ترامب قال إنه سيتخذ إجراءات لحماية الأميركيين من الأجانب- أرشيفية
ترامب قال إنه سيتخذ إجراءات لحماية الأميركيين من الأجانب- أرشيفية

ذكرت وكالة رويترز نقلا عن مصادر "مطلعة" ووثيقة داخلية أن إدارة الرئيس الأميركي تدرس فرض قيود سفر واسعة على مواطني عشرات الدول في إطار حظر سفر جديد.

وقال مسؤول أميركي للوكالة تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته إن القائمة قد تتغير، كما أنها في انتظار موافقة الإدارة بما في ذلك وزير الخارجية ماركو روبيو.


وتقسم هذه الدول إلى "قائمة حمراء" تضم 11 دولة سيحظر دخول مواطنيها إلى الولايات المتحدة بشكل قاطع. وهذه الدول هي كل من أفغانستان، بوتان، كوبا، إيران، ليبيا، كوريا الشمالية، الصومال، السودان، سوريا، فنزويلا، واليمن.

وتضمنت المسودة، التي كشفت عنها صحيفة نيويورك تايمز، "قائمة برتقالية" تضم 10 دول ستخضع لقيود على السفر لكن لن يتم قطع الاتصال بها بشكل كامل. وشملت هذه القائمة دولا مثل بيلاروس، وإريتريا، وميانمار، وباكستان، وروسيا، وجنوب السودان، وتركمانستان.

وفي هذه الحالة، يسمح للمسافرين الأثرياء من رجال الأعمال بالدخول، لكن ليس لأولئك الذين يسافرون بتأشيرات هجرة أو سياحة. 

وسيخضع المواطنون المدرجون في تلك القائمة أيضا لإجراء مقابلات شخصية إلزامية للحصول على تأشيرة.

وتضم "قائمة صفراء" من 22 دولة سيكون أمامها 60 يوما لتصحيح أوجه القصور، مع تهديد بنقلها إلى إحدى القوائم الأخرى إذا لم تمتثل. 

ومن هذه الثغرات، الفشل في مشاركة المعلومات مع الولايات المتحدة بشأن المسافرين القادمين، أو عدم اتخاذ إجراءات أمنية كافية في إصدار جوازات السفر، أو بيع الجنسية لأشخاص من دول محظورة.

وفرض ترامب عقوبات على بعض الدول المدرجة في مسودة القائمتين الحمراء والبرتقالية خلال فترة ولايته الأولى، لكن العديد في القائمة الجديدة المفترضة دول جديدة. 

ومع ذلك، تقول نيويورك تايمز إنها يشترك بعضها في خصائص القوائم السابقة، فهي عموما ذات أغلبية مسلمة أو من أصول غير بيضاء، وفقيرة، وحكوماتها ضعيفة أو فاسدة.


وعندما تولى ترامب منصبه في 20 يناير، أصدر أمرا تنفيذيا يُلزم وزارة الخارجية بتحديد الدول "التي تكون معلومات التدقيق والفحص الخاصة بها ناقصة لدرجة تستدعي تعليقا جزئيا أو كليا لقبول مواطنيها".

ومنح وزارة الخارجية مهلة 60 يومًا لإعداد تقرير يتضمن تلك القائمة للبيت الأبيض، ما يعني أنه من المقرر تقديمه الأسبوع المقبل.

وجاء في الأمر التنفيذي أنه يتخذ هذه الإجراءت "بموجب السلطة المخولة لي كرئيس بموجب دستور وقوانين الولايات المتحدة، بما في ذلك قانون الهجرة والجنسية/ الباب الثامن".

والباب الثامن من قانون الهجرة والجنسية يشمل مجموعة واسعة من المواضيع المتعلقة بالهجرة، مثل دخول الأجانب ومتطلبات التأشيرات والهجرة المختلفة، ويُحدد أسباب عدم قبول دخول الأجانب، وإجراءات الترحيل.

ويشرح القانون الأسباب التي تجعل الشخص غير مؤهلا لدخول الويلات المتحدة، ومنها أسباب صحية مثل الأمراض المُعدية، وعدم الحصول على التطعيمات اللازمة، وإدمان المخدرات، وارتكاب جرائم مخلة بالشرف، وجرائم المخدرات، والاتجار بالبشر، وغسل الأموال.

ويشير القانون أيضا إلى المخاوف الأمنية، في ما يتعلق بالأنشطة الإرهابية، والتجسس، وأعمال التخريب، والمخاوف من أن يعتمد الشخص على المعونات التي تقدمها الحكومة.

ويشير كذلك إلى الاحتيال من خلال تقديم الشخص معلومات كاذبة في طلبات الهجرة، أو تواجده سابقا بشكل غير قانوني أو تم ترحيله بشكل غير قانوني.

وقال ترامب في الأمر إنه سيتخذ إجراءات لحماية المواطنين الأميركيين "من الأجانب الذين ينوون ارتكاب هجمات إرهابية أو تهديد أمننا القومي أو تبني أيديولوجيات كراهية أو استغلال قوانين الهجرة لأغراض خبيثة".

وأضاف أنه "لحماية الأميركيين، يجب على الولايات المتحدة أن تكون يقظة أثناء عملية إصدار التأشيرات لضمان قيام الأجانب الذين تمت الموافقة على دخولهم إلى الولايات المتحدة الإضرار بالأميركيين أو بمصالحنا الوطنية".

وتابع "ويجب على الولايات المتحدة تحديد هوياتهم قبل قبولهم أو دخولهم إليها. ويجب عليها أيضا ضمان ألا يحمل الأجانب المقبولون، أو الموجودون أصلا في الولايات المتحدة، مواقف عدائية تجاه مواطنيها أو ثقافتها أو حكومتها أو مؤسساتها أو مبادئها التأسيسية، وألا يدافعوا عن إرهابيين أجانب مصنفين أو يدعموهم أو يساندوهم، أو أي تهديدات أخرى لأمننا القومي".

ووجه الأمر وزير الخارجية باستخدام الموارد لفحص جميع الأجانب الساعين إلى دخول البلاد، أو الموجودين بالفعل فيها، "إلى أقصى حد ممكن... خاصة القادمين من مناطق أو دول تُعرف بمخاطر أمنية".

ووجه أيضا بتحديد المعلومات اللازمة من أي دولة للبت في أي تأشيرة أو قبول أي منفعة أخرى بموجب قانون الهجرة والجنسية لأحد مواطنيها، والتأكد مما إذا كان الشخص الذي يطلب المنفعة هو الشخص المقصود، وأنه لا يُشكل تهديدا للأمن أو السلامة العامة".

وفي غضون 60 يوما من تاريخ هذا الأمر، يُقدم وزير الخارجية، وويزر العدل، ووزير الأمن الداخلي، ومدير الاستخبارات الوطنية، تقريرًا مشتركًا إلى الرئيس، من خلال مساعد الرئيس لشؤون الأمن الداخلي.

وكانت وزارة الخارجية صرحت سابقا بأنها تتبع أمر ترامب وأنها "ملتزمة بحماية أمتنا ومواطنيها من خلال الالتزام بأعلى معايير الأمن القومي والسلامة العامة من خلال عملية منح التأشيرات".

الطبقة العاملة الأميركية

لطالما كانت الطبقة العاملة الأميركية عماد اليسار في عهد "الصفقة الجديدة،" وقوة لا يستهان بها في مرحلة ما بعد الحرب العالمية بفضل النقابات. أما اليوم، فهي تميل بشكل متسارع نحو اليمين. 

في انتخابات 2024، فاز دونالد ترامب مجددا بولايات بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن، بفضل دعم قوي من ناخبي الطبقة العاملة، كثيرون منهم سبق أن صوّتوا لباراك أوباما وجو بايدن.

في 2012، فاز أوباما بأصوات الطبقة العاملة. في 2016، خسرتها هيلاري كلينتون بفارق 7 نقاط. وضيّق بايدن الفجوة في 2020. لكن في 2024، خسرت كامالا هاريس هؤلاء الناخبين بـ13 نقطة على المستوى الوطني، و17 نقطة في ولاية بنسلفانيا وحدها.

هذا التحول وحده كان كافيا لإعادة ترامب إلى البيت الأبيض.

فما الذي تغيّر؟

هل هو الاقتصاد؟ العولمة؟ الحروب الثقافية؟ أم شيء أعمق من ذلك؟

بحسب الباحث في شؤون العمل الدكتور بول أف. كلارك، واستنادًا إلى بيانات جديدة من استطلاعات الخروج من مراكز الاقتراع وتحليل الحملات الانتخابية، فإن هذا التحول لا يرتبط فقط بفقدان الوظائف أو اتفاقيات التجارة الحرة، بل بثقافة وهوية واغتراب متزايد.

في هذا التقرير التفسيري، نحلل ما جرى من خلال نتائج ناخبي الطبقة العاملة في بنسلفانيا، الولاية الأكثر حسما في انتخابات 2024.

أولا: "إنه الاقتصاد، يا غبي"

لنبدأ من الاقتصاد، لأنه بالنسبة لكثير من ناخبي الطبقة العاملة، لا يزال على رأس الأولويات.

في انتخابات 2024، قال 37٪ من ناخبي بنسلفانيا إن الاقتصاد هو القضية الأهم، وفضّل 53٪ منهم ترامب على هاريس لمعالجته. وعلى الصعيد الوطني، اعتبر 31٪ من الناخبين أن الاقتصاد هو شغلهم الشاغل. ومن بين من شعروا بأن أوضاعهم المالية أسوأ مما كانت عليه قبل عام، وهي شريحة شكّلت نحو 40٪ من ناخبي بنسلفانيا، تصدّر ترامب المشهد.

وركزت حملة هاريس على الإعفاءات الضريبية، ووضع سقف لأسعار الأدوية، وتوفير سكن ميسور التكلفة، لكن لا يبدو أن الرسالة وصلت كما يجب. كثير من الناخبين لم يشعروا بأن هذه السياسات تُحدث فرقًا ملموسًا في حياتهم اليومية، لا سيما في ظل قلق متزايد بشأن الأجور، والتضخم، وأمن الوظائف.

في المقابل، قدّم ترامب خطابا اقتصاديا يرتكز إلى "النوستالجيا": عودة الدولار الأضعف، والأسعار الأرخص، وانتعاش ما قبل كوفيد، مع تسليط الضوء... على سعر البيض!

الثقافة تتفوّق على الطبقة

قد يفاجئ البعض أن الانتخابات لم تكن، بالنسبة لكثير من الناخبين، مجرد حسابات اقتصادية، بل هي مواجهة ثقافية بامتياز.

يؤكد الدكتور كلارك أن القضية الأكثر تأثيرًا في تصويت الطبقة العاملة عام 2024 لم تكن البطالة أو التضخم... بل حقوق المتحوّلين جنسيًا.

"عندما يكبر الإنسان في عالم يُعرّف فيه الرجل كرجل والمرأة كامرأة، ثم يرى هذا الواقع يُقلب رأسًا على عقب، فإن ذلك يبعث على القلق. لا سيما لدى الناخبين الريفيين المحافظين،" يقول كلارك.

من أصل 993 مليون دولار صُرفت على إعلانات الحملات، خُصص 222 مليون دولار لموضوع المتحوّلين. الإعلانات صوّرتهم بشكل مبالغ فيه، ووصفت هاريس بأنها تدفع نحو "سياسات التي/هو"، بينما قُدّم ترامب كحام للقيم التقليدية.
والنتيجة؟ فعّالية ملموسة: ازداد دعم ترامب بـ2.7 نقطة مئوية بين من شاهدوا تلك الإعلانات.

بالإضافة إلى ذلك، يرى العديد من ناخبي الطبقة العاملة أن ترامب ليس فقط كحامٍ ضد "التحول الجنسي"، بل أيضًا كمدافع عن قيمهم مثل الأسرة التقليدية، والفخر الوطني، والإيمان.

أين كانت النقابات؟

لطالما شكّلت النقابات ركيزة للديمقراطيين، خاصة في ولايات متأرجحة كـ بنسلفانيا. لكن في 2024، اتسعت الفجوة بين العاملين المنضوين في نقابات وغير المنضوين.

لنفصّل قليلاً.

فازت هاريس بأصوات الأسر النقابية في بنسلفانيا بفارق 12 نقطة (56% مقابل 44%)، وهو تحسن كبير مقارنة ببايدن الذي خسر هذه المجموعة لصالح ترامب في 2020.

ما الذي تغيّر؟

عملت النقابات بأقصى طاقتها. 

بحسب AFL-CIO، شهدت انتخابات 2024 أكبر تعبئة تقودها نقابات في تاريخ أميركا. طرقوا الأبواب، وأرسلوا ملايين الرسائل، وأداروا خطوط الاتصال، واستقدموا كذلك متطوعين من ولايات مجاورة لدعم بنسلفانيا.

قادت منظمة UNITE HERE أكبر حملة ميدانية عمالية مستقلة، مستهدفة السود واللاتينيين في فيلادلفيا وضواحيها.
وكان لذلك أثر واضح.

لكن، هناك مشكلة: من ينتمون إلى النقابات لم يعودوا يشكّلون الأغلبية داخل الطبقة العاملة. والغالبية الخارجة عن هذه المنظومة هم من يخسرهم الديمقراطيون.

بين هؤلاء، لا سيما غير الحاصلين على شهادات جامعية، اكتسح ترامب: 58% مقابل 41% في بنسلفانيا. هذه الفجوة البالغة 17 نقطة كانت كافية لتفسير تقدّمه على مستوى الولاية.

لماذا هذا الانقسام؟

يشرح الدكتور كلارك: "النقابات بارعة في توعية أعضائها بشأن الانتخابات. تشرح لهم ما هو على المحك، وتوضح كيف تؤثر السياسات الاقتصادية في حياتهم".

أما خارج النقابات، فلا وجود للتوعية. لا منشورات، لا طرق على الأبواب. وفي هذا الفراغ، تتسلل رسائل الجمهوريين، عن الهجرة والمتحوّلين و"النخبة المستيقظة،" بلا مقاومة.

وما يزيد الطين بلة، أن النقابات تتجنّب عادة الخوض في القضايا الاجتماعية الشائكة. هي تركّز على الاقتصاد، الأجور، الرعاية الصحية، والسلامة. لذا، فإن من يضع قضايا مثل السلاح أو المتحوّلين على رأس أولوياته، قد لا يهتم كثيرًا بتوصية النقابة.

إخفاق هاريس

ما الذي حدث مع كامالا هاريس؟

الجواب: الكثير.

أولا، كانت نسبة المشاركة أقل بكثير من المتوقع.

ثم كانت هناك قضية الهجرة، التي لم تلقَ صدى لدى العديد من الناخبين من الطبقة العاملة، خاصة عندما شاهدوا مقاطع فيديو تُظهر الفوضى على الحدود الجنوبية، إلى جانب العديد من الادعاءات التي صوّرت المهاجرين كمجرمين، بل والأغرب من ذلك، كمسيئين للحيوانات الأليفة.

لم تقدم إدارة بايدن-هاريس بديلا واضحا ومتماسكا. وبدلا من ذلك، تجنبت الحملة الديمقراطية إلى حد كبير تناول القضية، مما ترك فراغا ملأه ترامب بالخوف.

لماذا لم يرد الديمقراطيون؟

الجواب باختصار : تجنّبوا التصعيد. 

رأوا أن التركيز على حقوق الإجهاض، والاقتصاد، والديمقراطية أكثر أمانا. لكن بعدم مواجهتهم للحملات الثقافية، تركوا المجال مفتوحا لروايات الجمهوريين.

كما قال كلارك:

"ما لا تعرفه قد يخيفك. وإذا كان المصدر الوحيد لمعلوماتك عن قضايا مثل المتحوّلين أو الهجرة هو فوكس نيوز والإعلانات السياسية، فمن الطبيعي أن تتوقع الأسوأ".

الخلاصة: تحوّل حقيقي

التحول اليميني في صفوف الطبقة العاملة ليس عارضًا، بل هو جزء من إعادة تموضع أعمق.

انعدام الأمان الاقتصادي، والقلق الثقافي، والإحساس بالتهميش من قبل المؤسسات الليبرالية... كل ذلك أعاد رسم الخريطة السياسية. وترامب يخاطب هذا الاغتراب، حتى لو لم تكن سياساته تخدم ناخبيه مباشرة.

وما لم يتمكن الديمقراطيون من سد الفجوة الثقافية مع الحفاظ على أجندتهم الاقتصادية، فإنهم يخاطرون بخسارة هذه الفئة إلى الأبد.

كما خلص تقرير لـ"بروكينغز":

"بنسلفانيا تمثل التحدي الوطني للديمقراطيين. إن عجزوا عن فهمها، فلن يستطيعوا كسب أميركا".