وصل نوع جديد من الحمى القلاعية (مرض فيروسي) إلى العراق للمرة الأولى، وهو شديد العدوى والإصابة، ويهدد الجواميس، وفقا لتقرير مطول أعدته فرانس برس.
وتولى الراعي، سعدون رومي، تطعيم ماشيته لحمايتها من مرض الحمى القلاعية، ليضمن إنتاج الحليب، لكن هذا المرض الفيروسي الذي أصاب مواشي في شمال العراق، أتى على خمسة من جواميسه الخمسة عشر، بسبب عترة وصلت للمرة الأولى إلى البلاد.
وتتم مراقبة مرض الحمى القلاعية الموجود في العراق منذ عقود عن كثب، بسبب انتقاله السريع وتأثيره الاقتصادي المدمر، لكن هذا العام يتميز بشدة الإصابات غير المسبوقة منذ سنوات في البلاد، وفقا للوحدات البيطرية في محافظة نينوى في الشمال.
وحددت تحاليل عينات أرسلت إلى تركيا المجاورة سلالة "SAT2" التي لم يسبق أن أبلغ عن وجودها في العراق، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو).
واللقاحات المستخدمة في العراق لا تقي من هذا الفيروس المتحور، لذا يتعين على السلطات الحصول على اللقاح المناسب لوقف انتشاره.
ويقول رومي, البالغ من العمر 26 سنة، وهو مربي جواميس من بلدة بادوش القريبة من الموصل "هذا المرض أصاب الحيوانات في السابق لكن هذا العام الإصابات أكبر وأوسع".
ويؤكد هذا الشاب أن "كل يوم هناك 20 إلى 25 حالة في القرية".
وفي فناء منزله يعتني بجواميسه وبينها واحدة جاثية على الأرض تأكل العلف بضعف لأنها مصابة بالفيروس بعدما نفقت خمسة جواميس أخرى من قطيعه. وكانت كل جواميسه خضعت للتطعيم خلال حملة نفذتها السلطات عام 2021.
يرى هذا الشاب أن اللقاحات التي استخدمت غير فاعلة، وقال "مرض الحمى القلاعية دمر الماشية".
وبين هذا المرض وارتفاع أسعار الأعلاف الذي دفع بالمربين إلى تقليل كميات أكل الحيوانات، انخفض إلى النصف إنتاج الحليب في مزرعة هذا الرجل المسؤول عن أربعة أطفال.
ويقول "الجاموس الواحد حاليا لا يدر 25 كيلوغراما من الحليب في اليوم الواحد، بعدما كان قبل الإصابة يدر برميلا كاملا (50 كيلوغراما)".
معدل وفيات مرتفع
وفي حين لا يشكل مرض الحمى القلاعية "تهديدا مباشرا لصحة الإنسان"، فإنه شديد العدوى للماشية من جواميس وأغنام وماعز وغيرها، وفقا للفاو.
ويتميز بظهور تقرحات بالفم وعلى الأغشية المخاطية للفم والأنف والثدي وعلى المخالب.
وتفيد المنظمة الأممية أن "المرض يستطيع أن يسبب نسبة نفوق عالية في الحيوانات الحديثة الولادة والعهد، وتقليل الوزن كثيرا، وخفض ناتج الحليب ومعدلات الخصوبة للتكاثر".
وحذرت المنظمة من أن "الحيوانات المصابة بالمرض تبيت بالغة الضعف بحيث تعجز عن عزق التربة أو أداء مهمات الجر للحصاد. ولا يصبح بوسع المزارعين بيع الحليب الذي ينتجونه نظرا لخطر العدوى بالفيروس، مما يقوض أمنهم الغذائي".
ويقر مدير المستشفى البيطري في نينوى، عدي العبادي، بأن "المرض ليس بجديد بل هو مستوطن في نينوى والعراق ويظهر في موجات متقطعة". لكنه يؤكد "هذا العام الإصابات شديدة وعددها بالمئات" في نينوى مقارنة بعشرات الحالات في السنوات الماضية.
ويوضح الطبيب البيطري أن مئة رأس ماشية تقريبا نفقت بسبب عدد الإصابات الكبير.
ويشير إلى أن آخر تفش بهذا الحجم يعود إلى عام 1998.
ويقول إنه طلب من بغداد إرسال شحنة "طارئة" من اللقاحات إلى نينوى، موضحا أن المنطقة لم تتسلم من السلطات المركزية أي شيء خلال عام 2022، ومع ذلك من الممكن شراء اللقاحات محليا من القطاع الخاص.
منع الوباء
ويؤكد، بلو الرومي، والد سعدون، البالغ 90 عاما "تأثرت حيواناتنا كثيرا نتيجة المرض".
ويقول "عندما يصيب مرض الحمى القلاعية الحيوان بالكاد تحمله أقدامه وحليبه يفسد". وقد نفق واحد من قطيعه المكون من 20 جاموسا.
ويقول، خالد شلاش، مساعد ممثل الفاو في العراق لوكالة فرانس برس إنه بعد أخذ 12 عينة من نينوى وبغداد وديالى (وسط)، سمحت التحاليل المخبرية بتحديد العترة SAT2 في إشارة إلى مناطق في جنوب أفريقيا ينتشر فيها.
ويشير إلى أن "هذه العترة لم تكن موجودة في العراق ولم يتم استخدام اللقاح ضدها سابقا".
ويوضح المسؤول أنه للحد من انتشار المرض، تقوم السلطات بحملات تطهير وتعقيم وفرض قيود على حركة الحيوانات، مضيفا أن خبراء الفاو يقدمون خبراتهم لدعم الجهود الحكومية.
ويؤكد شلاش أن الأولوية للعراق الآن هي أن يحدد مختبر متخصص يتعاون مع منظمة الفاو في بريطانيا، اللقاح الأنسب، قبل أن تتمكن بغداد من إيجاد منتج للحصول على أكثر من تسعة ملايين جرعة.
ولا تزال الوحدات البيطرية في العراق تسعى لمعرفة "من أين وكيف وصل هذا الفيروس إلى العراق".