الكونغرس ينتظر الموافقة على تمويل مشروع الميزانية لتجنب الإغلاق الحكومي- رويترز
الكونغرس ينتظر الموافقة على تمويل مشروع الميزانية لتجنب الإغلاق الحكومي- رويترز

مرة أخرى، تواجه الحكومة الأميركية احتمالات الإغلاق، وهو ما يعني عدم دفع أجور الموظفين الفيدراليين وما يتبع ذلك من تأثير على الاقتصاد والخدمات العامة المقدمة.

وكل عام تدور نقاشات في الكونغرس بشأن التوصل إلى صيغ مناسبة لاتفاق يمول الحكومة، وعادة ما تحدث خلافات بشأن بنود التمويل، لكن غالبا ما يحدث اتفاق في الساعات الأخيرة.

وكانت آخر جولة في ديسمبر الماضي، وعندها واجه الأميركون خطر الإغلاق في موسم الأعياد، لكن في النهاية نجح المشرعون من الحزبين في إنجاز مشروع تجنب الإغلاق الذي كان سيجبر آلاف الموظفين الفيدراليين على دخول إجازة مؤقتة قبل أيام قليلة من عطلة الشتاء.

وهذه المرة، يبدو الجمهوريون واثقين من إمكانية تمديد التمويل الحالي حتى نهاية السنة المالية في 30 سبتمبر.

ويفترص أن يتم تمرير المشروع بحلول الجمعة 14 من مارس، الموعد النهائي لتمويل الحكومة بعد أن وافق المجلس في ديسمبر على تمويلها حتى هذا الموعد.

وكشف الجمهوريون، الذين يسيطرون على مجلس النواب، عن مشروع القانون ومن المتوقع التصويت عليه، الثلاثاء المقبل.

وأبدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، دعمه لهذا المشروع، السبت، داعيا الجمهوريين إلى التصويت لصالحه.

لكنه ترك الباب مفتوحا امام جميع الاحتمالات قائلا إن إغلاق الحكومة "قد يحدث" إذا لم يتمكن مجلس النواب من جمع أصوات كافية


كيف يحصل الإغلاق؟

بموجب قانون صدر عام 1884 وتم تعديله في عام 1950، لا يمكن للوكالات الفيدرالية إنفاق أي أموال دون تخصيص من الكونغرس.

وحين يفشل الكونغرس في تمرير 12 مشروع قانون تتضمن مخصصات مالية تشكل ميزانية الإنفاق التقديرية، يجب على الوكالات الفيدرالية وقف جميع الوظائف غير الأساسية، وهو ما يُعرف بالإغلاق الحكومي.

وإذا أقر الكونغرس بعض مشروعات القوانين الخاصة، وليس كلها، سيكون لزاما على الوكالات التي لا تملك مخصصات أن تغلق أبوابها، وهذا ما يُعرف بالإغلاق الجزئي.

وأثناء الإغلاق، يُطلب من نسبة كبيرة من الموظفين الفيدراليين عدم الذهاب إلى العمل، لكن عند انتهاء الإغلاق، يحصلون على رواتبهم بأثر رجعي، بموجب قانون صدر عام 2019.

وبالنسبة للمتعاقدين الحكوميين، وعددهم بالملايين، فليست هناك ضمانات باسترداد رواتبهم بمجرد إعادة فتح الحكومة.

ويستمر موظفو الحكومة الذين يقدمون خدمات أساسية، مثل مراقبة الحركة الجوية وإنفاذ القانون، في العمل، ولكنهم لا يحصلون على رواتبهم حتى يتخذ الكونغرس إجراءات لإنهاء الإغلاق.

ويستثنى من موافقة الكونغرس خدمات مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية لأنه يتم تخصيصها في قوانين لا تحتاج إلى موافقة سنوية (رغم أن الخدمات التي تقدمها مكاتب مزايا الضمان الاجتماعي قد تكون محدودة أثناء الإغلاق).

وخلال الإغلاقات السابقة، استمر دفع شيكات المعونة الاجتماعية، وبقي مراقبو الحركة الجوية وحرس الحدود وموظفو المستشفيات على رأس عملهم.

لكن مع ذلك من المرجح أن تتأثر العديد من الخدمات، بينها الطلبات الجديدة للضمان الاجتماعي والرعاية الطبية وعمليات تفتيش المواقع الغذائية والبيئية.

وتضع كل وكالة فيدرالية خطة إغلاق خاصة بها بناء على عمليات الإغلاق السابقة، والإرشادات من مكتب الإدارة والميزانية.

تداعيات اقتصادية

يتصاعد تأثير الإغلاق كلما زادت مدته، إذ تكون له تداعيات على النمو الاقتصادي في البلاد، وتراجع مؤشرات الأسهم الرئيسية، ويعزز حالة عدم اليقين في الاقتصاد الأميركي.

ويمكن أيضا أن يؤدي إلى توقف مكتب إحصاءات العمل عن نشر البيانات، مثل الأرقام الرئيسية بشأن التضخم والبطالة، ما يشكل مصدر قلق للاحتياطي الفيدرالي الذي قال إنه سيسترشد بهذه البيانات لإقرار التعديلات المحتملة على معدلات الفائدة.

هل يتأثر العالم؟

على المدى القصير لا تحدث تأثيرات كبيرة على الاقتصاد العالمي، لكن في حال استمر الإغلاق لفترة طويلة فيمكن أن يؤثر ذلك على الاقتصاد الأميركي والأسواق المالية في الولايات المتحدة.

وبالتالي يمكن أن تكون هناك تداعيات سلبية على قدرة الحكومة الفيدرالية في التعامل مع الديون السيادية للولايات المتحدة، والوضع الائتماني للبلاد، الذي يؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي.

وعلى صعيد السياسة الخارجية، ستظل السفارات والقنصليات الأميركية مفتوحة وستستمر معالجة جوازات السفر والتأشيرات، طالما كانت هناك أموال كافية لتغطية العمليات.

العلم الأميركي وشعار وزارة التعليم

قال البيت الأبيض في وثيقة إن الرئيس دونالد ترامب سيوقع الخميس أمرا تنفيذيا يهدف إلى إغلاق وزارة التعليم، تنفيذا لتعهد رئيسي قطعه خلال حملته الانتخابية.

ويوجه الأمر وزيرة التعليم ليندا مكماهون إلى "اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتسهيل إغلاق وزارة التعليم وإعادة سلطة التعليم إلى الولايات، مع الاستمرار في ضمان تقديم الخدمات والبرامج والمزايا التي يعتمد عليها الأمريكيون بشكل فعال ومتواصل".

كما ينص على أن أي برامج أو أنشطة تتلقى تمويلات متبقية من وزارة التعليم يجب ألا "تدعم التنوع والإدماج أو أيديولوجية النوع الاجتماعي".

وتم الطعن في هذه الخطوة من قبل مجموعة من المدعين العامين الديمقراطيين من الولايات، الذين رفعوا دعوى قضائية لوقف حل الوزارة وتسريح نحو نصف موظفيها الذين تم الإعلان عنهم الأسبوع الماضي.

وحاول ترامب ومستشاره الملياردير إيلون ماسك إغلاق برامج ومؤسسات حكومية مثل وكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية دون موافقة الكونغرس، لكن إلغاء وزارة التعليم سيكون أول محاولة من ترامب لإغلاق وكالة على مستوى الوزراء.

ولا يستطيع ترامب إغلاق الوزارة دون تشريع من الكونغرس، وهو ما قد يكون صعبًا.

حيث يسيطر الجمهوريون في مجلس الشيوخ على 53 مقعدًا مقابل 47، لكن التشريعات الكبرى مثل مشروع قانون لإلغاء وكالة على مستوى الوزراء تحتاج إلى 60 صوتًا، وبالتالي فأن تمرير القرار بحاجة إلى دعم سبعة ديمقراطيين.

ولم يظهر الديمقراطيون في مجلس الشيوخ أي إشارات على أنهم سيدعمون إلغاء وزارة التعليم.

وكرر ترامب دعوته لإلغاء الوزارة، واصفًا إياها بأنها "خدعة كبيرة"، واقترح إغلاقها في فترة ولايته الأولى كرئيس، ولكن الكونغرس لم يتخذ أي إجراء.

وقال الرئيس ترامب في شهر فبراير إنه يريد إغلاق الوزارة فورًا، لكنه اعترف بأنه سيحتاج إلى دعم من الكونغرس ونقابات المعلمين.

مساع لتفكيكها.. لماذا تختلف وزارة التعليم الأميركية عن نظيراتها بالعالم؟
في العديد من دول العالم، ومن بينها دول الشرق الأوسط، تشرف وزارة التعليم بمختلف مسمياتها على التعليم بشكل مباشر من خلال صرف المخصصات المالية لتمويل الفصول الدراسية والموارد ورواتب العاملين، لكن الوضع مختلف في الولايات المتحدة.

وقبل إنشاء الوزارة، كان التعليم جزءًا من وزارة الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية في الولايات المتحدة، التي عملت من 1953 إلى 1979.

ويقول المدافعون عن الوزارة إنها أساسية للحفاظ على معايير التعليم العام العالية، وقد يؤدي الإغلاق الفوري إلى تعطيل عشرات المليارات من الدولارات من المساعدات للمدارس الابتدائية والثانوية، بالإضافة إلى المساعدة في دفع الرسوم الدراسية لطلاب الجامعات.

وتدير الوزارة حوالي مئة ألف مدرسة عامة و34 ألف مدرسة خاصة في الولايات المتحدة، على الرغم من أن أكثر من 85% من تمويل المدارس العامة يأتي من الحكومات المحلية والولايات.

كما تقدم الوزارة منحًا فيدرالية للمدارس والبرامج المحتاجة، بما في ذلك الأموال لدفع رواتب معلمي الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وتمويل برامج الفنون، واستبدال البنية التحتية القديمة.

كما تشرف الوزارة على قروض الطلاب التي تبلغ قيمتها 1.6 تريليون دولار والتي يحصل عليها عشرات الملايين من الأميركيين الذين لا يستطيعون دفع تكاليف الجامعات بشكل كامل.

من ناحية أخرى، أشادت الجماعات المحافظة بهذه الخطوة باعتبارها "إجراء طال انتظاره لإعادة تأكيد السيطرة المحلية على الفصول الدراسية الأميركية".

لكنهم أقروا أن مهمة تقليص حجم الوزارة لن تكون سهلة.