ديدان ميلورم
مزارع الحشرات تساعد في خفض الانبعاثات الحرارية

جرى، مؤخرا، افتتاح أكبر مزرعة حشرات في العالم بمدينة نيسلي الفرنسية، وهي منشأة عالية التقنية تمتد على مساحة 35 ألف متر مربع، وستنتج 15 ألف طن متري من البروتين من يرقات الذباب كل عام، بحسب تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

وإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، فسيتم في ديسمبر المقبل، تدشين مزرعة تبلغ مساحتها 45 ألف متر مربع خارج مدينة أميان الفرنسية، قادرة على إنتاج أكثر من 100 ألف طن متري من البروتين، من ديدان ميلورم "Mealworm"سنويًا، علما أنه بالإمكان تجاوز هذا الرقم القياسي من خلال مزرعتين من المقرر افتتاحهما في عامي 2024 و2025.

وبحسب خبراء، فإن تلك النوعية من المزارع، تساهم في خفض انبعاثات الدفيئة الناجمة عن الأعلاف الحيوانية، إذ أن ديدان Mealworm تنتج بروتينات تضاف إلى علف الماشية وأغذية الحيوانات الأليفة، والأسمدة.

وتقوم تلك المزارع أيضا بإنتاج كميات كبيرة من حشرات أخرى، مثل بعض أنواع الصراصير ويرقات الذباب، من خلال أحواض بلاستيكية يمكن التحكم بدرجة حرارتها، مصممة لمساعدتها على النمو بسرعة.

ويجرى في تلك المنشآت معالجة براز الحشرات وتحويله إلى سماد، بينما تصبح أجسامها بروتينا وزيوتا غنية بالعناصر المغذية للحيوانات الأليفة والأسماك والماشية.

وتتغذى الحشرات على مخلفات الطعام، التي غالبًا ما يتم توصيلها عبر أنابيب من مزارع قريبة أو مصانع تجهيز الأغذية.

كما تتم رعايتها ليلًا ونهارًا بواسطة بشر وروبوتات تعمل بالذكاء الاصطناعي، التي تحافظ على إنتاج البروتينات على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.

وعلى الرغم من أن البشر كانوا يأكلون الحشرات منذ آلاف السنين وما زال المليارات منهم يفعلون ذلك حتى اليوم، فإن الشركات الناشئة في مجال الحشرات لا تقوم في أغلب الأحيان بتسويق الحشرات للاستهلاك الآدمي.

ويقول العلماء، إنه "إذا تمت تربية الحشرات على مخلفات الطعام، ونمت بالقرب من المزارع أو مصانع تجهيز الأغذية التي ستشتريها في نهاية المطاف، فيمكن أن تصبح مصدرا أكثر استدامة للأعلاف، مثل علف فول الصويا أو مسحوق السمك".

وجمعت الشركات الناشئة في مجال إنتاج الحشرات أكثر من مليار دولار من رأس المال الاستثماري منذ عام 2020، وتتنافس الآن على الهيمنة على السوق الصغيرة لبروتين الحشرات، لكنها تعد بمزيد من النمو.

وقال جيف تومبرلين، أستاذ علم الحشرات في جامعة تكساس إيه آند إم، الذي أسس شركة ناشئة لتربية الذباب تسمى "EVO Conversion Systems: "إن ما يذهلني ليس فقط كيف تزدهر الصناعة، بل كيف ينمو البحث الذي يقف وراءها على نفس المستوى".

وتأمل الشركات الناشئة في مجال الحشرات، أن تساعدها مؤسسات عملاقة في الوصول إلى المشترين الكبار في سوق الأسماك وأعلاف الماشية وأغذية الحيوانات الأليفة والأسمدة.

وهنا يوضح أنطوان هوبيرت، المؤسس المشارك لشركة Ynsect، وهي شركة فرنسية ناشئة متخصصة في نوع من الديدان: "إذا كنت تنتج بضعة أطنان أو عشرات الأطنان فقط، فلن يكون لك وجود".

وتابع: "لهذا السبب يتعين علينا تصميم منشآت ضخمة جدًا، لأنك تحتاج إلى آلاف الأطنان إن لم يكن عشرات الآلاف من الأطنان، لكل مشتر".

ويمكن لهذه الصناعة أن يكون لها فوائد بيئية أكبر، طالما أنها تتبع ممارسات معينة مثل تغذية الحشرات بنفايات الطعام وبناء مرافق بالقرب من المزارع ومصانع تجهيز الأغذية.

أما إذا قامت الشركات بتربية الحشرات على الأعلاف المصنعة التي كان من الممكن أن تذهب مباشرة إلى الماشية، فإن الحشرات يمكن أن تكون أسوأ بالنسبة للبيئة، وفقًا لتحليل أجراه باحثون في جامعة هلسنكي وجامعة لابينرنتا للتكنولوجيا في فنلندا، عام 2021.

وفي هذا السياق، قالت ماي والرافين، التي تقود عمليات شركة "Innovafeed" في أميركا الشمالية: "نريد حقًا أن نكون قادرين على خفض انبعاثات الكربون في سلاسل الغذاء، واستبدال المكونات التي تضغط على الموارد الطبيعية".

بدأت طفرة تربية الحشرات في عام 2014 عندما قامت شركة ناشئة في جنوب إفريقيا تدعى Agriprotein بجمع 11 مليون دولار لبناء مزرعة "ذباب الجندي الأسود" خارج كيب تاون.

وتستخدم يرقات ذباب الجندي الأسود للمساعدة على تحلل المخلفات العضوية، مثل الروث ومخلفات الأطعمة النباتية والحيوانية.

وبحسب خبراء، تعتبر هذه اليرقات من الحشرات الأكثر نفعا في تحويل الكتلة الحيوية إلى علف.

وقد افتتحت شركة Agriprotein تلك المزرعة عام 2015، وكانت الأكبر في العالم وقتها. وتبع ذلك سلسلة من المزارع التي حطمت الأرقام القياسية، واحتلت في بعض الأحيان المركز الأول لمدة أشهر فقط قبل أن تحل محلها مزارع أخرى.

 عدد الكلاب المُدجّنة في العالم يقدر بحوالي مليار كلب

يقدَّر عدد الكلاب المُدجّنة في العالم بحوالي مليار كلب. معظمها حيوانات مملوكة – حيوانات أليفة، أو رفقاء، أو حيوانات "عاملة" تعيش جنبًا إلى جنب مع البشر.

وتحدثت دراسات عدة على التأثيرات السلية للقطط، سواء كانت مملوكة أو ضالة، على الحياة البرية.

وغالبًا ما يُنظر إلى الكلاب الضالة أيضًا على أنها تهديد للتنوع البيولوجي، رغم أن كلاب الدِنغو (البرية) قد يكون لها دور إيجابي في بعض الأحيان. وعلى النقيض من ذلك، يبدو أن كلابنا الأليفة تحظى بنوع من "المعفى من الحساب".

للأسف، هذا الانطباع قائم على المشاعر أكثر من اعتماده على البيانات. فكلابنا الأليفة المحبوبة تُحدث تأثيرًا أكبر، وأكثر إثارة للقلق على البيئة والحياة البرية مما نرغب في تصديقه.

دراسة جديدة عرضت الأضرار التي تتسبب بها الكلاب الأليفة، وما يمكن فعله حيال ذلك.

الكلاب حيوانات مفترسة، فهي تصطاد أنواعًا عديدة من الكائنات البرية، ويمكن أن تؤذيها أو تقتلها. كما أن رائحتها وبرازها يُرعبان الحيوانات الأصغر حجمًا. ناهيك عن التكلفة البيئية الضخمة لإطعام هذه الحيوانات، والكمية الهائلة من فضلاتها.

حب الناس للكلاب الأليفة، يأتي بتكلفة حقيقية، وتقول الدراسة انه يجب أن نعترف بذلك ونتخذ خطوات لحماية الحياة البرية، كأن نقيد الكلاب أو نمنعها من التجول بحرية.

المفترس في منزلك

الكلاب هي ذئاب مُدجّنة، تم تربيتها لتكون أصغر حجمًا، وأكثر وداعة، وشديدة الاستجابة للبشر. لكنها ما زالت مفترسات.

الكلاب الأليفة مسؤولة عن عدد أكبر من الهجمات المبلّغ عنها على الحياة البرية مقارنة بالقطط، وفقًا لبيانات من مراكز رعاية الحياة البرية، كما أنها تصطاد حيوانات أكبر حجمًا.

الكلاب الأليفة غير المقيّدة هي السبب الرئيس وراء اقتراب مستعمرات البطاريق الصغيرة من الانهيار في تسمانيا.

في نيوزيلندا، يُقدّر أن كلبًا أليفًا واحدًا هرب من صاحبه قد قتل ما يصل إلى 500 طائر كيوي بني من إجمالي عدد السكان البالغ 900، وذلك خلال فترة امتدت خمسة أسابيع.

بمجرد أن تُترك الكلاب بدون قيد، فإنها تحب مطاردة الحيوانات والطيور. قد يبدو هذا غير ضار.

لكن المطاردة يمكن أن تُرهق الطيور المهاجرة المتعبة، مما يُجبرها على استخدام المزيد من الطاقة. يمكن للكلاب أن تقتل صغار الطيور التي تعشش على الشواطئ، بما في ذلك الطيور المهددة بالانقراض مثل طائر الزقزاق المقنع.

مجرد وجود هذه المفترسات يُرعب العديد من الحيوانات والطيور. حتى عندما تكون الكلاب مقيدة، تكون الحياة البرية المحلية في حالة تأهب قصوى. وهذا له آثار سلبية قابلة للقياس على وفرة وتنوع الطيور في مواقع الغابات في شرق أستراليا.

وفي الولايات المتحدة، تكون الغزلان أكثر يقظة وتهرب بشكل أسرع وأبعد إذا رأت إنسانًا مع كلب مقيد مقارنة برؤية إنسان بمفرده.

عدة أنواع من الثدييات في الولايات المتحدة اعتبرت الكلاب المصاحبة للبشر تهديدًا أكبر من القيوط (ذئب البراري).

الكلاب لا تحتاج حتى إلى أن تكون حاضرة لتؤثر سلبًا على الحياة البرية. فهي تترك علامات رائحة على الأشجار والأعمدة من خلال التبول، وتترك فضلاتها في أماكن عديدة.

هذه تُعد بمثابة تحذيرات لأنواع عديدة من الحيوانات. وقد وجد باحثون في الولايات المتحدة أن حيوانات مثل الغزلان، والثعالب، وحتى الوشق الأميركي تجنبت المناطق التي كانت الكلاب تُسير فيها بانتظام، مقارنة بالمناطق التي يُمنع فيها دخول الكلاب، وذلك بسبب الآثار التي تتركها وراءها.

الحفاظ على صحة الكلاب وإطعامها له ثمن

الأدوية التي نستخدمها لتخليص كلابنا الأليفة من البراغيث أو القراد يمكن أن تبقى لأسابيع على الفراء، وتغسل عندما تغوص الكلاب في جدول ماء أو نهر.

لكن بعض هذه الأدوية تحتوي على مكونات سامة للغاية للكائنات اللافقارية المائية، مما يعني أن غطسة سريعة قد تكون مدمّرة.

وقد وجد الباحثون أنه عندما تجمع الطيور مثل القَرقَف الأزرق والقَرقَف الكبير فراء الكلاب المُزال لتبطين أعشاشها، فقد يؤدي ذلك إلى تقليل عدد البيوض التي تفقس وزيادة عدد الفراخ النافقة.

ثم هناك موضوع الفضلات. في الولايات المتحدة، هناك حوالي 90 مليون كلب أليف، بينما يوجد في المملكة المتحدة 12 مليون، وفي أستراليا 6 ملايين.

ينتج الكلب الواحد في المتوسط حوالي 200 غرام من البراز و400 مل من البول يوميًا.

هذا يُترجم إلى طن متري من البراز و2,000 لتر من البول خلال فترة حياة تمتد 13 عامًا. وإذا ضُرب هذا الرقم في عدد الكلاب، فستحصل على جبل من النفايات.

يمكن أن تُساهم هذه النفايات في تلويث المياه بالنيتروجين، وتغيير تركيبة التربة الكيميائية، بل ونقل الأمراض إلى البشر والحياة البرية الأخرى.

أكثر من 80 بالمئة من مسببات الأمراض التي تُصيب الحيوانات المُدجّنة تُصيب الحياة البرية أيضًا.

الكلاب تأكل في الغالب اللحوم، مما يعني أن ملايين الأبقار والدجاج تُربى فقط لإطعام حيواناتنا الأليفة، ويؤدي إطعام كلاب العالم إلى انبعاثات تعادل ما تنتجه دولة الفلبين.

لا أحد يحب التفكير في هذا

الناس يحبون كلابهم، فهي دائمًا سعيدة برؤيتنا، ورفقتها تجعلنا أكثر صحة، جسديًا ونفسيًا. العديد من المزارع لا يمكنها العمل بدون الكلاب، و نحن لا نريد الاعتراف بأنها يمكن أن تتسبب بالأذى أيضًا.

الكلاب، بالطبع، ليست سيئة. إنها حيوانات، لها غرائز طبيعية، إلى جانب غريزة مُكتسبة لإرضائنا. لكن أعدادها الهائلة تعني أنها تُحدث ضررًا حقيقيًا.

تختم الدراسة بالقول، اختيار امتلاك كلب يأتي بمسؤوليات. فأن تكون مالكًا جيدًا لكلب لا يعني فقط الاعتناء بالحيوان الذي نُحبه، بل أيضًا الاعتناء بباقي العالم الطبيعي.