بينما يستعد الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، لأداء اليمين الدستورية وسط أجواء متجمدة، يعود التاريخ ليجمعه برئيسين أميركيين آخرين تركا بصماتهما في مناسبات تنصيب استثنائية تحت وطأة البرد.
في عام 1985، أجبر الطقس القارس الرئيس، رونالد ريغان، على نقل مراسم تنصيبه لولايته الثانية إلى داخل مبنى الكابيتول.
ولا تزال ذكرى الرئيس، ويليام هنري هاريسون، قائمة، الذي أصيب بنزلة برد قاتلة بعد إلقائه خطاب تنصيبه الذي استمر ساعتين عام 1841 دون حماية من الطقس البارد، فلم يكن يرتدي حتى معطفا.
تلك الأجواء، التي تترقبها الولايات المتحدة في يوم تنصيب ترامب، تعيد إلى الأذهان محطات من التاريخ الرئاسي الأميركي، حيث كان البرد أكثر من مجرد خلفية للأحداث، بل لاعبا رئيسبا في تحديد مسار هذا اليوم الاستثنائي عند الأميركيين.

ومن المتوقع أن يشهد تنصيب ترامب، الاثنين 20 يناير، أجواء باردة غير مسبوقة منذ 40 عاما، إذ هذه هي المرة الأولى التي تقام فيها مراسيم التنصيب الرئاسية في مكان مغلق منذ عام 1985.
ومن المتوقع أن تنخفض درجات الحرارة بشكل حاد خلال عطلة نهاية الأسبوع، مما يخلق ظروفا تهدد الحياة في أجزاء واسعة من الولايات المتحدة.
ووفقا لخدمة الطقس الوطنية، كانت درجة الحرارة المتوسطة في 20 يناير تتراوح حول 45 درجة فهرنهايت (7 مئوية) كحد أقصى و30 درجة فهرنهايت (-1 مئوية) كحد أدنى، في وقت يتوقع أن تصل الاثينن المقبل إلى 24 درجة فهرنهايت (-4 مئوية) و8 درجات فهرنهايت (-13 مئوية) كأدنى درجة، ومن المتوقع تكون أبرد بسبب تأثير الرياح.
وفي حفل تنصيب ترامب قبل ثماني سنوات، كانت درجة الحرارة 48 درجة فهرنهايت (8 مئوية) مع هطول لبعض الأمطار.
ومن المحتمل أن لا يتم كسر الرقم القياسي لأبرد يوم تنصيب، والذي حدث في عام 1985 عندما وصلت درجة الحرارة إلى -2 درجة فهرنهايت (-18 مئوية) في يوم مراسم أداء اليمين الثانية للرئيس ريغان.
وللمفارقة أن ريغان شهد أيضا أدفأ يوم تنصيب، في حفل تنصيبه الأول عام 1981 وحيث وصلت درجة حرارة وصلت إلى 55 درجة فهرنهايت (12 مئوية).
ويعتقد على نطاق واسع أن الرئيس، ويليام هنري هاريسون، قد أصيب بنزلة برد خلال مراسم تنصيبه في عام 1841، حيث ألقى خطابًا استمر ساعتين دون أن يرتدي معطفًا أو قبعة، وفقًا لمركز ميلر بجامعة فرجينيا، ثم أصيب بالتهاب رئوي وتوفي بعد شهر من تنصيبه.
ترامب قال في منشور إنه أمر بأن يتم إلقاء خطاب التنصيب، بالإضافة إلى الصلوات والخطب الأخرى، داخل قاعة الروتوندا "القبة الكبرى" في مبنى الكابيتول.
وسيتمكن الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن وأعضاء الكونغرس وبعض الشخصيات البارزة والضيوف المميزين من مشاهدة المراسيم من داخل الكابيتول.
ولكن حتى لو كانوا يقفون كتفًا إلى كتف داخل القاعة كما حدث في 1985، فإن العديد منهم سيتعين عليهم مشاهدة أداء اليمين من أماكن أخرى.
قاعة الروتوندا كانت واحدة من الأماكن التي تم اختراقها في 6 يناير 2021، عندما اقتحم مؤيدو ترامب المبنى في محاولة لعرقلة التصديق على هزيمته في انتخابات 2020 أمام بايدن.
وكانت المنصة المؤقتة للتنصيب، حيث كان من المقرر أن يؤدي ترامب اليمين في الهواء الطلق، موقعًا لبعض من أعنف الاشتباكات بين المتظاهرين ورجال الشرطة الذين كانوا يحاولون حماية مجمع الكابيتول.
يمكن أن تستوعب القاعة حوالي 700 شخص، ومن المقرر أن تكون مفتوحة فقط لأعضاء الكونغرس وزوجاتهم وكبار الشخصيات.
واستعدادا للمناسبة، أقيمت تحصينات حول البيت الأبيض، ومبنى الكابيتول، وجزء من مسار العرض. ووضع سياج يمنع الدخول والتسلق ويمتد على مساحة تبلغ 48 كيلومترا حول المنطقة المشمولة بالإجراءات الأمنية في تدبير غير مسبوق. وسيتمركز قناصة على أسطح الأبنية، وستنتشر فرق على الأرض وستجوب مسيّرات السماء.
قال ترامب في منشوره، سيتم إدخال الشخصيات البارزة والضيوف إلى مبنى الكابيتول، في وقت سيتمكن الجمهور من متابعة هذه المراسيم عبر شاشات التلفاز.
وأضاف أن جميع الفعاليات الأخرى ستظل كما هي، بما في ذلك التجمع الاحتفالي في ساحة الكابيتال يوم الأحد الساعة 3 مساءً، وجميع الفقرات التنصيبية الثلاثة الأخرى مساء الإثنين.
وفقًا للجنة التنصيب المشتركة، لن يتمكن الغالبية العظمى من الضيوف الحاصلين على تذاكر من حضور المراسم شخصيًا. فقط أولئك الذين لديهم تذاكر لمنصة الرئاسة وأعضاء الكونغرس من الحضور شخصيًا.
وفي بيان، قالت شرطة الكابيتول إن المناطق الخارجية المخصصة لحاملي التذاكر على الواجهة الغربية للكابيتول ستغلق الاثنين.
وأضافت وكالات إنفاذ القانون التي تعمل على تأمين حفل التنصيب "ستظل في حالة تأهب أمني مع زيادة وجود قوات الشرطة، وقال مركز المعلومات المشترك للأمن الوطني في واشنطن إن جهاز الخدمة السرية يعمل مع شركائه لتكييف خطط الأمن حسب الحاجة.
يحدث يوم التنصيب كل أربع سنوات في 20 يناير (أو 21 يناير إذا صادف 20 يناير يوم الأحد)، حيث تقام مراسيم التنصيب في مبنى الكابيتول الأميركي في العاصمة واشنطن.
في وقت سابق من الجمعة، أعلنت لجنة تنصيب ترامب أنه، كما في تنصيبه الأول، سيؤدي الرئيس المنتخب اليمين على الكتاب المقدس العائلي الذي أهدي إليه من قبل والدته، بالإضافة إلى الكتاب المقدس الذي استخدمه الرئيس أبراهام لنكولن في تنصيبه الأول في عام 1861.
كما سيؤدي نائب الرئيس المنتخب جي دي فانس اليمين على كتاب مقدس عائلي أهدي إليه من قبل جدته لأمه.
ويؤدي نائب الرئيس المنتخب القسم أولاً ويكرر ذات قسم اليمين الذي تم استخدامه منذ عام 1884، وهو ذاته الذي يؤديه أعضاء مجلس الشيوخ والنواب وغيرهم من الموظفين الفيدراليين:
"أقسم بشكل رسمي (أو أؤكد) أنني سأدافع عن ودعم دستور الولايات المتحدة ضد جميع الأعداء، سواء كانوا خارجيين أو داخليين؛ وأنني سأكون مخلصًا وأوفي بالولاء له؛ وأنني أتولى هذا الالتزام بحرية، دون أي تحفظات عقلية أو نية للتملص؛ وأنني سأؤدي واجبات المنصب الذي سأتولى فيه بإخلاص وأمانة: فليساعدني الله."
حوالي الساعة 12 ظهرًا، يتلو الرئيس المنتخب القسم التالي وفقًا للمادة الثانية، القسم الأول من دستور الولايات المتحدة:
"أقسم بشكل رسمي (أو أؤكد) أنني سأؤدي منصب رئيس الولايات المتحدة بأمانة، وسأبذل قصارى جهدي للحفاظ على دستور الولايات المتحدة وحمايته والدفاع عنه."
مراسيم التنصيب تنظم من قبل اللجنة المشتركة للكونغرس لمراسم التنصيب (JCCIC) والتي تشرف على فعاليات التنصيب من مراسم أداء اليمين، وخطاب التنصيب، واستعراض الموكب.
يعمل جهاز الخدمة السرية وغيره من الوكالات، بما في ذلك شرطة واشنطن وشرطة الكابيتول، على تحديد كيفية تغيير خطط الأمن يوم الإثنين نتيجة لنقل التنصيب والموكب إلى الداخل.
ولدى هذه الوكالات الان ثلاثة أيام فقط لوضع خطة أمنية جديدة كانت تتطلب في السابق أشهرًا من التخطيط. وقد عملت الوكالات منذ أوائل عام 2024 على التخطيط للتنصيب، الذي تم تحديده من قبل وزارة الأمن الداخلي كحدث أمني خاص وطني، مما يستدعي استجابة فيدرالية متعددة الجوانب.
وكان من المتوقع أن يحضر التنصيب مئات الآلاف من الضيوف الحاصلين على تذاكر، ووشملت الخطة السابقة مشاركة حوالي 25000 من أفراد إنفاذ القانون والجيش، لتوفير الحماية.
تستوعب ساحة الكابيتول الخارجية أكثر من 20000 شخص، بينما قال مسؤولو إنفاذ القانون إن أكثر من 200,000 شخص كان لديهم تذاكر للتنصيب. وقالت السلطات إن الخطة الي وضعت بعد التعديلات بسبب الطقس تمنع الغالبية العظمى من الضيوف الحاصلين على تذاكر من حضور المراسيم شخصيًا واضافت "يمكن توزيع تذاكر التنصيب كمواد تذكارية لأولئك الذين لم يعد بإمكانهم الحضور".
ولا تزال تدابير الأمن للساحة والمنطقة المحيطة بها قيد المناقشة بين جهاز الخدمة السرية وشرطة واشنطن ووكالات أخرى.
بحسب قناة فوكس نيوز فأن مراسيم التنصيب في البداية كانت تُقام غالبًا داخل الكابيتول، وأن تنصيب الرئيس توماس جيفرسون كان يتبع هذه التقليد.
الرئيس جيمس مونرو هو من بدأ ممارسة إقامة التنصيب في الهواء الطلق. حدث هذا التحول بعد حرب 1812، عندما قام القوات البريطانية بحرق مبنى الكابيتول.
وبعد أندرو جاكسون، كانت مراسيم التنصيب الرئاسية تُقام في الهواء الطلق تقريبًا منذ ذلك الحين.
وتُعد بعض تلك المراسيم مشهورة بدرجات الحرارة المتجمدة. على سبيل المثال، في عام 1853، كان تنصيب الرئيس فرانكلين بيرس مصحوبًا بتساقط كثيف للثلوج. على الرغم من أن كمية الثلوج الدقيقة غير معروفة، فقد أصيب العديد من الأشخاص بالمرض بعد المراسم، بما في ذلك السيدة الأولى أبيغيل فيلْمُور.
في عام 1961، سبق حفل تنصيب الرئيس جون ف. كينيدي عاصفة ثلجية كبيرة، مما تسبب في ازدحام مروري واسع النطاق في واشنطن. وبسبب الطقس الشتوي القاسي، لم يتمكن الرئيس السابق هربرت هوفر من الطيران إلى المدينة ولم يحضر المراسيم.
وأصبح هذا الحدث يُعرف بـ "عاصفة تنصيب كينيدي الثلجية".