كريم بلال بدوي، أحد ضحايا هجوم نيو أورليانز- من صفحة والده على فيسبوك
كريم بلال بدوي، أحد ضحايا هجوم نيو أورليانز- من صفحة والده على فيسبوك

ليلة رأس السنة، التقط عدد من الأصدقاء صورة جماعية في مدينة نيو أورليانز، وقبل أن تشرق شمس العام الجديد، صارت الصورة "ناقص واحد"، اسمه كريم.

قُتل كريم بلال بدوي (18 عاماً) في هجوم الدهس وإطلاق النار الإرهابي، داخل أحد أكثر شوارع مدينة موسيقى الجاز صخباً وحياة.

كان هناك مع أصدقائه منذ أيام الثانوية، يحتفلون معاً بنهاية الفصل الدراسي الجامعي، وبداية 2025.

نعى كريم، والده بلال بدوي، بآيات قرآنية على فيسبوك، وكذلك أقاربه في مدينة طولكرم شمالي الضفة الغربية.

كان الشاب الموصوف من قبل أقارب وأصدقاء بـ"المحبوب، والرياضي، والمتفوق في دراسته"، ضمن 14 ضحية قتلهم محارب أميركي قديم، تبيّن أنه مؤيد لفكر تنظيم داعش.

الصورة الجماعية في نيو أورليانز، الأخيرة لكريم مع أصدقاء الطفولة

حدث "محزن" للجالية المسلمة

نشر بلال بدوي صورة لكريم مع نعيه، يظهر فيها بابتسامة مشرقة وهو يرتدي بدلة رسمية.

وكتب على فيسبوك: "ببالغ الحزن والأسى وبقلوب راضية بقضاء الله وقدره، أنعي خبر وفاة ولدي كريم بلال بدوي الذي وافته المنية اليوم في الصباح الباكر، إثر حادث مفجع في نيو أورليانز".

وفي منشور آخر، قال خاله أشرف فودة: "انتقل لرحمة الله تعالى ابن اختي الشاب كريم بلال بدوي عن عمر 18 سنة.. أدعو بالصبر لأختي والأسره على فقيدنا الغالي..".

وعن هذا المُصاب، كتب منير محمد، وهو طبيب ليبي يعيش في نيو أورليانز، إن المدينة "جميلة وناسها مرحبّون ودودون. على مدى 5 سنوات لم أر من هذه المدينة والعمل في مستشفى أوشنر إلا كل خير".

وأضاف: "ما حدث محزن جداً حتى على جاليتنا المسلمة. أحد أبناء جاليتنا كريم بلال بدوي طالب في الجامعة، للأسف كان ضحية من ضحايا فاجعة نيو أورليانز".

والجمعة الماضي، شيّع المئات الشاب الأميركي من أصول فلسطينية، بين صلاة إسلامية في أحد مساجد مدينة باتن روج بولاية لويزيانا، وأخرى مسيحية في إحدى كنائسها.

فكريم ابن هذه المدينة.. عاش فيها مع عائلته، وتخرج من مدرسة "إبيسكوبال" فيها.

كريم أثناء حفل التخرج من مدرسته الثانوية برفقة أصدقائه- من حسابه على إنستاغرام

 

"معي للأبد"

في مقابلة مع صحيفة محلية، قال مدرب فريق كرة القدم الأميركية التابع للمدرسة: "لماذا يجب أن يعاني الأبرياء، خاصةً شخصاً مثل كريم، الذي كان محبوبًا جدًا، ولم يكن لديه ذرة أذى".

وأضاف ترافيس بورجوا: "كان كريم لطيفا ورقيقا للغاية، ومحبوبا"، مشيراً إلى أن "الناس كانوا يلجؤون إليه بسبب إيجابيته".

وتابع المدرب بتأثر: "كريم من النوع الذي تقول له شيئا، ويمكنك أن تدير ظهرك لأنك تعرف أنه سينجز المهمة".

بعض أصدقاء كريم، قاموا بوشم "KB" مع تاريخ "1-1-2025" تخليداً لذكراه.

أحدهم قال لوالده، حسب ما ذكرت الصحيفة: "الآن أصبح كريم معي للأبد".

صورة لكريم بزي فريق مدرسته لكرة القدم (الأميركية)

 

رسائل وحدة أمام الحزن العميق

نعت المدرسة خرّيجها من دفعة 2024. ونشرت رسالة على أحد صفحاتها في فيسبوك، موقعة من المديرة كاري ستايكلي ورجل الدين المسيحي، الأب باتريك إدواردز.

ذكرا فيه مقتل كريم إضافة لوالد أحد الطلبة في المدرسة، كما لا يزال طالب آخر منها، هو صديق كريم، في المستشفى، بسبب إصابة خطيرة.

وورد في رسالة المدرسة: "كمجتمع إبيسكوبال، نحن مدعوون لدعم بعضنا البعض في أوقات الحزن العميق".

وتابعت الرسالة: "أشجعكم على أن تحملوا هؤلاء الخريجين وعائلاتهم وكل من يشعر بالحزن، في أفكاركم وصلواتكم".

وفي انعكاس لروح التضامن المجتمعي، دعت المدرسة خريجيها من دفعة 2024 للصلاة في كنيسة "لويس فاميلي"، وأي راغب في المشاركة.

وقالت: "من فضلكم، احملوا عائلتي فيدرين وبدوي في أفكاركم وصلواتكم".

ونشرت جامعة ألاباما على صفحتها الرسمية في فيسبوك نعياً لبدوي، الذي كان يدرس فيها، وأحرز تفوقاً في نتائج الفصل الأول.

وقال مديرها ستيوارت آر بل: "أحزن إلى جانب عائلة وأصدقاء كريم في خسارتهم المفجعة. من فضلك خذ لحظة للصلاة من أجل المتضررين من هذه المأساة".

وعبر حسابه في منصة إكس، كتب حاكم ولاية لويزيانا، جيف لاندري: "نكرم ونتذكر كريم بدوي.. اليوم أعلامنا تُنكّس"، تعبيراً عن الحزن والخسارة.

 

السلاح.. جدل لا ينتهي في الولايات المتحدة
السلاح.. جدل لا ينتهي في الولايات المتحدة

في خطوة تُميزها عن بقية المدن الأميركية، تُعتبر مدينة كينيساو في ولاية جورجيا الوحيدة التي يعد فيها عدم امتلاك سلاح ناري مخالفة قانونية.

وتم اعتماد القانون عام 1982، في وقت كانت فيه معدلات الجرائم تشهد ارتفاعًا ملحوظًا على مستوى البلاد.

وأراد مسؤولو المدينة تعزيز الردع من خلال سياسة تجعل كل منزل مجهزًا للدفاع عن نفسه، إذ نص القانون على إلزام جميع أرباب الأسر بحيازة سلاح ناري وذخيرة، بهدف تعزيز أمن وسلامة المجتمع المحلي.

نتائج التشريع

ومنذ تطبيق القانون، أشارت تقارير محلية إلى انخفاض ملحوظ في معدلات الجرائم، إذ تراجعت بنسبة 50% خلال السنوات الخمس الأولى.

وفي عام 2024، لم تُسجل أي جريمة قتل أو سرقة كبرى في المدينة، وهو ما قد يدلل على فعالية هذا النوع من القوانين.

الاستثناءات في القانون

ورغم صرامة التشريع، استثنى القانون بعض الفئات، مثل الأشخاص الذين يعانون من إعاقات عقلية أو جسدية، أو الذين لديهم سوابق جنائية، أو من تتعارض معتقداتهم الدينية مع حيازة الأسلحة.

وتعكس هذه الاستثناءات حرص المشرعين على مراعاة تنوع السكان وتجنب فرض قيود على من قد يعانون من صعوبة في الالتزام بهذه المتطلبات.

آراء متباينة

بين مؤيد ومعارض، يُثير القانون جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يرى المؤيدون أنه ساهم في تعزيز الأمان والردع، ويدعون باقي المدن الأميركية أن تحذو حذو كينيساو.

 وفي المقابل، يُحذر المعارضون من أن حيازة الأسلحة في كل منزل قد تؤدي إلى زيادة الحوادث العرضية، خاصة بين الأطفال أو غير المدربين على استخدامها.

 مقارنة مع مدن أخرى

وفي تناقض صارخ، تبنت مدينة مورتون غروف بولاية إلينوي قانونًا يحظر امتلاك الأسلحة النارية عام 1981، لتصبح أول مدينة في البلاد تسلك هذا الاتجاه المعاكس.

ويعتقد مسؤولوها أن تقليل انتشار الأسلحة يسهم في تقليل العنف، لكن هذا النهج لم يمنع الجدال بشأن فعاليته مقارنة بما حققته كينيساو من نتائج.