجهود الأميركية في أفغانستان على مدى نحو عقدين.

خلفية برنامج اللجوء

برنامج قبول اللاجئين الأميركي (USRAP) يعود إلى فترة الحرب العالمية الثانية، حيث تم تصميمه لتوفير ملاذ آمن للأشخاص الفارين من الحروب والاضطهاد. 

ويتضمن البرنامج عملية فحص دقيقة تشمل التحقق من الخلفية الأمنية والصحية للاجئين، لضمان توافقهم مع متطلبات الدخول إلى الولايات المتحدة.

وفي العقدين الأخيرين، أصبح البرنامج أداة أساسية لإعادة توطين اللاجئين من دول مثل العراق، وسوريا وأفغانستان، ودول أفريقية تعاني من النزاعات. 

كما ذلك البرنامج يعد أيضًا وسيلة لتحقيق التزامات أخلاقية تجاه الحلفاء الذين ساعدوا القوات الأميركية في العديد من الدول مثل العراق وأفغانستان.

تعليق برنامج اللجوء

عقب تنصيبه رئيسا للبلاد، أصدر ترامب أمرًا تنفيذيًا يوقف برنامج قبول اللاجئين، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة "غير قادرة على استيعاب تدفق اللاجئين والمهاجرين بشكل يضمن المصلحة الوطنية." 

وشمل القرار إلغاء جميع الرحلات المجدولة للاجئين الذين حصلوا مسبقًا على الموافقة، وتعليق معالجة الطلبات الجديدة.

وفقًا لوثيقة حصلت عليها  شبكة "سي إن إن"، فإن القرار ألغى رحلات حوالي 10,000 لاجئ كانوا يستعدون للقدوم إلى الولايات المتحدة، بما في ذلك آلاف اللاجئين الأفغان.

المتضررون الرئيسيون

  • العاملون مع القوات المسلحة: يشمل القرار آلاف الأفغان الذين عملوا مع الجيش الأميركي كموظفين أو مترجمين، والذين تأهلوا للحصول على تأشيرات خاصة (SIV). 

ورغم أن تلك التأشيرات لم تُذكر في القرار التنفيذي، إلا أن تعليق البرنامج عرقل جهودهم للانتقال إلى الولايات المتحدة.

  • النساء والأقليات: خصوصًا الناشطات والصحفيات، اللواتي تأثرن بشكل كبير نتيجة للقيود المفروضة من طالبان، وكثير منهن هربن إلى دول مجاورة مثل باكستان وقطر على أمل الحصول على إعادة توطين في الولايات المتحدة.
  • أصحاب طلبات لم الشمل: أسر بأكملها كانت تنتظر لمّ شملها في الولايات المتحدة تُركت في مواجهة مصير مجهول، كما أفادمدير السياسات في منظمة "خدمة الكنيسة العالمية"، دانيلو زاك.

الحياة  تحت وطأة طالبان

تعاني النساء الأفغانيات من قيود متزايدة منذ استعادة طالبان السيطرة على البلاد في 2021، بما في ذلك حظر التعليم والعمل.

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في تقرير حديث لها أن بعض النساء، مثل سبيسالي زازاي (52 عامًا)، اضطررن إلى الانتظار لسنوات في دول مجاورة مثل باكستان. 

وتقول زازاي: "العودة إلى أفغانستان ليست خيارًا. لا شيء تبقى للنساء هناك."

من جانبها، أعربت منظمات إنسانية مثل"اللجنة الأميركية للاجئين والمهاجرين" عن قلقها العميق، إذ وصرّح رئيسها إسكندر نيغاش: "هذا القرار يعرّض حياة اللاجئين للخطر ويقوّض القيادة الأخلاقية لأميركا."

منظمة "إكزودوس ريفيوجي إمغريشن" في ولاية إنديانا أشارت إلى أنها كانت تستعد لاستقبال 118 لاجئًا في فبراير، ولكن تم إلغاء جميع الخطط.

وفي باكستان، ينتظر آلاف اللاجئين الأفغان الحصول على إعادة توطين، بينما أشارت الحكومة الباكستانية إلى نفاد صبرها بشأن بقاء اللاجئين على أراضيها. في عام 2023، أجبرت باكستان حوالي 800,000 أفغاني على العودة إلى بلادهم.

انتقادات.. ومقارنات

تعرضت إدارة ترامب لانتقادات واسعة بسبب سياساتها المتشددة تجاه اللاجئين، مقارنة بمواقف إدارة سلفه، الرئيس الديمقراطي، جو بايدن، التي رفعت سقف القبول إلى 100,000 لاجئ سنويًا.

وفي هذا الصدد، أشار آدم بيتس من مشروع المساعدة الدولية للاجئين إلى أن "تعليق البرنامج يُعد هجومًا مباشرًا على وعود الولايات المتحدة تجاه الأفغان الذين خاطروا بحياتهم لدعمها."

تداعيات إنسانية

وحسب منظمات حقوقية، فإن تعليق البرنامج أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في أفغانستان، فقد حذر يان إيغلاند، الأمين العام لمجلس اللاجئين النرويجي، من أن وقف المساعدات الأميركية سيزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية في أفغانستان.

ومع تعليق الرحلات والبرامج، يبقى آلاف اللاجئين عالقين في بلدان وسيطة مثل قطر وباكستان، مما يهدد حياتهم ومستقبلهم.

وفي هذا الصدد قالت، هوميرا حيدري،  وهي صحفية أفغانية تبلغ من العمر 28 عامًا: "كنا نأمل في بناء مستقبل لعائلاتنا في الولايات المتحدة، ولكن يبدو أن أحلامنا تنهار."

يشار إلى أن مسألة تعليق برنامج اللجوء سوف يتم مراجعتها بعد 90 يومًا، لكن لا توجد ضمانات بعودة الأمور إلى طبيعتها.