جذوع نخل باسقة وسط لهيب النيران الحمراء، وأخرى بكامل خضرتها يحيط بها الخراب في أحياء بمقاطعة لوس أنجلوس على ساحل المحيط الهادئ غربي الولايات المتحدة.
هل النخيل مقاوم للحرائق؟ يمرّ السؤال أمام صور ومقاطع فيديو وثقت حرائق باليساديز وإيتون وهيرست وكينيث، وآثار الدمار الذي خلفتها منذ الثلاثاء الماضي.
الجواب ليس نعم أو لا، إلا أنه يفسّر المشهد الذي رأيناه وقد نراه مرة أخرى في الولاية الذهبية، حيث تمثل الحرائق جزءاً من هويتها.
مصنع الجَمر
إرشادات السلامة التي يعرفها أبناء المدن القابلة للاشتعال، تتضمن عادة جزّ العُشب وتقليم الأشجار. وأيضاً التخلّص من السُعُف الجافة للنخيل، التي قد تصبح في دقائق "مصنعاً للجَمر"
والعديد من أنواع النخيل حين تشتعل يصعب إطفاؤها، والأخطر منها التي لا تتم صيانتها بشكل جيد، حيث تصبح مُنتجة للجَمر. ويتناسب الخطر طرديا مع حجمها والمسافة التي تقطعها بفعل الرياح.
وبعد حريق عام 2007 أوصت دائرة الإطفاء في مدينة إسكونديدو بكاليفورنيا، بفرض قيود على زراعة أشجار النخيل، بعد أن تبين أن بعض الأنواع بسبب شكلها أو نقص صيانتها تشكل خطرا كبيرا.
2007: 20 حريقاً في جنوب الولاية، أجلت أكثر من مليون نسمة ودمرت نحو 1500 مبنى بينها منازل. احترقت مساحة 2000 كم مربع، وأدت لمقتل 14 شخصاً.
وتنصح دائرة الإطفاء في مقاطعة لوس أنجلوس المواطنين باتباع إجراءات عدة تتعلق بأشجار النخيل. منها تجنب زراعة أنواع بعينها، وإن كانت موجودة بالفعل وتصعب إزالتها، تُرشد بكيفية التعامل معها.
ومن الأنواع الشائعة التي رصدتها الدائرة وتعتبرها عالية الخطورة نخيل "ذيل السمكة" من جنس كاريوتا، ونخيل التمر من جنس فينيكس، و"طاحونة الهواء" من جنس تراكي كاربوس فورتشوني، و"المروحة" من جنس واشنطونيا فيلفيرا، و"المروحة الكبير جداً" من جنس واشنطونيا روبوستا.

وتحث الدائرة على إزالة جميع هذه الأنواع إذا كانت متواجدة في مناطق بلوس أنجلوس مصنفة ضمن الأكثر خطورة في الحرائق، خصوصاً إن كانت متاخمة لمبان أو متدلية منها.
وإن كانت الإزالة صعبة، يجب أن يتم تقليم السعف وإزالة الجذوع والألياف سنوياً.
كما تنصح لزارعي النخيل الجدد وأيضاً المعماريين ومصممي المباني، اختيار أنواع النخل بطيء النمو، والذي لا يتجاوز طوله 30 قدماً (9 أمتار).
أيضاً، أن تقع أشجار النخيل على مسافة 50 قدماً (15متراً) على الأقل من المباني.
هل يُقاوم النخلُ الحرائق؟
الإجابة البسيطة لا. لكنّ الصيانة الدورية والريّ الجيّد والتخطيط الإستراتيجي، عوامل تقلل مخاطر احتراق النخيل للحدّ الأدنى.
فالصيانة تقضي على السعف الجافة وأجزاء الجذوع الميتة، كما أن الريّ الصحيح كل نخلة بحسب نوعها، يحافظ على الرطوبة الداخلية العالية لها، ما يمنع احتراقها بسهولة.
أما التخطيط الإستراتيجي فيشمل، كما ذُكر سابقا في بيان إطفاء لوس أنجلوس، مباعدة النخيل عن بعضه البعض وكذلك عن المباني، بمسافة تمنع تمدد النيران وتوسّعها.
وفي تصميم الحدائق، يُنصح بأن يُزرع النخيل قريباً من النباتات العُصارية التي تمتاز برطوبتها ومقاومتها الجفاف.
وكذلك الشجيرات التي تمتاز برطوبتها العالية مثل الأوكالبتوس والبلوط، وهي منتشرة بالفعل في محيط لوس أنجلوس.
بحسب الموقع الإلكتروني لمشتل في مدينة فونتشورا بكاليفورنيا، فإن ثلاثة أنواع تُعتبر الأفضل في المناطق المعرضة للحرائق، مشيراً لأخذ عاملين هامين في الاعتبار: كمية الماء والقش التي يحملها جذع النخلة.
والأنواع هي نخل الملك، وكينتيا، ونخل التمر القزم. ومن المهم معرفة الأسماء بالضبط، فأحيانا يكون اسم الجنس هو الأكثر شيوعاً لكن ليس لجميع أنواعه ذات الخصائص.
وقالت البروفيسورة ميرندا هارت، المتخصصة في علم الأحياء والتقنيات الحيوية في جامعة كولومبيا البريطانية بكندا، إن الشجرة المليئة بالماء يتأخر اندلاع الحريق بها وقد لا يطالها.
وأوضحت لقناة "سي بي أس" الأميركية "الأشجار تحتوي على آلاف اللترات من الماء. بالطبع تحترق الأشجار عندما تكون الحرائق كبيرة وحارة بما يكفي. ولكن إذا كانت هناك شجرة مليئة بالماء بجانب شيء جاف جدا، فإنه سيحترق أولاً".
لذلك، يمكن تخيّل أن الحريق قد يلتف حول الشجرة إذا كان هناك وقود كافٍ على كلا الجانبين، وفق هارت.
وحتى اليوم، أدت الحرائق في لوس أنجلوس إلى وفاة 24 شخصاً، وتدمير أكثر من 15 ألف مبنى، كما شرّدت بحسب إحصائية نشرتها إذاعة "إن بي آر"، 319 ألف شخصاً على الأقل.