الاحتباس الحراري يرفع درجات الحرارة على الأرض. أرشيفية - تعبيرية
الاحتباس الحراري يرفع درجات الحرارة على الأرض. أرشيفية - تعبيرية

رغم مخاطر الاحتباس الحراري بزيادة درجات الحرارة، فهو قد يؤدي إلى جعل درجات الحرارة "أقل فتكا"، بحسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست نقلا عن دراسة نشرتها مجلة لانسيت العلمية.

ووجد العلماء بحسب الدراسة أن ارتفاع درجات الحرارة قد يكون قاتلا، ولكن البرد أكثر "فتكا"، إذ مقابل كل حالة وفاة مرتبطة بالحرارة هناك تسعة وفيات مرتبطة بالبرد.

وخلال العقدين الماضيين، زادت درجة حرارة العالم بنحو 0.9 فهرنهايت، فيما بلغ عدد الوفيات المرتبطة بدرجات الحرارة بالمجمل حوالي 650 ألف شخص، ونحو 90 في المئة منها مرتبطة بالبرد.

وقال مؤلفو الدراسة "إن النتائج تشير إلى أن الاحترار العالمي قد يقلل بشكل طفيف الوفيات المرتبطة بدرجات الحرارة على المدى القصير".

ويجادل تقرير الصحيفة بأن ما توصلت إليه هذه الدراسة فتح الباب أمام فرضية "إذا كانت البرودة أكثر فتكا من الحرارة، والأرض تزداد سخونة، فقد ينقذ الاحتباس الحراري الأرواح".

ويوضح التقرير أن الدراسة اعتمدت على بيانات 20 عاما فقط، فيما يطلب من العلماء الاعتماد على بيانات 30 عاما على الأقل لاستخلاص الاستنتاجات حول تغير المناخ، ما قد يجعل من تقديرات بياناتها "غير دقيقة".

ويشير إلى أن التوقعات بأن ارتفاع درجة حرارة الكوكب قد يعني تحسن الطقس في مناطق شمال العالم، والتي أغلبها من الدول الغنية، حيث يمكن للناس الإنفاق على حماية أنفسهم من برودة الطقس، ولكن آثار زيادة درجات الحرارة قد تكون عقابا على المناطق الدافئة والأقل ثراء، والتي قد تؤدي إلى تغيير المعادلة بزيادة أعداد الوفيات من الحرارة المرتفعة.

واستشهد التقرير بدراسة نشرتها مجلة أكسفورد الفصلية في نوفمبر 2022، والتي توصلت إلى "أنه من المتوقع أن يظل معدل الوفيات المرتبطة بدرجات الحرارة في جميع أنحاء العالم على حاله تقريبا، ولكن هناك تباين جغرافي، حيث تعاني البلدان الأكثر سخونة والأكثر فقرا".

وذكر أن العديد من الدراسات التي تتنبأ بوفيات بسبب درجات الحرارة في المستقبل لا تأخذ في الحسبان "التكيف"، ليس لأنهم لا يعتقدون أن البشر سيتكيفون، ولكن لصعوبة قياسه.

ويرجح خبراء الأمم المتحدة أن العالم يتجه نحو احترار يتراوح بين 2.1 و2.9 درجة مئوية، لكن خبراء من خارج الهيئة الأممية يحذرون من أن الرقم أعلى بكثير، مع تسجيل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العام 2021 رقما قياسيا جديدا على الرغم من الجهود المبذولة للتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، بحسب تقرير سابق لوكالة فرانس برس.

الفيضانات قتلت الآلاف في درنة الليبية
الفيضانات قتلت آلاف الأشخاص في درنة الليبية سبتمبر 2023.

تداولت أوساط مغاربية تكهنات باحتمال تعرض سواحل بعض بلدان المنطقة لتداعيات عاصفة "كيرك" التي ضربت مناطق متفرقة في فرنسا وإسبانيا، الخميس، وأيضا لإعصار "ليزلي" الذي يتشكل حاليا فوق المحيط الأطلسي.

وعبر مدونون في الدول الخمس (موريتانيا، المغرب، الجزائر، تونس وليبيا) عن مخاوف من وصول هذه العواصف إلى مدنهم الساحلية. وزاد من حدة النقاش متابعة كثيرين للتقارير عن الإضرار الذي خلفها إعصار ميلتون في ولاية فلوريدا الأميركية.

وتسبب "كيرك"، الذي تحول من إعصار إلى عاصفة في فيضانات وسيول في مناطق متفرقة من فرنسا، كما خلف خسائر مادية في إسبانيا والبرتغال.

ليزلي

وفي وسط المحيط الأطلسي، يتابع خبراء المناخ مراحل تشكل إعصار استوائي آخر يدعى "ليزلي"، إذ سبق للمرصد الوطني الأميركي للأعاصير أن حذر مؤخرا من سرعته التي قد تزيد عن 120 كيلومترا في الساعة.

 ويتوقع خبراء مناخ أن ينطلق هذا الإعصار من وسط المحيط الأطلسي ليمر قبالة السواحل الموريتانية والمغربية ثم يكمل طريقه في اتجاه شمال غرب أوروبا.

 ويبدأ موسم الأعاصير في حوض الأطلسي مطلع شهر يونيو ويستمر لغاية شهر نوفمبر، ورغم كثرتها واختلاف مستوياتها، إلا أن الكثير من هذه الأعاصير غالبا ما ينتهي في أعالي الأطلسي أو تتحول لعواصف رعدية بعد وصولها إلى السواحل.

ونشر نشطاء في الشبكات الاجتماعية تحذيرات بشأن احتمال تأثّر المنطقة المغاربية بالعاصفتين، ورجح بعضهم أن تظهر تداعياتهما بحلول 20 أكتوبر الجاري.

"غموض"

وتعليقا على تلك المخاوف والتكهنات، استبعد أستاذ علم المناخ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، محمد سعيد قروق، أن تتأثر المنطقة المغاربية بأية أعاصير شبيهة بإعصار ميلتون الذي ضرب فلوريدا في الأيام الماضية.

لكن قروق أوضح في تصريح لـ"أصوات مغاربية" الجمعة، أن هناك غموضا يلف مسار إعصار "ليزلي" المتمركز حاليا وسط المحيط الأطلسي على اعتبار أنه لا يزال في مرحلة التطور.

وأضاف أن "ارتفاع حرارة المحيطات يجعلنا في غموض حول مسارات هذه الأعاصير التي تأخد اتجاهات شمالية شرقية في المحيط الأطلسي، ويبقى أن نستمر في تتبع بدقة مسار هذا الإعصار وتطوراته الطاقية حتى نتمكن من تقييم أثاره على السواحل المغربية والموريتانية، لأن الجزائر وتونس غير معنية بخطره".

على صعيد آخر، أشار الخبير المغربي إلى وجود مخاطر لهذه الأعاصير والعواصف على السواحل المغربية، مؤكدا في الوقت نفسه أن تداعياته لن تتجاوز سقوط الأمطار.

وختم حديثه بالقول إن "كل الظواهر التي نعيشها في السنوات الأخيرة تتميز بالعنف نتيجة ظاهرة الاحترار بحيث أصبحت بعض الأعاصير تتحرك خارج مجالها مقارنة بالسنوات الماضية وهذا ما شاهدناه منذ سبتمبر الماضي بكل من المغرب والجزائر وتونس بظهور عواصف رعدية خلفت أمطارا عنيفة في مجالات صحراوية جافة".

"غير مهددة"

بدوره، قلّل الأستاذ التونسي في الجغرافيا والباحث في المخاطر الطبيعية، عامر بحبة، من احتمال تعرض المنطقة المغاربية لمخاطر نتيجة هذه العواصف.

ويستبعد الخبير في المرصد التونسي للطقس والمناخ، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن يؤثر إعصار "كيرك" على السواحل المغاربية لتراجع قوته وتحوله إلى عاصفة عادية.

أما بالنسبة لإعصار "ليزلي"، فيوضح بحبة أن موقعه محصور في الوقت الراهن بين أفريقيا والكاريبي مستبعدا أن يتخذ شكل إعصار مهدد للسواحل المغاربية.

وقال موضحا "وصف البعض للإعصار بالقوي والمهدد للسواحل المغربية غير صحيح، لأن المعطيات تظهر في الوقت الراهن أنه غير قوي ولا تتجاوز سرعته 83 كيلومترا كما يتوقع أن يضعف وأن يتحول إلى مجرد منخفض جوي".

لكنه في المقابل، أشار الباحث في المخاطر الطبيعية إلى وجود منخفضات جوية في المنطقة المغاربية ورجح أن تسفر في الأيام المقبلة عن سقوط أمطار بكل من الجزائر والمغرب وتونس.

وتوقع أن تصل كميات الأمطار بين 100 و150 ميليمترا في بعض المناطق الشمالية للدول الثلاثة، مع التأكيد أن هذه التوقعات قابلة للتغير.

المصدر: أصوات مغاربية