كشف رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، السبت، عن مشروع قانون إنفاق يهدف إلى تمويل الحكومة الفيدرالية حتى نهاية سبتمبر المقبل، في محاولة لتجنب إغلاق حكومي محتمل بعد 14 مارس.
ويسعى الجمهوريون لإقرار مشروع قانون التمويل الحكومي دون الاعتماد على دعم الحزب الديمقراطي كما جرت العادة في تشريعات الإنفاق السابقة.
ويتوقع أن يؤدي هذا التحرك الجمهوري إلى نقاش تشريعي مكثف في جلسات الكونغرس، خاصة في ظل الأغلبية المحدودة التي يتمتع بها الجمهوريون في مجلس النواب والحاجة إلى تأمين أصوات من الحزبين في مجلس الشيوخ لتمرير هذا التشريع.
ويعتمد الجمهوريون على دعم الرئيس دونالد ترامب، الذي دعا أعضاء حزبه إلى الوحدة والتصويت لصالح المشروع، مشدداً على أهميته في "وضع البيت المالي للبلاد في النظام الصحيح".
وشدد ترامب، في منشوراته على منصة "تروث سوشيال"، على ضرورة تمرير هذا القانون لتمهيد الطريق أمام أولوياته التشريعية الأوسع المتعلقة بخفض الضرائب وتقليص الإنفاق.
معالم مشروع التمويل المؤقت
مشروع قانون التمويل المؤقت، الذي يعرف أيضا باسم "قرار الاستمرارية"، تشريع من 99 صفحة قدمه رئيس مجلس النواب، السبت.
ويهدف القانون إلى تمويل الحكومة الفدرالية بالكامل حتى نهاية السنة المالية الحالية في 30 سبتمبر المقبل.
ومن حيث المخصصات المالية، يتضمن المشروع حوالي 892.5 مليار دولار للإنفاق الدفاعي، بزيادة تقدر بـ 6 مليارات دولار عن العام السابق، ونحو 708 مليارات دولار للإنفاق غير الدفاعي، بانخفاض يقدر بـ 13 مليار دولار عن العام الماضي.
ويمثل هذا تخفيضاً في الإنفاق بحوالي 7 مليارات دولار مقارنة بمستويات السنة المالية 2024، وهو ما يقل عن سقوف الإنفاق التي حددها قانون المسؤولية المالية لعام 2023.
ومن بين أهم ما جاء به المشروع الجديد، استبعاد ما يُعرف بـ"المشاريع المجتمعية" أو "المخصصات" التي اعتاد المشرعون طلبها لدوائرهم الانتخابية.
كما خصص المشروع أكبر زيادة في أجور العسكريين المبتدئين منذ أكثر من 40 عاماً، وهو ما استهدف به الجمهوريون استمالة المدافعين عن الإنفاق العسكري في الحزب.
ويخصص 500 مليون دولار إضافية لبرنامج المساعدة الغذائية للنساء والرضع والأطفال الصغار (WIC).

ويتضمن المشروع أيضا تمويلاً إضافياً لهيئة الهجرة والجمارك (ICE)، ويمدد أيضاً مجموعة من برامج الصحة المنتهية الصلاحية من 1 أبريل إلى 30 سبتمبر، بما في ذلك تغطية "ميديكير" للاستشارات الصحية عن بُعد مع الأطباء وتمويل مراكز الصحة المجتمعية.
ومن النقاط المثيرة للجدل في المشروع استعادة 20.2 مليار دولار من الإنفاق المخصص لمصلحة الضرائب (IRS)، والذي كان قد تم إقراره كجزء من قانون خفض التضخم للطاقة الخضراء الذي وقعه الرئيس السابق جو بايدن.
على الصعيد العسكري، يمنح المشروع مرونة إضافية للبنتاغون في تحويل الأموال بين الحسابات المختلفة، وهي ميزة غير معتادة في قرارات الاستمرارية، ما قد يسمح بالإنفاق على مشاريع جديدة مثل برنامج غواصات فيرجينيا والسفن التي تبنيها شركات مثل "جنرال ديناميكس" و"إتش آي آي" لبناء السفن في "نيوبورت نيوز".
ولا يغطي مشروع القانون غالبية الإنفاق الحكومي الإلزامي، بما في ذلك برامج الضمان الاجتماعي و"ميديكير" و"ميديكيد"، لأن تمويل هذه البرامج يعمل بشكل تلقائي ولا تتم مراجعته بانتظام من قبل الكونغرس.
ومع ذلك، فإن هذه البرامج، وخاصة "ميديكيد"، تمثل محور خلاف رئيسي بين الحزبين، إذ يشير الديمقراطيون إلى أن الجمهوريين يخططون لاستهدافها في حزمة توفيق الميزانية المنفصلة التي تستهدف خفض نحو 880 مليار دولار من الإنفاق.
ويهدف هذا المشروع، وفقا للرئيس ترامب، إلى "تجميد الإنفاق" بشكل فعال لهذا العام تمهيداً لتمرير حزمة أوسع من التخفيضات الضريبية (تقدر بـ 4.5 تريليون دولار على مدى العقد المقبل) وتخفيضات في الإنفاق (بقيمة 2 تريليون دولار) في وقت لاحق.
هل ينجح الجمهوريون في تمرير المشروع؟
يخطط رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، لطرح المشروع للتصويت، الثلاثاء، معتمداً على أغلبية جمهورية ضيقة بواقع 218-214 مقعداً، مما يعني أنه لا يمكن تحمل أكثر من انشقاق واحد إذا صوت جميع النواب وإذا وقف الديمقراطيون موحدين ضد المشروع.
ويراهن جونسون وترامب على قدرتهما في إقناع الجمهوريين، الذين عادة ما يرفضون قرارات التمويل المؤقتة، بالتصويت لصالح المشروع هذه المرة.
وحتى لو نجح المشروع في مجلس النواب، فإنه سيواجه تحدياً أكبر في مجلس الشيوخ، حيث سيحتاج زعيم الأغلبية جون ثون، إلى تأمين أصوات ما لا يقل عن سبعة أو ثمانية من الديمقراطيين للحصول على الأغلبية المطلوبة البالغة 60 صوتاً، وذلك بافتراض أن جميع الجمهوريين البالغ عددهم 53 سيصوتون لصالحه.

الموقف الديمقراطي
يعارض الديمقراطيون بشدة مشروع القانون المؤقت، معتبرين أنه يقوض سلطة الكونغرس ويعطي إدارة ترامب، وإيلون ماسك تحديداً، سلطات واسعة غير مسبوقة في تحديد أولويات الإنفاق الفيدرالي.
ووصفت النائبة روزا ديلاورو، كبيرة الديمقراطيين في لجنة الاعتمادات بمجلس النواب، المشروع بأنه "يسلم سلطة المشرعين إلى ملياردير غير منتخب".
وأعلنت القيادة الديمقراطية في مجلس النواب، بمن فيهم زعيم الأقلية حكيم جيفريس، أنهم سيصوتون بـ"لا" على المشروع، معتبرين أن تجميد الإنفاق سيؤدي فعلياً إلى تخفيضات في مجالات حيوية مثل الرعاية الصحية والمساعدة الغذائية ومزايا المحاربين القدامى.
كما أكدوا أن "برنامج ميديكيد هو خطهم الأحمر" الذي لا يمكن المساس به.
وفي مجلس الشيوخ، قالت السناتورة باتي موراي من واشنطن إن التشريع سيمنح "ترامب وماسك سلطة أكبر على الإنفاق الفيدرالي.. مما يهدد العائلات في الولايات الزرقاء والحمراء على حد سواء".
ويفضل الديمقراطيون بدلاً من ذلك مشروع قانون قصير الأجل لتجنب الإغلاق، مما يتيح استمرار المفاوضات حول مشاريع قوانين مخصصات مفصلة تسمح بنمو متواضع (1 بالمئة) في كل من الإنفاق الدفاعي وغير الدفاعي، وفقاً للسقوف التي تم الاتفاق عليها في قانون المسؤولية المالية لعام 2023.
وبالرغم من حدة الخلافات، يتجنب كلا الحزبين التسبب في إغلاق حكومي.
وفي حال فشل التصويت على مشروع القانون في أي من المجلسين، فمن المتوقع أن يلجأ الكونغرس إلى تمرير مشروع قانون مؤقت قصير جداً لشراء وقت إضافي للتوصل إلى تسوية، وهو الأمر الذي فشل فيه المشرعون منذ بداية السنة المالية في أكتوبر، الماضي.