تتوالى تبعات القرار الأميركي بفرض رسوم جمركية على دول حول العالم، فهناك عشرات البلدان التي قررت التفاوض مع الإدارة الأميركية، فيما أصرت أخرى، مثل الصين على سبيل المثال، على "القتال حتى النهاية"، في أحدث رد فعل ينبئ بصعوبة المرحلة المقبلة.
وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسينت، قال في تصريحات تلفزيونية مساء الإثنين، إن "ما بين 50 إلى 70 دولة تواصلت مع واشنطن للتفاوض" بشأن الرسوم الجمركية الجديدة، في محاولة لتفادي حرب تجارية عالمية.
وأوضح في مقابلة مع قناة "فوكس بيزنس"، أن الرئيس دونالد ترامب "يعرف كيف يمنح نفسه أقصى قدر من النفوذ"، مضيفا أن "الإدارة أعطت الدول مهلة بعد إعلان الرسوم في الثاني من أبريل لتفكر في خطواتها قبل التفاوض".
وقال ترامب إن الرسوم الجمركية -التي تبلغ 10 بالمئة كحد أدنى على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة مع نسب تستهدف اقتصادات بعينها تصل إلى 50 بالمئة- من شأنها أن تساعد الولايات المتحدة على استعادة قاعدتها الصناعية التي يقول إنها تراجعت بفعل تحرير التجارة لعقود.
وكان الرئيس العائد إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، قد اعتبر أن إعلان الثاني من أبريل سيكون "يوم تحرير" الاقتصاد الأميركي.
ونرصد في السطور التالية كيف ردت دول العالم على القرار الأميركي:
إسرائيل
الإثنين، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أول قائد عالمي يبحث مسألة الرسوم الجمركية مع ترامب في البيت الأبيض.
ووعد نتانياهو بالقضاء على الفائض التجاري الإسرائيلي مع الولايات المتحدة، وقال: "نعتزم تنفيذ ذلك بسرعة كبيرة.. نعتقد بأن هذا هو الشيء الصحيح الذي يجب القيام به، وسنزيل أيضا الحواجز التجارية".
والولايات المتحدة، هي أقرب حليف لإسرائيل وأكبر شريك تجاري لها، وسجلت العام الماضي عجزا في تجارة السلع مع إسرائيل بقيمة 7.4 مليار دولار.
وبموجب سياسة ترامب الجديدة، تُفرض رسوم جمركية أميركية بنسبة 17 بالمئة على السلع الإسرائيلية.
الصين
بعد تهديد ترامب الليلة الماضية، بفرض رسوم إضافية بقيمة 50 بالمئة حال لم تتراجع الصين عن رسوم مضادة فرضتها بعد التعريفات الأميركية الجديدة، تعهدت بكين بـ"القتال حتى النهاية".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، في إفادة صحفية الثلاثاء، إن بكين "ستستمر في اتخاذ إجراءات حازمة وقوية لحماية حقها المشروع في التنمية".
وأضاف أن الصين "ستقاتل حتى النهاية إذا أصرت الولايات المتحدة على شن حرب تجارية وحرب رسوم جمركية".
وأصبحت الصين في 4 أبريل، أول دولة ترد بالمثل على الرسوم الجمركية التي أصدرها ترامب الأسبوع الماضي، حيث فرضت تعريفة جمركية بنسبة 34 بالمئة على السلع الأميركية.
وكانت بكين قد فرضت في فبراير رسومًا بنسبة 15 بالمئة على واردات الفحم والغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، و10 بالمئة على النفط الخام والآلات الزراعية والسيارات ذات المحركات الكبيرة، ردًا على أمر تنفيذي أصدره ترامب بفرض تعريفة جمركية إضافية بنسبة 10 بالمئة على الصين.
وبحلول 18 مارس، فرضت بكين رسومًا جمركية بنسبة 10 إلى 15 بالمئة على منتجات أميركية بقيمة 21 مليار دولار، بما في ذلك لحم الخنزير والدجاج وفول الصويا ومنتجات زراعية أخرى، ردًا على رسوم أميركية إضافية على جميع صادرات الصين.
اليابان
وزير الخزانة الأميركي، بيسينت، قال في مقابلته التلفزيونية، الإثنين، إن اليابان كانت من أولى الدول التي أبدت رغبتها في التفاوض.
وأضاف أنه إلى جانب الممثل التجاري الأميركي جيمسون غرير، سيقود المحادثات مع طوكيو، مشيراً إلى أن "الرئيس ترامب سيكون منخرطا بشكل مباشر" في المفاوضات.
وقال بيسينت إن "أشهر أبريل ومايو، وربما حتى يونيو، ستكون مزدحمة للغاية" بسبب المفاوضات، موضحا أن بعض الدول أبدت استعدادها للتراجع عن "الرسوم الجمركية الخاصة بها، وإزالة الحواجز غير الجمركية، ووقف التلاعب بأسعار الصرف".
من جانبه، قال المتحدث باسم الحكومة اليابانية، الثلاثاء، إن وزير الاقتصاد ريوسي أكازاوا، تم تعيينه مفاوضا تجاريا مع الولايات المتحدة.
وقال كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، يوشيماسا هاياشي، في مؤتمر صحفي، إن المناقشات الثنائية بشأن تحركات سعر الصرف ستستمر تحت إشراف وزير المالية الياباني ووزير الخزانة الأميركي، وفق رويترز.
وقال رئيس الوزراء الياباني، شيجيرو إيشيبا، إنه يدرس زيارة الولايات المتحدة مرة أخرى لإجراء محادثات مع الرئيس ترامب "في التوقيت الأكثر ملاءمة" مع التركيز على تحقيق تقدم في المحادثات على المستوى الوزاري.
يأتي هذا التعيين بعد أن اتفق إيشيبا وترامب على بدء مناقشات ثنائية بشأن الرسوم الجمركية في اجتماع هاتفي، الإثنين.
كندا
وصل متوسط التعريفات الجمركية الأساسية بين البلدين 3.8 بالمئة، قبل ولاية ترامب الثانية.
وخضعت نسبة كبيرة من التجارة بين الولايات المتحدة وكندا للإعفاء من التعريفات الجمركية بفضل اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، التي توسطت فيها الدول الثلاث خلال ولاية ترامب الأولى، لتحل محل اتفاقيات التجارة الحرة التي كانت سارية لعقود.
والخميس، قال رئيس الوزراء الكندي، مارك كارني، إن بلاده ستعادل تعريفات ترامب البالغة 25 بالمئة على السيارات، بتعريفات جمركية على بعض المركبات أميركية الصنع.
ورغم توقيت هذه الخطوة، فإنها كانت ردًا على إجراءات سابقة، وليس على التعريفات الأميركية واسعة النطاق التي أُعلن عنها، الأربعاء.
ففي 4 مارس، فرضت كندا تعريفات جمركية بنسبة 25 بالمئة على سلع أميركية تُقدر قيمتها بنحو 21 مليار دولار.
وتبع ذلك في 12 مارس، فرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على سلع أميركية بقيمة 20.7 مليار دولار، ردًا على قرار الولايات المتحدة رفع الرسوم الجمركية على جميع واردات الصلب والألومنيوم إلى 25 بالمئة.
وتستهدف الرسوم الجمركية الكندية منتجات فولاذية بقيمة 8.7 مليار دولار تقريبًا، ومنتجات ألمنيوم بقيمة 2.08 مليار دولار، ومنتجات أخرى بقيمة 9.85 مليار دولار.
الاتحاد الأوروبي
اقترحت المفوضية الأوروبية فرض رسوم جمركية مضادة بنسبة 25 بالمئة على مجموعة من السلع الأميركية، مثل فول الصويا والمكسرات والنقانق، لكنها تستبعد سلعا أخرى من القائمة، وفق وثيقة اطلعت عليها رويترز.
وقال مسؤولون إنهم مستعدون للتفاوض على اتفاق "صفر مقابل صفر" مع إدارة ترامب.
كما صرح مفوض التجارة بالاتحاد الأوروبي، ماروش شفتشوفيتش، في مؤتمر صحفي: "عاجلا أم آجلا، سنجلس على طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة، ونتوصل إلى تسوية مقبولة للطرفين".
ويُعاني الاتحاد الأوروبي، المؤلف من 27 دولة، من الرسوم الجمركية المفروضة على السيارات والمعادن. ويواجه رسوما جمركية تبلغ 20 بالمئة على منتجات أخرى.
كما هدد ترامب بفرض رسوم جمركية على المشروبات الكحولية المُستوردة من الاتحاد الأوروبي.
المكسيك
لم تتأثر المكسيك بعاصفة الرسوم الجمركية، لكنها لا تزال متأثرة بالرسوم الجمركية العالمية على منتجات الصلب والألمنيوم التي أُعلن عنها في مارس، بالإضافة إلى الرسوم الجمركية البالغة 25 بالمئة على قطع غيار السيارات غير المصنعة في الولايات المتحدة، والرسوم الجمركية البالغة 25 بالمئة على السلع غير المتوافقة مع اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، التي وقّعها ترامب في ولايته الأولى.
والخميس، صرحت الرئيسة المكسيكية، كلوديا شينباوم: "لقد حظيت المكسيك بالاحترام، من الولايات المتحدة والعالم أجمع".
فيتنام
من بين الدول التي تواصلت مع الولايات المتحدة من أجل التفاوض بعد الرسوم الجمركية التي أعلنتها واشنطن، وفق ما ذكرت وكالة بلومبرغ بوقت سابق هذا الأسبوع.
ذكرت الوكالة أن رئيس فيتنام، تو لام، بعث برسالة إلى ترامب، الأسبوع الماضي، يعرض فيها إلغاء جميع الرسوم الجمركية على الواردات الأميركية.
وتضمنت الرسالة طلبًا من الولايات المتحدة بتأجيل الرسوم الجمركية البالغة 46 بالمئة المفروضة على فيتنام، لمدة 45 يومًا على الأقل.
وصرح ترامب على مواقع التواصل الاجتماعي، بأنه تحدث إلى لام وأشار إلى "انفتاحه" على إجراء المزيد من المفاوضات.
وبرزت فيتنام كقاعدة تصنيع رئيسية لمختلف السلع - من الأحذية الرياضية إلى الإلكترونيات الاستهلاكية - للشركات التي تسعى إلى نقل إنتاجها بعيدًا عن الصين، وسط التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.

تايوان
أعلن رئيس تايوان، لاي تشينغ تي، أنه دخل في مفاوضات مع الولايات المتحدة، وعرض إلغاء الرسوم الجمركية على المنتجات الأميركية كأساس لتلك المفاوضات.
وكانت واشنطن قد فرضت على تايوان رسوما جمركية بنسبة 32 بالمئة، في وقت تعد تايوان فيه أحد أهم شركاء التجاريين للولايات المتحدة.
ووعد لاي في خطاب، الأحد، بزيادة استثمارات الشركات التايوانية في الولايات المتحدة.
ووفق صحيفة "واشنطن بوست"، لا تؤثر الرسوم الجمركية الجديدة على قطاع أشباه الموصلات، وهو قطاع تُهيمن عليه تايوان، حيث تُنتج 90 بالمئة من أكثر الرقائق تطورًا في العالم.
وكانت شركة "تي إس إم سي" التايوانية العملاقة في مجال الرقائق، قد أعلنت الشهر الماضي، عن استثمار بقيمة 100 مليار دولار في عملياتها التصنيعية في أريزونا، وهو ما وصفته إدارة ترامب بأنه "أكبر استثمار أجنبي مباشر في تاريخ الولايات المتحدة".