أميركا

تأشيرة H-1B.. وصفة ماسك، وحلم أميركي لا يتحقق!

مروى صابر - واشنطن
10 يناير 2025

قبل أسابيع قليلة ودع الثلاثيني، أتال أغاروال، الولايات المتحدة بعد أكثر من سبع سنوات قضاها بين الدراسة والعمل؛ ليعود إلى مسقط رأسه بالهند.

أغاروال دخل الولايات المتحدة عام 2017 للحصول على ماجستير في مجال إدارة التكنولوجيا من جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا، وقد نجح في مسعاه.

لكن الدرجة العلمية لم تكن جل مبتغاه، فالشاب الهندي كانت تراوده فكرة تكوين شركة تكنولوجية ناشئة.

ولم لا وهو في كاليفورنيا التي على أرضها تجتمع أكبر شركات التقنية في مكان واحد: وادي السيليكون.

طموح أغاروال اصطدم بقوانين الهجرة الأميركية؛ فتأشيرة دخوله كطالب لا تدعم خطته في البقاء وتأسيس مشروعه.

يقول الشاب الهندي: "اضطررت للبحث عن عمل، وهنا تحصلت على تأشيرة (اتش 1 بي)".

مشوار أغاروال مع التأشيرة أخذه إلى قلب جدل الهجرة في أميركا!

(اتش 1 بي) هي تأشيرة عمل مؤقتة، تُمنح لحملة البكالوريوس والشهادات الأعلى في تخصصات تقنية.

في أميركا الآن، يطالب كثيرون بإلغاء تأشيرة (اتش 1 بي)، بينما يقود الملياردير الأميركي إيلون ماسك معسكر المدافعين عنها، كوصفة لجلب الكفاءات لقطاع التكنولوجيا.

وصفة إيلون ماسك وحلم أغاروال

ظن أغاروال أن تأشيرة (أتش 1 بي) ستكون المفتاح السحري الذي سيمنحه الغطاء القانوني المطلوب لتحقيق حلمه الأميركي، لكنه سرعان ما اكتشف أنه كان واهما.

أدرك الشاب الهندي بعد فترة بسيطة أن هذه التأشيرة تربط وجوده في الولايات المتحدة بصاحب العمل، وأنه حال فقد وظيفته سيتعين عليه ترك البلاد في غضون 60 يوما، إلا إن حالفه الحظ ووجد شركة أخرى تكفل له الاستمرار ضمن برنامج (أتش 1 بي).

"في طريقي للاجتماع الأسبوعي مع مديري كل يوم جمعة، كان فكري ينصب على سؤال واحد، وهو: ماذا لو فقدت وظيفتي اليوم؟."

سؤال عادة ما يجر وراءه أسئلة أخرى كما يقول أتال أغاروال "إذا فقدت وظيفتي كيف سأحزم متعلقاتي؟، ماذا سأفعل بشأن عقد إيجار المنزل؟."

عاش أغاروال حالة الخوف والقلق هذه لأكثر من ثلاث سنوات حتى جاء اليوم المشؤوم وتخلت عنه شركته.

"هذا نوع من العبودية." هكذا وصف أغاروال تجربته مع تأشيرة (اتش 1 بي) للعمل في الولايات المتحدة.

ويوضح: "لكنها تصبح نوعا من العبودية، فقط، عندما لا يكون لديك طريق للحصول على البطاقة الخضراء."

بحسب الشاب الهندي، وحدها الإقامة الدائمة أو ما يعرف بالبطاقة الخضراء تعطيك الحق في تقرير مصيرك.

ويضيف: "لا تذهب للولايات المتحدة إلا إن كنت على يقين بأنك ستحصل على البطاقة الخضراء، ولديك جدول زمني واضح لذلك".

الطريق إلى البطاقة الخضراء

رغم أن تأشيرة (اتش 1 بي) لا تمنح حاملها الإقامة الدائمة، يقول ناصر فياض المحامي المختص بقوانين الهجرة، إلا أنها خطوة أولى مهمة.

"معظم من ينجح في الحصول على تأشيرة (اتش 1 بي) ويدخل البلاد، ويكون جادا في عمله، يُقدم صاحب عمله كخطوة ثانية طلبا للسلطات لمنحه (الموظف) البطاقة الخضراء حتى تستفيد (الشركة) منه لمدة أطول."

مدة تأشيرة (أتش 1 بي) ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، بما لا يتجاوز ست سنوات.

إن حالفك الحظ، ووجدت صاحب عمل يكفل لك البطاقة الخضراء فهذا لا يعني أنك ستحصل عليها فورا، بحسب أغاروال، فبعض المهاجرين ومنهم الهنود يواجهون تأخيرا في الحصول على الإقامة الدائمة قد يستمر لعشرات السنين.

غيا أميركية لأبوين مهاجرين من الهند، نشرت على حسابها الشخصي على منصة تيك توك تقول إن والديها دخلا الولايات المتحدة بتأشيرة (أتش 1 بي) لكنهما لم يحصلا على الإقامة الدائمة إلا بعد ما يقرب من 15 عاما، بسبب التأخير في البت في الطلبات من طرف إدارة الهجرة.

@geya_bh

We need a change that doesn’t hurt foreigners and US people #h1b #h1visa #workvisa #f1visa

♬ original sound - GEYA

تحدد الولايات المتحدة عدد البطاقات الخضراء التي تصدرها كل عام، لكن طلبات الحصول على بطاقة الإقامة الدائمة تتجاوز بكثير هذا العدد، ما يؤدي إلى حدوث تراكم أو تكدس.

بنهاية السنة المالية 2023، بلغ عدد الطلبات المتراكمة (أو المتكدسة) للحصول على البطاقة الخضراء 4 ملايين و300 ألف طلب، وفق آخر إحصاء لدائرة الهجرة.
أما التراكم في طلبات الحصول على البطاقات الخضراء لغرض العمل تحديدا، فقد بلغ في العام نفسه، مليون و800 ألف طلب، بينها مليون و 100 ألف طلب من موظفين هنود، وفق معهد كاتو البحثي في العاصمة واشنطن، الذي يدعو لتوسيع نطاق حرية الأفراد وتقليص دور الحكومات.

يحصل الهنود كل عام على نصيب الأسد (70 في المئة) من تأشيرات (أتش 1 بي) التي تصدرها الولايات المتحدة، يليهم الصينيون، فالكنديون.

ولا يولي العرب اهتماما كبيرا لهذه التأشيرة، بحسب المحامي المختص في قوانين الهجرة ناصر فياض، رغم تفوقهم في مجالات الهندسة والطب على حد قوله.

تأشيرة تثير الجدل

باتت (أتش 1 بي) محل اهتمام وجدل كبيرين مؤخرا، خاصة بعد إعلان الرئيس المنتخب دونالد ترامب دعمه لاستمرار منح هذه التأشيرة، رغم سياساته المتشددة تجاه الهجرة، ومعارضة بعض أنصاره داخل الحزب الجمهوري.

إذ يدخل ترامب البيت الأبيض هذا الشهر، واعدا بترحيل جميع المهاجرين الموجودين في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، وبفرض تعريفات جمركية على الواردات للمساعدة على خلق المزيد من فرص العمل للمواطنين الأميركيين.

لكن صناعة التكنولوجيا الأميركية تعتمد بشكل كبير على برنامج تأشيرة (أتش 1 بي) لتوظيف العمال الأجانب المهرة للمساعدة على إدارة مشاريعها، وهي قوة عمل يقول منتقدوها إنها تقلل من أجور المواطنين الأميركيين.

وتمنح الولايات المتحدة، عبر نظام القرعة، سنويا، 65 ألف تأشيرة (أتش 1 بي)، إضافة إلى 20 ألف تأشيرة للمهنيين الأجانب الذين يحملون درجة الماجستير أو أعلى من جامعة أو مؤسسة تعليمية أميركية.

ويجادل منتقدون لهذا البرنامج بأنه يأتي على فرص العمل المتاحة أمام المواطنين الأميركيين.

واتخذ أميركيون من شبكات التواصل الاجتماعي ساحة لانتقاد برنامج تأشيرات (أتش 1 بي)، والمطالبة بإلغائه، وقالوا إن الشركات تجلب الأجانب لا لوجود نقص في سوق العمل الأميركية بل لتدفع لهم رواتب أقل.

لكن وبحسب محامي الهجرة ناصر فياض، هذا الأمر غير صحيح، إذ يلزم القانون الأميركي صاحب العمل أن يدفع للموظف حامل تأشيرة (أتش 1 بي) الراتب السائد أو المتعارف عليه.

يقول صاحب هذا الحساب على تيك توك، إن القول بإن صناعة التكنولوجيا بحاجة لبرنامج تأشيرات (أتش 1 بي) "كذبة".

@didyoujustblockmelmao

this is a really old technique

♬ original sound - feed the kids socialist

ويضيف في مقطع فيديو حظي بآلاف المشاهدات، "هذا مجرد غطاء.. إنهم يجلبون الناس عبر (أتش 1 بي) لأنها (التأشيرة) تمنحهم كامل السيطرة على هؤلاء الموظفين."

في نوفمبر الماضي، تجاوز معدل البطالة في الولايات المتحدة 4% بحسب مكتب إحصاءات العمل.

ويبلغ معدل البطالة في مجالات التقنية تحديدا، 2.5 %، وفق رابطة صناعة التكنولوجيا والحاسبات (CompTIA)ومقرها ولاية إلينوي.

تتسائل المتحدثة في مقطع الفيديو أدناه، عما إن كان هناك رابط بين تسريح تسلا التي يملكها إيلون ماسك لما يزيد عن ألفي موظف في أوستن بولاية تكساس هذا العام، وحصول الشركة على موافقات في العامين السابقين لاستقدام عدد مماثل من الموظفين الأجانب من الخارج بتأشيرة (أتش 1 بي).

@orangebirdtx

#liberalsoftiktok #leftistsoftiktok #progressive #tesla #elonmusk #h1bvisa

♬ original sound - orangebirdtx

 

ماسك الذي سيكون مسؤولا مع رجل الأعمال من أصل هندي فيفيك راماسوامي عن وزارة الكفاءة الحكومية في إدارة ترامب الثانية، يقود بشراسة معسكر الدفاع عن برنامج تأشيرات (أتش 1 بي)، وهو ما يجعله في مرمى نيران المعسكر المضاد.

ويتهم الأميركي، جو كلارك، شركة تسلا باستبدال الموظفين الأميركيين بآخرين أجانب، مستغلة أن تأشيرة (أتش 1 بي) تمنح صاحب العمل اليد عليا.

ويردف في مقطع فيديو نشره على حسابه على تيك توك، "هؤلاء الموظفون لن يتركوا الشركة، لأن هذا يعني أنهم سيخسرون تأشيرة دخولهم إلى الولايات المتحدة".

@joeclark207

#trump #musk #vivek #maga #republican #visa #jobs #hypocrisy #life #greed

♬ original sound - joeclark207

 

استفاد إيلون ماسك نفسه وهو من جنوب أفريقيا، من هذا التأشيرة، قبل حصوله لاحقا على الجنسية الأميركية.

وتأتي شركته، تسلا، في المرتبة 16 بين أكثر الشركات تقديما وطلبا لتأشيرات (أتش 1 بي)، وفق المؤسسة الوطنية للسياسات الأميركية (NFAP) وهي مؤسسة فكرية غير حزبية تركز على قضايا التجارة والهجرة.

وبحسب NFAP، زادت تسلا في عام 2024 بشكل كبير عدد الموظفين المعينين لديها عبر برنامج تأشيرات "أتش 1 بي" بعدما وافقت دائرة الهجرة على منح الشركة 742 تأشيرة من هذا النوع.

وكانت تسلا قد حصلت على 328 تأشيرة (اتش 1 بي) في 2023.

يقول محامي الهجرة ناصر فياض، إن التأشيرة التي يعود تاريخ العمل بها إلى 1990، لعبت ولا تزال تلعب دورا في جعل الولايات المتحدة أهم دولة اقتصاديا، فقد ساعدت البلاد على استقطاب العقول من حول العالم.

ويضيف أن الولايات المتحدة تعتمد على الاقتصاد الحر، وهو ما يحدد متطلبات وحاجة السوق، وعليه فالحديث عن أن تأشيرات العمل من هذه الفئة تنال من فرص عمل المواطنين الأميركيين "ما هو إلا استهلاك للسياسة يُستعمل لمناهضة الهجرة والمهاجرين."

أما أتال أغاروال فقد تمكن أخيرا من تأسيس شركته الناشئة، والتي تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في مساعدة الراغبين في الهجرة إلى بلد آخر، عبر تقديم المعلومات اللازمة لهم قبل اتخاذ هذا القرار المصيري.

يقول في نهاية حديثه مع موقع "الحرة" إنه ورغم تحفظاته على تأشيرة "أتش 1 بي" يؤيد الإبقاء عليها، لكن مع إدخال بعض الإصلاحات بما يحمي حقوق الموظف الأجنبي ويخدم المجتمع الأميركي.

مروى صابر

 العديد من المهاجرين فضلوا مغادرة أميركا رغم وضعهم القانوني
العديد من المهاجرين فضلوا مغادرة أميركا رغم وضعهم القانوني

مع اقتراب بدء حملة ترحيل المهاجرين غير الشرعيين التي يخطط لها الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، بدأ العديد من المهاجرين في اتخاذ قرار مغادرة الولايات المتحدة طواعية لتجنب الترحيل القسري.

هذه الخطوة، التي تعرف بالترحيل الذاتي، أصبحت خيارًا للذين يشعرون بعدم الأمان في ظل تهديدات متزايدة من السلطات الأميركية.

وعلى الرغم من أن هؤلاء المهاجرين يعيشون في الولايات المتحدة بشكل قانوني أو بموجب تصاريح مؤقتة، إلا أن الخوف من المستقبل المجهول دفعهم إلى الرحيل.

توم هومان "قيصر الحدود" قال إن حملات الاعتقالات ستبدأ الثلاثاء

وأعلن توم هومان، المعروف باسم "قيصر الحدود" الجمعة لقناة فوكس نيوز، أن سلطات الهجرة ستنفذ اعتقالات جماعية للمهاجرين غير المسجلين في جميع أنحاء البلاد اعتبارا من، الثلاثاء.

وستكون هذه الخطوة من بين أولى الخطوات التي سيتخذها الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، بعد أن توعد خلال حملته بترحيل ملايين المهاجرين غير المسجلين من الولايات المتحدة.

وبعد ورود تقارير في صحيفة وول ستريت جورنال وغيرها من وسائل الإعلام تفيد بأن الإدارة الجديدة تخطط لتنفيذ "مداهمات" في شيكاغو بدءا من الثلاثاء، أكد هومان، أنه ستكون هناك مداهمات كبيرة في جميع أنحاء البلاد، وأن شيكاغو ليست سوى واحدة من أماكن عدة، وفق قوله

ميشيل بيريّوس تركت الولايات المتحدة خوفا من حملات الترحيل

وغادرت ميشيل بيريّوس (31 عاما) الولايات المتحدة قبل بضعة أيام من بداية العام الجديد، مما منح حملة ترامب للترحيل الجماعي انتصارًا صغيرًا قبل أن تبدأ.

وبيريّوس، الناشطة الطلابية السابقة في نيكاراغوا، عاشت في الولايات المتحدة بشكل قانوني، وكانت ضمن آخرين شملهم "العفو الإنساني" الذي أصدره الرئيس جو بايدن لمواطني بعض الدول المعرضة للخطر. 

لكن تصريحات ترامب خلال حملته الانتخابية ملأت قلبها بذكريات مؤلمة عن اختبائها من السلطات في وطنها.

وترأس هومان الوكالة المكلفة الإشراف على حدود الولايات المتحدة خلال إدارة ترامب السابقة (2017-2021) التي فُصل خلالها قرابة أربعة آلاف طفل عن ذويهم المهاجرين ووضعوا قيد الاحتجاز.

وأكد هومان أنه في يوم الثلاثاء "ستنطلق وكالة الهجرة والجمارك أخيرا للقيام بعملها. سنزيل الأصفاد عن دائرة الهجرة والجمارك ونسمح لها بالقبض على الأجانب المجرمين".

وأضاف "ما نقوله لدائرة الهجرة والجمارك هو أنكم ستنفذون قانون الهجرة دون اعتذار. ستركزون على الأسوأ أولا، التهديدات التي تهدد السلامة العامة أولا، لكن لا أحد مصان. إذا كانوا في البلاد بشكل غير قانوني، فسيواجهون مشكلة".

رحلت السلطات نحو 350 ألف مهاجر في ولاية ترامب الأولى

ويقول المدافعون عن حقوق المهاجرين إن قرار بيريّوس بمغادرة الولايات المتحدة، رغم وضعها القانوني، يظهر كيف أن عدم اليقين والتهديدات قد دفعا عددًا متزايدًا من الأشخاص للمغادرة قبل أن يتولى ترامب منصبه يوم الاثنين.

لا توجد بيانات دقيقة حول هذه المغادرات، لكن التاريخ شهد فترات أخرى من ردود الفعل العامة التي دفعت المهاجرين - سواء كان لديهم وضع قانوني أم لا - إلى المغادرة.

يعتمد ترامب وحلفاؤه على هذه "الترحيل الذاتي"، وهي الفكرة التي تقول إن الحياة يمكن أن تصبح غير محتملة بما يكفي لدفع الناس إلى المغادرة.

وقالت بيريّوس، قبل أيام من مغادرتها: "لأن الولايات المتحدة ليست دولة من العالم الثالث مثل البلدان التي جئنا منها، ظننت أن هناك ثقافة مختلفة هنا، وكان صدمة شديدة أن أكتشف أنني وعائلتي غير مرحب بنا".

ويساعد الترحيل الذاتي ترامب في تحقيق أهدافه دون أن تضطر الحكومة إلى إنفاق أي أموال أو القيام بأي شيء.

وذكر ترامب في أكثر من مناسبة إنه يريد ترحيل ملايين المهاجرين، لكنه لم يرحل أكثر من 350 ألف شخص في ولايته الأولى. ومع الطاقات الاستيعابية المحدودة لمراكز الاحتجاز الخاصة والتي لا تتجاوز 41500 سرير، فإن تنفيذ عمليات ترحيل "ضخمة" ستواجه تحديات لوجستية كبيرة.

وقال توم هومان، المسؤول المكلف بالحدود في إدارة ترامب القادمة "إذا كنت تريد الترحيل الذاتي، يجب عليك ذلك، لأنه مرة أخرى، نعرف من أنت، وسنأتي للعثور عليك".

العديد من المهاجرين فضلوا مغادرة أميركا رغم وضعهم القانوني

وكانت بيريّوس تعيش بشكل قانوني مع ابن عمها في كاليفورنيا، شرق سان فرانسيسكو، وتعمل في ورشة إصلاح سيارات، لكنها كانت تعلم أن هذا الوضع مؤقت، خاصة بعد انتخاب ترامب. وزادت التعليقات المعادية للمهاجرين من قبل زملائها، وأدى ذلك إلى زيادة شعورها بعدم الارتياح.

وقالت بيريّوس عن قمع الرئيس دانيال أورتيغا للمعارضة في نيكاراغوا "في نيكاراغوا، قضيت خمس سنوات وأنا مختبئة. كان عليّ تغيير حياتي بالكامل. توقفت عن زيارة والديّ وأصدقائي". ومع عودة ترامب إلى السلطة، "تعود تلك الحالة من عدم اليقين".

قالت ميلاني نيزر، نائبة رئيس لجنة اللاجئات في مجال الدعوة والعلاقات الخارجية، إن هذا الخوف أمر طبيعي لأي شخص ليس لديه وضع قانوني دائم. الأشخاص الذين لديهم إذن مؤقت للعيش والعمل، مثل بيريّوس، قد يرون أن هذا الوضع سينتهي قريبًا.

وأضافت "الكثير من الناس في هذا الوضع". هناك حوالي مليون شخص لديهم الحماية المؤقتة ونصف مليون آخرين مثل بيريّوس لديهم إذن إنساني مقدم للاجئين من كوبا، هايتي، نيكاراغوا وفنزويلا. وقد قال ترامب إنه يريد إنهاء كلا الحالتين".

مليون ونصف المليون مهاجر من كوبا وهايتي ونكاراغوا وفنزويلا لديهم حماية مؤقتة أو إذن إنساني

حتى عام 2018، كانت بيريّوس تعيش حياة طبيعية إلى حد ما في نيكاراغوا، حيث كانت تعمل في مركز اتصال. درست في مجال التسويق وكانت تأمل في متابعة دراستها للحصول على درجة الماجستير في الرقص. ثم أدت التغييرات في نظام الضمان الاجتماعي في نيكاراغوا إلى احتجاجات من قبل المتقاعدين، وعندما تعرضوا للاعتداء من قبل الشرطة وأنصار أورتيغا، سارع الطلاب لمساعدتهم.

تلت ذلك اشتباكات دامية، وأصبح الحرم الجامعي "معاقل للمقاومة" واعتبرت الحكومة المحتجين "إرهابيين" وزعمت أنهم كانوا مدعومين من قوى خارجية، وخاصة الولايات المتحدة. أصبحت بيريّوس زعيمة احتجاجات في الحرم الجامعي للجامعة الوطنية المستقلة في ماناغوا. وكان يُعرف اسمها حينها فقط باسم مستعار. تم سجن مئات من المحتجين الآخرين، وتم تعذيب العديد منهم، وطُردوا من البلاد وسُحبت منهم الجنسية.

قالت بيريّوس العام الماضي عن السلطات النيكاراغوية "كان هناك دائمًا عدم اليقين من أنهم قد يلاحقونني، وأنهم قد يأخذونني إلى السجن. لذلك قررت، الهجرة إلى الولايات المتحدة لمساعدتي في إجراء تغيير من أجل راحتي النفسية".

عرض عليها ابن عمها، وهو مواطن أميركي في كاليفورنيا، أن يكفلها العام الماضي. إذ بموجب استراتيجية بايدن لإنشاء مسارات قانونية مع تقييد اللجوء بشكل كبير لأولئك الذين يعبرون الحدود بشكل غير قانوني، يمكن لمواطني كوبا وهايتي ونيكاراغوا وفنزويلا التقديم عبر الإنترنت مع كفيل مالي، ويجب عليهم السفر إلى مطار أميركي على نفقتهم الخاصة.

ترامب توعد مرارا بترحيل ملايين المهاجرين غير المسجلين من الولايات المتحدة

في أواخر عام 2022، وصل حوالي مئة ألف نيكاراغوي إلى الولايات المتحدة بتصاريح إقامة والعمل لمدة عامين.

وصلت بيريّوس في 2023 مع بداية حملات الانتخابات الأميركية. ولكن الحديث عن الترحيل الجماعي أخافها في النهاية. لم يكن العودة إلى نيكاراغوا خيارًا، لذا في ديسمبر الماضي قررت التوجه إلى إيرلندا، حيث يعيش بعض أصدقائها.

أنظمة اللجوء في الاتحاد الأوروبي موحدة إلى حد كبير، لكن بعض الاختلافات تجعل إيرلندا جذابة، حسبما قالت سوزان فريتزكي، محللة السياسات الكبيرة في برنامج الهجرة الدولي في معهد سياسة الهجرة.

قالت فريتزكي إن حل قضايا اللجوء أسرع من الولايات المتحدة، ولم تشهد إيرلندا ردود الفعل القوية ضد طالبي اللجوء التي حدثت في دول أوروبية أخرى.

في مطار دبلن، سلمت بيريّوس جواز سفرها إلى موظف الهجرة وقالت إنها تطلب الحماية الإنسانية. تم استجوابها حول اسم رئيس إيرلندا، وأجابت بشكل صحيح، وتم التقاط صورتها وبصمات أصابعها.

حصلت على بطاقة هوية صادرة من الحكومة في اليوم التالي، صالحة لمدة عام، والآن تشارك غرفتها بفندق مع نساء من الصومال ومصر وباكستان. هنّ حرات في المجيء والذهاب كما يشأن، وتدفع الحكومة تكاليف إقامتها.

حملات الاعتقال ستبدأ في شيكاغو يوم الثلاثاء وستستمر طوال الأسبوع بمشاركة نحو 200 عنصر أمني

تتطلع بيريّوس للتسجيل في المدرسة بينما تنتظر إذن العمل، ومن المتوقع أن تُجرى مقابلة مفصلة عن قضيتها في غضون ثمانية أو تسعة أشهر، وسيتم اتخاذ قرار بشأن طلب اللجوء بعدها.

إذا سارت الأمور على ما يرام، قد تحصل على الإقامة الدائمة في أقرب وقت في عام، ولا ترى بيريّوس مغادرتها كإنجاز لترامب، بل كعلامة على مشاكل أعمق.

وتضيف "الأسباب التي جعلتني أغادر الولايات المتحدة ليست فقط بسبب عدم اليقين الذي تعيشه مع عودة ترامب إلى السلطة، ولكن أيضًا لأنّها دولة لا يشعر الناس فيها بالإنسانية".

وأوردت صحيفة وول ستريت جورنال أن المداهمات واسعة النطاق في شيكاغو من المتوقع أن تبدأ الثلاثاء، بعد يوم من تنصيب ترامب، وستستمر "طوال الأسبوع" بمشاركة 100 إلى 200 من ضباط دائرة الهجرة والجمارك.

وقال دون تيري، المتحدث باسم شرطة شيكاغو، لصحيفة نيويورك تايمز إن الإدارة لن "تتدخل مع أي وكالات حكومية أخرى تؤدي واجباتها". لكنه قال إن الدائرة "لا توثق حالة الهجرة" و"لن تشارك المعلومات مع سلطات الهجرة الفيدرالية".

وشيكاغو، الواقعة في الغرب الأوسط واحدة من عدة مدن أميركية يقودها ديمقراطيون أعلنت نفسها "ملاذا" للمهاجرين - وهذا يعني أنه لن يتم اعتقالهم لمجرد عدم تمتعهم بوضع المهاجرين القانوني.