معبر حدودي بين الولايات المتحدة وكندا في مويرز فوركس، بولاية نيويورك
معبر حدودي بين الولايات المتحدة وكندا في مويرز فوركس، بولاية نيويورك

كانت الحدود بين كندا والولايات المتحدة توصف سابقًا بأنها "غير محروسة"، وهو ما يعكس أحد أوجه العلاقات الوثيقة بين البلدين. لكن مع عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تحوّلت هذه الحدود إلى نقطة توتر بين الجارين.

اتهم الرئيس ترامب كندا بالسماح لعدد كبير من المهاجرين بدخول الولايات المتحدة، وجعل وقف الهجرة غير الشرعية هدفًا رئيسيًا له، مهددًا بفرض تعريفات جمركية على الصادرات الكندية.

وبعد فترة إعفاء استمرت شهرًا، أعلن ترامب أن التعريفات ستدخل حيز التنفيذ يوم الثلاثاء.

في المقابل، استجابت كندا من خلال نشر المزيد من عناصر الأمن والمعدات على طول الحدود، بالإضافة إلى تشديد إجراءات منح التأشيرات المؤقتة التي كان بعض الزوار يستخدمونها للوصول إلى كندا ومن ثم دخول الولايات المتحدة بشكل غير قانوني.

خصصت كندا أيضا مبلغ مليار دولار كندي (حوالي 900 مليون دولار أميركي) لتعزيز أمن الحدود، وأضافت طائرتين هليكوبتر من طراز بلاك هوك و60 طائرة مسيرة مزودة بكاميرات حرارية.

وتقول الحكومة الكندية إن تدابيرها الأخيرة قد أدت إلى انخفاض عدد المعابر غير القانونية إلى الولايات المتحدة.

ومع ذلك، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، ظهرت ديناميكية جديدة على الحدود: فالمهاجرون بدأوا بالفرار من الولايات المتحدة إلى كندا مع بدء تنفيذ ترامب خطته للترحيلات الواسعة.

مروحية كندية تراقب منطقة حدودية بين مقاطعة كيبيك وولاية نيويورك الأميركية والتي كانت تستخدم للعبور غير الرسمي

الهجرة المعاكسة

في مطلع شهر فبراير حاولت مجموعة من تسعة أشخاص، معظمهم من الأطفال، الدخول إلى منطقة ألبرتا الكندية سيرًا على الأقدام، عبر الحدود من ولاية مونتانا الأميركية.

كان من غير المعتاد رؤية مجموعة بهذا الحجم تعبر سيرًا على الأقدام في قلب الشتاء، وبالمقارنة، تم اعتراض سبعة أشخاص فقط أثناء عبورهم الحدود بشكل غير قانوني في ألبرتا طوال عام 2024.

من بين تسعة مهاجرين تم العثور عليهم ، كان سبعة منهم، بما في ذلك ثلاثة أطفال، من فنزويلا، حسبما قالت الشرطة الملكية الكندية، أما الشخصان الآخران فكانا طفلين، من كولومبيا.

تم تقديم الحماية للفنزويليين الفارين من حكومة الرئيس نيكولاس مادورو القمعية في جميع أنحاء العالم. فقد فرَّ ما يقرب من ثمانية ملايين شخص في العقد الماضي، وفقًا للأمم المتحدة، وهو رقم استثنائي لدولة ليست في حالة حرب.

ومنحت إدارة بايدن السابقة الحماية المؤقتة للفنزويليين الذين يعيشون في الولايات المتحدة، أما إدارة ترامب، فقد أنهت جميع الحمايات المخصصة للفنزويليين.

وأصبح ترحيل الفنزويليين أولوية في الحملة التي يقودها الرئيس ترامب، إذ تم إرسال الذين وُصفوا بالمجرمين إلى المنشأة الأميركية في خليج غوانتانامو، بينما تم ترحيل آخرين إلى فنزويلا.

كندا زادت من عدد عناصر الأمن للحد من محاولات الهجرة غير الشرعية عبر الحدود مع الولايات المتحدة

اتفاقية البلد الثالث الامن

تقوم كندا والولايات المتحدة بشكل منتظم بإعادة طالبي اللجوء الذين يعبرون إلى أراضي كل منهما، بناءً على فرضية أن كلا البلدين آمنين بشكل متساوٍ بالنسبة لطالبي اللجوء لتقديم طلباتهم، وأنه يجب عليهم القيام بذلك في أول بلد يصلون إليه.

تُعرف هذه السياسة باتفاقية البلد الثالث الآمن.

بموجب هذه الاتفاقية، فإن الذين لا يحملون الجنسية الأميركية أو الذين هم بلا وثائق يواجهون خطر إعادتهم إلى الولايات المتحدة إذا حاولوا تقديم طلب لجوء عبر نقطة عبور حدودية رسمية.

ذكرت قناة سي بي سي الكندية أن المدافعين عن اللاجئين في كندا، والدوائر الحكومية الفيدرالية، والمحامين المختصين بالهجرة يستعدون الآن لتدفق محتمل لطلبات اللجوء بعد الأوامر التنفيذية التي أصدرها الرئيس دونالد ترامب.

وتوقعت أن يحاولو هؤلاء المهاجرون بدلاً من ذلك عبور الحدود بشكل سري ثم البقاء مختبئين لمدة 14 يومًا لتقديم طلب اللجوء دون أن يتم إرجاعهم إلى الولايات المتحدة.

وقال وزير الهجرة مارك ميلر في تصريح صحفي في شهر يناير إن وزارته لم ترى بعد زيادة في عدد الأشخاص الذين يحاولون دخول كندا لتقديم طلبات لجوء، لكنها جاهزة.

وأضاف "الأشخاص الذين يأتون إلى هنا بطريقة غير قانونية، فهذا ليس الطريق الصحيح للقيام بذلك وسيتم إعادتهم بموجب اتفاقية البلد الثالث الآمن مع الولايات المتحدة."

وأشار إلى أن الحكومة لا تتوقع أن يتم ترحيل أعداد كبيرة من الأشخاص إلى كندا، وهي تراقب عن كثب التدابير المفروضة في الولايات المتحدة، مشيرا إلى ان "كندا ستكون حازمة وعادلة". 

جانب من جامعة جورج تاون في العاصمة الأميركية واشنطن
يدرس الطالب في جامعة جورج تاون في واشنطن

أمر قاض أميركي إدارة الرئيس، دونالد ترامب، بعدم ترحيل بدر خان سوري، وهو رجل هندي يدرس في جامعة جورج تاون في واشنطن، والذي قال محاميه إن الولايات المتحدة تسعى إلى إبعاده بدعوى أنه يشكل ضررا على السياسة الخارجية.

والأربعاء، قال محامي الطالب إن السلطات اعتقلت موكله وتسعى لترحيله.

ونقلت فوكس نيوز عن بيان لوزارة الأمن الداخلي أن الوزارة اتهمت بدر خان سوري بأنه على صلة مع حركة حماس الفلسطينية، المصنفة على قوائم الإرهاب الأميركية، وقالت إنه نشر دعاية تدعم حماس وتعادي السامية على وسائل التواصل الاجتماعي.

ولم يقدم بيان وزارة الأمن الداخلي الموجه لقناة فوكس نيوز، الذي أعاد نائب كبير موظفي البيت الأبيض ستيفن ميلر نشره، أي دليل. وجاء فيه أن وزير الخارجية ماركو روبيو قرر أن أنشطة سوري "تجعله يستحق الترحيل".

وبدرخان سوري مقيم في الولايات المتحدة بتأشيرة دراسية ومتزوج من مواطنة أميركية. 

وقال محاميه إنه محتجز حاليا بولاية لويزيانا بانتظار موعد لعرضه على محكمة الهجرة. وألقت السلطات الاتحادية القبض عليه من أمام منزله في فرجينيا، الاثنين.

تأتي هذه القضية في الوقت الذي يسعى فيه ترامب لترحيل الأجانب الذين شاركوا في الاحتجاجات المناصرة للفلسطينيين بعد الحرب التي أطلقتها إسرائيل على غزة في أعقاب الهجوم الذي قادته حماس في أكتوبر تشرين الأول 2023.

 وقد أثارت إجراءات ترامب احتجاجات من الجماعات المدافعة عن الحقوق المدنية والمهاجرين التي اتهمت إدارته باستهداف المعارضين السياسيين بشكل غير عادل.

وقال متحدث باسم جامعة جورج تاون إن الجامعة لم تتلق سببا لاحتجاز بدرخان سوري، كما أنها لا تعلم أن هذا الطالب شارك في أي نشاط غير قانوني.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، اعتقلت إدارة ترامب الطالب بجامعة كولومبيا محمود خليل وتسعى إلى ترحيله بسبب مشاركته في احتجاجات مناصرة للفلسطينيين. ويطعن خليل على احتجازه أمام القضاء.

ويتهم ترامب المتظاهرين المناصرين للفلسطينيين بأنهم معادون للسامية. ويقول المدافعون عن حقوق الفلسطينيين، ومن بينهم بعض الجماعات اليهودية، إن معارضيهم يخلطون خطأً بين انتقادهم للهجوم الإسرائيلي على غزة ودعمهم لحقوق الفلسطينيين وبين معاداة السامية.